Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تمتلك موسكو خطة حقيقية لغزو أوكرانيا؟

تطويق الجيش الأوكراني ومحاصرة الموانئ الرئيسة وفرض سيطرة عسكرية على دونباس خيارات روسية في الحرب

تشير بعض التقديرات الغربية إلى مساعٍ روسية لتهيئة الظروف لاتخاذها كذريعة لتنفيذ عمليات عسكرية في أوكرانيا (أ ف ب)

بين تعهدات غربية بالحماية وضمان أمن وسيادة كييف، وتلميحات روسية بالمضي في خططها العسكرية حال عدم الرد على مطالبها الأمنية، لا تزال جهود حلحلة الأزمة الأوكرانية دبلوماسياً بين موسكو والغرب تراوح مكانها، في ظل تزايد المخاوف من اجتياح روسي محتمل للجمهورية السوفياتية السابقة.

وعلى وقع هذه المخاوف من اندلاع حرب، قد تشعل نزاعاً واسعاً يهدد بزعزعة استقرار القارة الأوروبية، وفق تقديرات بعض المسؤولين الغربيين، يحاول المراقبون والمحللون العسكريون، رسم صورة لما ستكون عليه العمليات العسكرية حال نشوبها، لا سيما أن مواقف الأطراف حول الأزمة "لا تزال متباينة بالكامل"، بحسب ما أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف.

سيناريوهات الغزو الروسي

ووفق تقرير مطوّل لشبكة "أن بي سي نيوز" الإخبارية الأميركية، فإن لدى روسيا بحكم قدراتها العسكرية واستعدادها العملياتي، الذي بدأته منذ أشهر على الحدود الأوكرانية، مجموعة متنوعة من الخيارات حال مضيّها قدماً لتنفيذ تهديدها بشن الحرب، التي تشمل وفق ما نقلت المحطة التلفزيونية عن محللين ومراقبين عسكريين، تطويق الجيش الأوكراني ومحاصرة الموانئ الرئيسة في البلاد، مع فرض سيطرة عسكرية روسية سريعة على منطقة دونباس (جنوب شرقي أوكرانيا).

ووفق التقرير، فإنه وبعد نشر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من 100 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا، تنحصر خيارات موسكو في احتمالات تنفيذ غزو واسع مع سيطرة كاملة على منطقة دونباس أو عملية محدودة، أو أنها تأتي ضمن عملية ممارسة أقصى ضغط ممكن على كييف والغرب، بهدف تلبية مطالبه الأمنية (تتضمن التعهد بعدم قبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي "ناتو" ومنع إقامة قواعد عسكرية تابعة للحلف في المنطقة).

وأوضح التقرير أن ما يساعد روسيا في "المناورة"، امتلاكها قوات جوية وبحرية كبيرة، من المرجح أن تكون جزءاً من أي هجوم، فضلاً عن قدرتها على تنفيذ هجمات إلكترونية، ما يمكن أن يدمر البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا ويعطّل الاتصالات ويقيّد تحرك القوات البرية لكييف.

ونقلت المحطة عن فيليب بريدلوف، الجنرال الأميركي المتقاعد (كان القائد الأعلى لحلف "ناتو" من 2013 إلى 2016)، قوله إن "هناك قوة كبيرة بشكل لا يصدق على الحدود"، وعلى الرغم من أن القوات البرية الأوكرانية أصبحت أفضل وأقوى بكثير منذ عام 2014، فإن السيطرة في النهاية ستكون للروس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن بين السيناريوهات المرجحة، وفق تقديرات العسكريين الغربيين، تقول "إن بي سي"، "تطويق الجيش الأوكراني" عن طريق القوات العسكرية الروسية على الحدود، وذلك عبر منطقة دونباس، حيث ينتشر معظم القوات العسكرية الأوكرانية على طول خط التماس، مضيفة أنه في هذه الحالة، يمكن للقوات الروسية، عزل القوات البرية الأوكرانية في تلك المنطقة.

سيناريو آخر، قدّره المحللون العسكريون، يشمل إمكانية "حصار الموانئ الأوكرانية"، من خلال القوات البحرية الروسية التي حشدتها موسكو قبالة السواحل الأوكرانية، لا سيما بحر آزوف، ما يعني حال حدوثه "تقييد حركة السفن في المنطقة" المتجهة إلى الساحل الأوكراني، وهو أمر قد يتطوّر ليشمل إغلاق مدينتي بيرديانسك وماريوبول البحريتين في الجنوب الشرقي، بالتالي إقفال قناة شحن مهمة لأوكرانيا.

الأمر كذلك، قد يشمل إغلاق موانئ أوديسا ونيكولاييف وخيرسون على البحر الأسود، التي تُعدّ موانئ أوكرانية حيوية للأسواق العالمية، ما سيشكّل بدوره ضغطاً كبيراً على الاقتصاد الأوكراني، الذي يعاني أصلاً مشكلات وأزمات كبيرة. وإلى جانب تلك الخيارات، تضيف المحطة أن هناك سيناريو محتملاً آخر يتمثل في قيام القوات الروسية بشن عمليات عسكرية جنوباً، انطلاقاً من شبه جزيرة القرم.

سيناريو آخر نقلته "إن بي سي" يشمل، بحسب المحللين العسكريين، دخول القوات الروسية المناطق التي يسيطر عليها "الانفصاليون" في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المعلنتين من جانب واحد، "في استعراض للقوة رمزي في الغالب"، ما سيسمح لموسكو بإبقاء التوترات عالية مع كييف، مضيفة أنه يمكن لروسيا كذلك التحرك عبر توسيع المنطقة التي يسيطر عليها "الانفصاليون"، ربما عن طريق الاستيلاء على نقاط الاتصال أو محطات الطاقة.

وحتى الآن، تنفي موسكو أي خطط لشن هجوم عسكري على أوكرانيا، إلا أنه ووسط تصاعد التوتر، تثير التحركات العسكرية الروسية قلق العواصم الغربية، التي كان آخرها، إعلان بيلاروس (أحد أبرز حلفاء موسكو)، اليوم الثلاثاء، وصول عدد غير محدّد من القوات الروسية للقيام بمناورات في فبراير (شباط) "تحضيراً لقتال"، موضحة أن "المناورات المقبلة للتحضير العملياتي والقتالي تجري بسبب تدهور الوضع السياسي العسكري في العالم واستمرار تصاعد التوتر في أوروبا، لا سيما على الحدود الغربية والجنوبية لبيلاروس"، من دون تحديد نطاق لتلك المناورات.

وتتمسّك موسكو بأن كل المخاوف الغربية ما هي إلا "ادعاءات" لا أساس لها من الصحة، محمّلة حلف شمال الأطلسي المسؤولية عن التوتر في المنطقة، بخاصة في ظل أنشطة الحلف للتوسع شرقاً نحو حدود روسيا، ما يهدد بنشوب نزاع واسع النطاق في أوروبا.

"ذريعة" الحرب

في الأثناء، تشير بعض التقديرات الغربية إلى "مساعٍ روسية" لتهيئة الظروف لاتخاذها كذريعة لتنفيذ عمليات عسكرية في أوكرانيا، بالرغم من اصطدامها بالدعم الغربي الواسع لكييف، الذي يبدو أكثر وحدة وتشدداً تجاه مطالب موسكو الخاصة بأوكرانيا.

وفي تقرير حديث لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، نقلت عن مسؤول في العاصمة واشنطن قوله إن "روسيا تضع الأساس لاختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا والدخول في حرب، بما في ذلك القيام بأنشطة تخريبية، كما تحضّر عمليات إعلامية تتهم فيها كييف بالإعداد لهجوم وشيك ضد القوات الروسية في شرق أوكرانيا"، مشيراً إلى أن موسكو وضعت بالفعل مجموعة من النشطاء المدربين على القتال في المناطق الحضرية وخبراء في المتفجرات لشن هجوم على القوات الانفصالية التي تدعمها روسيا في شرق أوكرانيا لتبرير هجوم على البلاد.

وأوردت "فورين بوليسي"، نقلاً عن المسؤول الأميركي، إن "الجيش الروسي يعتزم بدء هذه النشاطات قبل أسابيع عدة من الغزو العسكري، الذي قد ينطلق بين منتصف يناير (كانون الثاني) ومنتصف فبراير"، وهو تكتيك جرى "استخدامه عام 2014 قبل سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم". وتتوافق تصريحات المسؤول الأميركي مع تصريحات سابقة الخميس الماضي، لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، قال فيها إن إدارة الرئيس جو بايدن ترى أن روسيا تُعدّ معلومات مضللة لتوفير ذريعة لتعزيز العزم لغزو أوكرانيا.

وتذكر "فورين بوليسي" أن "وسائل الإعلام الحكومية الروسية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي تنشر بشكل متزايد معلومات مضللة للترويج لشن الحرب، كما أنها تلقي باللوم على الغرب في تصعيد التوترات، وتنشر مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان في أوكرانيا، كما تحاول حشد الدعم الداخلي الروسي للعمل العسكري"، مشيرة إلى أن "هذه النشاطات ازدادت "200 في المئة عن المتوسط اليومي في نوفمبر (تشرين الثاني)".

ومنذ عام 2014، تشهد أوكرانيا صراعاً في شرقها بين قوات كييف وانفصاليين موالين لموسكو، أسفر عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص، بدأ بعد ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم، الذي أعقب إطاحة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لروسيا.

وأثارت النزعة الانفصالية في شرق أوكرانيا، مخاوف حلف شمال الأطلسي الذي زاد على إثره بشكل كبير نشر القوات والمعدات لدى أعضائه الشرقيين. ومنذ ذلك الحين، دفعت إجراءات روسية أخرى، بما في ذلك هجمات إلكترونية وعمليات مشتبه فيها بالبحر الأسود وبحر البلطيق، "ناتو" إلى توسيع وجوده في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، التي كانت ذات يوم جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وفي دول أخرى كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق، مثل بولندا.

المزيد من تقارير