Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فضيحة احتيال على طلاب روج لها "مؤثرون" تصدم المجتمع الجزائري

غياب الرادع القانوني سمح لهذه الشبكة بالتحرك علناً ودون خوف

كشفت التحقيقات الأمنية عن تعرض 75 طالباً جزائرياً للنصب من قبل شركة وهمية (وكالة الأنباء الجزائرية)

تابع الشارع الجزائري باهتمام عملية تحايل مثيرة، استهدفت مجموعة طلاب من الراغبين في إكمال دراساتهم الجامعية في الخارج، ولعل ما جعل القضية تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام، "ضلوع" عدد من المؤثرين وصناع المحتوى في تفاصيلها.

خدعة بمشاركة صناع المحتوى

وأعلنت الأجهزة الأمنية في الجزائر عن تمكنها من فك خيوط شبكة إجرامية، كانت تمارس الاحتيال على الطلاب، من خلال تقديم عروض مغرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، موهمةً ضحاياها بأنها شركة تقوم بعمليات التسجيل في جامعات تركية وأوكرانية وروسية، وتسهّل تنقلهم ودراستهم هناك. وأضافت أن التحقيقات كشفت عن تعرض 75 طالباً جزائرياً للنصب من قبل هذه الشركة الوهمية.
وأوضحت السلطات الأمنية أنه ألقي القبض على المدبرين الرئيسين وعددهم ثلاثة أشخاص، كانوا ينسقون عملياتهم الاحتيالية مع أطراف أجنبية في تركيا وأوكرانيا وروسيا، مبرزةً أنهم عمدوا إلى الاستعانة ببعض الوجوه المؤثرة عبر منصات التواصل الاجتماعي للترويج لهذه الخدعة. وقالت السلطات إن التحقيقات كشفت عن لجوء أعضاء الشبكة الإجرامية إلى حيلة للإيقاع بعدد كبير من الضحايا، تتمثل في تغيير تسمية الشركة الوهمية مرات عدة، كما اتخذت لها مقرات في عدد من المحافظات كالعاصمة وعنابة (شرق) ووهران (غرب) وفي الخارج.
ودعت المديرية العامة للأمن كل مَن كان ضحية لهذه الشبكة الإجرامية للحضور إلى مقر المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة أو أي مركز للشرطة، لتقديم شكوى والإدلاء بشهادته، وتعهدت بإبلاغ الرأي العام بأي تفاصيل تخص القضية.

الاعتماد على الشهرة

وتعليقاً على القضية، تعتبر المدربة في المركز الدولي للصحافة، فاطمة الزهراء نازف، أن "قضية الاحتيال بالاعتماد على المؤثرين، تعود إلى أن سوق العمل في مجال الترويج ليس مقنناً، إضافة إلى نقص خبرة المؤثرين في هذا المجال، على اعتبار أنه يهمهم المبلغ الذي يتسلمونه من الترويج، متجاهلين أن صورتهم يمكن أن تسقط سقطة كبيرة". وقالت إن "مشكلتنا هي الاعتماد على الشهرة، وليس على الشهادات والخبرة، وهذه مشكلة لطالما تحدثنا عنها وهي في تفاقم لافت". وختمت بالقول إن "القضاء سيكون عادلاً في هذه القضية، بخاصة مع طلب مصالح الأمن من كل الضحايا التقدم من أجل رفع الشكاوى وتجديدها".

20 ألف يورو عن كل طالب؟

وتفجرت القضية قبل أسابيع، بعدما كشف عدد من الطلاب أنهم تعرضوا لعملية احتيال من قبل شركة وهمية يديرها نجل نائب في البرلمان، قبضت مبالغ تُقدَّر بـ20 ألف يورو عن كل طالب لقاء تسجيلهم في جامعات أوكرانية وتركية وروسية. وأضاف الطلاب أنه بعد سفرهم إلى الدول المعنية تفاجأوا بأنه تم دفع مستحقات ثلاثة أشهر دراسة وغرفة في فندق لليلتين فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بقدر ما استاء أولياء الطلبة واستنكر الشارع احتيال الشركة، كانت الصدمة كبيرة بعد الكشف عن مشاركة مَن يوصفون بـ "نجوم" مواقع التواصل الاجتماعي في عملية الترويج للعرض، الذين سارعوا بعد فضح "الكذبة" إلى تبرئة ذمتهم والاعتذار من الطلاب، واعلان تضامنهم واستعدادهم للمساعدة.

انفلات قانوني

وتعليقاً على الحدث، رأى الإعلامي الجزائري نبيل سليماني، أن "القضية تؤشر إلى انفلات قانوني تجاري في البلاد إن صح التعبير، وهو ما يفسره نشاط مثل هذه الشركات التي تبيع الأوهام دون حسيب ولا رقيب"، مشيراً إلى أن "غياب رادع قانوني ووجود ثغرات قانونية سمح لمثل هذه الشبكة بالنشاط بصفة علنية دون تخوف، بدليل الإعلانات التي استعانت بها عبر وسائط التواصل الاجتماعي أمام مرأى ومسمع الجميع جمهوراً وسلطات". وأضاف أنها "ليست المرة الأولى التي يتعرض الشباب لمثل هذه العمليات، إذ شهدت الجزائر قضايا احتيال كان أبطالها مكاتب هجرة، أو هكذا كانت تسمي نفسها، إذ تبيع الوهم نفسه الذي تبيعه أو باعته هذه الشبكة للطلبة الشباب في عام 2021، إلا أنها سرعان ما اندثرت وأغلقت مكاتبها بعدما أوقعت ضحايا عدة في شراكها".
وتابع سليماني أن "القضية خطيرة بالنظر لوقائعها، وكذلك حجم الضرر الذي سببته لكثير من الشباب الراغبين في تحصيل دراسي جامعي عالي يمكّنهم من بناء مستقبلهم، لذا فإن للقضاء دور يجب أن يلعبه هذه المرة وأن يتعامل مع القضية بحزم وردع". وختم بالقول إن "المشرّع الجزائري مطالَب بإعادة النظر في كثير من مواد القانون التجاري، وجعلها متماشية مع المتطلبات الحاصلة على مستوى النسق التجاري، بخاصةً ما تعلق بمثل هكذا مكاتب أو شركات".

حملة مقاطعة

ولا تزال ارتدادات "الخدعة" متواصلة بعدما أبدى عديد من النشطاء تضامنهم مع الطلبة المعنيين، وأطلقوا حملةً عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "ديزابوني التفاهة" أي "ألغوا الاشتراك في التفاهة"، يدعون من خلالها إلى مقاطعة "المؤثرين" الذين لا يقدمون محتوى مفيداً، حيث اتهموا أصحاب الحسابات والصفحات التي تعرف انتشاراً كبيراً على منصات التواصل بالتورط، ولو ضمنياً، في ما لحق بهؤلاء الطلبة بسبب قبولهم القيام بحملة إعلانات للشركة المتهَمة.

المزيد من العالم العربي