Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غموض السياسة الاقتصادية في تركيا يهدد مستقبل الاقتصاد

توقعات بنمو أقل هذا العام واستمرار ارتفاع معدلات التضخم حتى مع استقرار سعر الليرة

معدلات التضخم المرتفعة مرشحة للاستمرار في الأشهر المقبلة (أ ف ب)

شهدت تركيا قرارات عدّة على صعيد السياسة الاقتصادية جعلت المؤسسات الدولية تغير من توقعاتها للاقتصاد التركي في الفترة المقبلة، على الأقل في النصف الأول من هذا العام 2022.

وأصدرت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" الدولية للتصنيف الائتماني تقريراً موسعاً حول الاقتصاد التركي تمهيداً لقرارها التصنيفي له في شهر مارس (آذار) المقبل. ورسم التقرير صورة سلبية للتوقعات الاقتصادية في تركيا.

فعلى الرغم من استقرار سعر صرف الليرة التركية خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي حول 13.5 ليرة للدولار في المتوسط، فإن معدلات التضخم المرتفعة مرشحة للاستمرار في الأشهر المقبلة بما يؤثر سلباً على مستوى معيشة الأتراك في ظل ارتفاع الأسعار.

وأصدرت الحكومة التركية قراراً أخيراً برفع الحد الأدنى للأجور بشكل كبير، لمساعدة الأتراك على مواجهة ارتفاع الأسعار. ويزيد ذلك من الضغوط التضخمية في الاقتصاد التركي، بحسب تحليل تقرير "ستاندرد أند بورز".

وكان مؤشر التضخم في تركيا قد ارتفع الشهر الماضي بمعدل شهري بنسبة 11.1 في المئة، ما جعل المعدل السنوي للتضخم عند 48.7 في المئة. وجاء الارتفاع في الشهر الأول من هذا العام أعلى من توقعات السوق، ومن توقعات ارتفاع التضخم لـ"ستاندرد أند بورز" التي أعلنتها في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021.

وذكر التقرير، "نتوقع أن يتجاوز معدل التضخم نسبة 50 في المئة في أغلب أشهر السنة، على أن ينخفض بتأثير أساسي نهاية العام، وإن ظل أعلى من نسبة 30 في المئة. بالتالي رفعنا توقعاتنا للمتوسط السنوي لمعدل التضخم إلى 49.5 في المئة لهذا العام 2022 على أن ينخفض في العام التالي 2023 إلى نسبة 14.5 في المئة. ويظل أداء الاقتصاد التركي عموماً في وضع من عدم اليقين الشديد بسبب عدم وضوح سياستها الاقتصادية. لذلك، نبقي على توقعاتنا للنمو الأساسي للناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 عند التقديرات السابقة بنسبة 3.7 في المئة مع الأخذ في الاعتبار احتمالات العوامل السلبية والإيجابية المؤثرة على هذا التقدير".

تأثيرات خارجية

تواجه تركيا، مثلها مثل بقية الاقتصادات الصاعدة، تأثيرات دورة التشديد النقدي في الاقتصاد العالمي. ومع بدء الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي وغيره من البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة، توقع التقرير أن الاختلالات الخارجية ستزيد من الضغط على تركيا بسبب استمرار الزيادة في احتياجات البلاد الخارجية نتيجة مستويات الدين الخارجي العالية، وذلك على الرغم من أن الحساب الجاري للحكومة التركية يظل جيداً نسبياً مقارنة بما كان عليه في فترات تشديد السياسة النقدية عالمياً من قبل، هذا بالإضافة إلى أن تركيا لديها أقل احتياطي من العملات الأجنبية مقارنة ببقية الاقتصادات الصاعدة والنامية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وباعتبار تركيا مستورداً كبيراً للطاقة، توقع التقرير أن معدلات التضخم قد ترتفع أكثر من التوقعات الحالية. وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات، نتيجة اختلال معادلة العرض والطلب بشكل أساسي. ومع أن "ستاندرد أند بورز" تتوقع أن تنخفض أسعار النفط قليلاً، لكنها تُبقي على توقع متوسط مستوى الأسعار لعام 2022 عند 75 دولاراً للبرميل. ويشكل ذلك ضغطاً تضخمياً إضافياً على الاقتصاد التركي، بخاصة في حال استمرار التوترات الجيوسياسية التي تؤثر في سوق النفط، وتدفع الأسعار للارتفاع مع مخاوف نقص العرض مقابل زيادة الطلب العالمي على الطاقة.

وعلى الرغم من أنه بحساب فارق معدل التضخم بين تركيا وغيرها حول العالم تبدو العملة التركية مقدرة بأقل من قيمتها، فإن السياسات الاقتصادية التركية غير الواضحة تبقي على سعر صرف الليرة، متراجعاً بحسب تقرير "ستاندرد أند بورز". ويتوقع أن يستمر تأثير وضع سعر صرف الليرة كبيراً على الأسعار في تركيا، بخاصة مع الدول الكبير للعملة المحلية في عملية الإنتاج في تركيا.

يخلص التقرير إلى أن برامج الحكومة لتشجيع الادخار بالليرة ساعدت على استقرار سعر صرفها حالياً، لكن الأتراك ما زالوا يحولون الليرة إلى الدولار والعملات الأخرى. ومع رفع سعر الفائدة على الدولار خلال هذا العام، يتوقع أن تزيد تلك التحويلات في تركيا ليستفيد الأتراك من الفائدة على الادخار بالعملات الأجنبية.

في المقابل، يقارن محللو "ستاندرد أند بورز" بين معدلات التضخم في الاقتصاد التركي حالياً وفي فترة هبوط سعر صرف الليرة السابقة في 2018. ويرجعون الفارق الكبير بين الوضع آنذاك والوضع الآن إلى السياسة الاقتصادية التركية "المتخبطة" التي كان لها الأثر الأكبر في ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد، لذا لا يتوقع أن ترتفع قيمة الليرة في الأشهر المقبلة، بخاصة مع استمرار سياسة البنك المركزي التركي النقدية الحالية. ويقدر أن تظل معدلات التضخم في الاقتصاد التركي في منحى الارتفاع، على الأقل في النصف الأول من هذا العام حتى مع استقرار سعر صرف الليرة، وذلك ما يجعل تقديرات مؤسسة التصميف الائتماني العالمي لنمو الاقتصاد التركي في الفترة من 2022 إلى 2024 في مستوى متوسط.

اقرأ المزيد