Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فتحت الحرب الروسية - الأوكرانية جراح تجاوزات ارتكبت في حق بعض الشعوب؟

آلاف المحتجين في إدلب أعادوا ذكرى مرور 11 عاماً على الانتفاضة السورية تزامناً مع الاحتجاج العالمي ضد هجوم موسكو على كييف

إلى أي مدى ترسم الحرب الأوكرانية واقع قانون إنساني جديد تعالج فيه تداعيات التجاوزات تجاه الشعوب الضعيفة (رويترز)

دعت دوائر سياسية أوكرانية إلى ضرورة محاسبة روسيا لما سمته بـ "جرائم في حق الشعب الأوكراني"، في وقت لفتت وسائل إعلام غربية وأميركية إلى حجم التجاوزات التي ارتكبها نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، والسؤال هو إلى أي مدى ترسم الحرب الأوكرانية واقع قانون إنساني جديد، تعالج فيه تداعيات التجاوزات تجاه الشعوب الضعيفة؟

اشتركت روسيا في الحرب السورية داعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، وخلال الفترة من أغسطس (آب) 1999 إلى أبريل (نيسان) 2009، ارتكبت روسيا مجازر في جمهورية الشيشان، وأيضاً لم يتم التعامل معها من قبل الغرب والولايات المتحدة باعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان إلى أن جاء الهجوم الروسي على أوكرانيا لتتبادل جهات غربية وروسية الاتهامات حول من القاتل؟

وعندما سأل المذيع الشهير جورج ستيفانوبولس الرئيس الأميركي جو بايدن خلال حوار معه في مارس (آذار) الحالي إن كان يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاتلاً، أجاب بايدن "نعم أعتقد ذلك"، ليجيء الرد سريعاً من بوتين الذي قال إن "القاتل هو من يصف الآخر بذلك".

يقول الكاتب الأميركي والتر راسيل ميد في مقالة نشرتها مجلة الشؤون الخارجية الأميركية عدد شهري يناير (كانون الثاني) - فبراير (شباط) 2021 بعنوان "نهاية حقبة الويلسونية: لماذا فشلت سياسة الليبرالية الدولية؟"، إن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون (مارس 1913 - مارس 1921) اقترح على مؤتمر السلام في باريس الذي أعقب الحرب العالمية الأولي تبني منظمة دولية هي "عصبة الأمم" لترعى السلم العالمي وتمنع وقوع الحروب، وأراد لها أن تكون بديلاً عن نظام (توازن القوى) الذي كان سائداً في أوروبا، إذ تقوم منظمة عالمية تتمتع بعضوية الدول كافة بحكم العلاقات الدولية عبر وكالات ونظم وقوانين ترعى التعاون الدولي وتمنع وقوع الحروب، ووافق المؤتمرون على تلك المنظمة الدولية التي قامت بالفعل للمرة الأولى في التاريخ وهي "عصبة الأمم"، لكن الكونغرس الأميركي لم يوافق عليها وبالتالي لم تشترك أميركا في عضويتها.

ويضيف الكاتب أنه أثناء الحرب العالمية الثانية أسف كثير من الأميركيين على سياسة العزلة التي انتهجتها بلادهم قبل الحرب، وعلى رفضها الانضمام إلى عصبة الأمم، لأن ذلك الرفض أدى إلى قيام منظمة ضعيفة تفتقر لدعم الدولة التي بدا جلياً أنها حلت محل بريطانيا وفرنسا كأقوى دولة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية، فلم تنجح المنظمة الوليدة في درء حرب كانت أكثر دماراً وهي الحرب العالمية الثانية التي اندلعت في ظرف عقدين فقط من الزمن بعيد اندلاع الأولى.

نتيجة جديدة 

لكن اختلاف الكبار في الحرب الروسية - الأوكرانية أعطى هذه المرة نتيجة جديدة، وكشف ما ظل مسكوتاً عنه بخاصة حول ما ارتكبه النظام الروسي من جرائم حرب وإبادة في سوريا والشيشان، ليكشف الإعلام الغربي والأميركي ما جرى من إبادة جماعية جراء آلة الحرب الروسية في مدن وقرى وأسر كاملة دفنت تحت أنقاض المباني من دون مراسم أو عزاء.

وكشفت الحرب الأوكرانية واقعاً دولياً جديداً، ففي الثالث من مارس الحالي قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن ثمة "تقارير موثوقة" تشير إلى ارتكاب "جرائم حرب" روسية في أوكرانيا، مضيفاً "اطلعنا على تقارير موثوقة للغاية عن هجمات متعمدة على مدنيين ترقى إلى جرائم حرب"، مؤكداً أن الولايات المتحدة "تنظر في هذه المعلومات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما طالبت رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالتحقيق في تلك الجرائم المفترضة، وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أنه سيفتح تحقيقاً فورياً في جرائم حرب محتملة ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، استجابة إلى طلب عدد كبير من الدول الأعضاء في المحكمة.

دائرة الاهتمام

وبالتزامن مع الاحتجاج العالمي ضد الحرب الروسية على أوكرانيا، احتشد آلاف المحتجين السوريين في محافظة إدلب خلال ذكرى مرور 11 عاماً على بدء الانتفاضة السورية، وتحدثت صحيفة الـ "غارديان" في عددها بتاريخ الـ 16 من مارس "عن تجمع خمسة آلاف شخص في الساحة الرئيسة شمال غربي المدينة، في واحدة من أكبر التجمعات التي شهدتها المنطقة منذ أشهر"، وقالت إن "العديد من المتظاهرين يحدوهم الأمل في أن هجوم روسيا، الداعم الرئيس للحكومة السورية، على أوكرانيا سيعيد قضيتهم المنسية إلى دائرة الاهتمام."

ازدواجية المعايير

وقال الباحث في الشؤون الدولية عادل عبدالعزيز حامد، "عندما نقول الغرب نقصد به الولايات المتحدة وتوابعها مثل كندا وبريطانيا وفرنسا، إلى جانب دول أوروبية أخرى، وهي التي تمتلك الآلة الإعلامية الضخمة والبروباغندا التي تشكل وتؤثر في الرأي العام العالمي حينما يرى الأسود أبيض، والغرب يعتبر القيم والمثل العليا للعنصر الأبيض وليس للآخرين". مضيفاً، "الغرب الذي يصيح بأعلى صوته عبر ماكينته الإعلامية العملاقة اليوم على أوكرانيا واللاجئين والقانون الدولي، تجاهل على مدى سنين طويلة معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه المهضومة، كما تجاهل انتهاكات كبيرة في حقوق الإنسان في بقاع أخرى عندما قدم المصالح على القيم".

وأشار حامد إلى أن "ازدواجية المعايير تبدو واضحة في ثقافة الغرب التي تقوم على عقيدة البقاء للأقوى، فهو يتبنى حقوق الإنسان فقط من أجل مصالحه الخاصة".

وأكد حامد أن "ما أحدثته الحرب الأوكرانية من خلاف بين القوى العظمى سيتبعه تغيير في تكوين النظام الدولي الحالي الذي ظل مبنياً على مصالح الدول الخمس الكبرى (أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين)، التي تعلو مصالحها على رأي الأغلبية، فحينما تحتكم الدول إلى مجلس الأمن الدولي في بعض القضايا، يتوقف قراره على تلك الدول، وحتى الإدانات الشفهية لا يمكن تمريرها في تحفظ أي عضو من الخمسة الكبار". وتابع، "الآن وبعد تطورات الحرب الروسية - الأوكرانية علت بعض الأصوات في نقد النظام العالمي والمطالبة بإعادة النظر فيه بعد تحكمه طوال الحقب الماضية وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي رأيي فإن لاما خلقته هذه الحرب من خلاف بين الدول الكبرى سوف يؤثر تأثيراً حقيقياً في المسار العالمي، سواء رست الحرب على انتصار أحد الطرفين أو على اتفاق، وسيستمر عدم الاستقرار في المسار الدولي".

المزيد من تحلیل