Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعني اللوائح الـ 103 في الانتخابات النيابية اللبنانية؟

يرى مراقبون أن البرلمان المقبل لن يشهد أكثرية بل مجموعة أقليات يمكن فقط أن تجتمع على سلاح "حزب الله"

يعتبر خبراء في الاستحقاق الانتخابي أن عدم توحد اللوائح الجديدة وتشتت أصوات الناخبين بينها ربما يعيقان حصول أي منها على الحاصل الانتخابي والفوز بمقعد واحد على الأقل ما سيكون لصالح "حزب الله" ولوائح حلفائه (رويترز)

بإضافة بلغت 36 لائحة عن انتخابات 2018، أُقفل منتصف ليل الإثنين الثلاثاء الرابع من أبريل (نيسان)، باب تسجيل اللوائح المؤهلة للتنافس في انتخابات 2022 على 103 لوائح، مقارنة بـ 77 سُجلت في 2018. معظم اللوائح الجديدة لمجموعات المجتمع المدني المعارضة للسلطة السياسية الحاكمة، في وقت إن دلّ ارتفاع الرقم على شيء، فعلى تعدد لوائح هذه المجموعات في كل دائرة وإن بنسبة متفاوتة في الدوائر الـ 15.

يعتبر خبراء في الاستحقاق الانتخابي أن عدم توحد اللوائح الجديدة وتشتت أصوات الناخبين بينها ربما يعيقان حصول أي منها على الحاصل الانتخابي والفوز بمقعد واحد على الأقل، ما سيكون لصالح "حزب الله" ولوائح حلفائه، ويعتبر آخرون أن العدد الكبير للوائح يعكس إيجابية في الإقبال على الترشح والاهتمام بالانتخابات والمشاركة السياسية على قاعدة الأمل بالتغيير، وأن هناك قناعة بأن المشاركة قد تؤدي إلى التغيير، في حين يؤكد وزير الداخلية السابق زياد بارود أن العبرة ليست في عدد اللوائح، بل في إمكانية إحداث خرق، معتبراً أن ذلك غير مستبعد، لكنه يصبح أصعب عندما تتشتت الأصوات بين أكثر من لائحة.

بحسب أحد مؤسسي حركة "17 تشرين" زياد عبد الصمد، فإن الإشكالية تبقى في عدم تبلور قوى سياسية تغييرية منظمة قادرة على ترتيب مشاركتها في الانتخابات النيابية بشكل منظم على غرار الأحزاب والتيارات والقوى التقليدية.

أسباب ارتفاع عدد اللوائح

بارود يؤكد لـ "اندبندنت عربية" أن ارتفاع عدد اللوائح أمر طبيعي في النظام النسبي، لكن هذا لا يعني أن عدد الناخبين سيزيد، وبالطبع لن تتأهل كلها وتفوز بالمقاعد، وذلك نتيجة عدم حصولها على الحاصل، مذكراً بما تضمنه قانون الانتخاب من إشكالية متعلقة بالحاصل الانتخابي المتحرك، الذي يتفاوت بين دائرة وأخرى، والمعلوم أن الحاصل هو عدد المقترعين مقسوم على عدد المقاعد في الدائرة.

بحسب بارود، "ربما يكون العدد المرتفع للوائح مرتبطاً أيضاً ببعض الهندسات الانتخابية التي تعتمدها بعض القوى السياسية في تشكيلها لوائح (مقنعة)، الهدف منها إحداث إرباك للوائح الأخرى المنافسة لها، وحصل ذلك في بعض الدوائر. ومن الأسباب الأخرى أن معظم المرشحين باتوا يفهمون أكثر قانون الانتخاب وتداعياته، بالتالي اعتبر عدد كبير منهم أن أي لائحة لا يمكن أن تفوز بأكثر من مقعدين أو ثلاثة، ما يجعل من المرشحين الآخرين مجرد "كومبارس"، ما دفعهم إلى تشكيل لائحة يمكن أن تكون لديها فرصة للفوز بحاصل واحد أو مقعد واحد".

بين عامي 2018 و2022

غلبت عبارتا التغيير والمواجهة على أسماء معظم اللوائح الانتخابية، وربما يكون أبرز ما تميزت به اللوائح عدد المرشحات، الذي بلغ 118 مقارنة بـ 86 في 2018، وحده "حزب الله" من بين الأحزاب لم يرشح امرأة لأي من المقاعد النيابية، ولم يسبق أن رشح سيدة منذ دخوله مجلس النواب حتى اليوم، مقابل ترشيح "حركة أمل" مثلاً أكثر من سيدة. وتفاوتت اللوائح بين دائرة وأخرى، وارتفع العدد في كل الدوائر مقارنة بـ 2018، باستثناء دائرة الجنوب الثالثة التي تضم الأقضية الأربعة ذات الغالبية الشيعية، وهي بنت جبيل والنبطية ومرجعيون وحاصبيا، وتراجع العدد فيها من 6 لوائح في 2018 إلى 3 هذا العام، واللافت أن عدد لوائح المجتمع المدني بقي محدوداً في معظم الدوائر ذات الغالبية الشيعية، وهو ما يبرره الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين بأنه "إدراك لدى قوى التغيير في هذه الدوائر صعوبة المواجهة وحتمية الوحدة في ما بينها لتأمين الفوز". لكن البعض الآخر يعتبر أن الخوف من مواجهة "حزب الله" و"حركة أمل" السبب الأساس وراء عدد اللوائح المنخفض في الدوائر ذات الغالبية الشيعية، وجرت محاولات لتشكيل لوائح في بعض الدوائر تجمع بين أحزاب مناهضة للحزب ومستقلين سنة وشيعة من العائلات التقليدية، لكنها لم تنجح بسبب عامل الخوف.

ارتفاع عدد اللوائح في المناطق السنية

مقابل تراجع عدد اللوائح في دائرة الجنوب الثالثة، سجلت دائرة الشمال الثانية، "طرابلس، المنية، الضنية"، ذات الغالبية السنية، ارتفاعاً في عدد اللوائح المتنافسة، بحيث بلغ 11 لائحة مقارنة بـ 8 لوائح عام 2018. والملاحظ أن عدد اللوائح ارتفع بالمقارنة مع عام 2018 في معظم الدوائر ذات الغالبية السنية، بالتالي لم يتجاوب معظم الشارع السني مع دعوة "تيار المستقبل" ورئيسه إلى مقاطعة الانتخابات، في وقت يتوقع "تيار المستقبل" أن يستجيب السنة عبر تراجع نسبة الاقتراع، وتكثر لوائح المجتمع المدني أو القوى المنبثقة من "17 تشرين"، في الدوائر ذات الغالبية السنية وأيضاً المسيحية، ما سيعزز، بحسب خبراء في الانتخابات، فرص لوائح القوى والتيارات الحليفة لـ "حزب الله" في هذه الدوائر. ففي دائرة الشمال الثالثة مثلاً، حيث الغالبية مسيحية، تتنافس 3 لوائح لمجموعات المجتمع المدني، وفي بيروت الثانية، ذات الغالبية السنية، مجموعات التغيير منقسمة بين 7 لوائح، بالتالي فإن حظوظ قوى التغيير في هاتين الدائرتين ضعيفة، وتشرذم الأصوات سيصبّ لصالح لوائح الحزب وحلفائه، وليس للوائح الأحزاب والقوى المناهضة.

حظوظ مجموعات التغيير

بحسب شمس الدين، خسرت القوى التي كانت تحمل شعار التغيير فرصة أساسية للفوز بعدد من المقاعد نتيجة عدم اتحادها في لائحة واحدة بأكثر من دائرة، كبيروت الأولى (الأشرفية، الرميل الصيفي، المدور) وبيروت الثانية (رأس بيروت، ميناء الحصن، دار المريسة، المصيطبة، زقاق البلاط، الباشوراء، المرفأ) وفي الشوف وعاليه وبعبدا، والشمال الثالثة (زغرتا، البترون، بشري، الكورة) والشمال الثانية (طرابلس، المنية، الضنية)، أما تشتت الأصوات على لوائح عدة فيفقد، بحسب شمس الدين، ثقة الناخب بهذه القوى، ما يؤدي إلى خسارتها فرصة الفوز بمقعد أو أكثر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، يعتبر الناشط زياد عبد الصمد أن تعدد اللوائح يخلق دينامية جديدة في المجتمع ويشكل مدخلاً نحو التغيير، مبرراً في المقابل كثرة لوائح القوى التغييرية بأن الفترة الزمنية بين ثورة "17 تشرين" وموعد الانتخابات لم تكن كافية لتأسيس مجموعات متجانسة قادرة على خوض المعركة الانتخابية، ما انعكس انقساماً في اللوائح، ويكشف عبد الصمد لـ "اندبندنت عربية" عن "تسلل داخل قوى المجموعات المدنية من قبل أحزاب السلطة الأساسية والأجهزة، إذ ادّعت أنها من الثورة، ومنعت قيام لوائح موحدة على الرغم من كل الجهود التي بذلت"، ويشرح أن "هناك حالات انفصالية واعتراضية منعت قيام لوائح موحدة، وهي حالات غير مفهومة بل مشبوهة أحياناً، إذ منعت توحيد اللوائح، إن على مستوى تشكيل لوائح موازية، أو على مستوى تحريضي، أو بث أفكار اعتراضية، أو التشكيك بالقوى الثورية".

ويؤكد عبد الصمد أن "لوائح القوى التغييرية تنقسم بين أساسية شُكّلت في 9 دوائر، وأخرى غير أساسية في أكثر من دائرة، وربما يمثل ذلك عاملاً سلبياً يضعف ثقة المواطنين بهذه القوى وقدرتها على التغيير، ويبقى الرهان على قدرة القوى الأساسية التغييرية في إقناع الناس خلال الأربعين يوماً التي تفصلنا عن الانتخابات بخطاب سياسي يستقطبهم إلى صناديق الاقتراع".

هل تتغير الأكثرية الحالية؟

ويؤكد شمس الدين أن "كل القوى، وليس فقط القوى التي تطلق على نفسها قوى التغيير، أمام تحدٍّ أساسي هو زيادة نسبة الاقتراع، ففي 2018 لم تتخطَّ نسبة المقترعين 49.7 في المئة، بالتالي فإن الحافز الرئيس لرفع نسبة الاقتراع سيكون المال وشراء الأصوات، في وقت تؤكد معظم الماكينات الانتخابية الحزبية أنها حافظت على أصوات مناصريها، والتحدي سيكون في قدرتها على جذب أصوات المترددين أو المعترضين على أداء القوى السياسية الموجودة حالياً في السلطة".

ويكشف أحد الخبراء في الشؤون الانتخابية أن 10 مقاعد كافية لقلب الأكثرية من "حزب الله" وحلفائه إلى مقلب القوى التي تطلق على نفسها سيادية، ومن بينها أحزاب ومستقلون ومجموعات من المجتمع المدني. أما حسم الأكثرية، فسيكون ضمن المناطق المسيحية، خصوصاً أن الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" لا يزال يتمتع، بحسب الإحصاءات، بـ 80 في المئة من أصوات ناخبيه مقابل تشرذم داخل الطائفة السنية عكسته كثرة اللوائح، ما ربما يسهم في حصول الحزب على 3 مقاعد إضافية من حصة السنة. حسم الأكثرية يتوقف إذاً على النتائج في دوائر جبل لبنان وفي الشمال الثالثة وزحلة وبعلبك والهرمل والجنوب الأولى وبيروت الأولى. ويعتقد كثيرون أنه لن تكون في مجلس النواب المقبل أكثرية واحدة إنما مجموعة أقليات، والموضوع الوحيد الذي ربما تجتمع حوله الأقليات غير المتحالفة مع "حزب الله" لتشكّل أكثرية هو سلاح الحزب، فيما ستكون التحالفات الأخرى داخل المجلس على "القطعة".

المزيد من تحقيقات ومطولات