Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المستثمرون يهربون من الأسهم إلى الديون الحكومية والـ"بيتكوين"

غياب شهية الاستمرار في الأصول الخطرة رغم تراجع عائد السندات الأميركية

تعد سندات الخزانة في الأساس قرضاً للحكومة الأميركية وينظر إليها على أنها رهان آمن للمستثمرين (رويترز)

فيما زادت عمليات تخلص المستثمرين من الأسهم والأصول الخطرة، فإنها في الوقت نفسه، تعكس حجم القلق الذي يسيطر على المستثمرين والمخاطر التي تنتظر غالبية الأسواق، بخاصة مع الاندفاع الشديد نحو سندات الخزانة الأميركية خلال التداولات الأخيرة.

وغالباً ما يُنظر إلى منحنى العائد المقلوب على أنه إشارة إلى أن المستثمرين أكثر قلقاً بشأن المستقبل القريب من المدى الأطول، مما يحفز أسعار الفائدة على السندات قصيرة الأجل على التحرك أعلى من تلك المدفوعة على السندات طويلة الأجل. وعلى الرغم من أن المنحنى لم يتم عكسه بعد، فإنه يقترب، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً بشكل خاص، نظراً لكيفية استمرار الهجوم الروسي على أوكرانيا - وتداعياته الاقتصادية - في إلقاء عبء ثقيل على الاقتصاد العالمي.

وتعد سندات الخزانة في الأساس قرضاً للحكومة الأميركية، ويُنظر إليها عموماً على أنها رهان آمن للمستثمرين نظراً لوجود مخاطر قليلة في عدم سداد القرض. ويشير اندفاع المستثمرين إليها إلى حجم القلق من خسائر محتملة سوف تطارد أسواق الأسهم والأصول الخطرة خلال الفترة المقبلة.

تدفق كبير على السندات خلال الأسابيع الماضية

وتشير البيانات المتاحة إلى أن السندات الحكومية شهدت تدفقاً كبيراً من الاهتمام في الأسابيع الأخيرة، ووسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي وتشديد الأوضاع المالية، قال مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي إنه يدرس ما يصل إلى 6 زيادات أخرى في أسعار الفائدة في عام 2022 وحده، وهذا يجعل المستثمرين يفقدون شهيتهم للأسهم والأصول الأخرى الأكثر تقلباً ويلجأون إلى استثمارات يمكن الاعتماد عليها مثل سندات الخزانة.

ولكن، مع اندفاع المزيد من المستثمرين لشراء السندات، فإن هذا يتسبب في انخفاض العائد، الأمر الذي ينتهي بجعلها استثماراً أقل جاذبية، حتى إن بعض المستثمرين بدأوا في البحث عن أصول مثل الـ"بيتكوين" والنقد، والتي تقدم تقليدياً استقراراً أقل من السندات.

وعادةً ما توفر سندات الخزانة لمدة 10 سنوات معدل عائد أعلى من السندات قصيرة الأجل، حيث يتم الالتزام بأموال المستثمر لفترة أطول، فيما تقدم سندات الخزانة قصيرة الأجل، مثل السندات لمدة عامين أو 3 سنوات، عوائد أقل بشكل عام، لأن المخاطر يمكن التنبؤ بها أكثر من أفق زمني أطول.

ولكن عندما يكون العائد على السندات لمدة 10 سنوات أقل من العائد لمدة عامين، فإن هذا يشير إلى نظرة متشائمة من جانب المستثمرين وإحجام عن الالتزام بأموالهم. والعائدات تتجه في هذا الاتجاه: الفارق بين سندات الخزانة لأجل 10 سنوات وسندات السنتين يستقر حالياً عند نحو 0.2 في المئة، مقارنة بنحو 1.5 في المئة قبل عام. ويسبق انعكاس منحنى العائد كل ركود منفرد منذ عام 1955، وفقاً لبحث من بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو.

وفيما لا يعني الانعكاس أن الأسهم على وشك الانهيار، يشير الانعكاس عموماً إلى أن الركود قادم في غضون الـ12 شهراً التالية، فقد يستغرق الأمر أحياناً سنوات. وفيما بدأ انعكاس المنحنى في عام 2005، لكن الركود الكبير لم يبدأ حتى عام 2007. وأثار الانقلاب الأخير، في عام 2019، مخاوف من حدوث ركود، والذي تحقق في عام 2020، ولكن كان ذلك بسبب جائحة كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبغض النظر، يدق بعض المشاركين في السوق جرس الإنذار، حيث قال المستثمر الناشط كارل إيكان: "أعتقد أنه من الممكن أن يكون هناك ركود، أو حتى أسوأ من ذلك. لدينا تحوط قوي ضد المراكز الطويلة... على المدى القصير لا أتوقع". وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس"، إن هناك فرصة "على الأقل" واحد من كل ثلاثة أن يشهد الاقتصاد الأميركي ركوداً خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وأضاف: "كلما زادت خطوات بنك الاحتياطي الفيدرالي عن المكابح، زادت احتمالية توقف السيارة ودخول الاقتصاد في حالة ركود".

زيادة احتمالات الركود في السوق الأميركية

في السياق ذاته، كشفت "موديز أناليتكس" عن أن الحرب الروسية في أوكرانيا، والتضخم الذي يواصل الارتفاع، وبدء البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة عالمياً، كل ذلك يدفع إلى تلاشي فرصة الانتعاش الاقتصادي المتوقع، فيما قال الاقتصاديون في بنك "غولدمان ساكس"، في وقت سابق من الشهر الحالي، إن فرصة حدوث ركود في الولايات المتحدة خلال العام المقبل ارتفعت لتصل إلى 35 في المئة.

وذكرت "موديز" أنه قبل هجوم روسيا، كان الاقتصاديون يأملون أن تهدأ أسعار الطاقة والتضخم العام في الربيع والصيف. وفي الوقت الحالي، أصبحت توقعات التضخم مظلمة، مع ارتفاع حاد في أسعار البنزين والمواد الغذائية والمعادن وغيرها من المواد الخام. يقول مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتكس"، إن "مخاطر الركود مرتفعة بشكل غير مريح وتتحرك نحو الأعلى".

وقد تدفع صورة التضخم المتدهورة مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى بذل مزيد من الجهد لخفض التضخم إلى مستويات صحية. فقد ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 7.9 في المئة خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، وهو أكبر ارتفاع في 12 شهراً منذ 40 عاماً، لكن تقرير التضخم هذا لم يوضح تأثير الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وقال زاندي، إنه من الواضح أن الحرب في أوكرانيا تعزز توقعات التضخم، وهو تطور ينذر بالسوء لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين كانوا يأملون تهدئة مخاوف التضخم. ويتوتر محافظو البنوك المركزية عندما تتوقع العائلات وكبار رجال الأعمال ارتفاع الأسعار، لأن ذلك يمكن أن يصبح نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها. وأضاف: "هذا خط لا يمكن تجاوزه لأنه يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يكون عدوانياً للغاية".

وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "مورغان ستانلي"، الذي انضم إلى عدد من البنوك الأخرى في "وول ستريت"، إنه يتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية خلال كل من الشهرين المقبلين. لم يفعل الاحتياطي الفيدرالي ذلك في اجتماعات متتالية منذ 1994. فيما قال زاندي، إن الاحتمالات لا تزال في صالح بنك الاحتياطي الفيدرالي لجعل الاقتصاد يتباطأ في توسع مستدام ذاتياً. وأضاف: "نحتاج فقط إلى القليل من الحظ هنا... لا يمكن للوباء وأوكرانيا السير في طريق مظلم".

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إلى أن البنك المركزي الأميركي في الماضي، كان قادراً على ترويض التضخم، من دون أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد. واستشهد بالأعوام 1965 و1984 و1994 كأمثلة. وقال باول: "أعتقد أن السجل التاريخي يوفر بعض الأسس للتفاؤل، فقد كانت عمليات الهبوط الناعمة، أو على الأقل السهلة، شائعة نسبياً في تاريخ النقد الأميركي".

اقرأ المزيد