Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انشقاق نائب وحد حزب المحافظين فنجى بوريس جونسون لأسبوع آخر

رئيس الوزراء قاوم منتقديه واشترى الوقت عبر مخاطبته من انتفضوا في حزبه ضده بسبب إجراءات كورونا

جيرمي هانت (يسار الصورة) يهنئ منافسه الفائز برئاسة حزب المحافظين بوريس جونسون، في 23 يوليو 2019. وبعد الكشف عن حفلات نظمها مع فريقه أثناء إغلاقات كورنا، يواجه جونسون نواباً غاضبين داخل حزبه يدعونه إلى الاستقالة (أ ب)

تشكل الانشقاقات عملة صعبة في السياسة. إذ أعطى انشقاق ألن هوارث في 1995 مؤشراً على إمكانية فوز حزب العمال بشكل كاسح. وقد انشق النائبان دوغلاس كارسويل ومارك ريكليس في 2014 [انشق كلاهما بسبب قرب التصويت على بريكست، فانتقلا من حزب المحافظين إلى "حزب استقلال المملكة المتحدة"]، وقد كانا في طليعة المؤيدين لحملة الخروج [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي] في استفتاء بريكست. وكذلك انشق ثمانية نواب من حزب العمال، إضافة إلى ثلاثة نواب محافظين، ليؤسسوا "حركة تغيير المملكة المتحدة" في 2019 (وخلصوا إلى انضوائهم جميعاً في صفوف حزب الليبراليين الديمقراطيين)، وكانوا من دعاة إعادة تنظيم التحالف السياسي في انتخابات بريكست التي جرت سنة 2019.

اليوم، يسير تيار الانشقاقات من حزب المحافظين إلى حزب العمال مجدداً، لكن انشقاق النائب المحافظ كريستيان وايكفورد سببه اشمئزازه من بوريس جونسون وليس جاذبية [زعيم حزب العمال] كير ستارمر.

إنها ضربة كبيرة تسجل لمصلحة ستارمر، ويبدو أنه كان من المنطقي الإعلان عنها قبل جلسة المساءلة الأسبوعية لرئيس الحكومة، في محاولة لزيادة حال عدم التوازن التي يعاني منها [جونسون]. وفي المقابل، ولد هذا الإعلان أثراً عكسياً، عبر تقسيم مجلس العموم البريطاني من جديد على أساس الخط الحزبي بدلاً من استمرار الانقسامات التي تعصف بالحزب الحاكم.

لقد شعر جونسون بتجدد طاقته، وأزيلت عنه صورة الزعيم النادم الذي يرتدي الكمامة [إشارة إلى معارضة جونسون في البداية إجراءات مواجهة كورونا، وتبنيه آنذاك مقولة مناعة القطيع الطبيعية]، أثناء ظهوره أخيراً ضمن مقابلة قصيرة متلفزة. إذ أزاج تأثير الانشقاق، مدعياً أن حزب المحافظين فاز بمقعد (النائب المنشق) "للمرة الأولى منذ أجيال عدة" تحت قيادته [جونسون]. وأضاف، "إننا سنفوز بمقعد منطقة بوري ساوث [التي يمثلها وايكفورد]"، علماً أن حزب المحافظين احتفظ بمقعد تلك الدائرة حتى 1997.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، كانت جلسة المساءلة يوماً مفيداً لزعامة ستارمر. فقد لوحظ أنه كان مرتاحاً أكثر من العادة، وواثقاً من نفسه. وقد عبر عن ذلك بكلمات، "لقد تغير حزب العمال، كذلك تغير حزب المحافظين". بمعنى آخر، إنه [ستارمر] يدعي الآن أن حزب العمال هو الحزب الذي يمثل أهل الشمال من أبناء الطبقة العاملة الذين جنحوا يميناً مع أجل مغادرة الاتحاد الأوروبي. وتمكن أيضاً من التعبير عن ذلك بإيمان واضح، وكان النائب وايكفورد جالساً خلفه تحديداً، مرتدياً كمامة طُبِع عليها العلم البريطاني.

وحتى أن ستارمر تمكن من إطلاق بعض النكات والدعابات الجيدة، بكلمات تضمنت، "أنا أعلم أن الأمور لا تسير على ما يرام، لكن انظروا إلى الجانب الإيجابي في القضية. ففي الأقل، لقد أظهر الموظفون في مقر الحكومة في 10 داونينغ ستريت قدرتهم في توضيب الحقائب." [في إشارة إلى إخفائهم عبوات المشروبات التي نقلوها إلى حفلاتهم المحظورة بحقائب السفر]. ومهما بلغ عدم الإنصاف في تلك الكلمات، إذ لم يكن جونسون موجوداً حتى في مقر الحكومة في "داونينغ ستريت" في الليلتين اللتين أقيمت خلالهما الحفلتان، فإن حقائب المشروبات ستبقى المؤشر الدائم على فشل رئيس الحكومة في اتباع قواعد الإغلاق حتى تلك التي فرضها بنفسه.

وفي المقابل، ظهر جونسون بمظهر المحارب الذي يتمتع ببعض الدعم من جانب محازبيه. وحده [النائب] ديفيد ديفيس وزير شؤون بريكست السابق، الذي كان حتى الأمس القريب من أقوى الداعمين لزعامة جونسون، اختار هذا اليوم لتوجيه رسالة قوية واستخدام المقولة المبتذلة والعاطفية المقتبسة من أوليفر كرومويل [زعيم بريطاني تاريخي حكم المملكة المتحدة في منتصف القرن السابع عشر، وأقام حكم شبه جمهوري فيها، انتهى في 1658] بواسطة [وزير خارجية الهند وبورما بين عامي 1922 و1924] ليو إيميري، "لقد طال أمد جلوسكم على كرسي المسؤولية هنا بالمقارنة مع الإنجازات التي حققتموها. بحق الله، ارحل". تظاهر جونسون بأنه لم يكن يعرف ذلك القول المأثور، فقال،      "أنا لا فكرة لدي عما يقوله". بعد ذلك وفي سؤال حول بيان رئيس الوزراء الذي تلاه حول إجراءات كورونا، أعاد السير إدوارد ليي، وهو من مؤيدي جونسون على مقاعد البرلمان الخلفية تشكيل عبارة أيميري المأثورة، إذ قال "بحق الله، استمر في عملك." ورد عليه جونسون مستخدماً عبارة ربما كان يمكن أن تكون مسيئة له وربما تعكس تفاؤله المفرط لو استخدمها في وقت سابق من ذلك اليوم، "لم أجلس هنا مدة كافية من الزمن، أو بالطبع لم تكن الفترة الزمنية كافية حتى، وفق رأيي."

جاءت إحدى أبرز المداخلات خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة من خلال الإجابة عن سؤال من أحد نواب حزب العمال، الذي رجاه جونسون "الانتظار حتى الأسبوع المقبل" قبل أن يصدر حكمه عما إذا كانت القواعد قد خُرقت من خلال فعاليات خاصة بالعمل جرت في مقر "داونينغ ستريت". ويوحي ذلك بأن تقرير [المحققة] سو غراي، الموظفة الحكومية التي تُعِد تحقيقاً حول الحفلات، لن ينشر هذا الأسبوع، وفق ما يتمنى جونسون. بالتأكيد فإن الأدلة الجديدة التي كشف عنها دومينيك كامينغز، كبير مستشاري رئيس الوزراء السابق، قد أضافت يوماً أو يومين من العمل بغية الانتهاء من إعداد التقرير.

رغب جونسون أن ينشر التقرير هذا الأسبوع كي يتخلص من القضية حتى لو كان نشره سيشكل المحفز لهؤلاء النواب الذين ينتظرون نتائجه كي يحسموا مواقفهم بشكل يظهرون فيه كأنهم يعتمدون عليه [التقرير] في التوصل إلى خلاصاتهم. الآن، سيتحتم على جونسون أن يعاني مزيداً من التكهنات خلال فترة نهاية الأسبوع. في المقابل، قد يساعده أداؤه خلال جلسة المساءلة الأسبوعية لرئيس الوزراء، كذلك سيساعده بشكل أكبر بيانه عن رفع إجراءات كورونا.

كان هناك ترحيب صادر من القلب من نواب حزب المحافظين في البرلمان حينما أعلن جونسون انتهاء التقيد بتوجيهات فترة العمل من المنازل، وانتهاء التقيد بإبراز شهادة التطعيم، وإلزامية ارتداء الكمامات. لكن ذلك لا يعني أن كل المعارضين لإجراءات الوقاية من "كوفيد" كانوا سعداء. إذ أعرب مارك هاربر، رئيس "مجموعة التعافي من كورونا" عن رجاء صاغه بكلمات، "أتمنى ألا يلومني رئيس الوزراء إذا لم أكن ممتناً بشكل عظيم بعد سحبه تلك الإجراءات الوقائية،" وأضاف، "أنا وكثيرين آخرين لم نكن نظن أنه كانت هناك حاجة إليها في الأصل."

 

وبالفعل، واصل هاربر حديثه مطالباً بمزيد من رفع القيود. إذ يريد من جونسون التخلي عن خطة طرد الموظفين غير المطعمين، وهو قانون سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من شهر إبريل (نيسان) المقبل. في المقابل، يفيد هاربر بأن بعض الموظفين سيبدأون في خسارة وظائفهم بعد أسبوعين من يوم استجوب جونسون في البرلمان. وأظهرت إجابة جونسون مراعاته، وفق ما هو محتم عليه، مشاعر أحد قياديي مجموعة مكونة من 101 من النواب من حزب المحافظين الذين انتفضوا ضد الخطة "ب" الخاصة بالإجراءات الوقائية قبل عيد الميلاد. إذ رد جونسون بأنه "من المهم جداً أن تكون هناك أصوات تدافع عن الحريات." ووعد جونسون بأنه "سينظر" في القضية، لكنه أشار إلى أنه ملزم مراعاة موقف أهالي الأشخاص الذين يلتقطون عدوى "كوفيد" في المستشفيات. أظن أن هذا القانون سيلغى في النهاية، على الأقل لأن وزير الصحة ساجد جاويد قد تلقى النصح بأن هذا القانون لم يعد ضرورياً.

وهذا كله يعني أن مئة ونائباً واحداً يمسكون بمصير رئيس الوزراء بأيديهم. قد يحسب بعضهم أن بإمكانهم الحصول على ما يشتهون من جونسون الضعيف، بدلاً من ريشي سوناك [وزير المالية المرشح لخلافة جونسون] القوي، حتى إن كان الاثنان ينتميان أيضاً إلى التيار المؤيد "للحفاظ على الحريات" في الجدال الذي يدور في مجلس الوزراء طوال فترة الجائحة.

مع الإعلان عن الرفع المبكر لإجراءات الوقاية من "كوفيد"، اشترى جونسون بعض الوقت من بعض هؤلاء النواب، ولكن لمجرد أيام معدودة. أشك في قدرته على الصمود في وجه التيار بعد تقرير سو غراي. إذ قد لا يتضمن تقريرها إدانة أكبر مما نعرفه مسبقاً عما جرى، لكن نشره سيشكل لحظة للقرار. ومن الصعب رؤية أسباب قوية تسمح بإمكانية بقاء جونسون في السلطة. إذ يشعر بعض النواب من حزب المحافظين بأن (الوزير) سوناك ليس جاهزاً بعد لتسلم مقاليد الوظيفة الأولى في البلاد، وبحاجة لمزيد من الوقت. في المقابل، نجد أنهم حينما يبحثون ذلك الأمر، يكون الأحرى بهم أن يسيروا فيه [إقالة جونسون وتسلم سوناك رئاسة الوزراء]، وينجزوا عملية التغيير.

© The Independent

المزيد من آراء