جرت العادة الموسمية أن يحل فصل الصيف على مدينة غات أقصى الجنوب الليبي، التي تقطنها غالبية من قبائل الطوارق والتبو، مصحوباً بالدفء والحرارة، واعتاد سكان هذه المدينة أن يكون هذا الوقت من السنة جافاً وحاراً، إذ تصل درجات الحرارة إلى حدود الـ 40 درجة مئوية وما فوق.
لكن صيف هذا العام جاء مختلفاً محمّلاً بالأمطار الغزيرة والسيول التي غمرت الحقول والمنازل، وهجرت غالبية عائلات المدينة التي صُنفت منكوبة نتيجة ما حدث .
الأرصاد الجوية الليبية كانت وجهت قبل أيام عدة تحذيرات من احتمال هطول أمطار غزيرة على غات وبعض مناطق جنوب غربي ليبيا، التي تقع ضمن مناطق الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا، ربما لم يعط أهالي غات هذه التحذيرات أهمية كبيرة، وذلك لأنهم اعتادوا على القيض وليس الفيض، في هذا الوقت من كل عام .
ندءات استغاثة
وبعدما لمس أهالي غات حقيقة التحذيرات، أرسلوا نداءات استغاثة متتالية لإنقاذ مدينتهم من الغرق، وقال عميد بلدية غات قوماني صالح إن "السيول التي تجتاح المدينة منذ يوم الإثنين 3 يونيو (حزيران) 2019 في تزايد بعدما غمرت كل المناطق"، مناشداً بلديات المنطقة الجنوبية "بضرورة تقديم دعم عاجل وإرسال سيارات لسحب المياه من مناطق المدينة.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ليبيا "أوتشا" أن "الفيضانات تسببت في حالتي وفاة ونزوح أكثر من ألف شخص"، مشيراً إلى أن "هناك حاجة إغاثية عاجلة لأهالي المناطق المتأثرة جراء السيول والفيضانات وإمداد اهالي هذه المناطق بالمواد الغذائية والملاجئ المؤقتة للنازحين".
مد يد العون
ومع تزايد النداءات لإغاثة غات، سارعت منظمات رسمية وإنسانية لمد يد العون وانتشال أهالي المدينة، وأعلن الهلال الأحمر الليبي فرع غات أن "600 شخص جرى إيواؤهم في المدارس ومراكز حكومية، بسبب السيول التي اجتاحت مناطق وأحياء بالكامل في المدينة، التي يُطلق عليها أهلها جوهرة الصحراء الليبية".
وأفاد الهلال الأحمر في بيان بأن "أعداد النازحين في تزايد ولا تزال بعض العلائلات عالقة جراء السيول"، مضيفاً أن "45 عائلة جرى إجلاؤها من منطقة تنجرابين لإيوائهم في مخيم النازحين في منطقة الـبركت القريبة من المدينة". وأكدت المنظمة أن "منطقة تنجرابين الأكثر تضرراً بعد غرق معظم منازلها".
مساعدات من الوفاق
من جانبها، قالت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق إن "السيول التي اجتاحت مدينة غات، غمرت 70 في المئة من مناطقها وأغرقت أحياء سكنية كاملة وتسببت في خسائر بشرية ومادية، وأدت إلى نزوج عدد كبير من المواطنين إلى أماكن آمنة، بعيداً من الخطر، جراء السيول والفيضانات التي سببتها الأمطار الغزيرة".
وأعلن المفوض في وزارة الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا "تشكيل لجنة لتوفير الحاجات والمستلزمات للمواطنين المتضررين نتيجة السيول والفيضانات في مدينة غات"، بحسب بيان نشرته الوزارة عبر موقعها الرسمي.
ووفقاً للبيان، تلتزم اللجنة "بتوفير الحاجات والمستلزمات بصورة عاجلة لرفع المعاناة عن مدينة غات، ومتابعة الأوضاع في المدينة ومعالجة الأضرار ومساعدة المواطنين المتضررين".
وأشار البيان إلى أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق خصص مبلغ عشرة ملايين دينار، من بند المتفرقات، لصالح وزارة الداخلية لمعالجة الأوضاع في غات.
استجابة الجيران
من جهة أخرى، وصلت قافلة إغاثة عاجلة محمّلة بمساعدات طبية إلى مدينة غات "المنكوبة"، مُرسلة من وزارة الصحة في حكومة الوفاق.
ونقل المكتب الإعلامي للوزارة عن مدير إدارة الشؤون الطبية، الطاهر عبدالعزيز سليمان، قوله "إن القافلة تضم 18 طبيباً وأخصائيّاً ومسعفاً وفنيي مكافحة عدوى وعناصر تمريض وسائقين وثلاث سيارات إسعاف لمساعدة أهالي مدينة غات".
وأوضح سليمان "أن القافلة انطلقت من مستشفى تراغن العام، الذي استجاب للنداء العاجل الذي أطلقه قسم الخدمات الصحية إلى مديري الخدمات الصحية والمستشفيات في مناطق مرزق وأوباري والقطرون وتراغن وسبها، بشأن التنسيق مع مكتب الخدمات الصحية في مدينة غات وتقديم الدعم الطبي المتاح، إلى حين وصول الإمدادت الطبية إلى المدينة عن طريق وزارة الصحة في حكومة الوفاق".
كما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن تشكيل غرفة مُصغرة في مكتب إسعاف مدينة العوينات وتوجيه فرق الإسعاف من المناطق القريبة إلى مدينة غات لاحتواء أزمتها .