Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طوكيو بوابة التنازلات الإيرانية

وساطة يابانية وضوء أميركي اخضر وترقب على خط طهران

لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الورزاء الياباني شينزو آبي الذي سيزور طهران قريباً (أ.ب)

فتحت مواقف مرشد النظام الإيراني علي خامنئي حول حرمة امتلاك السلاح النووي الطريق أمام إمكانية فتح مسار جديد للتفاوض الثنائي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، قد لا تكون ثمرته الوصول إلى اتفاق ينهي حالة التوتر بين الطرفين أو يخرج المنطقة من التوتر الذي تعيشه، بل ستكون مهمته الحد من التصعيد وإبعاد شبح الحرب بانتظار تفاهمات مؤجلة.

موقف خامنئي جاء بعد الموقف الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته العاصمة اليابانية طوكيو، الذي تحدث فيه عن سحب جهود إدارته لتغيير النظام الإيراني ورغبتها في التفاوض مع قيادته الحالية من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن عدم حصول إيران على سلاح نووي.

طهران... وتمهيد الطريق

فعلى الرغم من اللهجة التصعيدية التي تصدر عن القيادة الإيرانية ومرشد النظام برفض أي إمكانية للتفاوض المباشر مع إدارة البيت الأبيض، في ظل الحشود العسكرية والحصار الاقتصادي الخانق، إلا أن ما يكشفه الحراك السياسي والقانوني في النظام الإيراني، يحمل على الاعتقاد بأن النظام في طهران يعمل بجدية من أجل تمهيد الطريق استعداداً لمفاوضات ينكر حدوثها أو انطلاقتها خلف الكواليس وعبر قنوات غير مباشرة تنشط في نقل الرسائل المباشرة بين الطرفين.

تقدم خلف الكواليس

زيارة رئيس الورزاء الياباني شينزو آبي إلى طهران الجمعة في السابع من شهر يونيو (حزيران) الحالي لم تأت في إطار دور ياباني لجس النبض حول إمكانية فتح باب للحوار بين واشنطن وطهران، بل تأتي لترجمة تقدم قد حصل خلف الكواليس لعبت فيه طوكيو دوراً محورياً، وحصلت فيه على ضوء أخضر من البيت الأبيض بالانتقال إلى مرحلة متقدمة من الجهود التي قد تفضي إلى نتائج إيجابية، تقابله ضمانات إيرانية حملها وزير الخارجية محمد جواد ظريف في زيارته إلى طوكيو قبل أيام من زيارة ترمب لها، بجدية النوايا الإيرانية في التوصل إلى تفاهم يساعد في تراجع حدة التوتر والتصعيد، ويفسح الطريق أمام التخفيف من حدة الحصار الاقتصادي الأميركي المفروض عليها.

وقد حمل كلام ترمب إشارات واضحة حول وجود مقترحات إيرانية لعملية التفاوض أطلعه عليها رئيس الوزراء الياباني، عندما تحدث عن اعتقاده بأن إيران تريد التفاوض.

إيران وتفكيك الألغام

الاعتقاد الأقرب إلى الواقع في التجاذبات الإيرانية الأميركية، أن إيران بدأت عملياً بتفكيك الألغام التي زرعتها شروط ترمب في طريق التفاوض، من خلال الانتقال بالبحث في إمكانية دخول البرلمان الإيراني على خط الشرط الأميركي الأساس المتعلق بالطموحات الإيرانية لامتلاك سلاح نووي، والبدء في بحث مسألة تقديم اقتراح قانون لإقراره في البرلمان يحرّم رسمياً السعي وراء تصنيع وامتلاك سلاح نووي، انطلاقاً من الموقف الذي أعلنه خامنئي قبل أسابيع عن حرمة امتلاك هذا النوع من الأسلحة، وحتى يُقال إن طهران عملت بناء على الفتوى الدينية لمرشد النظام وليس استجابة للضغوط والمطالب الأميركية.

ملاقاة الموقف الأميركي

وهذه الخطوة الإيرانية تأتي في إطار ملاقاة الموقف الأميركي في منتصف الطريق في ما يتعلق حصراً ببنود الاتفاق النووي، بعدما تخلى ترمب علناً عن هدف تغيير النظام وعدم رغبته في الحرب، لذلك فمن المتوقع أن تكون الرسالة التي يحملها الوسيط الياباني نقطة انطلاق لهذه المفاوضات، على أساس من الاحترام المتبادل.

ومن المتوقع أن لا تفتح هذه الوساطة الطريق أمام التفاوض على جميع البنود في الاتفاق النووي، وحصرها في ما يتعلق بشق التسهيلات التي حصلت عليها إيران في مجال النشاطات النووية تحت إشراف الدول المشاركة في التوقيع على الاتفاق وبمراقبة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي البحث في فرض المزيد من عمليات التفتيش المباغت وبمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى رفع مستوى السقف الزمني الذي يسمح لإيران بالعودة إلى تفعيل هذه الأنشطة لأكثر من 25 سنة، بدلاً عن 15 سنة.

تخفيف الحصار...

الاستجابة الإيرانية لهذه الآلية، تراهن طهران على دفع واشنطن إلى البدء بعملية تخفيف الحصار الاقتصادي عليها، ليس عن طريق رفع العقوبات أو إلغاء البعض منها، بل في عدم تعميم هذه العقوبات على الدول الأخرى بما يتيح لطهران الحصول على منافذ تسمح لها بالالتفاف على الحصار من دون أن تلحق بالأطراف الأخرى أضراراً من التعامل معها وبما يسمح لها أيضاً في الحصول على بعض أو جزء من عائدات صادراتها النفطية.

والانتقال إلى الملفات الأكثر حساسية لكل من النظام الإيراني والإدارة الأميركية، أي ما يتعلق بالنفوذ الإيراني في الإقليم والفصائل المسلحة التي تعمل تحت إمرتها، وملف عملية السلام في الشرق الأوسط، والبرنامج الصاروخي الأهم في هذا الإطار والمرتبط بكلا الملفين السابقين لما يشكله من تهديد مباشر لأمن واستقرار حلفاء واشنطن في المنطقة، كل ذلك، من المتوقع أن يكون مدار جهود حثيثة من قبل الوسطاء، خصوصاً الوسيط الياباني الذي بدأ بجهوده تحت مظلة من التكليف الأميركي وتأييد روسي وقبول إيراني.

لا نصر كاملاً

ليس من المتوقع أن تثمر هذه المفاوضات في حال انطلقت وستكون ثنائية بين واشنطن وطهران، نتائج سريعة، ومن المحتمل أن تستغرق أكثر من سنة، بحيث لا تقدم طهران نصراً كاملاً للرئيس الأميركي قد يستخدمه أو يستغله في معركته الانتخابية، ولا تكون قد رفضت الجلوس إلى طاولة المفاوضات التي تراهن على "النفس الطويل"، مستفيدةً من تراجع قلق الرئيس ترمب حول الانتخابات في حال عاد إلى الرئاسة، وذلك من أجل الحصول على الحد الأدنى من طموحاتها الإقليمية والصاروخية، من خلال إعادة تنظيم هذا النفوذ فتسقط الذرائع الأميركية حول دوره السلبي، وتقدم ضمانات حول برنامجها الصاروخي من خلال الدفع بالاقتراح الذي كشف عنه وزير خارجيتها محمد جواد ظريف حول معاهدة عدم الاعتداء مع دول الجوار الخليجي كمقدمة للتوصل إلى نظام أمني إقليمي بموافقة واشنطن.

المزيد من آراء