Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا: موازنة الدعم الحكومي لا تكفي لمواجهة أعباء المعيشة

تخفيض بسيط للضريبة على البنزين ورفع الحد الأدنى للدخل لاستقطاع ضريبة التأمينات الاجتماعية

أعلن وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك، أمام نواب مجلس العموم "البرلمان البريطاني" بيان الموازنة المعروف باسم "موازنة الربيع"، فغالباً ما تعلن الموازنة السنوية في بريطانيا قرب نهاية العام. وكما كان متوقعاً، تضمن بيان الموازنة بعض الإجراءات التي تهدف إلى تخفيف العبء عن الأسر الأكثر تضرراً في المملكة المتحدة مع ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل صاروخي في الآونة الأخيرة. وأعلن سوناك خفض الضرائب والرسوم الحكومية على ليتر البنزين للمستهلك في المحطات بنحو سبعة سنتات ونصف، ويبدأ تطبيق الخفض من ليل الأربعاء ويستمر لمدة عام.

وتُعدّ الرسوم والضرائب الحكومية على سعر الوقود في محطات البنزين في بريطانيا من بين الأعلى حول العالم، ما يجعل سعر الليتر للمستهلك لا ينخفض كثيراً حتى حين تتراجع أسعار البترول في السوق. وكانت الحكومات البريطانية المتعاقبة جمدت الزيادة في الرسوم والضرائب على وقود السيارات منذ 11 عاماً.

وتحصل الحكومة البريطانية حالياً على ما يزيد على 75 سنتاً لكل ليتر بنزين يباع للمستهلك في محطات الوقود.

بيان الموازنة

ويقدر المحللون أن ذلك الإجراء الذي أعلنه سوناك في بيان الموازنة ربما يساعد قائدي السيارات قليلاً، لكنه لن يعني فارقاً كبيراً في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن هذه هي المرة الثانية فقط في غضون 20 عاماً التي تخفض فيها وزارة الخزانة الضرائب والرسوم على ليتر البنزين. مع ذلك، فإنه بالنسبة إلى ملء سيارة تسع 55 ليتراً في المرة، فإن الخفض المعلن لن يعني سوى توفير أكثر قليلاً من 3.3 جنيه استرليني (4 دولارات)، من تكلفة ملء السيارة بالوقود التي تصل الآن إلى أكثر من 121 دولاراً (92 جنيهاً استرلينياً).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي إطار تشجيع الأسر البريطانية على توفير استهلاك الطاقة واللجوء إلى مصادر الطاقة النظيفة المتجددة، أعلن وزير الخزانة إلغاء ضريبة القيمة المضافة على ألواح الطاقة الشمسية للبيوت والمضخات الحرارية ومواد العزل للمباني.

وقال سوناك إن الأسر التي تركّب ألواح الطاقة الشمسية  ستستفيد من توفير نحو 1320 دولاراً (1000جنيه استرليني)، إضافة إلى خفض فواتير الطاقة لمنزلها سنوياً بنحو 395 دولاراً (300 جنيه استرليني).

خفض الضرائب

البند الذي جاء أعلى من المتوقع في بيان الموازنة الذي أعلنه سوناك أمام البرلمان، هو رفع الحد الأدنى للدخل الذي يدفع بعده المواطن ضرائب التأمينات الاجتماعية. وقال للنواب إن الحكومة سترفع الحد الأدنى من الدخل المعفي من مستحقات التأمينات الاجتماعية إلى أكثر من 16 ألف دولار (12275 جنيهاً استرلينياً). وذلك بزيادة بما يقارب 4 آلاف دولار (3 آلاف جنيه استرليني). بينما كانت التوقعات قبل الإعلان أن يرفع وزير الخزانة ذلك السقف إلى 13517 دولاراً (10285 جنيهاً استرلينياً).

ويعني ذلك أن نسبة 70 في المئة من العاملين سيستفيدون من تخفيف أعباء ضريبة التأمينات الاجتماعية، بينما كانت التقديرات السابقة تضع عدد المستفيدين عند أقل من مئتي ألف فقط. لكن سوناك أشار في بيانه أمام البرلمان إلى أن عدد المستفيدين الآن سيصل إلى ملايين العاملين البريطانيين. وسيخفف ذلك العبء عن قرار وزارة الخزانة السابق بزيادة ضريبة التأمينات الاجتماعية التي يدفعها العامل والموظف هو وصاحب العمل بنسبة 1.25 في المئة.

أما الإعلان الأهم في بيان الموازنة، فكان خفض الشريحة الأدنى للضريبة على الدخل في بريطانيا للمرة الأولى منذ 16 عاماً. وسيتم خفض نسبة الضرائب على الدخل في الشريحة الأدنى من 20 في المئة حالياً إلى 19 في المئة، على أن يتم ذلك قبل نهاية مدة البرلمان الحالي أي بحلول عام 2024.

وقال ريشي سوناك إنه "تخفيض للضرائب على العاملين وأرباب معاشات التقاعد والمدخرين... هذا خفض للضرائب بقيمة 6.6 مليار دولار (5 مليارات جنيه استرليني) سيستفيد منه 30 مليون بريطاني. ولأكون واضحاً مع المجلس، فهو خفض تم حساب تكلفته وتدبير تمويله في الخطط التي أعرضها عليكم اليوم".

ردود الفعل

على الرغم مما يبدو في بيان الموازنة من محاولات تخفيف العبء عن الأسر البريطانية المتضررة من ارتفاع تكلفة المعيشة بشدّة، إلا أن المحللين رأوا أن وزير الخزانة لم يستخدم كل ما لديه من أدوات لدعم المواطنين في مواجهة صعود الأسعار. وقارن البعض بين سياسة الحكومة الآن وما فعلته لجهة تقديم دعم هائل للأسر والأعمال في فترة الركود التي صاحبت أزمة وباء كورونا.

أما حزب العمال المعارض، فانتقد بيان وزير الخزانة واعتبره غير كافٍ لمساعدة البريطانيين الذين يعانون. وقالت وزير الاقتصاد في حكومة الظل العمالية ريتشيل ريفز عن بيان ريشي سوناك: "إن خياراته تجعل أزمة تكاليف المعيشة أسوأ مما هي عليه وليست أفضل... وما أعلنه وزير الخزانة اليوم يوضح بجلاء ما هي أولوياته"، متهمة سوناك بأنه يضع الأولوية لديه "لمن استنزفوا دافعي الضرائب بالفعل".

ذلك على الرغم من أن بيان الموازنة تضمن مضاعفة الدعم للأسر الفقيرة إلى أكثر من مليار و300 مليون دولار (مليار جنيه استرليني) بزيادة بنحو 660 مليون دولار (500 مليون جنيه استرليني)، على أن تتولّى المجالس المحلية تقديم ذلك الدعم للأسر الأكثر فقراً في محيط مسؤوليتها.

أما حزب الديمقراطيين الأحرار، فاتهم وزير الخزانة بأنه زاد من آلام المواطنين في مواجهة أعباء المعيشة برفضه إلغاء الزيادة التي قررها من قبل على ضريبة التأمينات الاجتماعية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخزانة في الحزب المعارض: "كان الناس يتطلعون لوزير الخزانة ليعطيهم الأمل، في المقابل زاد من ألم العبء عليهم... إن الناس تعاني من انهيار مستويات المعيشة لأدنى مستوى منذ 50 عاماً".

وضع الاقتصاد

واعترف وزير الخزانة في بيانه أمام البرلمان بأن التقديرات السابقة للاقتصاد لم تأخذ في الاعتبار ما نتج من الحرب في أوكرانيا. وأشار إلى أن مكتب مسؤولية الموازنة يؤكد أن "هناك عدم يقين دائماً في توقّع أداء الاقتصاد". وبحسب تقديرات المكتب، سينمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني هذا العام بنسبة 3.8 في المئة، بينما كانت التقديرات السابقة في بيان الموازنة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 6 في المئة في 2022.

الأمر ذاته في ما يتعلق بمعدلات التضخم، التي أُعلن أمس الثلاثاء أنها وصلت إلى إعلى مستوى لها في ربع قرن عند 6.2 في المئة. ويقدّر مكتب مسؤولية الموازنة أن ترتفع نسبة التضخم إلى 7.4 في المئة هذا العام،  بينما كانت الأرقام في الموازنة السابقة ترجّح نسبة تضخم في 2022 عند 4 في المئة.

وأبلغ ريشي سوناك نواب البرلمان أن الحكومة ستنفق ما يزيد على 109 مليارات دولار (83 مليار جنيه استرليني) على مستحقات خدمة الدين العام في العام المالي المقبل، وهو أعلى معدل على الإطلاق لمدفوعات خدمة الدين البريطاني. وفي إطار تأكيده على ضرورة الحذر في الإنفاق الحكومي، أشار وزير المالية إلى أن هذا المبلغ هو "ضعف ما أنفقناه على خدمة الدين العام الماضي".