Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شظايا الحرب على أوكرانيا طالت موائد السوريين في رمضان

يسري في الشارع استياء حول الأوضاع المعيشية... والحرب الروسية تحولت إلى شماعة للتجار والحكومة

يتكبد السوريون أعباء تأمين لقمة العيش في ظل ظروف قاسية وجور اقتصادٍ متهاوٍ (اندبندنت عربية)

لم يتوقع المواطن السوري أن تطاله قذائف الحرب الروسية- الأوكرانية، وتصل إلى قوت يومه، أضرمت معها أسعار المنتجات، لا سيما الغذائية مع حلول شهر رمضان، ونالت ما نالته من جيوب الطبقة الفقيرة في بلد ما زال الحرب والحصار ينهشانه بلا رحمة.
ذرائع كثيرة لم يتوان التجار وأصحاب المحلات في الأسواق الغذائية عن إطلاقها والإمساك بتلابيبها حين يردون على أسئلة الناس حول عوامل غلاء السلع. وأبرز تلك الذرائع الحرب الروسية - الأوكرانية، فيفهم الشارع أن أسعار القمح والزيت إلى ارتفاع، نظراً لارتباطهما الوثيق بالصادرات المقبلة من روسيا وأوكرانيا على حد سواء.

إلا أن الواقع بدا أكثر إيلاماً، بخاصة مع وصول الغلاء إلى حشائش الأرض، وارتفاع أسعار مواد كالبقدونس والنعناع والجرجير بشكل جنوني، بعدما كانت أثمانها بخسة مقارنة ببقية الخضار أو حتى الفاكهة التي خرجت بكل أنواعها من المائدة.

شماعة الحرب

ويسري بين السوريين استياء حول أوضاع معيشية لا تسر، بخاصة أن الحرب في أوكرانيا تحولت إلى شماعة تعلق الحكومة والتجار ارتفاع الأسعار عليها. ويستغرب رب أسرة مما وصفه بـ"ترهات" يطلقها صغار التجار وبائعو الخضار فـ"الخضرجية" وفق ما يُطلق عليهم العامة، لا يتوانون عن رفع ثمن كل أنواع الخضار المزروعة محلياً، أو المخزنة بمستودعات منذ حتى ما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، وبحسب رأيه "بات صحن صغير من السلَطة ضرباً من المستحيل". وأردف، "هل من المعقول أن يصل سعر الكيلو الواحد من الطماطم إلى حدود 4 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل دولاراً واحداً، وهي كانت تُباع قبل أقل من شهر بسعر يتراوح ما بين 1000 و2000 ليرة، وجرزة (باقة) البقدونس تُباع بألف ليرة، أي قرابة 25 سنتاً وهي أقل ما يمكن شراؤه من الخضروات".
 


ويُعتقَد على نطاق واسع أن مائدة رمضان ليوم واحد، تضم أصنافاً اعتادت البيوت السورية على صناعتها، تبلغ كلفتها دخل عامل أو موظف عن شهر كامل حالياً.
إزاء هذا الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية، خرجت المأكولات الرمضانية من الموائد، فالسوس وصل إلى أضعاف سعره، بما يقارب الدولار الواحد، علاوة عن عزوف طبقة محدودي الدخل عن الطبخ، فأقل أكلة ستكلف ما يربو على عشرة دولارات.
يأتي ذلك بعدما خرجت اللحوم الحمراء والبيضاء، من دجاج وأغنام، من قوائم الموائد الرمضانية وتقلصت لدرجة انعدامها، واقتصرت على القليل من ميسوري الحال. ويرد عضو جمعية القصابين في دمشق، حسام دهان ذلك، إلى ارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخاروف إلى 25 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل قرابة ستة دولارات، وكيلو الدجاج إلى 15 ألف ليرة، أي ما يعادل أربعة دولارات. ويعزو سبب الارتفاع إلى "نقص العلف للماشية والدواجن على حد سواء، إضافة إلى تهريب الماشية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


كل يغني على ليلاه

ويتكبد السوريون أعباء تأمين لقمة العيش في ظل ظروف قاسية وجور اقتصادٍ متهاوٍ، بينما أدى التضخم الحاصل إلى جعل متوسط الراتب الشهري لموظفي الدولة، 120 ألف ليرة، أي ما يعادل 30 دولاراً، لا تكفيه وعائلته لأيام قليلة، بعد تهاوي العملة السورية إلى مستويات بلغت اليوم 3900 ليرة للدولار الواحد، في حين كان عند 50 ليرة سورية قبل اندلاع الحرب في البلاد عام 2011، في ظل أحاديث عن طباعة عملات ورقية من فئة العشرة آلاف ليرة لتواكب هذا التضخم، الأمر الذي نفاه البنك المركزي السوري.
في المقابل ومع هذا الواقع السوداوي، واليأس من أي تحسن اقتصادي ملحوظ، يعكف الناس على الهجرة التي عادت ونشطت بعد تقليص الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، ومن بقي في البلاد إما يعتمد على حوالات مالية من أقارب له في المهجر، أو يشتغل ثلاثة وظائف ليعيش.
على الجهة المقابلة، دقت الحكومة السورية أجراس الخطر على الفور مع بداية الحرب الأوكرانية. وقال وزير الاقتصاد، محمد سامر الخليل، إن "تطورات الأزمة الأوكرانية ستترك آثارها على اقتصاديات العالم، وسوريا ليست بمنأى عن تأثير الأزمات العالمية".
إلا أن باحثين اقتصاديين يقولون، إنه على الرغم من هذه الأوجاع المحدقة بالاقتصاد وتأثيرات الحرب السورية وثم الأوكرانية، والأزمة المالية الناتجة عن جائحة كورونا، "تبقى هناك إجراءات عدة يمكن أن تخفف من هذا التأثير، إلا أن الفريق الاقتصادي الحكومي يتقاعس في تنفيذها، ومنها ضبط الهدر ومكافحة الإرهاب ووقف التهريب".
وأثار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، عمرو سالم، موجة تندر بين السوريين، إثر حديث لإذاعة محلية مبدياً رأيه بشأن الأسعار المحلية، إذ حض ألمانيا وروسيا على تطبيق الطريقة السورية لتوزيع المواد المقننة كالخبز والسكر والرز وبعض المواد الغذائية المدعومة من الدولة. وقال سالم، "لقد أرسلت موسكو وفداً للاطلاع على تجربة البطاقة الذكية"، ليثير جدلاً حول واقع معيشة الناس في سوريا، لا سيما أن 90 في المئة يعيشون تحت خط الفقر، وفق تقديرات أممية تدق ناقوس الخطر من جوع محدق بالبلاد.
واللافت على الرغم من كل التحذيرات حيال تهاوي اقتصادات الدول بسبب الحرب الأوكرانية، أن الحكومة ما زالت لم تطرح سيناريوهات حلول لطمأنة المواطن حيال عدم توقف واردات القمح الروسي والبيلاروسي إلى الشواطئ السورية على الأقل.

المزيد من العالم العربي