Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موجة كورونا الرابعة تهدد نمو أوروبا المتوقع

سلسلة من القيود في دول كبرى داخل الاتحاد قد تؤدي إلى كبح النشاط التجاري والخدمات

أناس ينتظرون تلقي جرعة لقاح مضاد لفيروس كورونا في العاصمة النمسوية فيينا، الثلاثاء 23 نوفمبر الحالي، في اليوم الثاني من الإغلاق العام في البلاد (أ ب)

بات الانتعاش الاقتصادي الهش في أوروبا معرضاً لخطر التقويض بسبب الموجة الرابعة من الإصابات بمتحورات فيروس كورونا التي تغمر حالياً القارة الأوروبية، مع فرض الحكومات قيوداً صحية صارمة بشكل متزايد، مما قد يتسبب بتراجع أعداد الزائرين لمراكز التسوق، وتثبيط السفر وتقليل أعداد المترددين على المطاعم والحانات وصالات التزلج والمنتجعات، بخاصة مع قرب الاحتفالات بأعياد الميلاد.

وكانت عمليات الإغلاق القاسية التي اجتاحت أوروبا خلال الأشهر الأولى من الوباء العام الماضي، تسببت بتقلص الناتج الاقتصادي بنحو 15 في المئة، مدعومة بمجموعة كبيرة من اجراءات الدعم الحكومي للشركات والعاطلين من العمل، والتي مكنت معظم البلدان في العالم من تعويض خسائرها بعد بدء استعمال اللقاحات والتي تراجعت معها معدلات الإصابة بالفيروس وتخفيف القيود.
ومع انتشار متحورات كورونا طبقت النمسا إجراءات صرامة هي الأشد من نوعها في مواجهة الوباء، إذ فرضت التطعيمات وإغلاقاً سريعاً على مستوى البلاد منذ يوم الإثنين 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويتوقع أن يتأثر النشاط الاقتصادي أيضاً بإجراءات السلامة في دول أوروبية أخرى، والتي تتفاوت ما بين فرض حيازة جوازات سفر اللقاح في فرنسا وسويسرا، وصولاً إلى شروط العمل من المنزل أربعة أيام خلال الأسبوع في بلجيكا.
وقال مدير الأبحاث بمعهد كيل للاقتصاد العالمي في ألمانيا ستيفان كوثس لصحيفة الـ "تايمز"، "نتوقع فصل شتاء مليئ بالمطبات. يبدو أن الوباء يؤثر حالياً في الاقتصاد بشكل سلبي أكثر مما كنا نعتقد".
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أعلن الاقتصاديون بتفاؤل أن أوروبا وصلت إلى نقطة تحول، وخلال الأسابيع الأخيرة بدا أن التهديدات الرئيسة للاقتصاد تنبع من الوفرة التي أعقبت الإغلاق وتسببت باختناقات في سلسلة التوريد وزيادة أسعار الطاقة ومخاوف التضخم، وكان متوقعاً أن تؤدي اللقاحات المنتشرة إلى القضاء على لدغة الوباء حتى يتمكن الناس من التجمع بحرية للتسوق وتناول الطعام في الخارج والسفر، ولكن ما لم يكن متوقعاً هو سلسلة القيود الحكومية الصارمة مع تفشي سلالة شديدة العدوى من كورونا.

كما تسبب ضعف تدابير مكافحة العدوى، مثل لبس الكمامات ومقاومة التطعيمات من قبل أعداد كبيرة من الناس، في انتشار متحورات الفيروس في مناطق عدة في أوروبا.
وقال كوثس إن "معدلات التطعيم المنخفضة هي الأكثر كآبة، والتوقعات الاقتصادية لهذا الفصل الشتوي كئيبة هي الأخرى".
النمسا وتداعيات الإغلاق

وفي وقت يجري الحديث عن تطعيم ما يقرب من ثلثي سكان أوروبا، تتفاوت المعدلات بشكل كبير من دولة إلى أخرى، ففي بلغاريا على سبيل المثال حصل ربع السكان فقط على الجرعة الأولى من للقاح مقارنة بـ 81 في المئة في البرتغال، وفق المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.
وقال اتحاد تجارة التجزئة في النمسا الإثنين، إن المتاجر في البلاد وقبل إصدار أوامر بإغلاقها كانت تعاني بالفعل من خسارة بنسبة 25 في المئة في الإيرادات لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019. ويتوقع أن تتحمل المتاجر في البلاد خسائر فادحة خلال الأسابيع المقبلة مع موجة الإغلاق قبيل انطلاق الاحتفالات بأعياد الميلاد.
وقال اتحاد الفنادق النمساوي إن أداء الفنادق لم يكن أفضل بكثير خلال الأسبوع الذي سبق بدء الإغلاق، إذ تم إلغاء واحد من كل حجزين.
ومع ذلك فإن الآفاق العامة ليست رهيبة كما كانت في العام الماضي، إذ لا يزال متوقعاً أن يكون النمو إيجابياً مع الزيادة السنوية التي تحوم حول خمسة في المئة. وانخفضت معدلات البطالة في بعض المناطق، في وقت تشكو فيه بعض الشركات من نقص العمالة.

اغلاقات متقطعة ومخاوف من التضخم

واستجابة النمسا لفرض إغلاق لمدة ثلاثة أسابيع تقفل خلالها كل المتاجر باستثناء تلك التي توفر الضروريات الأساسية، ويُسمح للمطاعم بخدمة الوجبات الجاهزة فقط، ويطلب من الناس البقاء في المنزل باستثناء الأنشطة الأساسية، قد لا تكون بالضرورة نموذجاً رائداً مقارنة بما ستفعله الحكومات الأخرى في كل أنحاء أوروبا، حيث أشار القادة في فرنسا وبريطانيا الأسبوع الماضي إلى أنهم لا يخططون لعمليات إغلاق جديدة.
وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد الأحد، "لسنا في هذه المرحلة"، أي مرحلة التفكير في الإغلاق. وأضاف أنه بينما لا يمكن أن يكون هناك تهاون فإنه يأمل بأن يتمكن الناس من "التطلع إلى اللقاء خلال أعياد الميلاد".
وقال كبير الاقتصاديين بمنطقة اليورو في "بانثيون إيكونوميكس" كلاوس فيستيسن،  إنه "في حين كان واضحاً أن القيود وعمليات الإغلاق كان لها تأثير كبير وفوري في الاقتصاد، إلا أن عمليات الإغلاق المحدودة والمتقطعة مثل تلك الموجودة بالفعل في بعض البلدان، كانت أقل احتمالية لإحداث تأثير كبير في النمو الإجمالي". وأضاف أن "ارتفاع معدلات الإصابة سيدفع المخاوف بشأن التضخم قليلاً على الأقل في المستقبل القريب، لكن الأمر الأكثر صعوبة هو عواقب فرض اللقاحات على الذين يرغبون بالعودة للعمل، فبالنسبة إلى الشركات قد تكون مُدمرة".
و تُعد الأسابيع التي تسبق يوم عيد الميلاد من بين أهم أيام التسوق في النمسا وألمانيا، إذ يتجمع الناس في الأسواق الخارجية لتناول الطعام والشراب وشراء الهدايا، والتي عادة ما تفتح منذ أواخر نوفمبر وحتى 24 ديسمبر، وتشكل أيضاً عامل جذب سياحي مهماً، وتدر إيرادات أكبر من خلال حجوزات الفنادق والفعاليات الثقافية الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي العام الماضي تم إغلاق العديد من تلك الأسواق تماماً، لذلك يتطلع البائعون والمشترون إلى هذا العام.
أما في فيينا فافتتحت السوق في "ماريا ثريسيون بلاتز" يوم الأربعاء الماضي بأكشاك خشبية مزينة بأغصان دائمة الخضرة وأضواء خرافية، لكن الباعة أجبروا على الإغلاق بعد أربعة أيام فقط.

إغلاق ألمانيا سيصيب أوروبا بالركود

كما فرضت جمهورية التشيك وسلوفاكيا قيوداً جديدة، وفي ألمانيا أدخلت بعض الولايات عمليات إغلاق جزئية، وبدءاً من يوم الأربعاء (24 نوفمبر) سيطلب من غير الملقحين إظهار اختبار "كوفيد-19" السلبي قبل الذهاب إلى العمل.
وقال وزير الصحة الألماني ينس سبان، الإثنين (22 نوفمبر)، إنه بحلول نهاية هذا الشتاء سيتم تطعيم كل شخص في ألمانيا أو شفاؤه أو موته.
ومن غير المرجح في الوقت الحالي حدوث إغلاق على مستوى البلاد في ألمانيا، أكبر اقتصاد في القارة الجوز، ولكن في حال أغلقت ألمانيا فإن أوروبا ستعود للركود.

فرنسا بين المكاسب الاقتصادية والانتخابات الرئاسية

وفي فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، يبغض الرئيس إيمانويل ماكرون ضياع المكاسب الاقتصادية مع التحضير لإجراء الانتخابات الرئيسة في أبريل (نيسان) المقبل.

وعلى الرغم من تحذيرات خبراء الصحة من أن موجة أخرى من فيروس كورونا تضرب فرنسا "بسرعة البرق"، قال ماكرون الأسبوع الماضي إنه لن يغلق أجزاء من الاقتصاد مرة أخرى أو يتبع النمسا.
وحصل حوالى 70 في المئة من سكان فرنسا على لقاح مزدوج، وفرضت البلاد تصريحاً صحياً هذا العام يطالب الناس بإظهار دليل على التطعيم للسفر في القطارات والطائرات ودخول المطاعم ودور السينما ومراكز التسوق الكبيرة.
وستطلب الحكومة الآن جرعة معززة للأشخاص الذين يبلغون 65 عاماً فما فوق، وسيجتمع مجلس الدفاع الصحي الفرنسي يوم الأربعاء مع ماكرون لمناقشة الخيارات الأخرى لإبطاء انتشار متحورات كورونا.
وقال متحدث حكومي هذا الأسبوع إن الحكومة الفرنسية تضع "عبء القيود على الأشخاص غير المحصنين بدلاً من الأشخاص الملقحين".