وحّد معبد أوام ديانات الحضارات اليمنية القديمة مثل سبأ ومعين وقتبان، ويعود بناؤه إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، ويعاني اليوم إهمالاً ضيع كثيراً من تفاصيله.
أمام الموقع هناك كهل، خيمة وسياج وأبواب حديدية متهالكة ورمال تطمر المكان، هذا هو كل ما يحرس أهم المواقع التاريخية اليمنية التي تكشف جزءاً من حضارة الدولة السبئية التي وردت أخبارها في الكتب السماوية، ونقشت معالمها بالمسند على الأحجار.
معبد أوام
تشير الدراسات أن تاريخ بناء معبد أوام الواقع في محافظة مأرب شرق اليمن ويبعد من المدينة 10 كيلو مترات شرقاً، يعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد ويتكون من سور مبنيّ بالحجارة الكلسية يبلغ طوله حوالى 752 متراً، بسماكة 5.3 متر، يتوسطه فناء بطول 52 متراً وعرض 24 متراً، وضعت فيه الأعمدة الثمانية.
أوام هو المعبد الرئيس في الدولة السبئية والذي كان يعرف بإله القمر، والوحيد الذي كانت تقام فيه طقوس دينية ترتب على شكل زيارات موسمية كما هو الحال في نموذج الحج في الإسلام.
ويعد أوام من أضخم المعابد الدينية وأكثرها إبهاراً على الرغم من الإهمال الكبير الذي يتعرض له من قبل السلطات المحلية والمركزية المتعاقبة.
تنقيب المعبد
تمت الحفريات الجزئية لأعمدة أوام عام 1952 من قبل المؤسسة الأميركية لعلوم الإنسان التي قادها ويندل فيليبس، وعاودت الجمعية في التسعينيات التنقيب من دون الحصول على معلومات في هذا الجانب، بينما يتهم مهتمون بالآثار البعثات التي قامت بالتنقيب بعمليات سرقة كبيرة.
أقدام تماثيل برونزية
وأنت تتجول داخل هذا المعبد تتسلل عينك إلى حفريات أقدام في المعبد كانت لتماثيل برونزية كثيرة تعرضت للنهب، ولا يعرف مصيرها.
الأحجار الكبيرة التي يزينها خط المسند مكدسة في الأرض وقد تحولت إلى طريق يمر من فوقه الزوار، بينما تختفي الأحجار المتوسطة والصغيرة التي يستطيع حملها الإنسان عن المكان، وتعرضت للسرقة على ما يبدو.
موحد الديانات
الصحافي والباحث في علوم الآثار حسين الصادر قال إن معبد أوام "كان واحداً من أضخم المعابد في شبه الجزيرة العربية، وارتبط بعظمة الدولة السبئية في أوج مجدها، ومثل عصر الرفاه السبئي والعصر الديني الذهبي لمملكة سبأ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الصادر أن السبئيين كانوا كبقية اليمنيين أمثال المعينيين والقتبانيين والأوسانيين لديهم آلهة متعددة، لكن عندما بلغت سبأ بقيادة كرب آل وتر والملوك المحاربين العظام مجدها، استطاعت الوصول إلى فكرة توحيد الآلهة وطورت المعابد الدينية ومنها أوام، فكان المعبد الوحيد لهذه الحضارات، ونستطيع القول إن الدولة السبئية هي أول من وصل إلى فكرة الإله القومي الموحد للحضارات اليمنية".
الازدهار الديني والاقتصادي
يواصل الباحث حديثه فيقول، "جاء معبد أوام ليعكس الازدهار الديني والسياسي والقوة العسكرية والجانب الاقتصادي أيضاً، فكان تطويره وبناؤه متواز أيضاً مع حضارة الري التي أنشأتها سبأ العظيمة في سد مأرب".
وكان المعبد يقوم بإقراض المزارعين وكان المزارع يرهن الأرض في مقابل الري، وكانت للمعبد ميزتين، "الأولى أنه عكس عصر الوحدة الدينية والإله الواحد لكل القبائل اليمنية من المعينيين والسبئيين"، أما الثانية فهي "أنه شهد فصلاً بين السلطة السياسية والدينية، ولم يكن للكاهن أن يقود الدولة"، ففي هذا العهد الذهبي لسبأ انفصلت السلطة السياسية عن الدينية، وهو ما فعله الملك السبئي كرب آل وتر حين قام بالفصل بين السلطتين وأزاح الكهنة من التحكم في أموال الناس، وقام بإقراض المزارعين مياه الري.
وقال الصادر أن أهمية هذا المعبد تكمن في أنه "المعبد الوحيد الذي كانت تقام فيه طقوس دينية على شكل الحج والعمرة اليوم، وكان الناس يحجون إليه مع بقية المعابد المنتشرة في صرواح، مثل المقة وبراقش وغيرها من المعابد قبل توحيدها".
أوام على قائمة أعلى 10 آثار سُرقت
في مطلع العام 2020 أصدر ائتلاف تحالف الآثار العالمي قائمة لأبرز 10 آثار مطلوبة دولياً، يأتي في أعلى القائمة لوح حجر مرمر منقوش عليه بالمسند تم اقتلاعه من أرضية معبد أوام في محافظة مأرب.
ويقول الائتلاف إنه يبحث عنه حول العالم، مطالباً الجمهور بإبلاغ الـ "إنتربول" ومكتب التحقيقات الفيدرالي أو تحقيقات الأمن الداخلي عند مشاهدته أو إيجاده.
وبحسب المعلومات المنشورة في القائمة عن اللوح اليمني فإنه جرى تهريبه بين 2009 و2011 من اليمن إلى الخارج،
وقال الائتلاف إن المواقع الأثرية في اليمن لا تزال معرضة للخطر بسبب الحرب، مضيفاً "لقد دمرت هذه الحرب اليمن، واستعادة هذا الشيء مع أشياء أخرى نهبت ستساعد الأمة في هذا الفصل المؤلم".
وكان تحالف الآثار نشر عام 2019 قائمة تضم 1631 قطعة تم سرقتها من عدد من المتاحف في اليمن.