Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير الخزانة نصب فخاً لحزب العمال في الانتخابات العامة المقبلة

ريشي سوناك يخطط للفوز في انتخابات 2024 ويخصص الحاضر لتحمل المعاناة والمستقبل للصرامة وخفض الضرائب

ريشي سوناك متوجهاً إلى قداس لراحة نفس الأمير فيليب، بتاريخ 29 مارس 2022. كشفت بريطانيا أخيراً عن خططها في التحول إلى حاضنة دولية للمدفوعات الرقمية بالترافق مع فرض قواعد للعملات الرقمية في أميركا وأوروبا (أ ب)

قد يصبح ريشي سوناك رئيساً للوزراء بعد الانتخابات أو قد لا يصبح، لكن المؤكد أنه وضع الشروط التي سيتم على أساسها خوض الانتخابات العامة المقبلة في المملكة المتحدة.

ويُذكرنا هوس وزير الخزانة بنسبة ضريبة الدخل الأساسية بالماضي حيث شغلت مسألة الضريبة هذه السياسة البريطانية منذ عهد [رئيسة الوزراء السابقة] مارغريت ثاتشر. لكن هذه المسألة [الضريبة] ستكون عامل الحسم في الانتخابات العامة في 2024.

ثار غضب [رئيس الوزراء السابق] غوردن براون في يوم من الأيام على توني بلير متهماً إياه "بسرقة (خطاب) الميزانية منه" عبر إعلانه مسبقاً عن الزيادة الكبيرة التي كانت مرتقبة في الميزانية المخصصة لخدمة الصحة الوطنية NHS في عام 2000. ويبدو إعلان سوناك الأخير دليلاً على يأسه، إذ قام بالتطرق إلى ميزانيته التي كان مقرراً أن يعلنها في خريف العام المقبل، فأعلن خفضاً في ضريبة الدخل الآن على أن يبدأ العمل بذلك التخفيض ابتداء من أبريل (نيسان) 2024، وذلك يعني تحديداً قبل شهر من الموعد المتوقع لإجراء الانتخابات العامة المقبلة.

ربما لا يتوقع سوناك أن يكون وزيراً للخزانة في ذلك الوقت، بالتالي فلا ضيم في أن ينسب الفضل لنفسه مقدماً في إعلانه نية تخفيض ضريبة الدخل. لكن الأهم هو أن طرحه مسألة الخفض الضريبي ستشكل تحدياً لحزب العمال.

ولا يمكن لسوناك أن يكون أكيداً متى سيحدد موعد الانتخابات المقبلة أو من سيكون على رأس حزب المحافظين في ذلك الوقت. وتجدر الإشارة إلى أنه ستتم المصادقة على مشروع القرار المقدم لتعديل الإجراءات التي تنظم عملية حل البرلمان والدعوة للانتخابات البرلمانية العامة قريباً ليصبح قانوناً يحظى بالختم الملكي، مما يعني أنه بغض النظر عمن يشغل منصب رئيس الحكومة فسيناط به حق تحديد موعد تلك الانتخابات. ويودّ أعضاء حزب المحافظين أن يتوافر لديهم خيار الدعوة لاجراء تلك الانتخابات العام المقبل، على رغم أن عقدها في 2024 يبقى الاحتمال الأقوى.

لكن بغض النظر عن [متى أو من] سيكون على رأس الحكومة، تبقى مسألة خفض نسبة ضريبة الدخل عاملاً مركزياً في حملة الانتخابات المقبلة. فلو أجريت تلك الانتخابات قبل بدء العمل بتطبيق خفض الضريبة، سيقول حزب المحافظين بأنه لا يمكن [للناخب البريطاني] الوثوق بحزب العمال لتحقيق هذا الخفض، وإن أجريت الانتخابات بعد خفض ضريبة الدخل عملياً، سيزعم حزب المحافظين أن حزب العمال ينوي التراجع عن خفضها (لو فاز ذلك الحزب في الانتخابات).

إنه تكتيك يائس ويدعو للسخرية لكن ربما سيكون تكتيكاً فعالاً. فلا عجب أن وزيرة الخزانة في حكومة الظل التي يقودها حزب العمال رايتشل رييفز تجنبت الحديث عن الموضوع في ردها على إعلان [ريشي سوناك خفض الضرائب]. فبسبب عائدات ضريبية أكبر مما هو متوقع توافرت للحكومة أخيراً، سنحت الفرصة للوزير سوناك كي يلتف على مسألة كونه قد رفع الضرائب إلى أعلى مستوياتها في زمن السلم، مما مكنه من تسجيل نقطة في مرمى حزب العمال ليصبح الوزير الذي نجح في خفض الضرائب في الانتخابات المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

شكّل إعلان اليوم عن الميزانية المصغرة تمريناً في اعتماد القسوة التكتيكية. فهي [أي الحكومة] لم تقدم أي شي إضافي للناس [الفقراء] الذين يعتمدون على ما يحصلون عليه من الضمان الاجتماعي لتأمين لقمة عيشهم ما عدا توفير نصف مليار جنيه استرليني (حوالى 675 مليون دولار أميركي) لصندوق الضائقة المعيشية الذي تديره المجالس المحلية البريطانية. وزارة الخزانة لم تتخل بذلك عن موقفها المتشدد القائم على الصبر وانتظار ما سينجم عن الحرب الأوكرانية وما سينتهي إليه وضع أسعار الطاقة. لكن في تلك الأثناء، لن يحصل المواطنون العاطلون من العمل إلا على تعويض بسيط يحسم من فاتورة ضريبة البلديات قيمته 150 جنيهاً استرلينياً (حوالى 200 دولار) لمن يملكون منزلاً متوسط الحجم التي تقع في النطاقين ألف ودال لضريبة المجلس البلدي، إضافة إلى تقديم شركات الطاقة مبلغ 200 جنيه استرليني (حوالى 270 دولاراً) كخصم على الفاتورة يتم سداده في وقت لاحق.  

أما بالنسبة للموظفين العاملين، فللأسف قام الوزير سوناك بتنفيذ مناورة سياسية متذاكية إلى درجة أنها لم تحظ بالتقدير حتى من قبل المؤيدون لحزب المحافظين. الكثير من نواب حزب المحافظين الجالسين على المقاعد الخلفية (في إشارة إلى اعتبارهم من المتحفظين على سياسة الحكومة التي يقودها حزبهم) لم يتوقفوا ولأسابيع عن مناشدتهم وزير الخزانة للتخلي عن مشروعه فرض زيادة ضريبية كبيرة لأنها تتزامن مع الارتفاع الكبير بنسب التضخم على المستوى الوطني ابتداء من الشهر المقبل لصالح صندوق الضمان الاجتماعي والمخصصة لتوفير المال لخدمة الصحة الوطنية NHS، كي يتسنى لها دفع فاتورة علاج المرضى المدرجين على لوائح الانتظار الصحية الطويلة.

من جهته، أكد وزير الخزانة أن تلك الزيادة في الضريبة سيتم تفعيلها، لكنه أعلن في الوقت نفسه عن زيادة النسبة التي تحتسب على أساسها اشتراكات الضمان الاجتماعي لتصبح متساوية مع نسبة حد التكليف بضريبة الدخل ــ وهي زيادة ستمحو آثار رفع سقف الحد الأدنى الذي تحتسب على أساسه تلك الضريبة بالنسبة إلى 70 في المئة من العمال. فقط 30 في المئة من ذوي الدخل المرتفع سيتحتم عليهم دفع نسبة ضريبة أعلى، لكن بالمقارنة تعتبر تلك النسبة أقل مما كانوا يتوقعون دفعه.

لقد قام سوناك بالتراجع علانية (عن موقفه بشأن الخفض الضريبي) في مجلس العموم البريطاني وفي وضح النهار، فيما كان يدعي أنه ما زال يواصل سيره في خطته (لخفض الضرائب).

ربما تعتقدون أن سوناك سيود أن يضيف إلى رصيده حسنة أنه لم يفرض زيادة الضرائب على كافة العمال ولذلك يبدو أن أداءه أخيراً ربما كان فيه شيء من التذاكي بشكل كبير. لكن عندما سيحل موعد الانتخابات سيتمكن من الادعاء أنه لم يقم برفع نسبة الضريبة بشكل ظاهر بالنسبة للكثير من الناس ــ فيما أنه سيقوم لاحقاً بخوض معاركه على خلفية بسيطة وهي [قتاله] من أجل اعتماد سياسة خفض نسبة ضريبة الدخل.  

أما عن الضرائب المفروضة بشكل غير مباشر، فتلك مسألة مختلفة. كان أعضاء حزب المحافظين قد طوروا خطاباً ينتقد (وزير الخزانة ورئيس الوزراء عن حزب العمال السابق) غوردن براون لفرضه "ضرائب خفية"، لكن يبدو أن سوناك قد تعلم منه هذه الأيام. فبيانه حول الميزانية لم يذكر زيادة ضريبية كبيرة على خريجي الجامعات، بعد التغييرات غير المفهومة التي أدخلت على شروط القروض الممنوحة للطلاب. كما أن بيانه لم يذكر أيضاً الزيادة الكبيرة المرتقبة السنة المقبلة والمعلنة منذ فترة على الضريبة التي تدفعها المؤسسات التجارية (لقاء مزاولتها أعمالها). فتلك الزيادتان ستعوضان قيمة العائدات النقدية التي خسرتها الحكومة جراء خفض ضريبة الدخل المخصصة لغاية الترويج الانتخابي [لحزب المحافظين].  

تبدو السخرية فاضحة هنا. فالتعويضات الحكومية ومعاشات التقاعد ستخسر فاعليتها التي سيقضمها ارتفاع نسبة التضخم في البلاد هذا العام، قبل أن تعود إلى الواجهة عملية تعديل تلك الأسعار بسبب التضخم. وسيقضم مستوى التضخم أيضاً من قيمة المداخيل، وستنحسر نسب الأموال المتوافرة للناس لصرفها على تدبير حاجاتهم هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة منذ بدء جمع السجلات والأرقام ذات الصلة بدءاً من الخمسينيات الماضية وفقاً لمكتب مسؤولية الميزانية.

لكن تلك القيمة ستعود إلى مستوياتها في 2023-2024، وهو العام الذي يسبق إجراء الانتخابات. يبدو أنه يتعين على الناخبين التعامل مع الوضع الراهن المؤلم على أمل أن يشعروا بالتعافي عندما يحل موعد الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، لا سيما بعد دخول خفض نسبة ضريبة الدخل حيز التنفيذ [ما قد يؤثر في خيارات الناخبين لصالح حزب المحافظين]. لذا، يجب على حزب العمال أن يكون قلقاً من ذلك.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 23 مارس (آذار) 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل