Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 ندرة مفاجئة في سلع أساسية تربك الشارع الجزائري

حملات لمقاطعة الدجاج وتهافت على زيت المائدة قبل أيام من بدء شهر رمضان

رأى المدافعون عن حملة المقاطعة أن "كل ما يترك يصبح سعره أرخص" (أ ف ب)

تشهد الأسواق الجزائرية، ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار بعض المواد الأساسية، ونُدرة في سلع أخرى، قبيل أسابيع من حلول شهر رمضان الكريم، في وقت يشتكي جزائريون من تدني المستوى المعيشي وتراجع القدرة الشرائية أمام تهاوي أسعار الدينار، ما دفع البعض إلى التوجس من ارتفاع معدلات الفقر في البلاد خلال السنوات المقبلة.

وفوجئ الجزائريون بأزمة التموين بزيت المائدة، الذي سجل ندرة في المحلات التجارية. وقال مواطنون إنهم يخوضون "رحلة مضنية" بحثاً عن قارورة زيت، سعة 1 و2 ليتر وحتى 5 ليترات، التي باتت مفقودة في الأسواق، كاشفين أن "الحصول عليها يكون إما بالوقوف بالساعات في طوابير طويلة أو عن طريق المحسوبية مع صاحب المحل الذي يبيعها إلى مقربين منه".

اتهامات تحاصر المضاربين

أمام هذا الوضع، أعلنت الحكومة الجزائرية على لسان وزير التجارة، كمال رزيق، أن "الأزمة مفتعلة وما يجري مضاربة من قبل التجار، بسبب رفض التدابير المتعلقة بالفوترة والتهرب من الضريبة"، مطمئناً بتوفير مادة الزيت في الأسواق، وداعياً المواطنين إلى عدم الانجرار خلف الإشاعة التي يقف وراءها أذناب العصابة" في إشارة إلى أزلام نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذين يعرقلون، وفق السلطة الحاكمة في الجزائر حالياً، مسار التغيير بعد اندلاع حراك 22 فبراير (شباط) 2019.
واستبعد وزير التجارة الجزائري في تصريحات إذاعية أدلى بها الثلاثاء 23 مارس (آذار) الحالي، رفع أسعار المواد المدعمة (المسقفة) ذات الاستهلاك الواسع، مبرزاً أن المخزون الحالي المقدر بـ94 ألف طن يغطي احتياجات البلاد حتى نهاية يونيو (حزيران) المقبل. وأضاف الوزير أن "الجزائر أنتجت في يناير (كانون الثاني) الماضي 51 ألف طن من مادة الزيت وفي فبراير (شباط) 53 ألف طن. ما يعني أن هناك فائضاً، وما يجري هو مضاربة، والمواطنون وقعوا في الفخ وغيروا سلوكياتهم الاستهلاكية، الأمر الذي نتجت عنه ندرة في هذه المادة في بعض الأحيان"، مشيراً إلى "وجود 12 علامة زيت في السوق، منها 10 مدعمة".
وضمن مساعيها لضبط الأسعار وقمع المضاربة والغش، قال رزيق، إن أجهزة الوزارة "نفذت 57 ألف تدخل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020 الماضي حتى يناير 2021، منها 12 ألف تدخل خلال مارس  الحالي، سمحت بحجز 15 ألف ليتر من زيت المائدة وكميات معتبرة من المواد الاستهلاكية الأخرى".

تجار التجزئة

على الجانب الآخر، نفى رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب، رئيس مجمع "سيفيتال"، وجود أي ندرة في مادة زيت المادة، مؤكداً أن حجم إنتاج مجمعه لهذه المادة يقدر حالياً بـ1600 طن يومياً. وأضاف "لدينا إنتاج أكثر من المعتاد، ومخزونات عامة ممتلئة، وإنتاجنا لم يتراجع على الرغم من الارتفاع المسجل في أسعار المواد الأولية دولياً".
وذكر "مجمع سيفيتال" أن الأشكال مطروح على مستوى التوزيع الذي "لا يتحكم فيه المجمع". وصرح مدير الاتصال والعلاقات العامة في المجمع، مولود واعلي "نطلع وزارة التجارة يومياً على حالة مخزونات المواد الأولية وكميتها قبل الإنتاج وبعده"، مشدداً على أن "أسعار المنتجات المدعومة لا تعرف أي زيادة، في حين أن منتجات زيت دوار الشمس تشهد بعض الزيادة كونها غير معفاة من الضرائب والرسوم". وأمام تضارب الروايات وتبادل الاتهامات، قال رئيس "الفيدرالية الوطنية للصناعات الغذائية" خالد بلبل، إن "تذبذبات التموين بزيت المائدة التي شهدها السوق الوطنية تسبب فيها تجار التجزئة الذين يرفضون فوترة مقتنياتهم لدى بائعي الجملة". وأضاف أن "السبب الحقيقي وراء هذه التذبذبات هو رفض هؤلاء التجار تطبيق تعليمات أجهزة وزارة التجارة القاضية بإلزامية فوترة التعاملات المحققة من طرف كل ممولي السوق على كل المستويات، كون التعاملات بالفاتورة تخضع للضريبة، وعليه فإن هامش ربحهم يصبح ضعيفاً إذا ما اشتروا الزيوت بالفواتير، لأن سعرها محدد من قبل الدولة".
كما ذكر بلبل أن "هذا العزوف عن نظام الفوترة متواصل منذ سنوات"، مؤكداً أنه من الصعب "تغيير الذهنيات" إذ يتطلب ذلك وقتاً للتمكن من "فرض قواعد جديدة" لا تضر بالمستهلك النهائي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حملات لمقاطعة الدجاج

وشمل غلاء الأسعار أيضاً الخضار والفاكهة وسط شكوى المواطنين، الذين تضاعف خوفهم على واقعهم المعيشي، إذ لم يتعافوا بعد من تبعات جائحة كورونا وتأثيراتها على حياتهم، خصوصاً بعد فقد الآلاف وظائفهم ومعاناتهم من ضائقة مالية غير مسبوقة.
في موازاة ذلك، أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حملةً لمقاطعة الدجاج (اللحوم البيضاء) تحت شعار "متشريش" (لا تشتري) و"خليه يربي الريش" (أي اتركه ليربي الريش) بعد ما وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج إلى 450 دينارا جزائريا (نحو 3 دولارات ونصف الدولار).
ورأى المدافعون عن حملة المقاطعة أن "كل ما يُترك يصبح سعره أرخص"، داعين المواطنين إلى "عدم المساهمة في تضخيم جشع التجار ووقف تغول المضاربين الذين يستغلون في كل مرة الظروف الصعبة التي يمر بها الناس لخلق الأزمات وتحقيق أرباح مالية".
وتجاوباً مع الحملة، قالت إحدى المواطنات من العاصمة إن "على المواطنين أن يقاطعوا كل سلعة تفوق سعرها الأصلي. أعتقد أننا لن نموت إذا لم نأكل الدجاج لأسبوع أو اثنين. علينا تكريس هذه الثقافة فهي الحل الوحيد حتى نوقف الفوضى الحاصلة في الأسواق".
ويرجع عاملون في مجال تربية الدجاج، الارتفاع في الأسعار إلى غلاء المنتجات الموجهة لإطعام الدجاج في السوق الدولية، ما أثر مباشرة على السوق الداخلية، لا سيما أن الجزائر تستورد غالبية احتياجاتها من أغذية الدواجن من الخارج.
وفي ظل هذه الأزمة في أسعار الدجاج واللحوم البيضاء، رخصت السلطات الجزائرية استثنائياً لاستيراد اللحوم، لتموين حاجيات السوق والمواطنين وضبط الأسعار في شهر رمضان. وورد في بيان للرئاسة الجزائرية، أن الرئيس عبد المجيد تبون شدد "على ضرورة التمييز عند العرض التجاري في كل المحلات، بين اللحوم المنتجة محلياً والمستوردة".
وكانت الحكومة قررت بداية العام تعليق استيراد اللحوم الحمراء بما فيها اللحوم المجمدة في خطوة تهدف إلى تقليص فاتورة الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلي، حيث كانت تستورد الجزائر نحو 50 ألف طن سنوياً، من عدة بلدان أبرزها البرازيل، الأرجنتين، والهند إضافة إلى السودان.

أزمات سابقة

ومع بداية شهر رمضان من كل عام، يتكرر سيناريو ندرة السلع والمنتجات الأساسية تحت أسباب وحجج مختلفة، إذ في ذات التوقيت العام الماضي، وتحديداً في نهاية مارس (آذار) 2020، شهدت الجزائر "أزمة غذائية" ترجمتها صور تدافع مواطنين في مناطق عدة على أكياس السميد (الطحين) التي تحولت إلى "عملة نادرة"، وعُد حينها الظفر بكيس منها "إنجازاً" أو "عملاً بطولياً".
وتزامن ذلك مع فرض السلطات الجزائرية إجراءات الحجر الصحي في البلاد للحد من تفشي فيروس "كورونا"، فتفجرت ما اصطلح على تسميتها "معركة السميد" بسبب ندرة هذه المادة في الأسواق حينها، ليتطور الأمر بين الباحثين عنها إلى حد الاشتباكات بالأيدي والاعتداءات الجسدية.

وخلفت طوابير المواطنين المنتظرين للحصول على السميد، حينها غضباً واسعاً في أوساط المجتمع، وعبر ناشطون عن استيائهم الشديد من هذا الوضع الذي وصفوه بـ"المحزن والمخزي"، وكأن الجزائر أمام أزمة غذائية وليس مشكلة صحية قد تفتك بأرواح عدد كبير في حال الاستهتار بإجراءات الوقاية وعدم الالتزام بالحجر المنزلي.

المزيد من اقتصاد