Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في اليمن... الانقسام سلب العيد بهجته

للمرة الأولى في تاريخ البلد الواحد يصوم جزء ويفطر جزء آخر منه

الظروف الاقتصادية الصعبة حالت دون تمكن الكثيرين من اليمنيين من شراء حلويات العيد (رويترز)

للعيد عند اليمنيين، بهجة من نوع فريد ارتبطت بهم منذ القدم في عادات متوارثة من الآباء ظلت محتفظة برونق حضورها على الرغم من تقادم السنين.

ووسط الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد جراء الحرب الدائرة منذ أكثر من أربع سنوات، والتي ألقت بظلالها على كل شيء، إلا أن العيد يحمل معه تجليات أظهرت الفرح الضائع بين ركام الحرب والأسى في بلد مزقته الصراعات الدامية وأنهكته الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

الانقسام يسلب العيد بريقه

وحمل إعلان جماعة الحوثي تأجيل العيد يوماً آخر في العاصمة صنعاء والمحافظات التي يسيطرون عليها، مخالفة منها لإعلان السعودية والحكومة الشرعية، موجة سخط غير مسبوقة، إذ للمرة الأولى في تاريخ البلد الواحد يصوم جزء، ويُعلن العيد في الجزء الآخر منه.

وكانت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة للحكومة المعترف بها، قد قالت في بيان، إنه تأكدت رؤية هلال شوال، وحددت الثلاثاء الماضي الرابع من يونيو (حزيران) كأول أيام العيد، بينما قالت لجنة الأهلة، التابعة لجماعة الحوثي، إنه تعذر رؤية هلال شوال، ومن ثم فإن الثلاثاء هو المتمم لرمضان، والأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.

وأمام هذا الاختلاف، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي، بالحديث عن الموضوع الذي شكل مادة دسمة للتندر والسخرية لدى الكثيرين من اليمنيين، الى حد اقتراح البعض الصيام نصف يوم، والافطار في النصف الآخر، إرضاءً للطرفين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العيد بهجة اجتماعية بامتياز

وتتميز عادات العيد في كل محافظة يمنية عن الأخرى في بعض التفاصيل الصغيرة، غير أن جوهر المناسبة الدينية الفضيلة، يظل موحداً إلى حدٍ بعيد تميزه العادات الاجتماعية مثل الزيارات المتبادلة وتوزيع العيديات وصناعة الحلويات الخاصة بالعيد التي تنشغل بإعدادها النساء قُبيل العيد.

ويحرص اليمنيون على الالتقاء وقضاء أيام العيد بين أهاليهم وأقربائهم بعد أن يعودوا من المدن أو البلدان التي يقطنون فيها إلى قراهم ومناطقهم لقضاء عطلة العيد بين الأهل والأقرباء، كامتداد للترابط الاسري القوي الذي يميز المجتمع اليمني، وخصوصاً في الأعياد، غير أن هذه العادة قلت كثيراً بسبب الظروف الصعبة التي خلفتها الحرب.

العيديات

ويحرص ربّ الأسرة على اصطحاب أبنائه في الصباح الباكر، والذهاب إلى المصليات العامة والمساجد لأداء صلاة العيد بينما تنشغل النساء بتجهيز البيت، بعد ان يتزينّ بملابسهن الجديدة والنقش بالخضاب أو الحناء الذي يزين سواعدهن وكفوفهن. وبعد تناول طعام الإفطار، يتجه الجميع، رجالاً ونساء، لقضاء اليوم في منزل كبير الأسرة، بينما يلتقي الأطفال بجوار المنازل يلهون ويمرحون ويستعرضون "العيديات" التي حصلوا عليها.

وهنا تحظى النساء والأطفال بنصيب الأسد من العيديات، من جميع أقربائهن الرجال تقريباً، كواجب يعبّر عن التراحم والصلة الأسرية التي يجسدها اليمنيون في الأعياد خصوصاً. وفي الارياف، يخرج الشباب الى الوديان لممارسة هواية القنص بالرصاص الحي كهواية يمنية توارثوها منذ القدم.

 وجبات الإفطار العيدية

ويقدم اليمنيون الحلويات للزوار أو "جعالة العيد" كما يُطلق عليها في مناطق شمال اليمن، المكونة من الزبيب واللوز اليمني والفستق والكعك وبعض المكسرات، بينما يُقدم للضيوف، في بعض المناطق الشرقية، وجبات الإفطار العيدية مثل المعصوب مع السمن والعسل، وهي وجبات مكونة من الخبز البلدي والعسل.

غير أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلد حالت دون تمكن الكثيرين من الأهالي من شراء حلويات العيد نظراً للارتفاع الكبير في أسعارها مقارنة بما كانت عليه سابقاً.

متعة باتت ترفاً

وتقول الكاتبة والباحثة الاجتماعية عبير بدر إن حلويات العيد كانت تحظى بحضور مهيب في البيت اليمني في العيد، قبل أن تتحول هذه المتعة الاجتماعية إلى "ترف مكلف"، وتضيف "كانت ربة البيت في العيد تحرص على اختيار المنتجات الأعلى قيمة وجودة، وتتفنّن في تنسيق الصحون عند تقديمها بطريقة جميلة قبل أن تتحول هذه المتعة، بعد الحرب، الى رفاهية مكلفة على كاهل معظم الأسر اليمنية".

وتتابع "حتى عندما تتوفر النقود، فتفضل الأسرة اليوم، ادّخارها على إنفاقها في حلويات العيد، فهناك أولويات أضحت أكثر أهمية وشعور دائم بعدم الأمان نظراً للانعكاسات الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد".

البحر الملاذ الوحيد

ومنذ اندلاع الحرب التي دخلت عامها الخامس، يجد اليمنيون صعوبة بالغة في ارتياد الحدائق العامة والمتنزهات لقضاء بعض الوقت مع عائلاتهم وأطفالهم في العيد، نظراً لغياب الصيانة عن معظمها وإغلاق بعضها والزحام الشديد على ما هو متاح منها، إذ لا دور ثقافية ولا سينما ولا أندية...

وفي عدن، يعد البحر المتنفس المتاح الوحيد للناس، غير أن المواطنين الذين يقصدون سواحله، يشكون من اجراءات أمنية مشددة تبديها السلطات الأمنية في المدينة بحجة وجود مواقع عسكرية ومبان حكومية مستحدثة، تصل أحياناً لدرجة التعسف، الأمر الذي دفع بأحد المواطنين منصور ناجي، لقضاء معظم وقته وعائلته في المنزل، ويوضح ناجي أنه آثر تحمل الحرّ داخل بيته، على المضايقات الأمنية التي عانى منها أخيراً وهو يقصد خليج "جولد مور" بصحبة أسرته وأطفاله.

الغلاء

وعبّر عدد من المواطنين من امتعاضهم جراء الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر الدخول في حدائق مدينة عدن التي شهدت قيمتها ارتفاعاً يوازي ضعفي سعرها عما كانت عليه قبل الحرب، ويقول أحد اليمنيين ناصر الصمي إنه اضطر للاستدانة لمواجهة جزء يسير من التزاماته تجاه أولاده الأربعة الذين تعودوا في كل على الذهاب إلى حدائق الألعاب، ويضيف "هذه الأعباء لا يقدر عليها موظف حكومي مثله في ظل غلاء كبير للمواد الغذائية والأساسيات الأخرى".

ويؤكد خالد القميشي، وهو موظف بيع في إحدى حدائق عدن، أن إقبال الأهالي على الحدائق وألعاب الملاهي انخفض بشكل كبير، وعن السبب يجيب "الغلاء والوضع الاقتصادي للناس".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات