Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المشهد"... رؤية تشكيلية معاصرة لأهم أفلام السينما المصرية

معرض فني يقدم نصوصاً بصرية بتصور جديد لأشهر المشاهد السينمائية المقدمة في حقبة الستينيات

لوحات المعرض مستوحاة من أفلام سينمائية تمثل جزءاً رئيساً من الذاكرة المصرية (اندبندنت عربية)

ارتكزت السينما المصرية في الخمسينيات والستينيات على إنتاج أفلام مقتبسة من روايات لكبار كتاب الأدب في هذا العصر، والذين شكلت أعمالهم علامات في تاريخ الفكر المصري، مثل طه حسين ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وثروت أباظة وغيرهم كثير من رواد الحركة الأدبية في مصر خلال القرن العشرين، ليقدم المنتج السينمائي في النهاية تجربة فنية متكاملة بداية من النص إلى كل أنواع الفنون التي تتكامل معه، لينتج عنها تجربة ثرية على المستوى الفكري والبصري على السواء.

وحتى الآن وبعد مرور سنوات طويلة على إنتاج وعرض هذه الأفلام فإنها لا تزال مصدراً لإلهام الفنانين يستوحون منها أعمالاً إبداعية بكل أنواع الفنون، وهو ما دفع فنانة مصرية إلى تقديم طرح بصري جديد للتيمة الأساسية، التي يرتكز عليها مجموعة من أشهر أفلام هذه الفترة، تحديداً المقتبسة من روايات شهيرة لكبار الكتاب لينتج عنه 20 لوحة، تمثل معالجة تشكيلية جديدة لمجموعة من الأفلام التي أصبحت جزءاً من التراث الثقافي المصري.

استلهام التراث

اعتمدت الفنانة سالي الزيني في تجربتها الفنية بشكل عام الاستلهام من التاريخ والتراث الشعبي وتنفيذ أعمال من وحي أبيات شعرية أو نصوص أدبية، سواء في معارضها أو أبحاثها الأكاديمية، باعتبارها أستاذاً في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ورغم عمق الأفكار التي تطرحها لوحاتها فإنها تقدمها بخطوط طفولية وفرشاة تحمل ألواناً مبهجة، ودائماً ما تزين لوحاتها عناصر جمالية رقيقة بتكوينات زخرفية منمنمة وزهور ملونة ويمامات بيضاء مع لمسات من الطابع الشرقي.

وفي معرضها الأخير المقام حالياً بجاليري The Arts Hub في القاهرة بعنوان "المشهد" تقدم الزيني رؤية معاصرة للفكرة الأساسية التي قامت عليها مجموعة من أهم أفلام السينما المصرية، فهي لا تقدم سرداً للقصة بالمفهوم التقليدي، لكن تقدم رؤية تأخذ من وحي الحكاية وشخوصها الأصلية، التي كتبها المؤلف في الرواية الأصلية، ثم قدمها أبطال السينما برؤية المخرج، وتقدم، أخيراً، في المشروع الفني برؤية تشكيلية.

وعن معرضها الأخير، تقول الفنانة سالي الزيني، لـ"اندبندنت عربية"، "أنا مولعة بأفلام الأبيض والأسود، وبكل ما هو قديم، مثل الصور الفوتوغرافية، فهي تنقلنا إلى عالم آخر شديد الجمال والرقي، وتجذبني بشدة أفلام الستينيات تحديداً، لأن كثيراً منها كانت مأخوذة عن روايات لكبار الكتاب، وتعد علامات مضيئة في عالم الأدب، ومن ثم تحولت إلى روائع في مجال السينما المصرية، فكان الفيلم يمثل سيمفونية متكاملة الأركان بداية من روعة النص الأصلي، ويليه السيناريو والحوار إلى تميز النتاج البصري من حيث الكادرات والملابس وزوايا التصوير والإضاءة".

تصور معاصر

وتضيف الزيني، "استعنت بأفلام الستينيات المأخوذة عن روايات لكبار الكتاب، مثل الوسادة الخالية والنظارة السوداء، وأنا حرة لإحسان عبد القدوس، وأعمال لنجيب محفوظ مثل زقاق المدق وميرامار والقاهرة 30، وشيء من الخوف لثروت أباظة، ودعاء الكروان لطه حسين وغيرها من أشهر أفلام هذه الحقبة التي يحمل معظمها مشاهد شكلت الوعي الجمعي للجماهير العربية، وليس فقط المصرية، وكانت تعالج قضايا مجتمعية وتنموية، وكثير منها حمل مضامين متعلقة بالتوعية بالحقوق، وبأهمية قيم بعينها، مثل العمل والحرية، وكان لها أهداف تدعو إلى التحرر من التابوهات القديمة والتمرد على الأفكار الرجعية".

وتابعت، "ارتكزت كل لوحة على تقديم رؤية لما يطلق عليه بلغة السينما الـMaster seen، الذي يتبادر إلى الأذهان فور سماع اسم الفيلم، فهو مترسب في وجدان الجماهير منذ عشرات السنين، فعلى سبيل المثال مشهد فتح فؤادة للهاويس في فيلم (شيء من الخوف)، أو مشهد لقاء إنجي وعلي بعد قيام ثورة يوليو (تموز) في فيلم (رد قلبي)، واللوحات مصحوبة بنصوص كتابية تمثل عبارات شهيرة من العمل تعكس جانب من الفكرة، مثل جملة على لسان الأراجوز في فيلم الزوجة الثانية أو جملة من إحدى أغنيات عبد الحليم حافظ في فيلم الوسادة الخالية، وقد تكون مصحوبة باسم الفيلم في بعض اللوحات".

تكامل بين الفنون

وتواصل الزيني "السينما يطلق عليها الفن السابع والفنون متكاملة، ولا تنفصل عن بعضها، فالمخرج السينمائي هو فنان يرسم كادراته بعناصر مختلفة، مثل الديكور والملابس والإضاءة وتوظيف حركة الممثلين، وبعض الأفلام بالفعل حينما نشاهد صورة ثابتة لأحد كادراتها نشعر وكأنها لوحة تشكيلية متكاملة الأركان، ومؤلف الرواية يرسم لوحة عن طريق النص وطريقة السرد بكل التفاصيل التي يذكرها، التي تثير خيال القارئ، وتدفعه إلى تصور شكل الأماكن والأشخاص في الرواية".

 

وتستكمل، "مشروعي الفني بشكل عام مقبل من الثقافة الشعبية، ومستلهم من ثقافتنا ومفرداتنا المحلية الشديدة الثراء المقبلة من المواطن البسيط، والموجهة إليه في المقام الأول، فالفنان منوط به أن يعمل على إيجاد لغة مشتركة بينه وبين الجمهور، ومن ثم يستطيع أن يوجه له رسائل ومضامين عبر أعماله الفنية بلغة تشكيلية يستطيع فهمها تحسن ذائقته البصرية وترتقي بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تواصل بين الفنان والجمهور

دائماً ما تثار الإشكالية حول مدى تفاعل الجمهور العربي بشكل عام مع الفنون التشكيلية، وفي هذا الشأن تقول سالي الزيني، "الفن بكل أشكاله منتج يستهدف الجمهور، ومن ثم لا بد أن يقدم له بصورة يستوعبها تخاطب إحساسه، وترتقي بذوقه العام من خلال مفردات بصرية تلمس وجدانه، يستطيع فهمها العقل الجمعي للمجتمع، وتكون مستوحاة من بيئته وثقافته، وليكون هدفها الأساس هو تحسين ذائقة المجتمع بأكمله، وهذا هو الدور المنوط بالفنانين في كل مجالات الفن".

وتضيف، "لا بد من التواصل بين الفنان والجمهور، ولا مانع إطلاقاً من التفاعل المباشر مع الناس وشرح أو تبسيط القيمة أو الفلسفة، التي يقوم عليها العمل الفني سواء باللقاء المباشر في المعارض والمحافل الفنية أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة فعالة، وجزء لا يتجزأ من حياة الناس، ويمكن أن يكون أحد أدوارها نشر الفنون الرفيعة، وخلق وسيلة للتواصل بين الفنان والجمهور. أما فكرة أن يتعامل الفنان بنوع من الفوقية مع الجمهور، فهذا يكون له تأثير سلبي على الفن والناس على السواء، لأن الفنون ليست موجهة فقط للنقاد والمثقفين، إنما هدفها في الأساس الإنسان العادي".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون