Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستراتيجية الأميركية في الشرق الآسيوي

وصفة جديدة لمواجهة الصين

تشير استراتيجية إدارة بايدن إلى أن منطقة المحيط الهادي تواجه تحديات من الصين كونها تحاول الحصول على نفوذ في المنطقة لتصير أكثر دولة مؤثرة عالمياً (رويترز)

كشفت الولايات المتحدة الأميركية، أخيراً، الستار عن استراتيجية إدارة جو بايدن في منطقة المحيطين الهادي والهندي، وترسم الاستراتيجية الجديدة خطى أميركية حثيثة باتجاه الشرق الآسيوي، لتؤكد التزامها العمل مع حلفائها الآسيويين في المنطقة لمجابهة النفوذ الصيني المتنامي، في وقت تأتي الاستراتيجية الأميركية بعد عام من صدور الاستراتيجية البريطانية التي أولت اهتماماً كبيراً بالمنطقة الآسيوية ومنطقة المحيطين الهادي والهندي، وتؤكد استراتيجية واشنطن، إقامة تعاون مستدام ومبتكر مع الحلفاء وتحقيق الرفاهية الإقليمية وتعزيز أمن المنطقة وبناء قدرة إقليمية على الصمود أمام التهديدات العابرة للحدود، للحد من تزايد النفوذ الصيني وردع البرنامج النووي لكوريا الشمالية، في وقت طالبت الخارجية الصينية، بتجنب عقلية الحرب الباردة، والمساهمة في الاستقرار والسلم الإقليميين بالمنطقة ورفض بكين تكتلات جديدة قد تنبئ بمواجهات مستقبلية، وشبه الإعلام الصيني الاستراتيجية الجديدة بمحاولة أميركية لبناء جدار عازل حول الصين.

استراتيجية واشنطن

بعد عام من وصول بايدن إلى المكتب البيضاوي، توالت الزيارات الأميركية رفيعة المستوى إلى القارة الآسيوية، أعقبها قرار رئاسي أميركي صدر، أخيراً، خلال اجتماع مع عدد من دول الشرق الآسيوي والدول الجزرية في المحيط الهادي، بالموافقة على الاستراتيجية الأميركية الجديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، والتي تمنح الأولوية للتحالفات والمحادثات عن الأخطار التي تواجه المنطقة، والتي تتضمن تزايد النفوذ الصيني والتغير المناخي وجائحة "كوفيد-19" إلى جانب البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

ووفقاً للاستراتيجية الرسمية الصادرة من واشنطن، فإن التركيز الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة هو إقامة تعاون مستدام ومبتكر مع الحلفاء والشركاء والمؤسسات، والسعي لحرية وانفتاح منطقة المحيطين الهادي والهندي وتحقيق الرفاهية الإقليمية إلى جانب تعزيز أمن المنطقة وبناء قدرة إقليمية على الصمود أمام التهديدات العابرة للحدود.

ومن بين النقاط التي تطرقت إليها الوثيقة، استمرار الاستقرار والسلم في منطقة المضيق التايواني وتمديد وجود خفر السواحل الأميركي في المنطقة. وتشير استراتيجية إدارة بايدن إلى أن منطقة المحيط الهادي تواجه تحديات من الصين، كونها تحاول الحصول على نفوذ في المنطقة لتصير أكثر دولة مؤثرة عالمياً، وتصف الوثيقة حلفاء الولايات المتحدة في آسيا كونهم أكثر من "يدفعون ثمن التصرفات المؤذية لجمهورية الصين الشعبية"، وتختتم الاستراتيجية بأن العصر الجديد للسياسة الخارجية الأميركية سيتطلب من أميركا المزيد في منطقة المحيطين الهادي والهندي منذ الحرب العالمية الثانية.

وكان أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أكد أن الزيارات الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى عدد من الدول في المحيط الهادي تؤكد اعتراف واشنطن بأهمية الانخراط المستدام في المنطقة حتى مع الانشغال الأميركي الحالي بالأزمة الأوكرانية.

استراتيجية الإنجليز

كانت المملكة المتحدة في مارس (آذار) الماضي قد أصدرت وثيقة استراتيجيتها الدفاعية الجديدة التي كشفت عن توجهها نحو الشرق الآسيوي، وتزايد الاهتمام بمنطقة المحيطين الهادي والهندي، ووفقاً للاستراتيجية البريطانية، تسعى لندن إلى تقوية انخراطها في منطقة المحيطين الهادي والهندي، هادفة لإنشاء وجود أعظم وأقوى بلد أوروبي آخر، وإقامة علاقات أقوى من ذي قبل مع كوريا الجنوبية ودول إقليمية كإندونيسيا وفيتنام وماليزيا وسنغافورة، وانتشارها العسكري عالمياً، تحول الاستراتيجية الجديدة للمملكة المتحدة قبلتها إلى الشرق الآسيوي من خلال زيادة الروابط مع مستعمراتها السابقة والدول المجاورة لها.

بين ثلاث إدارات أميركية

تعد إدارة بايدن هي الثالثة التي تصدر وثيقة خاصة باستراتيجية منطقة المحيطين الهادي والهندي، وذلك عقب الرئيسين السابقين دونالد ترمب وباراك أوباما، ويذكر مسؤولون في الإدارة الأميركية أن بايدن ملتزم بالجهود ذاتها التي قام بها زعماء البيت الأبيض السابقون، إذ تعاقبت الإدارات المختلفة على المبادئ الأساسية للتعامل مع المنطقة والتركيز على منطقة المحيطين الهادي والهندي.

وعلق المحلل السياسي الأميركي كريج سينجلتون على وثيقة الاستراتيجية الجديدة باعتبارها "مطابقة تقريباً" لما قدمه الرئيس الأسبق أوباما، وتنقصها التحديدات والتفاصيل، وبها كثير من الفجوات الخاصة بتعزيز موقع الولايات المتحدة الجيو-اقتصادي في آسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من الإشارات المتكررة في داخل الوثيقة الأميركية للخطر الصيني على المنطقة، فإن مسؤولي الإدارة الأميركية أعربوا عن كون الوثيقة نهجاً متوارثاً في البيت الأبيض للتعامل مع منطقة المحيطين الهادي والهندي كما أنها ليست خطة تتركز على الصين وحسب، كما تنوي الإدارة الأميركية إطلاق شراكة اقتصادية جديدة في منطقة المحيطين الهادي والهندي هذا العام لتعزيز التجارة وسلسلة الإمدادات وزيادة التواصل مع الإقليم، في وقت يشير محللون إلى اعتبارها محاولة لسد الفجوة التي سببتها إدارة ترمب منذ الانسحاب من الإطار التجاري متعدد الأطراف في 2017.

سور حول الصين العظيم

قبل صدور الوثيقة واجتماع الولايات المتحدة مع تحالف "كواد"، الذي ضم اليابان والهند وأستراليا، حث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية زاهو ليجيان الدول الأربع على تجنب عقلية الحرب الباردة، والمساهمة في الاستقرار والسلم الإقليميين بالمنطقة، وأعرب عن رفض بلاده التكتلات الحصرية التي تخلق مواجهات بين الكتل.

وعلى الرغم مما جاء في وثيقة الاستراتيجية الأميركية من أن هدف الاستراتيجية ليس تغيير الصين، ولكن تشكيل البيئة الاستراتيجية التي تعمل من خلالها، عبر بناء تأثير متوازن في العالم في صالح الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، وتأكيد المسؤولين على أن الاستراتيجية لا تستهدف الصين، إلا أن محللين صينيين نظروا للاستراتيجية الجديدة بعين الريبة، كما يرى الأكاديمي السياسي الصيني زاهونج يون أن الإدارة الأميركية في الاستراتيجية الجديدة لم تتخل عن الطابع والعقلية العسكرية التي تركز عليها باستمرار في محادثاتها مع الحلفاء الآسيويين، ويصف الاستراتيجية الجديدة بـ"العاجزة"، كما يؤكد ضرورة التفات الولايات المتحدة إلى ما تحتاجه البلدان في المنطقة بدلاً من التشبث بالعقلية العسكرية، وذكرت شبكة تلفزيون الصين الدولية أن صدور الاستراتيجية الجديدة يؤكد نية إدارة بايدن بناء جدار عازل حول الصين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل