Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام ساخن على سوق العقارات الأميركية في 2021

​​​​​​​ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 40 في المئة وسط تراجع المعروض

لافتة "مباع" أمام أحد المنازل الجديدة في ولاية إيلينوي، في 28 ديسمبر الحالي (أ ب)

شهدت سوق الإسكان في الولايات المتحدة عاماً ساخناً للغاية، إذ تسير مبيعات المنازل على الطريق الصحيح للوصول إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً، بعدما تم بيع ما يُقدَّر بنحو ستة ملايين منزل خلال العام الحالي.
ووفق وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية، شهد أصحاب المنازل ارتفاعاً حاداً في متوسط أسعار المنازل بنسبة 20 في المئة تقريباً خلال الربع الثالث مقارنة بالعام الماضي. وكانت تلك أكبر زيادة سنوية في أسعار المنازل في تاريخ مؤشر أسعار المنازل الخاص بالوكالة. وفي بعض الأسواق الساخنة، كانت الزيادة في الأسعار ضعف ذلك.
في الوقت ذاته، تُباع المنازل أيضاً بوتيرة قياسية، إذ غالباً ما يتقدم البائعون بالعديد من العطاءات المتنافسة والعروض النقدية بالكامل. حتى المنازل التي كانت مقززة أو محترقة تُباع بسرعة وبكميات أعلى بكثير من السعر المطلوب.

مخزون المنازل المتاحة يتراجع

بالنسبة إلى المشترين، كانت القصة مختلفة. ففي حين أن معدلات الرهن العقاري بدأت العام الحالي عند أدنى مستوياتها القياسية، فقد كان من الصعب العثور على منزل للشراء. ووصل مخزون المنازل المتاحة إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في وقت مبكر من العام، وكانت المنافسة شديدة للغاية. فيما ترك العديد من المشترين المحتمَلين السوق من دون شراء منزل. ونتيجة لذلك، ارتفع الطلب على الإيجارات وارتفعت قيم وأسعار الإيجارات في كل أنحاء البلاد. وقال مات هولم، وكيل شركة "كومباس" في أوستن، "لقد كانت سنة جنونية... في يناير (كانون الثاني) الماضي، طرحت منزلاً صغيراً بُني منذ خمس سنوات بسعر 425 ألف دولار، وهو أعلى من أسعار البيع المماثلة... توقفت عن العد عند 35 عرضاً وتم بيع المنزل مقابل 545000 دولار، بزيادة قدرها 30 في المئة على سعر العارض".
وزاد هولم أن مشترياً آخر ابتاع منزلاً فخماً مطلاً على البحيرة مقابل ستة ملايين دولار في عام 2020، وعُرض عليه تسعة ملايين دولار بعد بضعة أشهر و11 مليون دولار بعد ذلك بشهرين من قبل مشترين يائسين للحصول على عقار على البحيرة. وأضاف "لقد أرادوا الشراء والحصول على شيء جيد أو أفضل... لكنهم أدركوا أنه لا ينبغي عليهم البيع، لأن الحصول على شيء أجمل قليلاً مما كان، سيكلفهم ما بين 18 إلى 20 مليون دولار".
لكن بلا شك، فقد كانت سوق الإسكان في طريق جامح في عام 2021. إذ بدأت العام بأدنى معدلات فائدة على الإطلاق، بمتوسط أسعار فائدة ثابتة لمدة 30 سنة عند 2.65 في المئة. وبحلول الأول من أبريل (نيسان) الماضي، وصلت أسعار الفائدة إلى ذروة عام 2021 بنسبة 3.18 في المئة. ومنذ ذلك الحين، تقلبت الأسعار، وتشير التوقعات إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار خلال العام المقبل.

اتجاه لرفع أسعار الفائدة

في الوقت ذاته، أعطى الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) إشارات عدة إلى أن سياسته النقدية الوبائية ستنتهي، لأنه يعمل على كبح التضخم. وفي النهاية، سيؤدي ذلك إلى رفع أسعار الفائدة.
ورأت ميليسا كوهن، نائب الرئيس الإقليمي ومصرفي الرهن العقاري التنفيذي لشركة "ويليام ريفيز مورتاجيج"، في تصريح لشبكة "سي أن أن"، أن "السياسة المنقحة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تؤثر في جيوب الأشخاص الذين يتطلعون إلى شراء منزل في غضون الأشهر القليلة المقبلة، لكنهم قد يرغبون في التصرف قريباً". وقالت كوهن، التي تتوقع زيادة معدلات الرهن العقاري بما يصل إلى نصف نقطة مئوية خلال الشهرين المقبلين، "يجب أن تظل معدلات الرهن العقاري مقيدة حول ثلاثة في المئة حتى نهاية العام، ونأمل أن تكون خلال الشهرين الأولين من عام 2022".
وبالمثل، توقع لورانس يون، كبير الاقتصاديين في الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، أن يرتفع معدل الرهن العقاري الثابت لمدة 30 سنة إلى 3.7 في المئة بحلول نهاية العام المقبل، لكنه أشار إلى أن هذا سيظل أقل من معدل ما قبل الوباء البالغ نحو أربعة في المئة.
وقالت أليسون سالزر، وكيل شركة "كومباس" في سان فرانسيسكو، إن "زيادة معدلات الرهن العقاري، إلى جانب التضخم الذي يقضي على المدخرات، سيؤثران في المشترين... سيؤثر ذلك في مشتري المنازل ذوي الأسعار المنخفضة والمتوسطة أكثر من مشتري المنازل الفاخرة".

سيبقى المخزون ضيقاً

وعلى الرغم من توافر مزيد من العقارات مع اشتداد موسم شراء المنازل في الربيع هذا العام، كان هناك أيضاً المزيد من الأشخاص الذين يتطلعون إلى الشراء، مما خلق منافسة شرسة ودفع الأسعار إلى الارتفاع.
وكان هناك عدد قليل جداً من المنازل، وكان الناس يتخذون إجراءات غير منطقية مثل عرض شراء المنزل وإعطاء آلاف الدولارات للمشترين المتنافسين للابتعاد ودفع ما يصل إلى مليون دولار على السعر الحقيقي للمنزل. والدليل على ذلك، أن منزلاً واحداً في ولاية ماريلاند تلقى نحو 76 عرضاً نقدياً بالكامل.
وكان المخزون في أضيق الحدود عند الطرف الأدنى من السوق. وكان من الصعب الحصول على منازل يقل سعرها عن 200 ألف دولار، مع انخفاض عدد العقارات المتاحة بنسبة 19 في المئة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، بينما كانت هناك زيادة سنوية بنسبة 40 في المئة للمنازل التي تزيد قيمتها على 600 ألف دولار، وفقاً لشركة "عوس كاناري"، وهي شركة بيانات عقارية.
وبينما يُتوقع أن تتحسّن صورة المخزون في عام 2022، لكن من غير المتوقع أن تتحسن كثيراً. وسيظل المخزون محدوداً وسينمو بنسبة 0.3 في المئة فقط في عام 2022. ويقول باولو برييتو، وكيل شركة "كومباس" في مقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا، "إن العامل الأكبر الذي أراه يؤثر في سوق الإسكان في عام 2022 هو انخفاض المخزون... بينما يظل المخزون منخفضاً، سيصبح المشترون أكثر اعتياداً على قلة الخيارات وسيواصلون المنافسة بقوة لشراء المنازل. وطالما حدث ذلك، ستستمر الأسعار في الارتفاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


منحى تصاعدي للأسعار

وتشير البيانات إلى أن أسعار المساكن ارتفعت في كل مكان تقريباً في البلاد في عام 2021. وبينما وصلت مبيعات المنازل القائمة إلى متوسط سعر بلغ 353900 دولار بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بزيادة نسبتها 13.9 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كانت أسعار منازل البناء الجديدة أعلى من ذلك. وبلغ متوسط سعر منازل البناء الجديدة 416900 دولار في نوفمبر الماضي، وفق مكتب الإحصاء الأميركي، بزيادة نحو 19 في المئة على العام الماضي، وهو رقم قياسي جديد آخر.
وفي حين أننا لن نرى المكاسب المزدوجة التي تحققت خلال العام الماضي، يُتوقع أن تستمر الأسعار في الارتفاع في عام 2022 بوتيرة أكثر اعتدالاً.
وتوقعت مجموعة من 20 من كبار الخبراء الاقتصاديين والإسكان الذين جمعتهم الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، أن يرتفع متوسط أسعار المساكن بنسبة 5.7 في المئة خلال العام المقبل. وقال المشاركون في استطلاع أجرته شركة "أن إي آر"، إنهم يتوقعون عودة سوق الإسكان إلى طبيعتها العام المقبل، إذ يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي ترويض التضخم. وقال يون، "إن تباطؤ نمو الأسعار سيكون جزئياً نتيجة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي".

المشترون في مواجهة التحديات

وأدى انتشار العروض النقدية وقلة عدد المنازل المتاحة والارتفاع الشديد في الأسعار إلى دفع العديد من المشترين لأول مرة إلى الخروج من السوق في عام 2021. وبحلول نهاية نوفمبر الماضي، انخفضت حصة المشترين لأول مرة إلى 26 في المئة من 32 في المئة خلال عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ أن بدأت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في التتبع في عام 2008.
وقال يون، "نحن نخلق مجتمعاً منقسماً... لا يشعر الناس أنهم يشاركون في ما يعتبرونه حياة أميركية من خلال ملكية المنازل... كل عملهم لبناء المدخرات يمكن أن يكون أقل جدوى في مواجهة ارتفاع الأسعار".
ولم تكن الأسعار ترتفع بشكل أسرع مما يمكن للناس ادخارها للدفعة الأولى فحسب، بل إن العديد من أنواع الرهن العقاري التي يفضلها مشترو المساكن الجدد، مثل قروض إدارة الإسكان الفيدرالية وقروض "في إي"، غالباً ما يتم تمريرها لجميع الصفقات النقدية أو القروض التقليدية. وقد كان مخزون المنازل في الطرف الأدنى من النطاق السعري ضيقاً جداً لدرجة أن عدد المبيعات التي تراوح سعرها بين 100000 و250000 دولار انخفض بنسبة 20 في المئة تقريباً خلال شهر نوفمبر الماضي.
وبينما بدأت المنازل الجديدة في الظهور حالياً، فإنه يتم تسعير معظمها خارج الميزانية النموذجية لمشتري المنزل لأول مرة. ويقول روبرت فريك، وهو باحث اقتصادي بشركة "نايفي فيدرال كريديت يونيون"، "يركّز المطورون العقاريون أكثر على المنازل المرتفعة الأسعار، إذ انخفضت النسبة المئوية المباعة بأقل من 300000 دولار إلى 14 في المئة فقط من 33 في المئة قبل عام".
لكن العديد من مشتري المنازل الذين يأملون في الشراء يقولون إنهم سيعودون في الربيع، مسلحين بالمعرفة التي اكتسبوها من عملية بحث محبطة في العام الماضي. وقال جورج راتيو، مدير الأبحاث الاقتصادية في "ريلايتور دوت كوم"، إنه "على الرغم من عام مليء بالتحديات، فإن مشتري المنازل الطموحين لأول مرة متفائلون بشكل مدهش بشأن عام 2022... إنهم ينظرون إلى العام الجديد على أنه فرصة جديدة لتحقيق أحلامهم في امتلاك منزل".