Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطاقة المتجددة مفتاح عدم خسارة أميركا تفوقها على الصين

بين 2010 و2020، أنفقت بكين ضعفي واشنطن في حجم استثمارات التحول في الطاقة ومبادرات استخدام المصادر المتجددة. إذا أردنا الاحتفاظ بدورنا كبلد يوجه دفة العالم، فالأجدى بنا أن نردم هذه الفجوة

مجمع من الألواح الشمسية قرب مدينة هورون، كاليفورنيا (أ ف ب)

تعتزم ولاية لويزيانا، ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في أميركا وموطن أكبر مركز سكاني يتهدده خطر ارتفاع مستوى سطح البحر في البلاد، مضاعفة قدراتها من الطاقة الشمسية عبر إنشاء مزرعة جديدة للطاقة الشمسية، تشكل في الواقع المزرعة الأكبر في الولاية حتى الآن.

وكذلك تتغير الأحوال في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حتى في الولايات التي طالما ناصرت الحزب الجمهوري وتعتمد على صناعات الوقود الأحفوري. إذ تستمد ولاية "داكوتا الشمالية" ثلث كمية الكهرباء التي تستهلكها من مصادر طاقة نظيفة، فيما تمد الرياح مدناً بأسرها في ولاية تكساس بالطاقة. وتعتزم ولاية "فرجينيا الغربية" الشروع في تصنيع حافلات مدرسية كهربائية عديمة الانبعاثات بالكامل.

نعيش مرحلة حاسمة. إذ يتوجب علينا تقليص استخدام الوقود الأحفوري جراء الطابع الملح لتغير المناخ، فيما تسجل تكاليف الطاقة النظيفة هبوطاً حاداً. بين أيدينا الآن فرصة لتصحيح المسار والتحرك سريعاً نحو بناء مستقبل طاقتنا النظيفة. يبدو ذلك عملياً بالنسبة إلى اقتصادنا، وأمننا الوظيفي، والتكاليف، لذا نجد أن مجتمعات كثيرة في شتى المناطق الجغرافية والمذاهب السياسية، سبق أن تبنت نهج التحول في الطاقة [الانتقال إلى وسائل الطاقة البديلة والمستدامة].

بالتالي، تشبه التحولات التي تتخذها الولايات براعم خضراء مفعمة بالأمل بالنسبة إلينا جميعاً، نحن الذين نولي مستقبل الكوكب اهتماماً يفيض حماسة. وليس هذا التوجه قصراً على أميركا. في الحقيقة، الصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي، أينما نظرت، ترى بلاداً تتسابق للتفوق على بعضها بعضاً في البناء والابتكار كي تصبح منارة يهتدى بها في اقتصاد الطاقة النظيفة في العالم. وهوية من سينتهي أولاً ويحل في صدارة [هذا التحول] تخلف تبعات [مترتبعات] على كل العمال وكل مستهلكي الطاقة في بلدنا.

من بين الأمثلة المهمة على المجالات التي يسعنا أن ندخل إليها ابتكارات وتحديثات، نذكر الصناعة الأميركية. بغية تلبية تطلعاتنا في مجال الطاقة النظيفة، علينا أن نعزز قدراتنا التصنيعية المحلية. ويترجم ذلك في زيادة تصنيع مادة البولي سيليكون، ورقائق السيليكون، والخلايا والألواح الشمسية، وأدوات تثبيت المعدات الشمسية وأجهزة تتبع الشمس أو ملاحقتها، إضافة إلى البطاريات وتوربينات الرياح والمكونات المهمة الأخرى. ولحسن الحظ، من شأن التشريعات المتعلقة بالطاقة النظيفة أن تستحدث، مثلاً، خصومات ضريبية كبيرة على الإنتاج بالنسبة إلى معدات الطاقة الشمسية المصنوعة في الولايات المتحدة.

واستكمالاً، لقد مهد تركيز أميركا على الابتكار وحماستها تجاه إيجاد حلول لمشكلات كبيرة، لظهور عصر غير مسبوق من تكوين الثروات والازدهار في القرن العشرين. إذا كنا نتطلع إلى أن نحوز دور الريادة ونجني ثمار التفوق التكنولوجي والاقتصادي في القرن الجاري، علينا الآن أن نفوز بالسباق القائم فعلاً على تكنولوجيا المناخ. إما أن نقود هذا التحول العالمي أو أن نجازف بألا نورث أولادنا كوكباً مستقراً.

ويستتبع ذلك أن المخاطر المجتمعية والبيئية المترتبة على التقاعس عن اتخاذ خطوات في هذا المجال، لا تشبه مخاطر أي أزمة واجهناها سابقاً. في العام الماضي، ضربتنا مجموعة كبيرة من الكوارث المناخية في الولايات المتحدة، شملت موجة حر شديدة في مدينة "سياتل"، وتعطل شبكة الكهرباء في تكساس في خضم العاصفة الشتوية التاريخية، وموسم آخر من الأعاصير المميتة في لويزيانا، وحرائق الغابات المدمرة التي أشعلت الرياح فتيلها في كولورادو شتاءً.

وفي بحث نهضت به "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي"، تبين أن 20 كارثة طبيعية في أقل تقدير، بلغت قيمة الأضرار التي خلفتها كل منها مليار دولار. ويحتمل أن تخسر المرافق الكهربائية أكثر من 40 مليار دولار سنوياً إذا توالت الكوارث الناجمة عن المناخ، علماً أن العملاء مجبرون على تحمل هذه التكلفة.

وفي المقابل، يمتد الأثر الاقتصادي إلى أبعد من تكلفة معالجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية والممتلكات. إذ يحاول كل قطاع من قطاعات اقتصادنا أن يتغلب على تغير المناخ. مثلاً، سيواجه قطاع الماشية والدواجن والمحاصيل الزراعية، بخاصة مربو الحيوانات والمزارعون في الغرب الأوسط والجنوب، تحديات كبيرة للتكيف، مع انخفاض محتمل في العائدات بنسبة تتخطى العشرة في المئة على مدى العقدين المقبلين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع أن تتعرض إنتاجية العمل لضربات هائلة مع التقلبات الشديدة التي نشهدها في درجات الحرارة. من حالات الوفاة المبكرة، إلى التكاليف العلاجية المباشرة، مروراً بالرعاية المستمرة للمرضى في العيادات الخارجية، تتجاوز التكاليف الصحية للأزمة فعلاً 800 مليار دولار في السنة.

واستناداً إلى ذلك، إن الفوز في سباق التحول إلى الطاقة النظيفة لا يخفف من حدة الكوارث البيئية والاقتصادية فحسب، بل يمهد الطريق أيضاً نحو استفادة الأميركيين من طريقة جديدة تماماً في تكوين رأس المال. إذ تبلغ قيمة الطاقة الشمسية كصناعة أميركية، مثلاً، 25 مليار دولار حالياً. ومن أجل بلوغ الأهداف التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في خطتها للطاقة النظيفة، ستحتاج صناعة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة إلى توظيف ما يربو على 800 مليار دولار في استثمارات جديدة للقطاع الخاص من الآن حتى 2030. من ثم، سيؤدي هذا الاستثمار إلى إيجاد 750 ألف وظيفة جديدة، ويساعد في التخفيف من وطأة آثار الكوارث المناخية عبر توفير الطاقة الشمسية وطاقة البطاريات أثناء انقطاع التيار الكهربائي بسبب المناخ.

بحلول 2030، ستتجاوز سوق التكنولوجيا النظيفة سوق النفط، وفي 2040، حينما تفوق قيمة الأولى تريليون دولار، ستكون قيمتها أكثر من ضعفي نظيرتها [النفط].

تبرز تلك المعطيات كلها حتى قبل احتساب التأثير الذي يطرحه [قطاع التكنولوجيا النظيفة] في الصناعات المرافقة له. ووفق تقرير "الطاقة المتجددة والوظائف" لعام 2021 الصادر عن "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" ("إيرينا" IRENA)، من شأن قطاع الطاقة المتجددة على نطاق العالم أن يمد السوق بما مجموعه 38 مليون وظيفة مع حلول 2030 و43 مليوناً مع حلول 2050.

وفي المقابل، تبقى النسبة المئوية لتلك الوظائف التي تجد مكانها في الولايات المتحدة، رهناً بسلوكنا اليوم. بين 2010 و2020، أنفقت الصين أكثر من الولايات المتحدة بنسبة اثنين إلى واحد تقريباً في حجم استثمارات التحول في مجال الطاقة ومبادرات استخدام الطاقة المتجددة. إذا كنا نأمل في الاحتفاظ بدورنا كبلد يقود العالم في هذا التغيير، فالأجدى بنا أن نسد هذه الفجوة، ونستطيع فعل ذلك. إذ يمثل الابتكار شريان الحياة لأميركا، وقد جعل منا قوة عظمى وبفضله سنظفر بالهيمنة مرة أخرى.

لقد بدأ التحول إلى الطاقة النظيفة، لكن السرعة مفتاح الفوز بالسباقات. في 2021، ارتفع الاستثمار الأميركي لرأس المال في قطاع تكنولوجيا المناخ إلى أكثر من ضعفي مستويات الاستثمار في فترة ما قبل الجائحة [كورونا]، ما أدى إلى نشوء 28 شركة من النوع الذي يوصف بمصطلح "يونيكورن" [شركات ناشئة تقدر قيمة كل منها بأكثر من مليار دولار] جديدة في مجال تكنولوجيا المناخ، وتسريع الشركات الناشئة في مختلف أنحاء العالم بتمويل يتخطى 37 مليار دولار. لا يمكننا الاكتفاء بهذا القدر. إذ ينبغي أن يغتنم المستثمرون الفرصة، كذلك ينبغي للكونغرس. إذا أعرض عن ذلك، سيخسر دافعو الضرائب، والكوكب أيضاً.

استكمالاً، لا ينبغي [ليس محتماً] أن نقاسي في مستقبلنا موجات جفاف هائلة أطول وأشد حدة، وحرائق غابات متكررة ومدمرة، وعواصف تعيث بالمجتمعات خراباً. كذلك لا ينبغي أن نشاهد في المستقبل دولاً نائية تنشئ الشركات التي ستهيمن على الاقتصاد العالمي، وتنتزع الفرص من العمال الأميركيين. وتشديداً، لا يحدث التغير الجذري على الهامش [من طريق تغييرات هامشية]، بل يقتضي مشاركة مجتمعية واسعة النطاق، وحماسة وتفانياً.

وكخلاصة، الأجدى بنا تسريع عجلة الانتقال إلى الطاقة النظيفة كي تدخل إلى كل ولاية أميركية. تعتمد البنود المتعلقة بالمناخ التي ينظر فيها الكونغرس، على العمل الذي تنجزه الولايات، حتى تلك التي توصف بأنها الأكثر اعتماداً على الوقود الأحفوري. بالتالي، سيوفر ذلك فرصاً كاسحة لكل مجتمع لديه الاستعداد لتعزيز مستقبلنا من الطاقة النظيفة. إذاً، فعبر تمرير تشريعات مناخية قوية، سيسعنا أن نحول واقع مناخنا إلى فرصة مناخية. لا يمكن لأميركا أن تدع ذلك يفوتنا، وإلا سنمنى بالخسارة على جبهات عدة.

ـ توم ستاير رجل أعمال أميركي ومدير صندوق تحوط وناشط في مجال المناخ ترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة في 2020.

ـ أبيغيل روس هوبر الرئيسة والمديرة التنفيذية لرابطة صناعات الطاقة الشمسية، منظمة التجارة الوطنية لصناعات الطاقة الشمسية في أميركا.

© The Independent

المزيد من بيئة