Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرسامة منى نحلة تستلهم أحوال الاغتراب الإنساني

بين الهدم وإعادة البناء يتردد المشهد الجمالي في لوحات معرضها القاهري

لوحة من معرض الرسامة اللبنانية منى نحلة في القاهرة (الخدمة الإعلامية)

بين الخط والمساحة والحذف والإضافة، أو بين الهدم وإعادة البناء، يتردد المشهد الجمالي الذي تقدمه الرسامة اللبنانية منى نحلة في معرضها في غاليري آزاد للفنون في القاهرة تحت عنوان "حالة تيه".

لا ينفصل المشهد الذي تقدمه الفنانة اللبنانية عن اللحظة الراهنة، فالأعمال التي تعرضها تعكس لحظات القلق والتوتر التي عاشها العالم خلال العامين الماضيين. ربما يشير العنوان الذي اختارته الفنانة لأعمالها إلى هذه المشاعر على نحو مباشر، غير أن الحضور الطاغي لهذه المشاعر في اللوحات يبدو أكثر تأثيراً. تجمع المعالجة الفنية للأعمال التي تقدمها نحلة ما بين التصوير والرسم، كما تؤلف بين جماليات التوظيف المتعدد للدرجات اللونية والحضور البارز للألوان الحيادية.

يدعونا هذا التفكيك اللافت لمكونات اللوحة في أعمال الفنانة إلى تأمل طريقتها في معالجة المساحات اللونية وعلاقتها بالأشكال والعناصر المرسومة. فالحشد المرسوم ببراعة تمزق أوصاله خطوطاً ومساحات لونية متوترة تتقاطع مع أشكال من زخارف وعلامات، وتتداخل تفاصيله مع الخلفية الحيادية للعمل. تطالعنا هنا رغبة في التواصل والاحتماء بالآخر، كما ينبثق عبر اللوحات إحساس بالحنين إلى المشاعر الدافئة والألفة التي افتقدناها خلال الجائحة. إن هذا الالتحام بين العناصر والتكوينات المرسومة في أعمال منى نحلة لا يخلو من التوتر أو "التيه" كما تسميه الفنانة، فمشاعر الاغتراب مع الواقع الجديد تخترق هذا الاشتباك والتلاحم البشري الهش. أما المعالجات اللونية في هذه الأعمال فهي تتسم بالغنى والوضوح التام، فاللوحة تبدو كمقطع زاخربالتفاصيل من الفسيفساء، أو كمساحة قماش مطرزة مصنوعة من عشرات القطع الملونة بدرجات مختلفة.

التشخيص والإختزال

تراوح الأعمال التصويرية التي تقدمها نحلة في معرضها ما بين التشخيص والاختزال في معالجاتها للعناصر المرسومة، هي ترسم وتلون وتمزج بين عديد من المفردات، غير أن بؤرة اهتمامها تنحاز دائماً للعنصر البشري، فهو العنصر الأبرز في معظم أعمالها، وهي تشكل من طريقه ملامح تجربتها الجمالية. فعلى رقعة الرسم تتحرك خيالات ملونة لأشخاص يبحثون عن ملاذ دافئ، محتمين بعضهم ببعض، وتقتحم المشهد وجوه صامتة بعيون محدقة. الجسد البشري في أعمال نحلة ليس مجرد مفردة جمالية أو بصرية توظفها الفنانة لاستكمال المشهد، فهو يتداخل على نحو لافت مع العناصر الأخرى في العمل من جمادات وزخارف وعلامات ورموز، حتى إنك لا تستطيع أحياناً الفصل فيما بينها، فلا تملك أمام هذا المشهد الآسر سوى الاستسلام لنظام اللوحة ونسقها، والإذعان لظواهرها وأحكامها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عن هذه التجربة الجديدة تقول الفنانة: "على مدار العامين الماضيين، اصطدمت البشرية بجدار غير مرئي من الأزمات الجديدة التي لم تختبرها من قبل. فقد ارتبطت الجائحة بمشاهد صادمة كنا نطالعها يومياً عبر الشاشات، وظهرت إلى الواجهة تعبيرات لم تكن متداولة بهذه الكثافة كالحجر الصحي، وقيود السفر، واللقاحات وأقنعة الوجه". بدا الأمر مخيفاً كما تقول الفنانة، ما فتح الباب أمام روايات المؤامرة...

"في تلك الأوقات العصيبة توقفت الحياة كما نعرفها، في انتظار ظهور الضوء في نهاية النفق. في غمرة هذه المشاعر القاتمة استدار كل إنسان إلى داخله، وانبثقت تساؤلات وعلامات استفهام، تساؤلات لها علاقة بوجودنا وهشاشتنا كبشر. كان الأمر أشبه بفقدان التوزان، أو بالتيه".

درست منى نحلة الأدب الإنجليزي في الجامعة اللبنانية، واتجهت إلى الرسم بعد تخرجها. أقامت العديد من المعارض الفردية منذ عام 1994، كما شاركت في عديد من الفعاليات والعروض الجماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة