Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البغداديون يقصدون "المتنبي" ليلا بعد إنارته وترميمه

دخل ضمن قائمة الأماكن التي تقصدها الأسر منذ المساء وحتى ساعات الفجر الأولى

شارع المتنبي ليلاً (وسائل التواصل الاجتماعي)

أصبح شارع المتنبي العريق في بغداد وأحد شواهدها التراثية الثقافية، الذي يقع على ضفاف نهر دجلة، مقصداً ليلياً لمئات الأسر البغدادية للمرة الأولى منذ عقود، ليدخل ضمن قائمة الأماكن التي يقصدها البغداديون منذ المساء وحتى ساعات الفجر الأولى.

والشارع الذي يوجد فيه العديد من المكتبات ودور النشر كان مقصد البغداديين الصباحي لشراء ما يحتاجون من قرطاسية وكتب، فضلاً عن كونه ملتقى للنخب والمثقفين ورواده من محبي القراءة يوم الجمعة. إلا أن إعادة تأهيله مجدداً من قبل أمانة بغداد وبالشراكة مع رابطة المصارف العراقية والبنك المركزي العراقي كسرت قيوداً تتعلق بالحركة الليلية فيه، إذ بات يغلق يومياً قبل المساء بشكل شبه كامل.

وأطلق على الشارع التاريخي في عام 1932 هذه التسمية خلال عهد الملك فيصل الأول، تيمناً بالشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915-956) الذي ولد في عهد الدولة العباسية.

وبعد عام 2003 شهد الشارع عدداً من أعمال الترميم لا سيما لواجهاته بعد التفجير الانتحاري الذي تعرض له في مارس (آذار) من عام 2007، بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل 30 شخصاً وإصابة 60 بجروح. إلا أن عملية الترميم الجديدة تميزه عن العمليات السابقة بأنها أخذت في الاعتبار أعمال الإنارة التي مكّنت مرتاديه من زيارته ليلاً.

ليل المتنبي

ومنذ إنجاز تأهيله وإنارته للمرة الأولى نهاية العام الماضي، وما شهده من احتفال لمناسبة رأس السنة الميلادية 2022، تحول الشارع إلى مقصد لكثير من الأسر والشباب البغدادي من ساعات المساء الأولى وحتى الساعة الثانية والثالثة من فجر كل يوم، وبشكل تلقائي من دون دعوة حكومية أو مجتمعية لزيارته.

وفي نهاية الشارع وعلى ضفة نهر دجلة، يشخص تمثال للشاعر أبو الطيب المتنبي. وبعد التجديد، تمت إنارة المنطقة المحيطة بالنصب من أجل السماح للزوار بالتقاط الصور التذكارية قرب النصب، وعلى مقربة منه مرسى لزوارق تقوم بجولات في نهر دجلة.

ويضم الشارع أحد أهم المقاهي في بغداد وهو "مقهى الشابندر" في بغداد، وقد اعتاد رواد الشارع على احتساء الشاي في هذا المقهى العريق الذي يعد من أهم معالم الشارع والعاصمة.

تطوير شامل

وشملت حملة التأهيل تجديد واجهاته القديمة وطلاء الأبنية والمتاجر، وإنارة الممر بما يتلاءم ورونقه الجديد، فضلاً عن استبدال بنيته التحتية من مجاري تصريف مياه الأمطار وكابلات كهربائية، واستبدال بأرضيته أخرى جديدة تناسب طبيعته التاريخية، إلى جانب إشراك خدمة الإنترنت المجانية.

مبانٍ مهمة

هذا المركز الحضاري يضم سلسلة من المواقع التي تعود إلى العصر العباسي، مثل المدرسة المستنصرية والقصر العباسي وسلسلة من المباني التي يعود تاريخها إلى الحكمين العثماني والإنجليزي في العراق، مثل القشلة ومحيطها والمتحف البغدادي الشعبي وجامع الحيدر خانة والأوزبكية ومقر وزارة الدفاع العراقية القديم، الذي كان للفترة الممتدة من 1958 وحتى 1963 يمثل المقر الرئيس لإدارة البلاد، فضلاً عن العشرات من المواقع والأبنية التي أنشئت خلال عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

أماكن محدودة

وفي المساء، تجد عدداً من المحلات القليلة قد فتحت أبوابها أمام الإقبال الكبير من الأسر البغدادية للسماح لهم بالقيام بجولات مسائية لم تكن مألوفة سابقاً، لا سيما أن أصحاب الشارع اعتادوا على إغلاق جميع متاجره المختصة ببيع الكتب والقرطاسية وإغلاق الأسواق المجاورة للشارع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أجواء ممتعة

عمر محمد الذي يقوم مع زوجته وأولاده بزيارة ترفيهية لالتقاط صور تذكارية قرب تمثال المتنبي والجلوس على ضفاف نهر دجلة، قال إن "الإنارة رائعة والأجواء ممتعة، وقد أخبرت أولادي الذين لم يأتوا سابقاً عن تاريخ شارع المتنبي وما يمثله من سلسلة مراحل من تاريخ العراق القديم والحديث".

ويأمل في أن يكون هناك عدد من المطاعم والمقاهي وسط الشارع أو على مقربة منه، لقضاء وقت أجمل ولتناول الطعام، لكون الأسر البغدادية بدأت تتردد بكثافة في أوقات الليل، ولم تعد الزيارات مقتصرة فقط على النخب.

خطوة مشجعة

بدوره قال الباحث في الشأن التراثي عادل العرادوي إن حملة التطوير شجعت العوائل البغدادية على القدوم ليلاً، ما كان بمثابة حافز لتأهيل شوارع تراثية أخرى.

وبين العرداوي أن "مرتادي شارع المتنبي كانوا يأتون نهاراً وغالبيتهم من الرجال، إلا أنه بعد تطويره وتأهيله أصبحت الأسر البغدادية تقصده ليلاً"، مشيراً إلى أن الهدف من التأهيل هو تشجيع المحال للبقاء حتى ساعات متقدمة من الليل في خطوة تحفيزية.

واعتبر أن الأمور حتى الآن مشجعة، وبعض المحال بدأت تفتح أبوابها ما سيكون دافعاً لتأهيل شوارع أخرى في بغداد مثل شارع الرشيد، لا سيما أن مجيء العوائل يبعث رسالة اطمئنان بتحسن الوضع الأمني.

ولفت إلى أنه من الممكن إحداث تطويرات أخرى قرب شارع المتنبي، مثل إنشاء بعض المطاعم والمقاهي قرب ضفاف دجلة لاستقطاب المزيد من الأسر البغدادية.

أمل جديد

وقال الصحافي حسين زكنة إن تأهيل شارع المتنبي بحلته الجديدة يعطي رسالة أمل بإمكان تأهيل باقي مناطق بغداد التراثية، بعد أن هُجرت خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن دعم وتشجيع توجه الأسر البغدادية إلى زيارة الشارع يحتاج من أمانة بغداد إلى أن تجد فرصاً جديدة لاستثمارها مثل المطاعم السريعة والمقاهي الجديدة وتشجيع أصحاب المقاهي القريبة من الشارع على البقاء ليلاً، معتبراً أن الإقبال الواسع من البغداديين على زيارة الشارع ليلاً وحتى الساعات الأولى من الفجر، يحتاج إلى إقناع أصحاب المكتبات ومحال القرطاسية إلى إيجاد نشاط ليلي لهم لاستيعاب هذا الزخم اليومي والاستفادة منه اقتصادياً.

وبين زكنة أن هذه المبادرة هي رسالة من البغداديين توثق حبهم للحياة على الرغم من المشاكل التي يعانونها، وتأكيد لمدنية بغداد وأهلها، مشيداً بهذا التحرك العفوي التلقائي للأسر من دون دعوة أو حملات تشجيعية على مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات