Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صندوق في الجزائر للأموال والأملاك المصادرة من الفاسدين

 يرى البعض أنها خطوة ارتجالية وعشوائية

 وزير المالية الجزائري أيمن بن عبد الرحمن (التلفزيون الجزائري)

يظهر جلياً أن محاربة الفساد باتت أولوية السلطات في الجزائر، وليست حملة مؤقتة رافقت الحراك الشعبي وفق ما تحاول بعض الأطراف الترويج له، ولعل تحديد مدونة إيرادات ونفقات الصندوق الخاص بالأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد وكيفية متابعته وتقييمه، دليل على جدية الحكومة في الحفاظ على المال العام.

تحصين المال العام

وعلى الرغم من استمرار محاكمات رموز الفساد من النظام السابق، من رجال الأعمال ووزراء ورؤساء حكومات ومديري شركات وإطارات عسكرية، وتأميم ممتلكاتهم من مؤسسات وعقارات، واستعادة ما يمكن استعادته من الأموال المنهوبة، يواصل الرئيس عبد المجيد تبون وحكوماته، وضع أسس قاعدة صلبة تجعل أموال الجزائريين خطاً أحمر لا يمكن أن تمتد إليها أيادي "السرّاق" أو يعبث بها الفاسدون.

وجاء قرار إنشاء صندوق الأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة بناء على توجيهات تبون، خلال ترأسه للاجتماع الدوري لمجلس الوزراء الذي عُقد في مايو (أيار) الماضي.

ووفق ما جاء في قانون المالية التكميلي لـ 2021، فإنه يفتح في كتابات الخزانة العمومية حساب تخصيص خاص رقمه 152-302 تحت عنوان صندوق خاص بالأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد، والآمر الرئيس بصرف هذا الحساب هو الوزير المكلف بالمالية.

مدونة إيرادات ونفقات

وتم تحديد مدونة إيرادات ونفقات الصندوق الخاص بالأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد وكيفية متابعته وتقييمه، بموجب قرارين لوزارة المالية صدرا في الجريدة الرسمية رقم 96.

ووفقاً للقرار الأول، فإن إيرادات هذا الصندوق تتضمن على وجه الخصوص الأموال المصادرة بناء على أحكام قضائية نهائية، وهو ما يشمل الأرصدة الدائنة للحسابات البنكية بالدينار الجزائري والعملة الصعبة مقيّدة بالدينار الجزائري. كما يتضمن الأموال المسترجعة من الخارج، مقيّدة بالدينار الجزائري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشمل الإيرادات أيضاً ناتج بيع الممتلكات المصادرة بناء على أحكام قضائية نهائية أو المسترجعة، ويضم ذلك الأموال المقابلة لناتج بيع الممتلكات المملوكة للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين، والأموال المقابلة لناتج بيع الممتلكات المنقولة المملوكة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين، وناتج بيع الحصص الاجتماعية والأسهم المملوكة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين، والأموال المقابلة لفائض القيمة الناتجة من استغلال الممتلكات والقيم المصادرة.

أما في ما يخص النفقات، فإن موارد الصندوق تُوجّه لتسديد المصاريف المتعلقة بتنفيذ إجراءات المصادرة والاسترجاع والبيع، وهو ما يشمل المصاريف القضائية ومستحقات المتصرفين والمصاريف والأتعاب المرتبطة بالإجراءات القضائية المتخذة أمام الجهات القضائية الأجنبية، ومصاريف إدارة وتسيير الأملاك المصادرة أو المسترجعة، ومصاريف حراسة وتقييم الأملاك العقارية والمنقولة المصادرة أو المسترجعة، ومصاريف نقل الممتلكات المنقولة المصادرة أو المسترجعة والمصاريف المترتبة على عمليات البيع المقررة، كما توجّه موارد الصندوق أيضاً إلى تسديد المبالغ المستحقة بعنوان تصفية الديون المثقلة على الأملاك المصادرة أو المسترجعة، "لصالح الدائنين بحسن نية".

وبخصوص القرار الثاني، فيحدّد كيفية متابعة وتقييم هذا الصندوق، إذ يتم إنشاء لجنة تتكفّل بضمان المتابعة والتقييم، وإعداد حصيلة سنوية لسير هذا الصندوق.

قرار مفاجئ؟

وفي السياق ذاته، يشدد الناشط السياسي حليم بن بعيبش على أن "إنشاء الصندوق فاجأني على اعتبار أن الأموال المسترجعة توضع في البنك المركزي"، متسائلاً حول جدوى الصندوق"، وقال إنها خطوة ارتجالية وعشوائية، مضيفاً أن الأصل في إنشاء الصناديق هو دعم استثمار أو إنعاش اقتصاد أو ترقية إنتاج.

وأبرز أن الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد أقل ما يقال عنه إنه كارثي، وعليه فالأولوية في إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية بدل تأسيس مثل هذه الصناديق التي تذكّرنا بكثرة المجالس والمراصد المؤسسية.

تعهد وتشكيك

وتعهد الرئيس تبون قبل وبعد وصوله إلى الحكم، باسترجاع جميع الأموال التي تم نهبها وتهريبها من طرف رموز الفساد في عهد الرئيس السابق، وشدد على أنه "مصمم على استرجاع الأموال المنهوبة، لأن محاربة الفساد واجب والتزام قدّمه أمام الشعب"، موضحاً أن الثغرات التي شهدتها مؤسسات الدولة، وما نجم عنها من تبديد للأموال لن تتكرر مجدداً.

وعلى الرغم من محاولات التشكيك في نوايا تبون من طرف جهات معارضة وأخرى من الحراك، خصوصاً ما تعلّق بالأموال المهربة إلى الخارج في ظل القوانين المشددة والاتفاقيات المبرمة بين الدول، إلا أن تشديده على ضرورة إدراج أحكام ترتبط باستحداث صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة المصادرة، والتي ستتم مصادرتها مستقبلاً، بناء على أحكام قضائية نهائية في إطار قضايا محاربة الفساد، أبطل كل "التهم".

خطوة في الاتجاه الصحيح

وفي حين أجمعت فئات واسعة من اقتصاديين وسياسيين، على أن الأموال المنهوبة تتعدى 200 مليار دولار، يقول أستاذ الاقتصاد كمال بوراوي إن استحداث هذا الصندوق خطوة في الاتجاه الصحيح، على اعتبار أن عملية مصادرة الأموال تتخللها إجراءات متشابكة، موضحاً أن تفشي الرشوة والفساد الإداري الموروث من العهد السابق والنفوذ الكبير لأصحاب الشركات المشبوهة يصعّبان التحكم في الأموال المصادرة، وكذلك ضبط وتقدير المبالغ التي تمت مصادرتها. وأوضح أن لجوء الدولة إلى إنشاء صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة يكشف عن الرغبة بالتحكم أكثر في إجراءات المصادرة التي وردت في الأحكام القضائية النهائية المتعلقة بقضايا الفساد الكبرى.

اقرأ المزيد