Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تزداد فقراً أمام ناظري ريشي سوناك على رغم تفاؤله المشرق

يكتب جيمس مور قائلاً إن المداخيل المتاحة الحقيقية للبريطانيين في طريقها إلى التراجع خلال عهد البرلمان الحالي. وهذا لم يحصل منذ عام 1955 حين سُجِّلت البيانات للمرة الأولى. وتتلخص المشكلة التي يواجهها حزب العمال في أن الناخبين لا يثقون في أن أداءه سيكون أفض

"تقليدياً، يؤدي الرضا الاقتصادي، أو غيابه، ورأي الناس في الاحتمالات المستقبلية دوراً رئيسياً في الانتخابات" (رويترز)

يتميز ريشي سوناك بأنه مهندم وألمعي وأشبه بمندوب مبيعات مثير للإعجاب ممن لم يعرف العمل السياسي البريطاني له مثيلا منذ وقت طويل. وهذا يساعد في حماية حزبه من حقيقة غير مريحة: هو على رأس أضعف نمو مسجل للمداخيل. وهذا هو نمو الدخل المتاح الحقيقي المعدل وفق وتيرة التضخم.

بحلول نهاية عهد البرلمان الحالي، قد يحقق وزير المالية حتى تراجعاً في هذا النمو، في تطور غير مسبوق منذ عام 1955. في ذلك العام بدأ وضع السجلات للمرة الأولى. وهكذا لا تغطي السجلات الركود الذي حل في ثلاثينات القرن العشرين أو ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية.

وفق أحدث التوقعات الصادرة عن مكتب مسؤولية الميزانية، لن يتجاوز إجمالي زيادة المداخيل المتاحة الحقيقية للأسر بين أواخر عام 2019 ومنتصف عام 2024 نسبة قليلة تساوي 0.5 في المئة حين يحل موعد الانتخابات المقبلة.

وتشير "مؤسسة القرار" إلى أن ذلك سيجعل العهد البرلماني الحالي الأضعف على صعيد النمو المسجل للمداخيل. والزيادة السنوية التي يتوقعها مكتب مسؤولية الميزانية عند 0.1 في المئة أسوأ في شكل كبير مما حصل خلال العهد البرلماني الذي جاء بديفيد كاميرون وتيريزا ماي إلى رئاسة الوزراء، واستمر بين مايو (أيار) 2015 ويونيو (حزيران) 2017، وحقق 0.3 في المئة سنوياً. ويبدو النمو السنوي المخيب للآمال والبالغ 0.9 في المئة المحقق خلال الولاية البرلمانية التي جاءت بتوني بلير وغوردون براون رئيسين للوزراء بين مايو 2005 ومايو 2010 لطيفاً في شكل إيجابي بالمقارنة.

لكن انتظروا: فالنمو يسوء. تشير "مؤسسة القرار" إلى بيانات حديثة صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية تبين أن أداء المداخيل المتاحة الحقيقية للأسر يقل أخيراً عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية، فهذه المداخيل تقلصت بنسبة واحد في المئة خلال الفصل الثاني من عام 2021، مثلاً. فقد توقع مكتب مسؤولية الميزانية نمواً بواقع 1.5 في المئة خلال تلك الفترة.

الآن قد يتيح أداء أفضل من المتوقع في المستقبل لحاقاً بالتوقعات إذ تتخلص المملكة المتحدة من مخاوفها الاقتصادية المرتبطة بعصر الجائحة. فالحكومة ربما تخلت عن معظم قيودها، لكن العصر لم ينتهِ. لا يزال خطر إعادة فرض القيود، أو بعضها على الأقل، ماثلاً، ولا يزال كوفيد يلقي ظلاله على عدد من القطاعات.  مثلاً، لا يزال عدد كبير من العملاء قلقين من المشاركة في المناسبات. وتواصل أيضاً أزمة سلسلة الإمداد التي أدت الجائحة دوراً في إطلاقها الإمساك بخناق الاقتصاد البريطاني.

لكن فلنفترض أن نمو المداخيل فشل في الارتفاع. ولو صح الأمر، ستنهي المداخيل المتاحة الحقيقية للأسر الولاية البرلمانية عند مستوى سلبي. وفي ظل الحكومة الحالية، سيصبح الشعب البريطاني أفقر، وهذا عبء محتمل على كاهل سوناك. ومن الحتمي أن تتحدث في المستقبل تقارير وتعليقات كهذا التعليق، تناقش المداخيل، عن "الأداء الأسوأ منذ عصر سوناك" حين تبدو الأمور سيئة. وهذا إرث لا يرغب فيه أي وزير للمالية. فكل مهارات مندوبي المبيعات في العالم لن تزعزعه.

لا يبدو إلقاء نظرة أبعد أجلاً على نمو المداخيل أكثر جاذبية حين يتعلق الأمر بالسجل الاقتصادي للمحافظين. فالأرقام التي تنشرها "مؤسسة القرار" يجب أن تفند السمعة غير المستحقة تماماً للحزب حول كفاءته الاقتصادية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال السنوات الـ15 الممتدة بين عامي 2007 و2022، لم تنمُ المداخيل المتاحة الحقيقية للأسر إلا بنسبة تسعة في المئة، وفق "مؤسسة القرار". وهذه النسبة تُقارَن بالوضع الطبيعي السابق للأزمة المالية العالمية حين كانت النمو يسجل 50 في المئة كل 15 سنة. ولو استمر الاتجاه السابق للأزمة بعد عام 2007 لفاقت المداخيل المتاحة للأسر اليوم مستواها الحالي بواقع الثلث. وهذا يعني سبعة آلاف جنيه استرليني (تسعة آلاف و450 دولاراً) للشخص.

الآن ثمة أسباب لما حصل، وليست كلها خاضعة إلى تحكم السياسيين. فالأزمة المالية العالمية كانت تطوراً عالمياً غير متوقع سدد ضربة مدمرة في شكل خاص إلى الاقتصاد البريطاني، الذي يتضمن قطاعاً كبيراً للخدمات المالية. ولم يكن الاقتصاد البريطاني قد تخلص من تداعياتها تماماً حين حل كوفيد. وحرمت الجائحة الاقتصاد المرحلة الموسعة من النمو التي تمتع بها تقليدياً بين الأزمات.

لكن بعضاً من مشاكل بريطانيا كانت بوضوح نتيجة لإجراءات سياسية. ويُعَد بريكست الذي يواصل إلقاء ظلاله الطويلة واحداً من هذه الإجراءات. ويُعَد التقشف، الذي حد من النمو البريطاني خلال السنوات التالية للأزمة المالية العالمية، إجراءً آخر.

يمكن للمرء بسهولة أن يقدم حجة مفادها بأن التراجع المستمر في عضوية النقابات، وقمع الحقوق النقابية، ساهما أيضاً في المشاكل. فالقوة التفاوضية الجماعية تقلل اختلال ميزان القوى بين العاملين والموظفين. والرواتب، وبالتالي المداخيل المتاحة، ترتفع حيث تتوفر القوة التفاوضية الجماعية، وهذه حقيقة لاحظها اقتصاديون في بنك إنجلترا في ورقة حديثة سلطتُ عليها الضوء في هذا العمود.

على رغم هذا كله، ينتصر التفاؤل المشرق لدى سوناك (إلى الآن). وتقترح الاستطلاعات أن أداءه لا زال يذهل الناخبين.

هل هذا مرشح للاستمرار؟ تقليدياً، يؤدي الرضا الاقتصادي، أو غيابه، ورأي الناس في الاحتمالات المستقبلية دوراً رئيسياً في الانتخابات.

لقد تساءل رونالد ريغان على نحو لا يُنسَى قائلاً: "هل أنتم اليوم أفضل حالاً مما كنتم قبل أربع سنوات؟"، وذلك أثناء اقترابه من الانتصار على جيمي كارتر، لأن الناخبين قرروا أنهم لم يكونوا كذلك. وجاء ذلك بعد سنة من قول مارغريت ثاتشر "إن حزب العمال لا يعمل".

ربما تفوقت على ذلك الحروب الثقافية التي يحبها بوريس جونسون. أو ربما – وهنا المشكلة الحقيقية لحزب العمال الذي يتطلب تحولاً تاريخياً ليقترب من السلطة – لا يثق الناخبون بكل بساطة بأن المعارضة ستحسن الأوضاع.

هذه مسألة على الحزب أن يعالجها، وبسرعة، لأن الوقت يدهمه.

© The Independent

المزيد من آراء