Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغيير تركيبة هيئة الانتخابات في تونس يثير الجدل حول استقلاليتها

تعتبر مكسباً بعد أن كانت المحطات الانتخابية طيلة عقود تحت إشراف وزارة الداخلية

قيس سعيد وجه سابقاً انتقادات لاذعة لهيئة الانتخابات مشككاً في استقلاليتها (أ ف ب)

بدأت ملامح المشروع السياسي للرئيس التونسي قيس سعيد تتضح بعد أن استبق الحوار الوطني المنتظر وأعلن بمناسبة إحياء الذكرى الـ22 لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة أن التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة سيكون على الأفراد وليس على القائمات وعلى دورتين، مضيفاً أن الانتخابات ستشرف عليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لكن تركيبة مختلفة.

وأضاف سعيد أن الشعب التونسي سيقول كلمته في الدستور الجديد والنظام السياسي في استفتاء 25 يوليو (تموز) المقبل.

ولم يكن إعلان رئيس الجمهورية حول تغيير تركيبة هيئة الانتخابات في تونس واضحاً، فهل المقصود تعيين تركيبة جديدة أم إجراء تغيير على التركيبة الحالية من خلال تجديد الأعضاء الذين انتهت مهمتهم. 

وسبق لقيس سعيد أن وجه انتقادات لاذعة لهيئة الانتخابات، مشككاً في استقلاليتها قائلاً: "لا بد أن أؤكد أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أو التي توصف كذلك، عليها أن تكون بالفعل مستقلة".

ويذكر أن هيئة الانتخابات أُحدثت عام 2012، وينص قانونها الأساسي على أن أعضاء الهيئة التسعة، ينتخبهم المجلس التشريعي (البرلمان) بناء على ترشحات في اختصاصات محددة في القانون المحدث للهيئة في جلسة عامة بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، كما يُنتخب رئيس الهيئة من بين الأعضاء التسعة المنتخَبين.

ويتم تجديد ثلث تركيبة الهيئة، كل سنتين، ويمارس الأعضاء المنتهية مدة عضويتهم مهامهم إلى حين تسلم الأعضاء الجدد لمهامهم. فهل سيؤثر قرار سعيد بتغيير تركيبة الهيئة على استقلالية الهيئة، وهل ستضمن هذه العملية نزاهة وشفافية العملية الانتخابية؟

استقلالية مضمونة بالقانون

تُعتبر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مكسباً في تونس بعد أن كانت المحطات الانتخابية طيلة عقود تحت إشراف وزارة الداخلية، وقد نظمت هيئة الانتخابات جميع الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها تونس بعد 2011، بمشاركة المجتمع المدني الذي تولى عملية مراقبة العملية الانتخابية.

أستاذ القانون العام، رابح الخرايفي، أكد في تصريح خاص أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لها دور تقني في الأساس، مضيفاً، "لا يعتبر إعلان رئيس الجمهورية تغيير تركيبتها مساساً باستقلاليتها"، ومشدداً على أن "استقلالية الهيئة مضمونة بالقانون المحدث لها وباستقلاليتها المالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الخرايفي أن "تركيبة الهيئة تتغير جزئياً كل سنتين" مشدداً على أن "تجديد أعضاء الهيئة لا يعني عزلهم"، لافتاً إلى أن رئيس الجمهورية "اتخذ هذا القرار لأن مجلس النواب غير موجود"، مؤكداً "ضرورة احترام الأصناف التي نص عليها قانون الهيئة".

وأعرب الخرايفي عن أمله في أن يكون الأعضاء الجدد من الكفاءات الوطنية، ومؤكداً أن "الهيئة لها دور تقني، وأن نزاهة وشفافية الانتخابات تضمنها عدة جهات أخرى، وليست الهيئة وحدها".

المجتمع المدني متخوف

في المقابل، عبرت ليلى الشرايبي رئيسة الجمعية التونسية لنزاهة وديمقراطية الانتخابات عن تخوفها من أن تكون "تركيبة الهيئة غير مستقلة"، مشيرة إلى أن الجمعية سبق وأن نددت في بيان لها "بعدم استقلالية الهيئة الحالية"، من خلال مواقف بعض أعضائها إزاء الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس سعيد. 

وكان نبيل بفون رئيس هيئة الانتخابات، قد اعتبر في تصريحات صحافية أن ما حدث 25 يوليو 2021 هو "انقلاب على الدستور". ودعت الجمعية جميع أعضاء الهيئة إلى "الالتزام بواجب الحياد والابتعاد عن الاصطفاف السياسي والحزبي والنأي بالهيئة عن التجاذبات السياسية".

وشددت الشرايبي على "ضرورة تحييد هيئة الانتخابات عن الحسابات السياسية"، مضيفة أن "الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس اليوم يحتم على رئيس الجمهورية أن يغير تركيبتها"، معبرة عن أملها في أن يكون "الأعضاء الجدد من ذوي الكفاءة، ومن الذين يقفون على مسافة واحدة من جميع الفعاليات السياسية في البلاد". 

التجديد في التركيبة قاعدة قانونية

من جهته، قال بلقاسم العياشي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في تصريح خاص، إن "رئيس الجمهورية له صلاحيات إدخال تعديلات على الهيئة وإنه تعهد باستقلاليتها وحيادها".

وأضاف، أن "الهيئة موجودة قانوناً وقد أشرفت على عديد الاستحقاقات الانتخابية منها الانتخابات البلدية الجزئية، أما تجديد تركيبتها فهي قاعدة قانونية في عمل الهيئة". 

وتساءل عضو الهيئة عن الآليات التي ستُعتمد في اختيار التركيبة الجديدة، مشدداً على "ضرورة المحافظة على استقلالية الهيئة لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية".

ويسود حال من التخوف والترقب في المشهد السياسي في تونس، لأن طبيعة استقلالية الانتخابات ونزاهتها لا تحددها فقط طبيعة الهيئة أو قانونها الذي يمنحها الاستقلالية، ولكن أيضاً من خلال تركيبتها التي يجب أن تخضع للتحري الدقيق وتكون محايدة وبعيدة عن كل التجاذبات السياسية.

المزيد من تقارير