Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير "سوداوي" للبنك الدولي يثير ضجة وجدلا في الجزائر

"سلبيات كثيرة سببها الفساد والبيروقراطية وضعف الاستثمار الأجنبي"

الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن (موقع التلفزيون الجزائري)

أثار تقرير أصدره البنك الدولي جدلاً واسعاً في الجزائر، بسبب ما تناوله من نقائص وتحذيرات من مستقبل مجهول، وهي البيانات التي وصفتها مختلف الجهات الداخلية بـ"المؤامرة" و"الرعونة" التي تستهدف تشويه صورة البلاد، وفتحت الأبواب لتوجيه اتهامات من قبل أطراف "تسعى إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي".

كوارث طبيعية ومخاطر

وأشار البنك الدولي إلى أن الوضع أكثر تعقيداً في المراكز الحضرية الكبيرة التي تظهر نمواً سكانياً سريعاً وتجمع حصة كبيرة من النشاط الاقتصادي. وشكك البنك بأن هناك احتمالاً كبيراً لوقوع كارثة ذات عواقب وخيمة على المناطق الحضرية، بخاصة أن 86 في المئة من السكان يعيشون في المدن. وحذر من أن تغيّر المناخ يهدد الجزائر بمجموعة واسعة من المخاطر المناخية والجيولوجية، كالفيضانات والزلازل وحرائق الغابات، إلى الجفاف وتآكل السواحل والتربة.
وذكر التقرير أنه يمكن أن تُدمَّر العاصمة الجزائرية بسبب زلزال عنيف، وهي معرضة أيضاً لأمواج تسونامي والفيضانات وتآكل السواحل والانهيارات الأرضية ونقص المياه، وتابع أن 42 في المئة من الطرق السريعة الرئيسة، و19 في المئة من المدارس، و21 في المئة من المستشفيات، و41 في المئة من محطات الإطفاء في العاصمة، تقع في مناطق معرضة لخطر الفيضانات. وحذر من أن أكثر من 99 في المئة من المناطق الغنية بالأشجار في الجزائر تواجه خطر نشوب حرائق.

رد "شبه رسمي"

ولم يمر هذا التقرير مرور الكرام، وأخذ ولا يزال نصيباً واسعاً من الانتقادات على الرغم من أن السلطات الرسمية الجزائرية لم ترد. وجاء بيان وكالة الأنباء الجزائرية ليكشف حجم الغضب والاستياء الذي خلّفه محتوى تقرير البنك الدولي، واعتبر البيان أن "التقرير يؤكد على مسعى قوي لتقديم رؤية سوداوية حول الجزائر، وقد حُرِّر بإيعاز من بعض الأطراف المعروفة بعدائها للجزائر، كما أن البنك خوّل لنفسه ومن دون ذرة حياء، التنبؤ بحدوث زلزال سيدمر العاصمة، ما قد يغذي الخوف بين أوساط السكان. وأشار إلى أن "هذا التقرير الذي تغاضى عن النتائج الاقتصادية الجيدة والاجتماعية للجزائر، تجرأ على اختراع أرقام حول وجود مزعوم للفقر في الجزائر، في حين أن مؤشرات الفقر جد مطمئنة".
وتابعت وكلة الأنباء الجزائرية، أن "البنك الدولي حاد عن دوره وتخلى عن مهماته، بعد تحريره لتقرير كاذب حول البلاد، في حين تعرف وضعية الجزائر تحسناً في كل المجالات بما في ذلك نسبة النمو"، منتقدةً "إقدام البنك، الذي يفترض أن يكون مؤسسة دولية مكلفة بإعداد تقارير مالية واقتصادية وتحاليل موضوعية على أساس مؤشرات موثوقة وذات مصداقية، على مهاجمة الجزائر برعونة وبشكل مجاني بعد أن تحدث عن "زلزال اقتصادي" مرتقب". وشددت على أن "الجزائر تدين وترفض شكلاً ومضموناً هذا التدخل السافر للبنك الدولي، إذ يتعلق الأمر بمحاولة يائسة لزعزعة استقرار القوة الناعمة لبلد يتقدم".
وواصل البيان، أنه "من الواضح أن هناك مؤامرة لضرب استقرار البلاد من خلال هذه التقارير السلبية والمضرة التي تعتمد على مؤشرات وحجج غير موثوقة ينشرها محرضون وأطراف مجهولة على شبكات التواصل الاجتماعي، تموّلهم وترعاهم أطراف لا تتورع عن صب جام حقدها على الجزائر بهدف مغالطة الرأي العام، ولا غاية تُرجى من هذا المسعى سوى تشويه صورة الجزائر وإدخال الشك في نفوس الجزائريين". وأشار بيان الوكالة إلى تضارب التقرير مع آخر تقرير لصندوق النقد الدولي الذي أبرز تطور وتقدم اقتصاد البلد.

بنك الجزائر يصدر تقريره

من جانبه، سارع "بنك الجزائر" إلى إصدار تقريره الذي أوضح انخفاض عجز الميزان التجاري بسبب ارتفاع سعر النفط، ما سمح بتعزيز الصادرات المقدَّرة بـ26.402 مليار دولار، واتجاهها في نهاية عام 2021 إلى 35.02 مليار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن "القيمة الإجمالية لصادرات المحروقات بنهاية سبتمبر (أيلول) 2021 تُقدَّر بنحو 23.387 مليار دولار، ما سيعطي نفس الاتجاه في نهاية عام 2021، أي 31.888 مليار دولار بما في ذلك المشتقات".
وذكر التقرير الجزائري أن "الميزان التجاري له معنىً محدود، لأنه يجب أن يأخذ في الاعتبار ميزان المدفوعات الذي يشمل الخدمات وتحركات رأس المال، وبذلك بلغت صادرات الخدمات 2.3 مليار دولار نهاية سبتمبر 2021، وواردات الخدمات 5.015 مليار دولار نهاية سبتمبر 2021، وهو ما يعطي نفس الاتجاه بنهاية عام 2021، أي 6.696 مليار دولار. كما بلغ إجمالي الصادرات من السلع والخدمات 28.702 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، مقابل الواردات من السلع والخدمات بـ32.388 مليار دولار لمدة تسعة أشهر".
وبحسب محافظ بنك الجزائر، فقد بلغ احتياطي النقد الأجنبي 44.724 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2021، ويُقدّر احتياطي الذهب بـ173 طناً، أي نحو 11 مليار دولار، وباتخاذ نفس السيناريو للأشهر التسعة الأولى من عام 2021، سينخفض احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 6.784 مليار دولار مقارنةً بعام 2020، وفي نهاية عام 2021 سيبلغ بين 41 و42 مليار دولار.

تناقض تام مع المهمة

من جهتها، تساءلت "الكونفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل" عن سبب تجاهل تقرير البنك الدولي لسداد الجزائر جميع ديونها وعدم لجوئها إلى الاستدانة الخارجية على الرغم من الأزمة التي أثرت في كبريات الاقتصاديات العالمية. وأكدت "الكونفيدرالية" في بيان، أن "وصف البنك الدولي للاقتصاد الجزائري بالسوداوية وقرب الانفجار الاجتماعي يتناقض تماماً مع المهمة التقنية والتخصص الاقتصادي لهذه الهيئة الدولية". واعتبر أن التقرير "يشكّل محاكمة للجزائر وترويج لمغالطات بعيدة جداً من الحقائق الميدانية".

الضغط والتأثير

في السياق، رأى أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، أبو الفضل بهلولي، أن "تقرير البنك الدولي هدفه الضغط والتأثير في صانع القرار في الجزائر من أجل العدول عن بعض المواقف  الثابتة، وبحسب تقديراتي يسعى لإعطاء صورة للرأي العام الدولي بأن الجزائر دولة فاشلة، كما يستهدف خلق بلبلة وإحباط معنويات الداخل"، مشيراً إلى أن "هناك لوبيات لها نفوذ وأثر في صياغة التقرير من الناحية الواقعية، وقال بهلولي "فعلاً هناك سلبيات كثيرة اقتصادياً سببها الفساد والبيروقراطية وضعف الاستثمار الأجنبي، لكن ليس بالصورة السوداء التي رسمها التقرير"، مشدداً أن "على الدبلوماسية الجزائرية الرد والاحتجاج بصفة رسمية لأن التقرير يضر بسمعة الجزائر".