Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين: "الناتو" خدعنا وهو المطالب بتقديم الضمانات

اجتماع فريقي التفاوض الروسي والأميركي حول "الاستقرار الاستراتيجي" في جنيف يناير المقبل

قال بوتين إن روسيا لا تهدد أحداً لكنها لن تتسامح مع محاولات جعلها طرفاً في النزاع الأوكراني (أ. ب)

في تقليد لم يتوقف منذ أولى سنوات ولايته الأولى مطلع القرن الحالي، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمره الصحافي السنوي بحضور 507 من الصحافيين المحليين والأجانب، ممن قرر الكرملين أن يختارهم بنفسه بموجب معايير وقواعد صارمة تحددت بموجب "المهنية"، والإجراءات الوقائية الضرورية لتفادي احتمالات الإصابة أو العدوى، وذلك ما دفع الكرملين إلى التخلي هذا العام عن "كرنفال" المؤتمرات الصحافية التي كان تبناها خلال السنوات الأخيرة السابقة، أسلوباً لجمع ما يقرب من الـ 2000 من ممثلي الصحافة العالمية والمحلية وموفدي الأقاليم، الذين كانوا يتفننون في أساليب لفت الأنظار من خلال ما يرتدونه من أزياء، وإن سمح ببعض اللافتات والشعارات التي يعتبرها المسؤولون عن تنظيم هذه المؤتمرات الصحافية إعلاناً عن هوية المتحدث، وما يريد طرحه من مواضيع أو تساؤلات.

مؤتمر هذا العام لم يخرج عن الإطار المعروف عن المؤتمرات السابقة منذ ظهور هذا التقليد في تسعينيات القرن الماضي، التي طالما كان يعقدها الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين في المقر السابق لمجلس السوفيات الأعلى للاتحاد السوفياتي داخل أسوار الكرملين.

ما قبل المؤتمر

وعلى الرغم من الضجة "المفتعلة" من جانب بعض "الصحافيين" المحسوبين على الكرملين ومحاولاتهم تأليب الأوساط الرسمية السياسية والإعلامية ضد مراسل وكالة الأنباء الأوكرانية رومان تسيمباليوك، أعلنت مصادر الجهاز الصحافي للكرملين عن ضم هذا المراسل "المشاكس" المعروف بأسئلته التي تعكس وجهات نظر الأجهزة الرسمية للدولة الأوكرانية إلى قائمة الذين اختارهم للمشاركة في المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس، وهو ما يعكس الرؤية الموضوعية المسؤولة التي تتفق مع أسمى المعايير المهنية الصحافية للمسؤولين في الكرملين.

لم يستجب الجهاز الصحافي للكرملين لكل النداءات التي تتعالى، ليس فقط مطالبة بضرورة منع الصحافي الأوكراني من المشاركة في مؤتمر الرئيس بوتين، بل وطرده ووقف اعتماده.

وشاركت الخارجية الروسية في هذه الحملة، وإن اعترفت بعجزها عن اتخاذ أي إجراء في هذا الاتجاه، نظراً إلى أن تنظيم المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس من صميم صلاحيات الكرملين وجهازه الصحافي الذي قرر أن يتولى بنفسه اختيار 507 من الصحافيين المحليين والأجانب، بمن فيهم من يخضع لوضعية اعتباره "عميلاً أجنبياً" يتقاضى مرتبه وتمويل مطبوعته أو قناته التلفزيونية من الخارج، للمشاركة في المؤتمر.

المواضيع التي تطرق إليها بوتين في مؤتمره السنوي هذا العام لم تخرج في معظمها عن التوقعات التي كشف عنها كثير من متابعي الشأن الروسي داخلياً وخارجياً، وتلخصت في الأوضاع الداخلية وما يتعلق منها بمكافحة وباء كورونا، وما تتخذه أجهزة الدولة الروسية من إجراءات، إلى جانب الأزمة الأوكرانية والعلاقات الروسية -الأميركية، وعلاقات روسيا مع "الناتو" والاتحاد الأوروبي، وغير ذلك من القضايا الدولية والإقليمية.

وعلى مدى ما يزيد على أربع ساعات أجاب الرئيس بوتين خلالها عن 43 من أسئلة المشاركين في المؤتمر، تناول خلالها كثيراً من قضايا الداخل وما يتعلق منها بمشكلات مواطنيه، إلى جانب قضايا الخارج على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

استهل بوتين حديثه بإعلان تخليه عن المقدمة التقليدية التي عادة ما يوجز من خلالها رؤيته تجاه قضايا روسيا والعالم، وما يتعلق بها من حصاد العام الفائت، وماذا ينتظر روسيا والعالم من قضايا في العام الجديد، مفسحاً المجال أمام الأسئلة التي قال إنها يمكن أن تكون خير مقدمة لحديثه هذا العام.

الاقتصاد الروسي وكورونا

استمد الرئيس بداياته من تناول قضايا روسيا الداخلية، وفي مقدمها ما تقوم به روسيا من أجل مواجهة الجائحة، إذ قال إن اقتصاد موسكو نجح في مواجهة متاعب هذه الجائحة بوتيرة أسرع من مثيلاتها في بلدان أخرى كثيرة، وحقق نسبة نمو هذا العام بلغت 4.5 في المئة، بينما من المتوقع أن تبلغ نسبة التضخم ثمانية في المئة.

وأضاف أن معدلات البطالة في روسيا انخفضت في الوقت الراهن إلى ما دون مستواها قبل اندلاع الجائحة، وتبلغ اليوم ما يقرب من 4.3 في المئة، لكن بحلول نهاية العام قد ترتفع إلى 4.4 في المئة.

وكشف عن ارتفاع حجم الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 123 في المئة، فيما حقق قطاع البناء والإنشاءات رقماً قياسياً بلغ ما يقرب من 90 مليون متر مربع العام الحالي.

ووصف بوتين مشاريع البنية التحتية التي جرى إطلاقها بأنها "ضخمة وغير مسبوقة".

وتوقف الرئيس الروسي عند قضية النمو الديموغرافي للسكان التي قال إنها تمثل أكبر التحديات الرئيسة أمام روسيا، ليقول إن عدد السكان الحالي وهو 146 مليون نسمة غير كاف لدولة بحجم روسيا.

مناهضة التطعيم

ومن القضايا الداخلية، ومنها ما يتعلق بسبل مواجهة روسيا للجائحة، وتعالي الأصوات التي لا ترفض التطعيم وحسب، بل وتحض المواطنين على عدم الانصياع إلى أي إجراءات رسمية في هذا الصدد، أكد بوتين معارضته فرض عقوبات جنائية على رافضي التطعيم ضد فيروس كورونا في البلاد، في وقت عزا فيه ارتفاع حصيلة ضحايا الجائحة التي بلغت 1000 مواطن يومياً في روسيا خلال الوقت الحالي، إلى انخفاض مستوى التطعيم والمناعة الجماعية في البلاد.

وقال إن المستوى الحالي يبلغ زهاء 59.4 في المئة، مؤكداً أن ذلك لا يكفي، ويجب رفعه إلى قرابة 80 في المئة على الأقل، في الوقت الذي يجب أن تبلغ فيه نسبة تتراوح بين 90 - 95 في المئة.

ولم يغفل الرئيس الروسي ما يجرى على صعيد محاولات الالتفاف حول القانون، مشيراً إلى كثير من المخالفات القانونية، ومنها تزوير شهادات التطعيم. وفي الوقت الذي وجه فيه انتقادات شديدة اللهجة إلى بعض السياسيين الذين قال إنهم يدعون إلى مناهضة التطعيم وعدم الالتزام به، وقال إنهم يفعلون ذلك بهدف رفع مستوى شعبيتهم، أكد بوتين أن "لكل فعل رد فعل"، وهو ما فسره بقوله "إن زيادة الضغط على المواطنين بشأن التطعيم لا بد من أن تؤدي فوراً إلى ابتكار سبل للالتفاف على القواعد الجديدة".

وأضاف، "من الواجب البحث عن سُبل جديدة لتجاوز هذه العراقيل والتعامل باحترام مع الناس بغض النظر عن مواقفهم، والتوضيح لهم بصبر ضرورة اتخاذ إجراءات محددة".

وعود "الناتو" وأميركا

وحول قضايا الخارج وعلاقات روسيا مع خصومها "الغربيين" ورداً على سؤال مراسل "بي بي سي" قال بوتين، "إلحاق الهزيمة بروسيا من جانب أي قوى خارجية مستحيل وغير ممكن، لكن هذا الهدف يمكن تحقيقه استناداً إلى قوى الداخل"، وهو ما كاد أن يتحقق إلى حد كبير في تسعينيات القرن الماضي.

وأضاف بوتين أن ذلك حدث في الوقت الذي كانت فيه روسيا قريبة من أن تنضم إلى الأسرة الأوروبية. وأعاد الرئيس الروسي إلى الأذهان كثيراً من المخططات والأفكار الأميركية التي استهدفت تقسيم روسيا منذ عقود طويلة، ومنها ما أشار إليه الرئيس الأميركي الأسبق وودور ويلسون مطلع القرن الـ 20 حول ضرورة تقسيم روسيا إلى خمس جمهوريات، منها سيبيريا وأربع جمهوريات في الفضاء الأوروبي.

وقال إن ما تحقق فاق أحلام ويلسون، وما كان يريد تحقيقه حيث جرى انهيار الاتحاد السوفياتي وتقسيمه إلى 15 جمهورية وليس خمس.

وفي هذا الصدد ورداً على سؤال لمراسلة "سكاي نيوز"، توقف بوتين طويلاً عند المسائل المتعلقة بما يطرحه الغرب على روسيا بشأن ما يصفه بالضمانات الأمنية، وما تطرحه روسيا بوصفه "الخطوط الحمراء" التي تحددها لحماية أمنها القومي ومصالحها الوطنية. وأعاد الرئيس بوتين إلى الأذهان ما سبق وقالت موسكو الرسمية إن "الناتو" والولايات المتحدة وعدا به من إجراءات في أعقاب سقوط جدار برلين، وما تلاه من لقاءات في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقد الرئيس الروسي ما وصفه بخداع "الناتو" لروسيا، مؤكداً ضرورة أن يتوقف "الناتو" عن محاولات التوسع شرقاً، في إشارة إلى خطط تمدده لابتلاع أوكرانيا وجورجيا. وقال "إن الغرب أتى بمنظومات صواريخه إلى أعتاب بيوتنا، وهو المدعو إلى التقدم بما يطرحه من ضمانات لحماية أمن روسيا"، مؤكداً "أن الغرب وليس روسيا هو المطالب بتقديم الضمانات الآن وفوراً".

وتوقف الرئيس بوتين بكثير من التفاصيل أمام مخططات "الناتو" للتوسع شرقاً في موجته الخامسة، مشيراً إلى نشر المنظومات الصاروخية في رومانيا وبولندا على مقربة مباشرة من الحدود الروسية، في وقت لا يكف فيه عن حديثه حول احتمالات انضمام أوكرانيا أو نشر منظوماتها الهجومية في الأراضي الأوكرانية بموجب اتفاقات ثنائية.

وفي هذا الشأن قال بوتين إن روسيا ترى أولوياتها في ضمان أمنها، مؤكداً أن "خطواتنا ستتوقف ليس على سير المفاوضات، بل على الضمان غير المشروط لأمن روسيا". وأضاف، "روسيا لا تهدد أحداً، لكنها لن تتسامح مع محاولات جعلها طرفاً في النزاع الأوكراني".

وطرح بوتين تساؤلاته حول ماذا يمكن أن يكون عليه الحال لو نشرت روسيا منظوماتها الصاروخية في المناطق الحدودية في كندا أو المكسيك. وأشار إلى بعض ما يتعلق بتاريخ كاليفورنيا وتكساس من دون التوسع في التفاصيل.

وكشف الرئيس الروسي عن اتفاق توصل إليه مع نظيره الأميركي جو بايدن حول ضرورة التوصل إلى "الاستقرار الاستراتيجي" بين البلدين بموجب مبادرة موسكو حول الضمانات الأمنية المتبادلة. وقال إنه سوف يجرى اجتماع فريقي التفاوض حول المسائل الأمنية في جنيف مطلع يناير (كانون الثاني) من العام المقبل على قاعدة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وخلص الرئيس الروسي إلى أن "الكرة الآن في ملعبهم، وعليهم الرد علينا بطريقة ما".

قضية نافالني

أما عن قضية المعارض الروسي ألكسي نافالني الذي يحرص دوماً على تفادي الإشارة إليه بالاسم، قال الرئيس بوتين إن روسيا طالبت كثيراً بتقديم الأدلة والقرائن التي تؤكد تعرضه لمحاولة التسميم بغاز "نوفيتشوك"، لكن أحداً لم يستجب لطلبات الأجهزة الروسية.

وكشف عن أنه طالب بنفسه الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل بتقديم الأدلة من دون استجابة تذكر.

وحمل بوتين على المعتقلين والمسجونين الذين قال إنهم يتسترون وراء العمل بالسياسة من أجل الإفلات من العقوبة جزاء جرائم جنائية، في إشارة إلى نافالني، الذي صدر بحقه حكم بسجنه في قضية نصب وتزوير تتعلق بشركة فرنسية في روسيا.

قانون الصحافة و"العميل الأجنبي"

أما عن الموقف من قانون الصحافة الذي ينص على تقنين وضعية "العميل الأجنبي" لعدد من منظمات المجتمع المدني والصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات التي تحصل على تمويل أجنبي، قال بوتين إن الولايات المتحدة وراء إصدار هذا القانون منذ العام 1934، وإنها قامت بتفعيله خلال السنوات الأخيرة.

 وإذ أشار إلى أن روسيا بدأت في تطبيقه رداً على ما تتخذه الولايات المتحدة من إجراءات ضد وسائل الإعلام الروسية، قال إن ما تتخذه بلاده من إجراءات "أكثر ليبرالية مما يجرى في الولايات المتحدة". وقال إن القانون الروسي لا ينص على ما نص عليه نظيره الأميركي من حيث إقراره عقوبة السجن مدة تصل إلى خمس سنوات، ولا يعفي من المسؤولية الجنائية، "حتى لو أوقفت هذا النشاط وأغلقت منظمتك"، مؤكداً أن القانون الروسي "لا يوجد فيه شيء من هذا القبيل".

وعن قضية "تركّز السلطة في روسيا في يد واحدة" التي أثارها أيضاً مراسل "بي بي سي"، قال بوتين "في ما يتعلق بالسلطة في يد واحدة فلدينا فصل بين السلطات، توجد سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية. من الواضح أنه توجد في كل دولة في كل مرحلة من مراحل تطورها، بعض الفروق الدقيقة المرتبطة بصلاحيات هذه السلطات". وأضاف، "سنسعى جاهدين إلى ضمان عملها بشكل منفصل، بحيث تكون الدولة متماسكة وفعالة وتتطلع إلى المستقبل، وبنهاية المطاف فإن خيار المجتمع والدولة سيحدده الشعب الروسي لا أولئك الذين تخدمونهم أنتم اليوم".

الأزمة الأوكرانية

وكانت الأزمة الأوكرانية ضمن دائرة الرؤية، وأفرد لها الرئيس بوتين كثيراً من اهتمامه. وأعاد إلى أذهان الحضور من المشاركين في المؤتمر والملايين من متابعيه عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كثيراً من تاريخ هذه الأزمة، وقال إن بلاده لطالما تعاملت على نحو موضوعي مع كثير من الحكومات الأوكرانية السابقة، ومنها حكومات يوشينكو وتيموشينكو، وأكد أن روسيا لم تكن تفكر في المسائل المتعلقة بضم القرم وسيفاستوبول (الميناء والقاعدة الرئيسة لأسطول البحر الأسود).

وقال إن هناك من دبر لما حدث ووقف وراء الانقلاب في أوكرانيا في فبراير 2014 وإطاحة الرئيس الشرعي فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان وافق على إجراء الانتخابات المبكرة التي كان من المؤكد أن تفوز فيها قوى المعارضة.

وعلى نحو يحتمل كثيراً من التأويلات والتفسيرات، توقف بوتين عند تاريخ نشأة أوكرانيا كدولة، وضم منطقة الدونباس الروسية في جنوب شرقي أوكرانيا إلى الدولة الأوكرانية بموجب اقتراح من جانب زعيم ثورة أكتوبر 1917 فلاديمير لينين عام 1922، مشيراً إلى كثير مما تردد خلال الفترة الأخيرة حول مشروعية انضمام كثير من الأراضي في شرق وغرب أوكرانيا الحالية.

وانتقد الرئيس بوتين ما أصدرته السلطات الأوكرانية خلال السنوات القليلة الماضية من قوانين ومراسيم حول وضعية السكان الأصليين، بما في ذلك من تطاول على حقوق الأقليات الروسية والبولندية والمجرية، إلى جانب ما يتعلق بالقيود التي جرى فرضها على اللغة الروسية في أوكرانيا.

وتوقف بوتين أيضاً عند عدم التزام السلطات الأوكرانية بتنفيذ "اتفاقات مينسك"، ومنها ما يتعلق بإصدار مراسيم العفو العام وإجراء الانتخابات في جنوب شرقي أوكرانيا، وقال إنها المشكلات التي تصطدم بها فكرة اللقاء مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

قيود مواقع التواصل الاجتماعي

ولم تكن القيود المفروضة على حماية النشء وتقييد دخولهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي بعيدة من دائرة تساؤلات الصحافيين، ومنهم من يمثل وسائل الإعلام الرسمية في الأقاليم. وبهذا الشأن قال بوتين "إن هذه القضية مشكلة عالمية لا تخص روسيا وحدها، إذ تناقش تلك القضية في وسائل الإعلام وفي المجتمعات حول العالم، وتناقش كذلك داخل أروقة السلطة في كثير من البلدان".

وأضاف، "ذلك يعني الخروج عن الرقابة الوطنية المحلية، وعدم العناية بمصير الأطفال، إذ تتضمن بعض تلك المواقع مجموعات تدعو إلى الانتحار، وبعض المآسي التي رأيناها في المدارس إنما جاءت نتيجة لتعرض الأطفال والمراهقين للتأثيرات السلبية لتلك المواقع، وفي هذا السياق تمكنا من منع ما يربو على 100 حادثة من هذه النوعية. تصوروا أكثر من 100 جريمة ذات عواقب وخيمة محتملة".

ومن هنا جاء تفسير الرئيس الروسي لما تطرحه موسكو من مطالب تجاه افتتاح مثل هذه الشركات لممثلياتها داخل الأراضي الروسية، وخضوعها للقوانين واللوائح الروسية المنظمة لعملها في الفضاء الإلكتروني الروسي.

وطالب بضرورة "البحث عن حلول وسطية ذهبية، كما الحال في شؤون أخرى، بعدم تقييد حرية التعبير عن الرأي أو حرية نقل المعلومات، وفي الوقت نفسه حماية المجتمع من التأثيرات السلبية المحتملة لتلك المواقع والمنصات".

وبصدد حرية الرأي وما يقال حول إبعاد التعبير والحرية في مجال الثقافة، تطرق الرئيس بوتين إلى موضوع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد وردود الفعل عليها، وأكد ضرورة الالتزام بالحدود بين حرية التعبير واحترام مشاعر المؤمنين، مؤكداً عدم التجاوز في ما يتعلق بمثل هذه القضايا.

علاقات طيبة مع أفغانستان والصين

وحول علاقة روسيا مع أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي واحتمالات الاعتراف بالحكومة الجديدة، قال بوتين إن بلاده تريد علاقات طيبة مع أفغانستان، وإن أشار إلى أن الاعتراف يجب أن ينطلق مع الواقع، ومن أن القوى التي تحكم في أفغانستان يمكن أن تمثل كل القوى الموجودة.

وطالب بوتين أيضاً بضرورة إسهام كل البلدان التي شاركت في تدمير أفغانستان في إعادة بنائها، مشيراً إلى أهمية الحيلولة دون أن تكون أفغانستان مصدراً لتهريب المخدرات والعمليات الإرهابية.

وكان الرئيس بوتين تطرق أيضاً إلى علاقات بلاده مع كثير من البلدان، ومنها الصين التي قال إن ما يربطهما من علاقات تعاون تمثل نموذجاً لعلاقات التعاون الدولي، فيما كشف عن كثير من مجالات التعاون ومنها العسكري، مثل صناعة الأسلحة ذات التقنيات العالية، والطاقة النووية والتدريبات العسكرية المشتركة، إلى جانب مجالات الفضاء والمجالات الثقافية والإنسانية.

ولم تكن المقاطعة من جانب زعماء بعض البلدان الغربية لدورة الألعاب الشتوية في بكين بعيدة من دائرة اهتمام المشاركين في المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس بوتين، وبشأنها قال "إن قرار مقاطعة أولمبياد بكين خاطئ وغير مقبول ومرتبط بجهود ردع تطور الصين". وأضاف في تعليقه على قرار زعماء الولايات المتحدة وعدد من البلدان الغربية "أن الرياضة يجب أن توحد الناس، وألا تخلق المشكلات بين الشعوب والدول".

وتناول الرئيس بوتين أيضاً كثيراً من قضايا ومشكلات الداخل الروسي، ومنها غلو أسعار المساكن وتدهور بعض مجالات البنية التحتية، وقضايا فرعية أخرى كثيرة حرص على طرحها مراسلو الأقاليم الذين جرى اختيارهم من جانب ممثلي السلطات المحلية تحت إشراف ممثلي الرئيس في المناطق الفيدرالية السبع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير