Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص الأسمدة شبح جديد يطارد غذاء العالم

50 في المئة من المحاصيل مهددة والدول العربية في "مأمن مؤقتاً"

ارتفعت وتيرة القلق العالمي مع اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية مهددة بفقدان خمس الإنتاج العالمي من الأسمدة (أ ف ب)

بعد اقترابها من يومها الـ 40 لم تتوقف الأزمات التي خلفتها الحرب الروسية في أوكرانيا عند حد ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية وتوقف سلاسل الإمداد فقط، إذ تهدد التداعيات السلبية بفقدان البشرية نحو 50 في المئة من المحاصيل مع نقص الأسمدة على المستوى العالمي، في الوقت الذي ينعم فيه العرب بالطمأنينة المؤقتة التي قد تقلقها التغيرات المناخية، إذ تقتنص الدول العربية ثلث تجارة الأسمدة من فوسفات ونيتروجين وبوتاسيوم وتصدرها للعالم وعلى رأسها مصر، إذ تحتل المركز السادس عالمياً في إنتاج اليوريا.

وتيرة القلق العالمي ارتفع مؤشرها مع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية مهددة بفقدان خمس الإنتاج العالمي من الأسمدة، مما قد يفقد البشرية 50 في المئة من المحاصيل، إذ إن موسكو لاعب مهم في بورصة الأنواع الرئيسة للأسمدة عالمياً، وتستحوذ على 22 في المئة من صادرات الأمونيا و14 في المئة من اليوريا والنسبة نفسها من فوسفات الأمونيوم الأحادي.

ووفقاً لتحليل أجرته مجموعة "سي آر يو" في بريطانيا، ارتفعت أسعار الأسمدة إلى مستوى قياسي على خلفية الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها على تدفقات التجارة الدولية، وتضاعفت أسعار الأسمدة النيتروجينية بمقدار أربعة أضعاف، والفوسفات والبوتاسيوم بأكثر من ثلاثة أضعاف نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة منذ بداية العام الحالي 2022.

إغلاق التجارة عبر البحر الأسود

الحرب سدت الطريق الرئيس أمام صادرات الأمونيا مع توقف التجارة عبر البحر الأسود، تزامناً مع توقف بعض مصانع الأسمدة عن الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الغاز خلال الربع الأخير من العام الماضي 2021، ليتقلص إنتاج سماد اليوريا، إذ يمثل الغاز نحو 60 في المئة من كلفة الإنتاج وفقاً لتقرير المجموعة البريطانية.

وأشار التقرير إلى أنه في ألمانيا (الاقتصاد الأقوى في منطقة اليورو) قالت متحدثة باسم اتحاد المزارعين البافاريين في مدينة ميونخ، إنه اعتماداً على الطقس يمكن أن يؤدي انخفاض استخدام الأسمدة إلى "تقليص إنتاج المحاصيل أو ضعف جودتها".

رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية غيلبرت هونغبو أعرب عن قلقه العميق من أن الصراع العنيف في أوكرانيا سيكون مأساة لأفقر الناس في العالم، خصوصاً الذين يعيشون في المناطق الريفية قائلاً "نشهد بالفعل ارتفاعاً في الأسعار يتسبب في تصاعد الجوع والفقر مع تداعيات وخيمة على الاستقرار العالمي".

أميركا تخسر 4 في المئة من محصول الذرة

أزمة الأسمدة لا تواجه أوروبا فقط، بل إن التوقعات في الولايات المتحدة الأميركية تشير إلى ارتفاع فواتير الأسمدة بنحو 12 في المئة في عام 2022، بعد ارتفاع مماثل بنحو 17 في المئة العام الماضي، وقدرت مساحة الذرة في الولايات المتحدة للسنة التسويقية 2022 – 2023 التي تبدأ من سبتمبر (أيلول) وتنتهي في أغسطس (آب) بـ 89.5 مليون فدان، بانخفاض أربعة في المئة عن العام السابق، بينما بلغت مساحة فول الصويا 91 مليون فدان بزيادة أربعة في المئة عن العام السابق، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية.

وتعد الولايات المتحدة الأميركية أكبر منتج للذرة في العالم، وكذلك أكبر منتج لمحصول فول الصويا عالمياً، ويعد المحصولان أساسيان لإنتاج الأعلاف والزيوت النباتية.

ومن الناحية التاريخية فستكون هذه هي المرة الثالثة التي يقدر فيها أن فدان فول الصويا في الولايات المتحدة يتجاوز فدان الذرة، وفقاً لتقرير لـ "ستاندرد آند بورز"، إذ قدرت تحول ثلاثة ملايين فدان بعيداً من الذرة إلى فول الصويا في الولايات المتحدة مع مساحة كل من الذرة وفول الصويا بنحو 90 مليون فدان في 2022-2023 بسبب استمرار ارتفاع كلف الأسمدة.

وسبق أن ذكرت وزارة الزراعة الأميركية أن الجفاف وقلة الأمطار سيهبطان بإنتاج الذرة في الأرجنتين التي تعد ثالث أكبر مصدر عالمي للمحصول الاستراتيجي، وهو ما من شأنه تراجع المعروض العالمي من المحصول وبالتالي ارتفاع أسعاره مستقبلاً.

والبرازيل التي تعد واحدة من أكبر المنتجين الزراعيين عالمياً واستوردت ما يقرب من 84 في المئة من الأسمدة عام 2021، تواجه تحدياً في نقص الإمدادات العالمية التي بدأت بالفعل في التقلص نهاية السنة الماضية في حال استمرار النزاع بين أوكرانيا وروسيا، وتسبب النقص في رفع أسعار الكيماويات المستخدمة في الأسمدة العام الفائت ليسجل كلوريد البوتاسيوم ارتفاعاً 185 في المئة واليوريا 138 في المئة وزاد فوسفات الأمونيوم الأحادي 103 في المئة، وفقاً للاتحاد البرازيلي للزراعة والثروة الحيوانية.

ووفقا لوكالة "رويترز"، قال كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ماكسيمو توريرو إن أزمة الأسمدة تثير القلق من بعض النواحي، لأنها قد تمنع إنتاج الغذاء في بقية العالم مما قد يساعد في تعويض الركود، مضيفاً "إذا لم نحل مشكلة الأسمدة ولم تستمر تجارتها فسنواجه مشكلة خطرة للغاية في الإمداد العام المقبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أين يقف العرب من الأزمة؟

وعلى المستوى العربي عقد الاتحاد العربي للأسمدة الملتقى الـ 28 في الأول من مارس (آذار) الماضي تحت شعار "الجذور التي تغذي الفجوات"، وهو الشعار الذي استند إلى الوفرة الواسعة من المواد الخام ومستلزمات إنتاج الأسمدة مثل الغاز الطبيعي وصخر الفوسفات والبوتاسيوم والتي مكنت العالم العربي من أن يصبح مركزاً رئيساً لصناعة الأسمدة الدولية، ومن المتوقع أن تزداد أهمية المنطقة العربية في المستقبل من خلال التركيز المستمر على عدد من مشاريع الأسمدة الجديدة.

الأمين العام للاتحاد العربي للأسمدة رائد الصعوب قال إن قطاع الأسمدة العربية استطاع أن يرسخ مكانته فـي السـوق الـعالـمية نتيجة الاستخدام الأمثل للمواد الخام في الوطن العربي.

وأضاف الصعوب خلال كلمته أثناء افتتاح الملتقى مطلع الشهر الماضي، أن صـناعـة الأسمدة تمثل عوائدها أهمية كـبيرة فـي اقتصادات الدول بما تمتلكه من الغاز الطبيعي وصخر الفوسفات والـبوتـاس"، مشيراً إلى أن البلدان الـعربـية المنتجة والمصدرة للأسمدة وخاماتها تستغل العوائد في دعـم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومؤكداً أن الدول العربية تنتج وتصدر ثُلث تجارة أسمدة العالم من فوسفات ونيتروجين وبوتاسيوم.

ولفت إلى أن حجم تجارة الأسمدة عالمياً يتخطى الـ 100 مليار دولار سنوياً، وألمح إلى أن الجائحة واضطراب سلال الإمداد والشحن وارتفاع أسعار الأسمدة يضع الأمن الغذائي تحت اختبار شديد، مما يستلزم تنسيق الجهود للتغلب على التحديات، مؤكداً أن نقص الأسمدة على المستوى العالمي رسالة واضحة تبرز مكانة الأسمدة العربية لتأمين الأمن الغذائي العالمي.

القاهرة بعيدة من الأزمة

القاهرة ليس لديها أزمة مستقبلية في توفير الأسمدة على الإطلاق، إذ إن المصانع المصرية تنتج ضعفي ما يستهلكه المزارعون من الأسمدة، بل وتصدر الفائض إلى الخارج وفقاً لتصريحات رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية وممثل مصر في الاتحاد العربي للأسمدة شريف الجبلي لـ "اندبندنت عربية"، مؤكداً أن "الوضع مطمئن في مصر وليس لدينا مشكلة".

وأضاف الجبلي أن الشركات المصرية مستفيدة من ارتفاع أسعار الأسمدة عالمياً بعدما وصل سعر سماد اليوريا إلى 1200 دولار للطن، مقارنة مع 600 دولار قبل الحرب الأوكرانية، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الأسمدة سيكون له انعكاس مباشر على الإنتاج الزراعي وسيرفع كلفة المحاصيل، و"استمرار هذا الوضع فترة طويلة آثاره غير حميدة للأمن الغذائي في العالم".

وحول ارتفاع أسعار الأسمدة بالنسبة إلى صغار المزارعين في مصر، قال الجبلي إن الحكومة تدعم صغار المزارعين إذ حددت أسعار للأسمدة الـ "أزوتية" الأكثر استهلاكاً لصغار المزارعين المالكين لـ 25 فداناً فأقل بنحو 4500 جنيه (246 دولاراً) للطن، بسعر ثابت لا يتغير ولا يتأثر بالأسعار العالمية، كما تسمح للشركات بتصدير 40 في المئة من إنتاجها إلى خارج البلاد وتفرض عليها ضخ 60 في المئة من الإنتاج في السوق المحلية، متوقعاً استمرار هذا الوضع فترة طويلة في ظل ارتفاع الأسعار عالمياً.

مطالبات بزيادة التصدير

من جانبه، قال رئيس شركة أبو قير للأسمدة (المملوكة للدولة) عابد عز الرجال إن شركته تسلم 60 في المئة من إنتاجها إلى وزارة الزراعة بنحو 4500 جنيه (246 دولاراً) للطن بسعر مدعم، مضيفاً لـ "اندبندنت عربية" أن السعر العالمي تخطى حدود الـ 1000 دولار، مطالباً الحكومة بالسماح بزيادة كميات التصدير للخارج للاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية وفتح باب التصدير للأسمدة الـ "أزوتية" على مصراعيه لجلب العملة الصعبة.

ويصل إنتاج مصر من الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية إلى 11.2 مليون طن سنوياً موزعة بين 7.8 مليون طن أسمدة نيتروجينية، ونحو 3.4 مليون طن أسمدة فوسفاتية، حيث تعد القاهرة سادس أكبر منتج لليوريا وخامس أكبر مصدر لها.

وبلغ الإنتاج عام 2020 نحو 6.7 مليون طن بواقع 2.9 طن للاستهلاك المحلي، و3.8 طن كصادرات، كما بلغ الإنتاج المحلي من نترات الأمونيا 1.1 مليون طن عام 2020 وفقاً لبيانات وزارة الزراعة المصرية.

اقرأ المزيد