Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ريبة" في القطاع الاقتصادي تنذر بإفلاس وشيك في الجزائر

تعيش البلاد أوضاعاً مالية غير مسبوقة تستدعي إصلاحات استثنائية فورية

متظاهرون على سطح مبنى أثناء تظاهرة احتجاجاً على قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات (رويترز)

بعثت أرقام جديدة لبنك الجزائر، الهيئة النقدية الأولى في البلاد حول احتياطي الصرف، مخاوف جدية من أزمة إقتصادية وشيكة، وحذّرت الأرقام من نفاذ المخزون المالي في غضون 24 شهراً، في ظل حالة من الريبة يمر بها قطاع الاستثمار نتيجة "حبس" أهم مستثمرين في البلاد.

وأعلن بنك الجزائر أن احتياطات البلاد من الصرف انخفضت إلى 79.88 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل 97.33 مليار دولار في نهاية العام 2017، أي بتراجع بلغ 17.45 مليار دولار.

وأوضح البنك المركزي في "مذكرته الظرفية" أن "هذا التراجع مرتفع قليلاً عن عجز الرصيد الكلي لميزان المدفوعات بسبب تأثير التثمين السلبي بحوالي 1.73 مليار دولار، المرتبط بانخفاض قيمة اليورو أمام الدولار في الفترة الممتدة بين ديسمبر من العام 2017 وديسمبر 2018".

تراجع لاحتياطات الصرف

وتسجل الجزائر تراجعاً رأسياً لاحتياطات الصرف منذ العام 2014، بعدما كانت تفوق المئتي مليار دولار. واعتمدت البلاد لسنوات على صندوق ضبط الإيرادات النفطية، وهو مجموع العائد المالي، عندما كان يفوق سعر البرميل الـ 50 دولاراً، إلا أن تهاوي أسعار النفط دولياً، كشف عن قصور  كبير في السياسة المالية للحكومات السابقة، باعتمادها ملف النفط كمصدر وحيد للعملة الصعبة، بنسبة تقارب الـ 97 في المئة.

وأضاف بنك الجزائر، بحسب وكالة "الأنباء الجزائرية" أن "الانخفاضات السنوية لاحتياطات الصرف المرتبطة بعجز الرصيد الكلي للمدفوعات، تعكس ارتفاع النفقات الداخلية لمجموع العناصر الفعالة الاقتصادية حول الدخل الوطني، أي ارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات". وتشير توقعات المؤسسة المالية إلى أن "هذه الاختلالات سببها العجز الكبير الذي سجلته المالية العمومية"، مؤكدة أن "استمرار تراجع احتياطات الصرف يستدعي بذل المزيد من الجهود في ما يخص الميزانية، لإعادة الاستقرار لميزان المدفوعات والحد من تراجع الاحتياطات الرسمية للصرف".

كما لفتت الوثيقة إلى أن "تلك الجهود تندرج في إطار برنامج واسع لإصلاحات هيكلية، بهدف تحسين تحصيل الجباية العادية (من خلال ترشيد الدعم) وتحرير الإمكانيات الكبيرة لنمو الاقتصاد الوطني وتنويع العرض الداخلي وتصدير السلع والخدمات".

"ريبة" اقتصادية

شكّل منتدى رؤساء المؤسسات الذي ترأسه لسنوات عدة رجل الأعمال علي حداد، أكبر تجمع مالي في العشرية الأخيرة. ووجود حداد في سجن "الحراش" على ذمة التحقيق في القضية الأولى ضمن قضايا عدة، معظمها تتعلق بفساد مالي، خلق نوعاً من الخوف والريبة من "المستقبل الاقتصادي".

حداد ليس وحده داخل السجن، فالمؤسسة العقابية "الحراش" في الضاحية الشرقية للعاصمة، تضم أيضاً أكبر ثروة مالية في الجزائر وإحدى أبرزها في القارة السمراء، رجل الأعمال أسعد ربراب، كما يوجد فيها ثلاثة أفراد من عائلة كونيناف، وهي عائلة من أثرياء الجزائر، استفردت بصفقات ضخمة لعقدين من الزمن، مستفيدة من علاقتها بالشقيق الأكبر، السعيد بوتفليقة، ومن العلاقة السابقة بين الوالد والرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وأدى هذا الوضع إلى حالة شلل إثر ترقب كبير من كبار الشركاء الاقتصاديين للجزائر، ومبعث القلق هو احتمال مراجعة وجود هيئة سيادية يعتبرها القضاء الجزائري، مصدراً  لكثير من ملفات الفساد، وهي المجلس الوطني للاستثمار. وفي حال قرر الرئيس المقبل، بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية، إلغاء هذه الهيئة التي يرأسها حكراً الوزير الأول، فإن البلاد مقبلة لا محالة على إعادة النظر في سلوك اقتصادها نهائياً، على أمل انتقالها من "الريع" إلى الاقتصاد المحكم.

حالة ارتباك

وقال الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي وليد مذكور لـ "اندبندت عربية" إن هناك "حالة ارتباك واضحة بالنسبة إلى الشركاء الأجانب للجزائر في هذه الفترة، تستدعي التدخل لإنهاء حالة الترقب هذه في أقرب وقت، عبر تطمينات أو إجراءات تتخذها السلطة الحالية"، مضيفاً "هناك تخوفات كبيرة من خيارات الرئيس المقبل الاقتصادية، لا سيما اتفاق الشراكة مع الجانب الأوروبي، فهل تتم مراجعته أو تعديل بنوده؟"

 رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور اعتبر من جهته أن ما تعيشه الجزائر من أوضاع اقتصادية غير مسبوقة تنذر بتدهور سريع"، مشدداً "على ضرورة وضع برنامج للتسيير الاقتصادي". ودعا "إلى إصلاحات استثنائية وفورية، فالظروف تحتم الدخول في مرحلة اقتصادية انتقالية، شرط أن تكون المسألة متوازنة".

تحولات كبيرة في سوق النفط

 وتأمل الجزائر، في ما يبدو، مراجعة الحضور الفرنسي في قطاع النفط في الجنوب، بعدما نشأت "أزمة" صامتة بين الشركة الحكومية للنفط "سوناطراك" ومؤسسة "توتال" الفرنسية، إثر إعلان الأخيرة، نوايا للاستحواذ على أسهم "أناداركو" الأميركية في الجزائر، لوحت "أناداركو" برفض الصفقة، ما استدعى زيارة مفاجئة للرئيس المدير العام لـ "توتال" نهاية الأسبوع المقبل، وعقده لقاء مع وزير الطاقة الحالي محمد عرقاب.

ومع ذلك، تحاول الشركة الجزائرية للمحروقات "سوناطراك"، الترويج لما يفند حالة الريبة في القطاع، وأعلنت عن استكشافات جديدة في إطار نشاطاتها و بمجهودها الذاتي، لا سيما اكتشافات للغاز المكثف على مستوى حوض "تندوف" في أقصى الجنوب الغربي وذلك نهاية مايو (أيار) 2019.

الإكتساف الأول

ويُعد هذا الاكتشاف الأول في تاريخ الأبحاث الاستكشافية الذي تحقق فيه "سوناطراك" نتائج إيجابية في حوض "تندوف"، كما أعلنت "سوناطراك" مطلع مايو الماضي، في إطار نشاطاتها الاستكشافية ومجهودها الذاتي، عن أربعة اكتشافات جديدة هي حالياً قيد التقييم. وشملت هذه الاكتشافات بئر النفط في منطقة ترت وبئر غاز في منطقة القاسي يحتوي على مكثفات بمستوى حوض أمجيد، فضلاً عن بئرين للغاز. وبهذا، يرتفع عدد الاكتشافات الجديدة من قبل "سوناطراك" منذ بداية العام 2019 إلى ثمانية اكتشافات.

المزيد من العالم العربي