Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تمييز وحرمان بالمدارس التونسية في اليوم الوطني للباس التقليدي

شهد الاحتفال به هذا العام ممارسات أثارت غضب رواد وسائل التواصل الاجتماعي

احتفال إحدى رياض الأطفال باليوم الوطني للباس التقليدي (اندبندنت عربية)

عندما يتحوّل الاحتفاء باللباس التقليدي في تونس إلى مناسبة تُكرّس التمييز الاجتماعي بين أطفال المدارس، وتشعر بعضهم بالحرمان، فإن مظاهر الفرح والاحتفال بهذا اليوم تصبح عبئاً اقتصادياً على العائلات محدودة الدخل وذكرى سيئة في أذهان بعض الأطفال. 

وشهد الاحتفال هذه السنة ممارسات أثارت غضب رواد وسائل التواصل الاجتماعي، فنشر الصحافي أسامة السعفي في تدوينة له تفاصيل مكالمة هاتفية جمعته بمواطنة قالت إن المسؤولين في مدرسة ابنتها منعوا الأطفال الذين لم يرتدوا لباساً تقليدياً من الاحتفال مع بقية زملائهم باليوم الوطني، وقالت المرأة إنها لم تستطع توفير اللباس التقليدي لابنتها ذات السنوات التسع بسبب عدم قدرتها على توفير المبلغ، ما أثار حزناً كبيراً في نفسية الطفلة.

الحادثة أثارت تساؤلات كبيرة على الهدف من هذه المناسبة، كما ندّد البعض المبالغة التي ميّزت الاحتفالات بهذه المناسبة في السنوات الأخيرة، رافضين تحميل أولياء الأمور مصاريف إضافية. 

حرمان وتمييز 

وتفاعلت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، آمال موسى بلحاج، مع هذا الجدل الحاصل، وكتبت تدوينة أوضحت فيها موقفها من هذا الاحتفال قائلة، "إن طلب ارتداء اللباس التقليدي من أطفالنا يرمي إلى التعريف ببُعد من أبعاد الهوية والحضارة التونسية"، لكنها ترى أن "هذا الطلب ينطوي على تكلفة اقتصادية ليست كل العائلات قادرة على تلبيتها"، مضيفة، "لا نريد لليوم الوطني للباس التقليدي أن يكون مناسبة للتمييز الاقتصادي بين الأطفال، وأن يشعر الطفل الذي لا تستطيع أسرته تأمين اللباس التقليدي بالحرمان والتمييز، وأن يجتاحه الشعور بالغبن ويحمل في ذاكرته شعوراً سلبياً إزاء اللباس التقليدي".

واقترحت وزيرة المرأة والطفولة بأنه، "يكفي أن ترتدي المربية والمربي والمعلم والمعلمة والأستاذ والأستاذة اللباس التقليدي في اليوم الوطني للباس التقليدي حتى تصل الرسالة أو تقديم ومضة تثقيفية في مؤسسات الطفولة والمدارس ليتعرف أطفالنا على اللباس التقليدي ويفهموا أن اللباس هو مظهر من مظاهر تقاليد الشعوب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحتفل تونس في 16 مارس (آذار) من كل عام باليوم الوطني للباس التقليدي، وهو يوم احتفال سنوي يرتدي فيه التونسيون لباساً تقليدياً في المؤسسات العمومية، مثل المدارس والمعاهد والجامعات ورياض الأطفال، وتم تقديم الاحتفال به هذه السنة بسبب عطلة الثلاثي الثاني. 

ويُعد الاحتفال فرصة لتشجيع الناشئة على التعرف على هذا اللباس والحفاظ عليه خوفاً من الاندثار، ويهدف هذا الاحتفال أيضاً إلى رد الاعتبار للباس التقليدي والتّشجيع على الاستثمار في مجال الصناعات التقليدية.

وعلق الفنان التونسي الناصر صمود على تصريح وزيرة الأسرة والمرأة قائلاً، "من هنا نبدأ في التفكير الصحيح وفي أهداف ومخلفات كل فعل ثقافي وحضاري أو تنشيطي أو تربوي"، مستدركاً، "على الرغم من أن حسن النية هي الغالبة، فإن حُسن النية لا يكفي لبناء المجتمعات. وأن يأتي هذا الطرح من مسؤول سامٍ في الدولة فأعتقد أننا على الطريق الصحيح".

مبادرة وطنية

من جهة أخرى، قال حمادي الجويني (موظف)، إن "الاحتفال باللباس التقليدي مبادرة وطنية تستحق الدعم والتشجيع، فهي تسهم في غرس الشعور بالانتماء إلى الوطن عن طريق اللباس كخصوصية تونسية، وتسهم أيضاً في تنشيط قطاع الصناعات التقليدية التونسية والتعريف بها وتثمينها". ويضيف الجويني، "نريد أن لا تقف هذه المبادرة على أيام محددة، بل يجب أن تتجاوز إلى التزام وطني بالثقافة التونسية في كل معانيها"، مواصلاً، "لا يجب أن تكون هذه الظاهرة عبء على العائلات الفقيرة، بل يجب أن تكون مناسبة فرح لجميع الطبقات الاجتماعية"، مقترحاً فرض لباس موحد من أجل الاحتفال، وأن لا يكون مرتفع الثمن. 

أما هشام فنينة (مدرس) فيرى أنه "من الأفضل أن نفكر في دعم الصناعة الوطنية وإعادة إحياء اللباس التقليدي في إطار خطة شاملة". 

من جهته، يقول أمين بلكحلة، ناشط في المجتمع المدني، "كان على وزارة التربية أن تنتبه لهذا التمييز الذي سبّبته ظاهرة الاحتفال باللباس التقليدي في المدارس، قبل وقوعه"، مضيفاً، "نحن كمجتمع مدني تدخّلنا لشراء بعض الملابس، بخاصة للأطفال الأيتام، حتى لا يشعروا بالحرمان والتمييز".

ومن جانب معاكس، تقول جوري (مربية في أحد رياض أطفال)، "لقد بذلنا ما في وسعنا وأكثر لرسم ضحكة وفرحة على وجوه أطفالنا وبناتنا"، مواصلة، " لقد حاولنا جاهدات من أجل بعث الفرحة للاحتفال بموروثنا وعادات أجدادنا". ويعرف اللباس التقليدي التونسي تنوعاً بحسب الجهات، ويُعد سعره مرتفعاً مقابل اللباس العادي، لأنه يُصنع يدوياً، ويتطلب وقتاً طويلاً لصُنعه، ويُصنع من مكونات ثمينة نسبياً كنوعية الخيوط وبعض المكونات الأخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير