Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعذيب في الأردن... جريمة بلا عقاب

4 وفيات و135 شكوى في العامين الماضيين لكن من دون إدانة أحد

مركز إصلاح وتأهيل الزرقاء في شمال شرقي العاصمة عمان (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

يتسم الحديث عن وجود تعذيب في السجون الأردنية بكثير من الحساسية المفرطة لدى الجهات الرسمية التي تدافع عن سجلها بأنه ناصع البياض مقارنة بدول أخرى مجاورة، وذلك خلافاً لما يصدر عن مؤسسات حقوقية بشكل دوري، ويتحدث عن وجود التعذيب على أرض الواقع وإفلات الجناة من العقاب بشكل ممنهج، بينما يراه آخرون مجرد حالات فردية.

ويكشف تقرير مؤشر التعذيب في الأردن للعامين الماضيين، الذي أطلقه مركز "عدالة" لدراسات حقوق الإنسان، عن وفاة أربعة أشخاص في المملكة نتيجة التعذيب أثناء التوقيف والاحتجاز، في حين تقدم 135 شخصاً بشكاوى من تعرضهم للتعذيب خلال الفترة نفسها.

وعلى الرغم من مصادقة الأردن على اتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية، فإن التدابير التشريعية والتنفيذية والقضائية ليست كافية، إذ لا يقتصر التعذيب على السجون ومراكز الشرطة وإنما يمتد أيضاً إلى مرافق الصحة النفسية ومراكز احتجاز الأحداث والمهاجرين.

الإدانة غائبة 

ووفق التقرير، فإنه لم يتم إدانة أي شخص بتهمة التعذيب في المملكة، وعلى الرغم من انخفاض عدد الموقوفين إدارياً عام 2020 إلى نحو 21 ألف نزيل، مقارنة بـ38 ألف نزيل في عام 2019 فإن الممارسات التي تنطوي على التعذيب وإساءة المعاملة لم تتوقف.

وعلى الرغم من مصادقة الأردن على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1991 فإنه لم يصدر أي حكم من أية محكمة من محاكم المملكة بإدانة أي موظف بارتكاب جريمة التعذيب مع ورود مئات الشكاوى.

ووفقاً لمراقبين فإن معظم أوقات التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، خلال فترة احتجاز الشخص، كالتوقيف والحبس الانفرادي. ومن أشكال التعذيب التي يتحدث عنها التقرير حرمان الحق بالاستعانة بمحامٍ، والاتصال بالعالم الخارجي.

ويركز التقرير على معضلة إفلات الجناة من العقاب، بسبب عوامل عديدة من بينها البيئة السياسية العامة التي لا تعمل بشكل كامل لمنع التعذيب. فضلاً عن عدم احترام سيادة القانون، والبيئة الاجتماعية التي تؤيد ثقافة العنف بحق المساجين.

تشريعات قاصرة

تتسم تدابير الحماية القانونية التي يوفرها الأردن لمنع التعذيب بالضعف، إذ لا تزيد نسبتها على 14 في المئة فقط. كما تظهر المؤشرات وجود فجوة في التشريعات المعنية بحماية الحق في السلامة البدنية، وهو ما انعكس على صعيد ملاحقة مرتكبي هذه التجاوزات.

فضلاً عن إهمال وتأخير حق الاستعانة بمحامٍ للمتهمين، يواجه المحامون قيوداً عملية تمنع وصولهم الفعّال إلى الأماكن التي يُحتجز الأشخاص فيها، ولا سيما في مرحلة التحقيق الأولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يشتكي المحتجزون من سوء وجبات الطعام، وعدم نظافة المرافق الصحية، وتوقيف الأحداث مع البالغين، ومنع المحتجزين من الاتصال مع العالم الخارجي، وعدم تسهيل وسائل الاتصال لإبلاغ عائلاتهم عن مكان وجودهم. وتتهم التقارير الحقوقية الجهات الرسمية بالإفراط في الاعتماد على اعترافات غير موثوقة، وتستند إلى ممارسة التعذيب.

ويقول رئيس مركز عدالة لحقوق الإنسان عاصم ربابعة، إن جريمة التعذيب ما زالت تخضع للتقادم، وللعفو بموجب القوانين الأردنية النافذة، وهو ما يشكل مخالفة لأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب، كما أن الحق في الإنصاف والتعويض يواجه بالعديد من العقبات التشريعية والعملية.

وشهد عام 2019 صدور قانون العفو العام، ولم يتم استثناء جريمة التعذيب باعتبارها من الجرائم الخطيرة التي يجب ألا تسقط بالتقادم.

لكن على الرغم من ذلك تم العفو عن عدد من الأشخاص المتهمين بممارسة التعذيب، وتم وقف ملاحقتهم عن جرم التعذيب لشموله بأحكام قانون العفو العام، مما أسهم بإفلاتهم من العقاب.

مكانك سر 

يؤكد نضال منصور، الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين، أن التقارير الوطنية لحالة حقوق الإنسان لا تهدف إلى مواجهة مع الحكومة بل تهدف إلى استكشاف التحديات ومواطن الخلل لإحقاق العدل ومنع الإفلات من العقاب.

ويضيف "التعذيب ممارسة موجودة في أكثر دول العالم، وهي ممارسة شائعة في العالم العربي، وفي الأردن يقر المركز الوطني لحقوق الإنسان بهذه الممارسة، بحق المحتجزين والموقوفين والسجناء، لكن هؤلاء لا يتحدثون عما تعرضوا له، وينتابهم شعور بالخزي من طريقة استجوابهم".

ويرى منصور أن الأردن ليس دولة "مارقة" لا تلتفت إلى قضايا حقوق الإنسان، بل ربما قد تكون من أفضل دول العالم العربي التي تتعامل بإيجابية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بخاصة مع إنشاء موقع المنسق الحكومي العام لحقوق الإنسان، وفريق لحقوق الإنسان عابر لمؤسسات الدولة، لكن الإشكالية هي محاولات التنصل وضعف الإرادة السياسية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، ومحاسبة من يرتكبها.

كورونا بيئة خصبة

يؤكد مركز عدالة لحقوق الانسان أن أوضاع الاحتجاز أثناء جائحة كورونا شكلت بيئة خصبة للممارسات غير الإنسانية، بسبب الإجراءات المتخذة كفرض حظر التجوال وعدم السماح بتنقل معظم المواطنين خلال فترة الحظر، وظروف وأوضاع المحتجزين أثناء احتجازهم وتعرضهم لانتهاكات تمس الصحة والسلامة العامة والكرامة الإنسانية، إذ كشفت بعض الادعاءات عن تعرض بعض الأشخاص الذين خرقوا أمر الدفاع إلى عمليات تفتيش تمس الكرامة الإنسانية وترقى إلى سوء معاملة وتنتهك حقوقهم، كما اشتكى عدد من المحتجزين من عدم توفير وسائل الصحة والسلامة العامة، ومنع المحتجزين من الاتصال مع العالم الخارجي وعدم تسهيل وسائل الاتصال بعائلاتهم.
 
الأرقام الرسمية

بدوره يتحدث المركز الوطني لحقوق الإنسان، وهو مركز رسمي تابع للحكومة الأردنية، عن وجود حالات متعلقة بقضايا التعذيب وسوء المعاملة، لكنه يقول إنه لم ترده أي شكاوى بحق العاملين في مديرية الأمن العام متعلقة بالتعذيب والمعاملة القاسية.

وبلغ عدد الشكاوى بحق المحتجزين في مراكز التوقيف 37 شكوى في عام 2020، أما قضايا سوء المعاملة المرتكبة بحق نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل عام 2020، فقد بلغت 42 قضية، ومنعت محاكمة 35 شخصاً من قبل المدعي العام الشرطي بينما حوكم سبعة فقط.

ويطالب المركز بحظر أماكن الاحتجاز غير المصرح بها، ومنع الحبس الانفرادي، بالإضافة إلى حق المعتقلين في إبلاغ طرف ثالث، والحق في الوصول إلى طبيب، والمثول أمام قاضٍ، ووضع مدونة سلوك لإجراء الاستجوابات، وتوثيقها بشكل مرئي وصوتي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير