Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الدولار المجمد" وسيلة جديدة للنصب على اللبناني

تطبيقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دفعت مواطنين إلى خسارة مدخراتهم

تنتشر على "فيسبوك" صفحات تدعي "بيع دولار مجمد ليبي أصلي بنصف ثمنه" (رويترز)

تحول العالم الرقمي إلى ميدان جديد لجريمة الاحتيال على عامة الناس في لبنان، وتتعدد الطرق لجذب الشباب الساعين إلى الربح السريع من خلال منصات تدعي تسويق "الدولار المجمد" إلى جانب تطبيقات مختلفة لكسب الدولار لقاء التفاعل مع مهمات وتكليفات يطلبها المبرمج.

وخلال الأشهر القليلة الماضية انتشرت هذه الطرق إلى حد كبير، وما هي إلا فترة قصيرة من الزمن حتى باتت مصدر دخل إضافي، إذ يتم التسويق لها من باب تحقيق دولارات "فريش" من دون أي جهد ومن داخل المنزل.

الدولار المجمد بنصف الثمن

تنتشر على "فيسبوك" صفحات تدعي "بيع دولار مجمد ليبي أصلي بنصف ثمنه"، وتتضمن العديد من الفيديوهات التي تظهر حقائب الدولارات الأميركية ورزم العملة الخضراء المصفوفة بطريقة مبهرة. وتتيح الصفحة الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحمل اسم شركة عائلية لترويج الدولار، للزائر التواصل مع أرقام محددة عبر تطبيق "واتساب".

يروي الشاب عبد ما حدث له مع هذه الصفحات، فهو بعد زيارة إلى تلك الصفحات تواصل مع شاب عراقي اللكنة يدعي الإقامة في تركيا، وبدأ الطرف الآخر بالتأكيد على أنها "دولارات أصلية غير مزورة، ولكن لا يمكنه إدخالها إلى حساباته المصرفية لأنها مجمدة، إلا أنه يمكن للشاب التعامل معها بالسوق من دون أي مشكلة".

وتعهد المروج الموجود خارج لبنان بإرسال فيديو يذكر فيه اسم الزبون ووالده أثناء تسجيل فيديو يقوم خلاله بفحص الدولارات والتحقق من سلامتها وأنها غير مزورة".

يقول الشاب اللبناني إنه سبق له أن تواصل مع مروجين في منطقة البقاع شرق لبنان، إلا أنه "لم يطمئن لهم لأنهم طالبوه بزيارتهم لشرب فنجان قهوة لديهم". ويضيف الشاب العشريني، "شعرت أن الموضوع جدي لأنه طلب مني البدء بتبادل مبالغ دولارية صغيرة، إذ أكد أنه يمكن البدء بإرسال مبلغ صغير 50 دولاراً من ناحيتي، في المقابل يقوم المروج في تركيا بإرسال 150 دولاراً".

وأشار إلى أنه بعد القيام بالحوالة يصور الإيصال ويرسله إلى الشاب في لبنان بعد حذف آخر رقمين، وبعد قبض الحوالة المرسلة إلى لبنان يرسل الأرقام الإضافية.

يؤكد عبد أنه عاش حالاً من الحيرة، وشعر بأنه سيحقق ربحاً كبيراً خلال فترة قصيرة، إذ يمكن أن يجني 2000 دولار لقاء تحويل 1000. وعند سؤال مروج الأموال عن الأسباب التي تدفعه إلى التخلص من المبالغ الدولارية بثلث قيمتها، تحجج بأنه "في مكان إقامته لا يمكنه التعامل بالدولار إلا من خلال البنك، وفي تلك الحال سيتم اكتشاف أنها دولارات مجمدة، وأنه قد يتعرض للملاحقة، كما أنه لا يمكنه الحضور إلى لبنان وإدخال مبالغ كبيرة من الدولار في الحقيبة من دون لفت الأنظار إليه".

الحوالة المسمومة

بعد بناء عامل الثقة انتقل الطرفان إلى مرحلة التنفيذ والتبادل، وبدأت المرحلة الأولى بتحويل مبلغ صغير عند حدود الـ 100 دولار تمهيداً لتحويل المبلغ الأكبر، وبعد تحقيق الشاب اللبناني ربحاً تقريبياً يوازي 300 دولار، أي ما يقارب ستة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن أجل إتمام المرحلة الثانية يشير إلى أنه اتفق على تحويل 2000 دولار، وهو المبلغ المدخر لديه، يضاف إليه ثمن قطعتي ذهب لزوجته.

وما هي إلا أيام حتى كانت الصدمة الكبرى، قام الشاب بتحويل المبلغ من لبنان إلى إسطنبول باسم المروج، فيما أرسل إليه الأخير "حوالة مزورة" لم يتمكن من سحبها، كما تعرض للحظر عبر "واتساب"، الأمر الذي حال دون إمكان التواصل معه.

الدولار المجمد حيلة كبيرة

أوساط أمنية لبنانية تحذر المواطنين من الوقوع في فخ النصابين الذين يتذرعون بوجود الدولار المجمد من أجل النصب على الضحايا.

وتؤكد أن قوى الأمن الداخلي قامت في المرحلة السابقة بإلقاء القبض على العديد من العصابات التي تدعي ترويج "الدولارات المجمدة"، وتوضح الأوساط الأمنية أنها تبذل جهداً مضاعفاً لمكافحة هذا النمط من الجرائم المتزايدة بفعل اتساع نطاق وسائل التواصل الاجتماعي، وتدعو المواطنين إلى إبلاغ النيابة العامة من أجل ملاحقة هؤلاء من خلال قسم مكافحة الجرائم المعلوماتية، وإحالتهم إلى القضاء من أجل إنزال العقوبات بهم وفق مندرجات القانون.

كسب سريع

وإلى جانب الحسابات التي تروج للدولار المجمد، ظهرت أشكال جديدة للكسب السريع اجتذبت شريحة كبيرة من المواطنين، ومن بين تلك الوسائل تطبيق "Inspushvideos" ويشير جورج إلى أنه كان أحد الأشخاص الذين اجتذبتهم هذه الوسيلة من خلال عدد محدد من "الإعجابات" ومشاهدة فيديوهات محددة.

تبدأ المسيرة من خلال التسجيل في التطبيق والدخول كمستخدم لقاء مبلغ 130 دولاراً يتم تحويلها إلى المشغلين، وبعد ذلك يبدأ المستخدم بالتفاعل، إذ "يرسل إليك في النهار الواحد أربعة فيديوهات لمشاهدتها، ويحدد بدلاً يتراوح بين دولارين وأربعة دولارات للفيديو الواحد"، كما يتم الاستحقاق بمبلغ أسبوعي إضافي قدره ثلاثة دولارات، ليصل الدخل الشهري للمستخدم عند مستوى رسم التسجيل".

كما يؤمن التطبيق باباً إضافياً للدخل من خلال منح مبلغ إضافي للمستخدم الذي يدعو شخصاً جديداً للتفاعل ضمن التطبيق، ويحصل على 23 دولاراً إضافياً عن كل مستخدم جديد من جهته.

شعر جورج بأن هناك شبهة حول هذا التطبيق، لذلك قرر وقف التعامل معه في نهاية الشهر، لأنه سبق في تجربة سابقة لإحدى التطبيقات التي توقفت فجأة عن العمل، وخسر المستخدمون جميع الدولارات المجمعة ضمن التطبيق.

فعل واحد وجرائم متعددة

تنطوي عملية الترويج لـ "الدولار المجمد" عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي أرض الواقع على عدة جرائم من وجهة نظر قانونية. ويؤكد الخبير القانوني رفيق هاشم أننا أمام "اجتماع معنوي للجرائم"، إذ تحتمل الواقعة على مجموعة من الأوصاف الجرمية، فمن ناحية أولى هناك المناورات الخداعية من خلال اللجوء إلى أساليب كاذبة لإقناع الأفراد الالتزام معهم من أجل سلب الأموال، إذ نجد أن المروج يرسل الصور والفيديوهات لإقناع المستهدف بأن "الأموال حاضرة للتبادل، وهو على استعداد لتأمين ربح مهم وكبير لقاء جهد صغير". هذه المناورات الخداعية دفعت المتضرر للتعاقد معهم وتسليمهم الأموال من خلال إرسال الحوالات إلى خارج لبنان، ومن ثم عدم إعادة المال إلى المرسل، وهذا ينطبق عليه جرم الاحتيال وفق المادة (655) عقوبات، كما أن العصابة تستخدم إيصالات مزورة لإقناع المتضرر بأنها ستسلمه إيصالات تثبت العملية، ويندرج تزوير الإيصالات ضمن المناورات الاحتيالية.

كما يمكن أن تطبق المادة (443) عقوبات المتعلقة بتزوير أوراق النقد في حال إثبات أن الدولارات التي يتم تصويرها ومن ثم تسليمها أموال مزورة، الأمر الذي يفتح الباب أمام استعمال المزور بموجب المادة 454)) من قانون العقوبات اللبناني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير