Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يساعد "اليوان الرقمي" روسيا في التهرب من العقوبات؟

العملة الصينية ليست قريبة من الاستعداد للاستخدام الدولي على نطاق واسع 

بعد العقوبات على روسيا هل تمهد العملة الرقمية الصينية لنظام نقدي عالمي جديد؟ (غيتي)

خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين كشفت الحكومة الصينية عن مبادرتين، إحداهما بيان الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين اللذين أعلنا صداقة "بلا حدود" تربط بلديهما، والمبادة الثانية عبارة عن تجربة لـ "اليوان الرقمي" أو (e-CNY)، الذي تم عرضه للاستخدام من قبل الرياضيين والمتفرجين المحليين والأجانب.

ويقول الشريك المؤسس لشركة "جافيكال دراغونوميكس" آرثر كروبير، وهي شركة أبحاث اقتصادية تركز على الصين، في مقالة لصحيفة "فايننشال تايمز"، إنه بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا وفرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات مالية قاسية على روسيا، فمن المنطقي التساؤل عما إذا كانت العملة الرقمية الصينية تمهد الطريق لنظام نقدي عالمي جديد خال من الدولار، من شأنه أن يمكن البلدان من التهرب من العقوبات الأميركية.

ويضيف كروبير أنه "من الواضح أن الإجابة على المدى القصير هي لا، لسبب واحد، فبينما اشتكت الصين من العقوبات التزمت بها إلى حد كبير، وتتجنب شركاتها وبنوكها التعامل مع الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات لأسباب وجيهة"، فعلاقات الصين الاقتصادية مع الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا أكبر وأعمق بكثير من العلاقات مع روسيا، وفي عام 2021 ذهبت حوالى نصف صادرات الصين البالغة 3.3 تريليون دولار إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والحلفاء في آسيا، في حين أن اثنين في المئة منها فقط ذهبت إلى روسيا، فيما لا تزال صناعات التكنولوجيا في الصين تعتمد بشكل كبير على المعدات والمعرفة التي توافرها الولايات المتحدة وأصدقاؤها.

ومن ناحية أخرى فإن "اليوان الرقمي" ليست عملة قريبة من الاستعداد للاستخدام الدولي على نطاق واسع، ولها حصة ضئيلة حتى في المدفوعات المحلية، ولقد كان صانعو السياسة الصينيون واضحين منذ البداية أن أهدافهم الرئيسة لـ "اليوان الرقمي" محلية، وعلى رأسها تحسين كفاءة المدفوعات وخدمة من لا يتعاملون مع البنوك ومكافحة الفساد.

13.5 مليار دولار تعاملات "اليوان الرقمي" منذ إطلاقه

ومنذ إطلاقه التجريبي الأول في أبريل (نيسان) 2020 وحتى نهاية عام 2021، بلغ إجمالي المعاملات الإلكترونية لـ "اليوان الصيني" في الصين 87.5 مليار رنمينبي (13.5 مليار دولار)، وهذا يمثل 0.002 في المئة فقط من 715 تريليون دولار من المدفوعات عبر الإنترنت في الصين خلال الفترة نفسها.

أخيراً، تعثرت الجهود المبذولة لتدويل الـ "رنمينبي" التقليدي غير الرقمي خلال العقد الماضي، إذ يشكل الـ "رنمينبي" 2.5 في المئة من الاحتياطات العالمية، في حين أن روسيا تمتلك 13 في المئة من الاحتياطات بالـ "رنمينبي"، أي أقل من الـ "يورو" أو الذهب أو حتى الدولار المكروه.

فشل تدويل الـ "رنمينبي"

ويقول كروبير إن الصورة في المدفوعات متشابهة، إذ تراوحت حصة التجارة الصينية المستقرة بالـ "رنمينبي" عند حوالى 10-15 في المئة منذ العام 2016، وتمثل الوحدة الصينية أقل من 3ثلاثة في المئة من معاملات الصرف الأجنبي التي يعالجها نظام "سويفت" الذي يقدم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعكس فشل تدويل الـ "رنمينبي" مشكلات هيكلية، إذ تتمثل العقبة الرئيسة في ضوابط الصين الصارمة على رأس المال، والتي تحتاج إليها من أجل الحفاظ على الاستقلال النقدي وضمان استقرار نظامها المالي المحلي القائم على الاستدانة الشديدة. 

إن هذه الضوابط إلى جانب عدم نضج أسواق السندات والمال في الصين، تعني أنه ليس لدى المستثمرين الدوليين حوافز أو قدرة كبيرة على الاحتفاظ بأرصدة كبيرة من الـ "رنمينبي"، فهم يخشون بحق عدم إمكان تصفية مثل هذه الحيازات بسهولة في أي وقت وبأي قدر، إلى أن يحصلوا على هذه الثقة، وبالتالي سيظل استخدام الـ "رنمينبي" للمدفوعات عبر الحدود محدوداً.

عامل آخر هو تأثير الشبكة، وميل الناس إلى استخدام خدمة ما لأن الآخرين يستخدمونها، وسيكون من الصعب تغيير البنية التحتية والترتيبات المؤسسية التي تجعل الدفع بالدولار مناسباً، فليس من السهل رؤية كيف يمكن لـ "اليوان الصيني" بمفرده التغلب على هذه القيود، وقد تكون إحدى الطرق التي يمكن اتباعها هي إنشاء قناة أكثر فاعلية للمدفوعات الدولية، لكن هذا سيتطلب كثيراً من الجهد الفني الذي بالكاد بدأ.

الصين المحرك الأول 

ويجادل بعضهم بأنه من خلال البدء مبكراً تتمتع الصين "بميزة المحرك الأول" في إنشاء معايير العملة الرقمية في المستقبل، وعلى الأرجح ستطغى تأثيرات الشبكة عليها. 

وكانت الصين قد بدأت تجارب على المدفوعات مع هونغ كونغ وتايلاند والإمارات، لكن سبعة بنوك مركزية رئيسة، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، انضمت إلى بنك التسويات الدولية لوضع معايير العملة الرقمية، وبالتالي فمن المؤكد أن أي جهد من جانب هذه المجموعة لبناء شبكة مدفوعات رقمية سيكون أكثر نجاحاً من مجموعة من البنوك المركزية الأصغر التي تدير نظاماً مبنياً حول العملة الصينية القابلة للتحويل جزئياً.

واستجابة لنصيحة الخبراء بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يرفعون وتيرة العملات الرقمية، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن أمراً تنفيذياً يفرض درس الدولار الرقمي، لكن الهدف يجب أن يكون بناء نظام مدفوعات حديث بعناية يجمع بين الكفاءة والخصوصية، وليس لدرء تهديد وهمي من الصين لهيمنة الدولار.

اقرأ المزيد

المزيد من عملات رقمية