Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح الجفاف يهدد الأمن الغذائي للجزائريين

الوضع لا يشجع على النشاط الفلاحي ويضع السلطات في مواجهة هجرة جماعية نحو المدن

صنّف بيان أصدرته وزارة الموارد المائية، بداية عام 2022، الجزائر ضمن الدول الفقيرة من حيث المورد المائي (الإذاعة الجزائرية)

توحي كل المؤشرات والمعطيات بأن شبح الجفاف بات يخيم على الجزائر، وفي ظل استمرار "شح" السماء، يزداد التخوف من أزمات اجتماعية مرتبطة بقلة المواد الاستهلاكية، بخاصة الزراعية منها وارتفاع الأسعار وتذبذب التزود بمياه الشرب، وهو الوضع الذي يبدو أنه سيزيد من متاعب الحكومة.

من شبه جاف إلى جاف

وبعد التفاؤل الذي أبداه الجزائريون إثر القطرات التي تساقطت على بعض المناطق خلال الخريف، عاد التوجس ليسيطر على الشارع والحكومة بعد أن غابت الأمطار في الأسابيع الأخيرة، على غير العادة، إذ يشهد فصل الشتاء عادةً تساقط كميات معتبرة من الأمطار والثلوج، ما جعل الخبراء يعلنون عن دخول البلاد في حالة جفاف مقلقة تستدعي التحرك من أجل مواجهة تداعياتها.
وأوضح وزير الموارد المائية والأمن المائي الجزائري، كريم حسني، الأسبوع الماضي، أن "مناخ الجزائر الذي كان في السابق شبه جاف، أصبح اليوم مناخاً جافاً، ما يجعل استراتيجية تسيير الموارد المائية تزيد نسبة الاعتماد على تحلية مياه البحر بصفة متزايدة على المدى المتوسط والبعيد"، مضيفاً أن "تحلية مياه البحر تُعد الحل الأمثل، لأن المياه السطحية أصبحت شحيحة". وأشار إلى أن "الجزائر تزخر بكل الإمكانات اللازمة، منها شريط ساحلي يمتد لأكثر من 1200 كيلومتر، إضافة إلى الخبرة والموارد البشرية اللازمة في هذا المجال".

فقر مائي ومخاوف

وصنّف بيان أصدرته وزارة الموارد المائية، بداية عام 2022، الجزائر ضمن الدول الفقيرة من حيث المورد المائي، بسبب فترات جفاف طويلة ومتكررة، مع عجز في نسب التساقطات المطرية. وأبرز البيان أن نسب تساقط الأمطار بلغت خلال السنوات الأخيرة بين 40 و50 في المئة مقارنةً بالمعدلات السنوية الماضية، خصوصاً في الجهتين الوسطى والغربية للبلاد، مشدداً على أن نقص وشح الأمطار بفعل التغيرات المناخية أثر بشكل كبير على تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وقد برزت آثارها جلياً على 20 محافظة في البلاد.
وتتصاعد المخاوف من تأثير الجفاف على الأمن الغذائي، من خلال تراجع الإنتاج الزراعي في مقابل ارتفاع الطلب في الأسواق المحلية، لا سيما أن وزارة الموارد المائية كشفت عن انخفاض منسوب امتلاء السدود من 63 في المئة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى 50 في المئة في الشهر الحالي.
وفي محاولة لمواجهة الوضع، أطلقت الحكومة حملة دعم لعمليات الري بالنسبة لجميع الفلاحين المنتجين للزيتون والتفاح والخضراوات في البيوت البلاستيكية، إضافة إلى محاصيل الحبوب كالقمح والشعير، إضافة إلى دعم الأعلاف، وذلك عبر تمويل السقي بتقنية التقطير، وشراء مضخات الآبار، وإقامة الأحواض المائية بغشاء بلاستيك، وحفر الآبار مجدداً بعد أن جمدت العملية في السنوات الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


هاجس زراعي ومجهود حكومي

في السياق، أشار الباحث الزراعي، كريم بنسيار، إلى أن "غياب الأمطار بات هاجساً يقلق المزارعون بشكل لافت، على اعتبار أن استمرار الشح يجعل السنة الفلاحية ضعيفة، ما يعني دون فائدة للفلاحين الذين سيتحملون خسائر كبيرة على كل المستويات"، مبرزاً أن "هذا الوضع لا يشجع على النشاط الفلاحي ويضع الحكومة في مواجهة هجرة جماعية نحو المدن". وقال بنسيار إن "الحكومة مدعوة إلى الإسراع في إيجاد حلول، سواء بتخصيص تعويضات أو من حيث مواجهة نقص المنتجات الزراعية، عبر الاستيراد".
من جانبه، يعتبر الباحث الاقتصادي، أنور سكيو، أن "ملامح الجفاف باتت ظاهرة منذ أكثر من 4 سنوات، وبلسان وزارة الموارد المائية والأمن المائي المستحدثة، هناك مشاكل التزود بمياه الشرب في كثير من محافظات البلاد، وحديث عن نسبة عجز تصل إلى 30 في المئة من احتياطي منسوب المياه، مقابل جهود متواصلة من الدوائر المعنية في فتح محطات التحلية الجديدة، وتشجيع استخدام الآبار الارتوازية، إضافة إلى الحملات التحثيثية على الاستغلال العقلاني لهذا المورد الأساسي في ظل الظروف الحالية"، مبرزاً أن "الهدف الرئيس للجزائر هو رفع عدد محطات تحلية مياه البحر الذي من شأنه المساعدة في تخطي الأزمة، مع ضرورة الاستغلال العقلاني اللازم".

مبكر جداً

في المقابل، أكدت مسؤولة الاتصال بالديوان الجزائري للأرصاد الجوية، هوارية بن رقطة، أن "تأخر تساقط الأمطار في مناطق عدة من البلاد خلال فصل الشتاء الحالي، ناجم عن مرتفع للضغط الجوي متمركز في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومن المبكر جداً الحديث عن مرحلة جفاف"، مؤكدةً في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أنه "خلال السنوات الثلاث الماضية 2019 و2020 و2021، تم تسجيل تأخر تساقط الأمطار".

وزارة للأمن المائي

ولم تكن ظاهرة الجفاف مفاجئة بالنسبة للسلطات، وإنما كانت في صميم الاهتمامات، بعد أن أقدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على إضافة عبارة "الأمن المائي" إلى وزارة الموارد المائية للمرة الأولى، في إشارة إلى ضرورة الاستعداد لمواجهة ظاهرة الجفاف وشح المياه، وهي الخطوة التي رافقتها الحكومة عبر إعداد استراتيجية تعتمد على تحلية مياه البحر، بإنجاز محطات كبرى لتحلية مياه البحر بقدرة 300 ألف متر مكعب يومياً، على مرحلتين بين عامي 2022 إلى 2030، إذ أبرز المسؤول الأول على الوزارة، كريم حسني، أن "هذه الاستراتيجية تتضمن أيضاً مسألة تأمين المياه، عبر ترشيد الاستهلاك وتصفية المياه المستعملة وتوظيفها في الري الفلاحي".

المزيد من بيئة