Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ندرة المواد الاستهلاكية عشية رمضان تثير غضب الجزائريين

دعوات لتجنب تخزين السلع في المنازل محافظة على استقرار التموين وعدم فتح المجال أمام المضاربة

الظروف الاقتصادية والاجتماعية ألقت بظلالها على العائلات الجزائرية (رويترز)

باتت ندرة المواد الاستهلاكية عشية رمضان عادة تلازم الجزائريين كل عام، وإن كان الاحتكار وجشع التجار فعلا فعلهما خلال السنوات الماضية يبقى الأمر مختلفاً هذه المرة مع الحرب الروسية - الأوكرانية المتواصلة وما تسببت فيه من متاعب اقتصادية بدأت آثارها تنعكس على الأوضاع الاجتماعية الدولية. 

ويعيش الجزائريون هذه الأيام، على وقع ندرة ومضاربة في المواد الاستهلاكية وتذبذب في التوزيع، وأصبحت الطوابير والتدافع أمام المحلات وفي الأسواق، مشاهد تتكرر يومياً قبيل رمضان، يرجعها العديد من المتابعين إلى الظروف الدولية التي تسيطر عليها الأزمة الروسية- الأوكرانية، حيث يتعلق الأمر بدولتي القمح والشعير والغاز وغيرها من المواد الضرورية التي تعتمد عليها شعوب العالم وبشكل خاص الدول العربية ومن بينها الجزائر.

يقول أستاذ الاقتصاد، جمال مناصري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن الحرب الروسية - الأوكرانية خلقت وضعاً مضطرباً من حيث وفرة المواد الاستهلاكية، على اعتبار أن الجزائر لا تزال تحت رحمة الخارج، مشيراً إلى أن غياب الإنتاج وضعفه وانعدام استراتيجية واضحة في التسيير وسيطرة الفوضى على مختلف المجالات زاد من تعقد الوضع الاجتماعي المترتب عن ندرة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.

من جهتها، تعتبر أستاذة علم الاجتماع، ثريا التيجاني، أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة، ألقت بظلالها على العائلات الجزائرية، وخلقت نوعاً من التخوف وعدم الثقة سواء في التجار أم الجهات المسؤولة عن تسيير التجارة والسوق، وقالت إن "الطوابير على المواد الاستهلاكية سلوك لا يمكن أن يتخلى عنه الفرد بسهولة، وإن وجود أي طابور في أي مكان يجر إليه وبطريقة لا إرادية المواطن الجزائري، ومن دون أن يعلم أحياناً حتى ما الذي يباع"، موضحة "المضاربون والمحتكرون للسوق وجدوا مناخاً مناسباً وفرصة سانحة للربح وتخزين بعض المواد الغذائية، بعيداً عن رقابة صارمة للسلطات، وفي ظل غياب ثقافة استهلاكية وقناعة لدى المستهلك".

الإشاعات هي السبب

في السياق ذاته، يرى رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بولنوار، أن مادتي الزيت والسميد يكثر عليهما الطلب في شهر رمضان، لكن الإشاعات هي السبب في الندرة، موضحاً أن مخزون المواد الغذائية الاستهلاكية يكفي لضمان التموين وتلبية الطلب، خصوصاً مادة الزيت حيث أنتجت المصانع مخزوناً وفيراً يكفي لشهرين، وقال إن المخاوف انتشرت بعد أزمة روسيا وأوكرانيا، التي لا يمكن أن تضر بالجزائر حالياً على اعتبار أن المخزون المتوفر عند الديوان المهني للحبوب وطلبية الاستيراد الموجودة تكفي للتموين وتلبية احتياجات السوق. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد بولنوار على أن الإشاعات يبثها المضاربون لزيادة الطلب، كما حدث العام الماضي مع مادة السميد، ثم مادة الزيت التي تدخلت فيها أطراف كثيرة تسببت في الندرة وزيادة السعر بشكل أثار استياء المواطنين، وجعلهم في رحلة بحث عن قارورة زيت، ودعا رئيس جمعية التجار والحرفيين المواطنين إلى التسوق العادي وتجنب تخزين السلع في المنازل محافظة على استقرار التموين وعدم فتح المجال أمام المضاربة.

أسواق "الرحمة"

ندرة بعض المواد الغذائية وارتفاع أسعار أخرى، خلق وضعاً استفزازياً جعل البحث عن ضروريات استقبال شهر رمضان مهمة شبه مستحيلة في ظل تدهور القدرة الشرائية، على الرغم من انتشار ما يسمى "أسواق الرحمة" التي تنصب خيامها كل سنة للمشاركة في التخفيف من معاناة المواطنين. 

لكن رئيس جمعية "أمان" لحماية المستهلك، حسان منوار، كشف في تصريحات صحافية أن الأسعار المتداولة في "أسواق الرحمة" لا تختلف كثيراً عما هو موجود في الأسواق، مشيراً إلى أن المبادرة تهدف إلى توفير مختلف المواد الاستهلاكية بأسعار مقبولة لدى المواطن، إلا أنها ليست كذلك بعد أن غابت مدلولات "الرحمة"، وأضاف أن المواد الغذائية الأساسية التي يشتكي المواطن من ندرتها هذه الأيام، غير متوفرة في أغلب هذه الأسواق، وإن حضرت فهي بكميات قليلة جداً. 

وأوضح منوار، أن التدني المستمر للقدرة الشرائية والغلاء الفاحش في أهم المواد الغذائية الأساسية يتطلب وجود "أسواق رحمة" على طول العام، داعياً إلى تشجيع مبادرة البيع من المنتج إلى المستهلك مباشرة، ورفع الضرائب على المتعاملين الاقتصاديين الذين يشاركون في مثل هذه الأسواق، وشدد أن هذه الأسواق يجب أن تكون مراقبة من طرف أجهزة وزارة التجارة حيث تفرض الضوابط من خلال المراقبة المستمرة، خصوصاً أنه أصبح يسيطر عليها بعض الباعة الفوضويين. 

لجنة تحقيق برلمانية 

ومن أجل مواجهة الظاهرة، قرر البرلمان الجزائري إنشاء لجنة تحقيق للتقصي في أسباب ندرة بعض المواد الغذائية في الأسواق ومن يقف خلف ذلك لـ"الوقوف على الدوافع الأساسية للمتسببين بها، ومحاولات إحداث القلاقل وجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه"، وأبرز بيان البرلمان أن "اللجنة ستعمل على الوقوف على دوافع هذه الأزمة ومسبباتها الرئيسة ومن يغذيها ويحوم حولها بهدف السعي لصد أي مناورات من المضاربين وسلوكياتهم الكيدية المتكررة وأنانياتهم وطمعهم الشخصي على حساب المنتج والمستهلك على حد سواء"، مشدداً على أن الدولة ستكون بالمرصاد من خلال المساءلة والمحاسبة لتكريس رؤية واضحة للمساواة المجتمعية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.

اقرأ المزيد