Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تخسر روسيا المعركة الإعلامية للحرب؟

أوكرانيا كانت قريبة من إنتاج السلاح النووي ومخاوف من وقوعها رهينة "أحلام" التشكيلات النازية

يبدو أن الإعلام الروسي موجهاً إلى الداخل لا الخارج في معركة الحرب (أ ف ب)

مؤشرات كثيرة تشير إلى تفوق روسي على صعيد العمليات العسكرية، في الوقت الذي تخسر فيه أجهزتها الإعلامية على خط مواجهة نظرائها من بلدان التحالف الأوروبي - العالمي.

وعلى الرغم من أن كثيرين من القيادات الروسية، منهم سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية، تعزو "تعثر" الإعلام الروسي أمام سطوة نظيره الغربي إلى "محاصرة وسائل الإعلام الروسية، وأن أوروبا والولايات المتحدة تبذلان كل ما بوسعهما لإغلاق أي وسائل إعلام ومصادر معلومات من روسيا"، فإن هناك من الأسباب الموضوعية التي تقول إن الإعلام الروسي يبدو في معظمه "موجهاً إلى الداخل"، في وقت يجنح فيه كثير من رموزه إلى تصفية الحسابات الشخصية مع نظرائهم ممن ينتمون في معظمهم إلى الطائفة اليهودية نفسها، سواء على صعيد الداخل، ومنهم ألكسي فينيديكتوف، رئيس تحرير إذاعة "صدى موسكو"، التي أعلنت انتهاء نشاطها في موسكو، والإعلامي اليهودي الأوكراني المعروف دميتري غوردون وغيرهما من الوجوه المعروفة التي طالما هيمنت على مختلف البرامج الحوارية والإخبارية، بل والثقافية والفنية في كل من البلدين.

الانحياز إلى الغرب

وذلك وسط وقوع عدد من رموز الفن والثقافة والإعلام في شرك الانحياز إلى وجهة النظر الغربية تجاه تفسير الأحداث، وإن بدا ما يشبه الإجماع حول ضرورة وقف الحرب والتحول نحو تسوية الأوضاع عبر الطرق الدبلوماسية والأساليب السياسية، وهو ما لا ترفضه المصادر الرسمية وصانعو القرار في الكرملين، شريطة الاستجابة لما تطرحه موسكو من مقترحات ومخاوف، ثمة من يقول بعدالتها.

الأنباء التي تتوارد من الخارج تقول باعتراف الأوساط الغربية الرسمية بتقدم القوات الروسية ومحاصرة مدن أوكرانية كثيرة، على الرغم من كل ما تتعرض له من اتهامات "جائرة" في كثير من جوانبها بشأن تجاوزات في حق المدنيين. ذلك ما أكده مراسلون غربيون، ومنهم من فرنسا وبولندا.

التصريحات والاعترافات تتدفق من العواصم الغربية، معلنة الاستعداد لوقف إطلاق النار، بعد الاعتراف بتأثير هذه العقوبات على الداخل الأوروبي. وفي هذا الصدد أعلنت مصادر رسمية روسية أن ان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استبق الجولة الثانية من مباحثات الوفدين الروسي والأوكراني في بيلاروس، بسلسلة من الاتصالات الهاتفية مع كل من الرئيسين فلاديمير بوتين، وفلاديمير زيلينسكي، حاول فيها التقريب بين مواقف الطرفين، والتعجيل بانعقاد هذه الجولة.

محاولات كسب الوقت

وفيما بدا واضحاً أن الوفد الأوكراني يماطل في الوصول إلى مقر المباحثات، ويعرض ما يبدو شروطاً تعجيزية تقف دوائر غربية وراء طرحها، ومنها اختيار الأراضي البولندية موقعاً للمباحثات، كشفت المصادر الروسية عن أن الرئيس بوتين أبلغ نظيره الفرنسي أن "محاولات كسب الوقت من خلال إطالة أمد المفاوضات لن تؤدي إلا إلى مطالب إضافية على كييف في موقفنا التفاوضي".

وأضافت مصادر الكرملين، في بيانها الصادر بهذا الصدد، أن الزعيم الروسي أخبر نظيره الفرنسي أنه لم تكن هناك كلمة واحدة في مناشدته حول تخريب القيادة الأوكرانية اتفاقيات مينسك لمدة سبع سنوات، إلى جانب تأكيد أن الجانب الروسي سيواصل "قتالاً لا هوادة فيه ضد التشكيلات القومية".

وكان سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أضاف إلى ما قاله بوتين وجهة النظر الروسية التي تقول إنه "سيجري إيجاد حل للوضع في أوكرانيا"، مؤكداً استعداد موسكو للتفاوض، لكنه قال في الوقت نفسه باستمرار العملية العسكرية حتى نزع سلاح أوكرانيا.

ومضى لافروف، "إن موسكو لن تسمح بوجود تهديد بشن هجوم مباشر على روسيا ينطلق من أراضي أوكرانيا"، منتقداً السلطات الأوكرانية التي قال إنها تستعين بقتلة حقيقيين، وأن القوميين المتطرفين يتصرفون كقطاع الطرق في دونباس. مضيفاً "روسيا لن تسمح بانتهاك مصالحها وبتهديد أمنها، وشدد على أن الغرب لا يستطيع أن يقرر بدل موسكو، ويحدد ما هو مطلوب لضمان أمن روسيا".

وفي محاولة لتعويض القصور الروسي على صعيد الإعلام يحرص الوزير لافروف على توضيح الكثير مما يبدو "غائباً" عن أذهان المتلقي الغربي بقوله "بالنسبة إلينا لا يوجد تصعيد من أجل التصعيد، كما يحاول المحللون الغربيون أن ينسبوا إلينا. والحديث عن الحرب النووية جارٍ الآن. أطلب منكم النظر بعناية شديدة في البيانات التي جرى الإدلاء بها، وفي الشخصيات التي أدلت بهذه التصريحات"، مشيراً إلى أن الحديث عن حرب عالمية ثالثة، وعن الأسلحة النووية "الغرب هو من بادر به".

ولعل ذلك ما تحاول موسكو تحقيقه من خلال المفاوضات التي بدأت في بيلاروس، وإن كانت لم تتوصل بعد إلى الحلول المنشودة من جانب طرفيها، وإن توصلت الجولة الثانية إلى "تصورات مشتركة" فيما يتعلق بعدد من القضايا الإنسانية، ومنها التهدئة في مناطق محددة، وتوفير ممرات لخروج المدنيين، حسب فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي، ومستشار الرئيس بوتين.

ثلاثة محاور

وكشف ميدينسكي عن أن المباحثات تتناول ثلاثة محاور، وهي "القضية العسكرية، والقضايا الإنسانية، إلى جانب المسألة الثالثة، وتتعلق بقضية التسوية السياسية المستقبلية للصراع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن جانبه أكد ممثل الوفد الأوكراني، ميخائيل بودولياك، تحقيق بعض الاتفاقات في الجوانب الإنسانية. مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الجولة الثانية من المفاوضات لم تحقق النتائج التي كان يأملها الجانب الأوكراني. أما عن تقدير الكرملين، فقد كشفت عنه المصادر الرسمية بقوله "إن التفاهم الذي توصلت إليه روسيا وأوكرانيا بشأن القضايا الإنسانية في مثل هذا الوضع مهم جداً".

وتأتي هذه الأخبار على خلفية ما قد يبدو جنوحاً نحو التهدئة من جانب عديد من المسؤولين الغربيين، منهم المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي قال بعدم وجود "خطط لنشر صواريخ الناتو في أوكرانيا". مشيراً إلى أنه "سيكون من الصواب والمعقول أن تقبل روسيا الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لا سيما استئناف محادثات الحد من التسلح".

وأضاف شولتز بعبثية مخاوف الجانب الروسي التي كان أوجزها بوتين في مطالب بلاده الأمنية التي أودعها رسائله إلى الإدارة الأميركية في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومنها ما يتعلق بنشر الصواريخ الاستراتيجية في أوكرانيا، وضمها إلى "الناتو".

وتابع، في تصريحات صحافية، "إن عدم قبول أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان خطوة صحيحة، وأكد أن هذه المسألة لم تكن وليست مطروحة على جدول الأعمال". وعاد ليقول "مسألة انضمام جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي لا يمكن الحديث عنها الآن، قبل تهدئة الوضع في أوكرانيا".

أما البيت الأبيض فقد فاجأ الأوساط السياسية والإعلامية بما أدلت به جين بساكي، الناطقة الرسمية باسمه، التي كشفت عن عدم وجود خطط لإقامة "منطقة حظر طيران" في أوكرانيا، نظراً إلى أن "واشنطن تعتقد أن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا سيستلزم ضرورة قيام الولايات المتحدة بإسقاط الطائرات العسكرية الروسية التي تحلق فوق البلاد، وهو ما سيعني بدء حرب مع الاتحاد الروسي".

وأضافت بساكي، "هذا بالضبط ما نريد تجنبه، لأنه سيجرنا إلى حرب مع روسيا، ونحن لا نريد الحرب معها". لكنها ورغماً عن ذلك أوردت عدداً من الشروط التي تعتبرها موسكو بعيدة عن الحلول الوسط، ومنها ما يتعلق "بمشاركة روسيا في إعادة بناء أوكرانيا واعترافها بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، فضلاً عن حقها في الوجود، على اعتبار أن روسيا ترفض حق أوكرانيا في الوجود"، حسب وكالة أنباء "تاس".

غير أن القضية الأكثر أهمية وتظل في صدارة اهتمامات المواطن الروسي، تتعلق بمواقيت التوصل إلى وقف إطلاق النار والتحول نحو مباحثات التسوية، بعيداً من التصعيد، وتجنيد المرتزقة، وتوزيع الأسلحة على المواطنين بكل ما يتعلق بذلك من تبعات "كارثية" في بعض جوانبها.

الفيلق الأممي

ومن هنا، تتصاعد المخاوف من استمرار محاولات تشكيل ما يسمى بـ"الفيلق الأممي" وما يتعلق بذلك من تجنيد المواطنين الأجانب، ودعوة المرتزقة من الخارج، وهو ما أشرنا إليه في تقارير سابقة من موسكو.

وكانت وزارة الخارجية السنغالية قد أعلنت احتجاجها ضد محاولات تجنيد طلبتها ضمن التشكيلات المسلحة الأوكرانية، إلى جانب ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية عن استدعاء الملحق العسكري لسفارة كرواتيا في موسكو، لتعلنه احتجاجاتها بشأن إرسال المرتزقة من كرواتيا إلى أوكرانيا.

كما حذر الرئيس بوتين من مغبة إرسال "المتطوعين" من منطقة الشرق الأوسط، في إشارة إلى ما سبق الكشف عنه من "تجنيد" الإرهابيين من فلول "داعش" و"جبهة النصرة" وتنظيمات إرهابية أخرى للقتال في أوكرانيا تحت رعاية بلدان غربية، حسب المصادر الروسية. وذلك فضلاً عما توارد من أخبار حول تعنت وتشدد فصائل القوميين المتطرفين ممن يسمونهم "النازيين الجدد"، بما يرتكبونه من جرائم، من دون اعتبار لأي توجهات أوكرانية نحو الابتعاد عن مثل هذه "الأساليب" الفاشية النازية.

وقد تناول مراسلون غربيون هذه الممارسات في تقاريرهم التي لم تلقَ الأصداء اللازمة ليس في أوروبا والولايات المتحدة وحدهما. ومنها ما أعده صحافيان بولنديان حول نشاط فصائل القوميين المتطرفين من غرب أوكرانيا التي تعود تبعيتها إلى الأراضي البولندية، منذ اقتطاعها بموجب نتائج الحرب العالمية الثانية، وجرى ضمها إلى أوكرانيا مع أرض مجرية ورومانية أخرى.

وفي هذا الصدد، يشير المراقبون في العاصمة الروسية إلى أن الرئيس الأوكراني وعكس ما يبدو، لا يملك من أمر بلاده شيئاً، وأنه يظل في دائرة التبعية لما يصدر عن البيت الأبيض من قرارات وتصريحات. وذلك في توقيت يعرب فيه كثيرون عن مخاوف توصل أوكرانيا إلى إنتاج الأسلحة النووية بمساعدات غربية.

إنتاج أسلحة نووية

وفي هذا الشأن، أعلن سيرغي ناريشكين، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، أن الولايات المتحدة كانت على علم بخطط أوكرانية لإنتاج أسلحة نووية، لكنها لم تتدخل. وكشف عن "أن كييف احتفظت بالإمكانات التقنية لإنتاج أسلحة نووية. وهذه القدرات أعلى بكثير من تلك الموجودة في إيران أو كوريا الشمالية".

وأكد ناريشكين أن السياسيين الغربيين يسمون ما يحدث "حرباً باردة جديدة"، غير أنه بالنسبة إلى روسيا هذه الحرب "ساخنة" بالفعل. وحذر المسؤول الروسي من مغبة استمرار محاولات الغرب الرامية "ليس فقط إحاطة روسيا بستار حديدي جديد، بل وأيضاً تدمير روسيا الاتحادية".

وأكد المسؤول الروسي أن "الوضع المحايد لأوكرانيا أمر مهم جداً بالنسبة إلى روسيا، فهو حاجز ضروري لصد الهجمات من الغرب". وكشف عن "عبثية" ما يراود الغربيين من آمال في "أن تتورط روسيا بعمليتها في أوكرانيا، لكن هذا لن يحدث"، على حد تعبيره.

ترويج "الأخبار المكذوبة"

وعلى صعيد العمليات القتالية، التي تختلط حقائقها ومفرداتها بكثير من "الأخبار المكذوبة"، على وقع تسابق مختلف وكالات الأخبار والأجهزة الإعلامية في نشر المثير منها، من دون اعتبار لمدى العواقب الكارثية التي تلحق ببسطاء المواطنين من الجانبين. فمن اللافت أن هذه القضية تشغل حيزاً كبيراً من اهتمامات السلطات الروسية التي استصدرت القوانين اللازمة لمحاسبة المتورطين في ترويج "الأخبار المكذوبة"، وملاحقتهم "جنائياً"، رداً على الحملة الإعلامية المضادة من الداخل والخارج على حد سواء.

وكشفت المصادر الروسية الرسمية عن رصد الأجهزة الغربية عشرات الملايين من الدولارات لتمويل هذه الحملات غير المسبوقة. وتأكيداً لعدالة ما تنشره المصادر الروسية من حقائق استشهد التلفزيون الروسي بعدد من التحقيقات التلفزيونية البولندية والفرنسية، ومنها ما أكدته المراسلة الصحافية الفرنسية آن لور بونيل، الموجودة في منطقة الدونباس خلال مداخلتها على قناة "سي نيوز" الفرنسية حول أن القوات الأوكرانية هي من تشن قصفاً عنيفاً على الدونباس. وأضافت أنها في طريقها إلى دونيتسك، مؤكدة أن القصف هناك يصدر عن الجانب الأوكراني.

وأعربت الصحافية الفرنسية عن أسفها من "أنها تصدم المتابعين والجميع، لكنها الحقيقة".  واستطردت لتقول "أنا لست طرفاً، ولا أدافع عن بوتين لكنها الحقيقة. أنا قريبة من المدنيين. أنا لا أتخذ موقفاً. ببساطة ما أقوله هو الحقيقة والواقع أن الجيش الأوكراني يقصف شعبه والأطفال منذ أشهر يعيشون في الملاجئ تحت الأرض. وأعادت الصحافية الفرنسية إلى الأذهان بعضاً مما يدور هناك منذ عام 2015، الذي اعتبرته "دليلاً على جرائم ضد الإنسانية، وأنها تتحمل مسؤولية ما تقول، وتدعو الجميع إلى أن ينظروا إليها".

وفي السياق نفسه، يمكن الاستشهاد بما صدر من وزارة الدفاع الروسية حول أن "القوميين الأوكرانيين قاموا بمحاولة استفزاز وحشية قرب محطة زابوروجيه النووية، وحاولوا إضرام النار فيها".

ونقلت وكالة أنباء "إنترفاكس" عن المصادر الروسية ما قالته حول أن "منشأة زابوروجيه النووية لتوليد الكهرباء تحت سيطرة القوات الروسية وهي تعمل بشكل طبيعي". وقالت إن "مجموعة تخريبية تسللت إلى فناء المحطة، وحاولت إضرام النار في المباني التابعة لها، وهو ما تداركته أجهزة الأمن في حينه بما تيسر من إمكانات للسيطرة على الحريق وملاحقة العناصر التخريبية. وذلك ما قد يفسر حرص القوات الروسية ومنذ بداية عمليتها العسكرية على فرض سيطرتها على كل المحطات النووية في أوكرانيا، تحسباً لأي محاولة لتخريبها أو تدميرها من جانبها، وفرض السيطرة على ما تمتلكه من مخزون من الوقود النووي وما تحتاجه صناعة العبوات النووية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير