Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الجزائرية تتحرى الموظفين: "من أين لك هذا؟"

استحداث "السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته"

كلّف الرئيس الجزائري الحكومة تسريع عملية الجرد لمصانع صادرها القضاء إثر تحقيقات فساد (رويترز)

في قرار لم تُكشف تفاصيله بعد، كلّف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحكومة تحرّي مظاهر الثراء في أوساط موظفي القطاع العام، عملاً بمقولة "من أين لك هذا؟"، ضمن إجراء وقائي لمكافحة الفساد.

لكن السؤالين اللذين يترددان في الجزائر هما هل ستكون لدى الهيئة المكلفة الجرأة الكافية للكشف عمن كوّنوا ثروات وامتلكوا عقارات خلال فترة وجيرة وبشكل غامض؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتّباعها للوصول إليهم.

هيئات رقابية

واستُحدثت خلال اجتماع للوزراء عقده تبون، في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، "هيئة جديدة للتحرّي في مظاهر الثراء عند الموظفين العموميين، بلا استثناء، من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملاً بمبدأ من أين لك هذا".

فقد تقرر، وفق بيان الرئاسة الجزائرية، استحداث "السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته". وناقش مجلس الوزراء نص القانون المتعلق بتشكيلة هذه الهيئة وصلاحياتها، وطالب تبون الحكومة بالتركيز على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءاً من تحديد شروط جديدة ودقيقة للإعلان عن الصفقات والمناقصات.

من جهة أخرى، كلّف الرئيس الجزائري الحكومة تسريع عملية الجرد النهائية لمصانع تعود ملكيتها إلى رجال أعمال في فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، صادرها القضاء إثر تحقيقات فساد، مع تعليمات تقضي بضرورة وضع الممتلكات المحجوزة تحت سلطة الدولة وعودتها إلى الإنتاج قبل نهاية الربع الأول من عام 2022.

وقد سُجن رئيسا وزراء من حقبة بوتفليقة، هما أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، إضافة إلى وزراء وولاة (محافظون) ورجال أعمال، إثر تحقيقات في قضايا فساد باشرها القضاء بعد الحراك الشعبي، في 22 فبراير (شباط) 2019. وكُشف خلال ذلك عن اختلاسات بالجملة تحت غطاء مشاريع، في حين استفحلت مظاهر البذخ والثراء لدى الموظفين الحكوميين بالتزامن مع "البحبوحة المالية".

أسماء جديدة

وفي حين رحّب النائب في البرلمان الجزائري ديديش زين العابدين، استحداث هيئة لتحرّي مظاهر فساد موظفي الدولة، اعتبر أن "محاربة الفساد أحد مطالب الحراك الشعبي والمواطنين كافة".

ويتوقّع زين العابدين أن تكشف التحريات عن الذين كوّنوا ثروات خلال العشريتين الماضيتين عن طريق استغلال مناصبهم الحكومية"، ذاكراً أنه "كانت للهيئات المعنية بمكافحة الفساد صلاحيات محدودة". ودعا إلى تعيين أشخاص مخلصين للانضمام إلى الهيئة الجديدة، مضيفاً أن "الجزائر بحاجة إلى كل فلس للدفع بعجلة التنمية".

توجس ومطالب برفع الغموض

وفي السياق ذاته، توجّست "المنظمة الجزائرية لمحاربة الفساد" من أن تكون الهيئة المستحدثة "مجرد تضخيم إداري من دون أن ينعكس ذلك فعلياً على قمع الفساد ونهب المال العام في البلاد". وطالبت بـ"وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد تشجع على التبليغ ووضع برنامج لحماية المبلغين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الجزائر أربع هيئات رقابية لمكافحة الفساد، هي الديوان المركزي لقمع الفساد الذي أُنشئ عام 2006 والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أُعلن عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ومجلس المحاسبة والمفتشية العامة المالية.

وجاء في بيان المنظمة أن "مخاوفها تتأسس على تجارب سابقة، إذ إن سياسات عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كانت تركز أيضاً على استحداث مزيد من الهيئات الرقابية، من دون أن يمنع ذلك حدوث مئات عمليات الفساد ونهب المال العام والتلاعب بالصفقات العمومية".

وأكدت المنظمة أن "نهج الحكومة في مكافحة الفساد ومراجعة التشريعات المتعلقة غير مفهوم، ولا يُعرف إذا ما كانت هذه العملية ستقتصر على مجرد استبدال هيئة بهيئة أخرى، من دون تغيير في المضامين، وهو ما قد يدفع إلى الاعتقاد بأن هذا ليس هو المسار الصحيح الذي يجب اتخاذه".

ظاهرة الأثرياء

وباتت لافتة في الجزائر ظاهرة الأثرياء الجُدد، الذين يشيّدون العمارات ويمتلكون السيارات والشركات من دون تقديم أي إثبات عن مصادر أموالهم، ولا تصريحات بممتلكاتهم. في حين يتحدث متخصصون في الاقتصاد والشأن المالي عن لجوء فئات واسعة منهم إلى حيل تحول دون الكشف عن الثروات، مثل تسجيل الممتلكات بأسماء الزوجات أو الأبناء، وحتى إيداع الأموال في بنوك خارج الوطن.

وحاولت الحكومات السابقة فرض ضريبة على الأثرياء بهدف تغطية العجز المالي، غير أن الفكرة لم تطبّق بعدما أسقط المادة القانونية حزب "جبهة التحرير الوطني" (الحاكم)، لكن جرى تضمينها مجدداً في قانون الموازنة لعام 2021، بعدما سجلت الجزائر عجزاً تاريخياً فاق 22 مليار دولار بسبب الأزمة الصحية التي ضربت البلاد عام 2020 جراء فيروس كورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي