Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تحيي ذكرى اعتداءات "داعش" الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية

بالتزامن مع المحاكمة التاريخية الجارية حالياً والتي تثير مشاعر الضحايا وترسم ذاكرة جماعية

بعد ست سنوات من اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، في فرنسا، التي نفّذتها مجموعة من تنظيم "داعش"، وقتلت 130 شخصاً وأصابت أكثر من 350 آخرين بجروح عام 2015، مثيرةً الرعب في البلاد، أحيت سلطات باريس وضاحية سان دوني، السبت، هذه الذكرى.

ويأتي إحياء ذكرى أسوأ هجمات شهدتها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية بالتزامن مع المحاكمة التاريخية الجارية حالياً والتي تثير مشاعر الضحايا وترسم ذاكرة جماعية لهذه الاعتداءات.

وكانت المحاكمة التي تعد الأكبر في تاريخ القضاء الفرنسي المعاصر، قد بدأت في سبتمبر (أيلول)، ومن المتوقع أن تستمر حتى مايو (أيار) 2022.

ويواجه 20 متّهماً أحكاماً تصل إلى الحبس مدى الحياة في حال الإدانة، وبينهم المهاجم الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة صلاح عبد السلام وهو فرنسي - مغربي قبض عليه في بروكسل. ومن أصل المتّهمين العشرين يحاكم ستة غيابياً.

وبدأ رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، برفقة رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو، جولته لإحياء الذكرى بوضع إكليل من الزهور ثمّ الوقوف دقيقة صمت أمام "ستاد دو فرانس"، قبل التوجه إلى الباحات الخارجية للمقاهي وقاعة باتاكلان للعروض الموسيقية في باريس.

ووضعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تختتم السبت زيارة لفرنسا استمرّت أربعة أيام، بعد الظهر باقة ورود بيضاء قبالة الباحة الخارجية لحانة "لو كاريون"، ودخلت بعدها الحانة لوقت قصير.

ندوب لا تُمحى

وبعد إحياء الذكرى من دون حضور شعبي عام 2020 بسبب وباء "كوفيد-19"، تبدو المراسم هذا العام مهمّة أكثر من أي وقت مضى، لأنها تجري بالتزامن مع محاكمة تاريخية تعيد منذ سبتمبر (أيلول) إحياء تفاصيل الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية الذي شهدته فرنسا على الإطلاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الناجي برونو بونسي من أمام الباتاكلان "العام الماضي، مُنعنا من القدوم وعشنا جميعاً (الذكرى) بشكل سيء جداً. هذا العام، هناك حاجة حقيقية إلى الالتقاء تعززها المحاكمة".

وأضاف "أقمنا روابط حقيقية بفضل هذه المحاكمة... في المراسم السابقة، كنا نلتقي من بعيد من دون التجرؤ على التحدث، كان هناك خجل حقيقي. الوقوف أمام المحكمة غيّر كل شيء".

وبعد الإدلاء بشهادته أمام محكمة الجنايات، مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، لا يزال الرجل الأربعيني يحضر الجلسات. وعلق "من المستحيل بالنسبة إليّ أن أتوقف عن ذلك، نتحدث عن أرواحنا في هذه القاعة ومن المهمّ أن نأتي لدعم الآخرين ومحاولة إنهاء هذه القضية".

وعلى مدى شهر، كشفت شهادات الضحايا وأقربائهم الندوب التي لا تُمحى وحجم الأضرار النفسية التي تسببت بها هذه الاعتداءات بالنسبة للكثير من الضحايا.

ورأى برونو أن لاستكمال ما تبقى من المحاكمة التي يُفترض أن تستمرّ حتى أواخر مايو (أيار)، "يشعر الناس بوجوب أن يدعموا بعضهم بعضاً".

وهذا العام، سجّلت جمعيّته نحو مئة مشارك إضافي في مراسم إحياء الذكرى التي تنظّمها رئاسة البلدية في الدائرة الحادية عشرة، الحيّ الباريسي الذي شهد الاعتداءات.

الذاكرة الجماعية

وأكد رئيس جمعية أخرى للضحايا "أخوة - حقيقة" فيليب دوبيرون أن "المحاكمة عزّزت على الأرجح الحاجة إلى أن نكون معاً". وأضاف "في قاعة الجلسات، حصل تبادل نظرات وكانت الأيدي ممدودة، شعرنا بتضامن كبير".

وقال المؤرّخ دينيس بيشانسكي إن "إحياء الذكرى يشكل علامة على السرد الكبير المشترك (للوقائع) الذي يتمّ صوغه حالياً خلال المحاكمة". وبيشانسكي هو المسؤول المشارك في "برنامج 13- نوفمبر"، وهو مشروع بحث واسع النطاق يدرس تطوّر ذاكرة الاعتداءات على مدى عشر سنوات.

وأضاف أن الجلسات التي تواكبها الصحافة "تؤثر في الذاكرة الجماعية للفرنسيين" وسمحت بـ"استكمال الأحجية بقطع لم نكن نعرفها".

وتُظهر أبحاثه التي يجريها لدى عيّنة ممثِلة عن الشعب الفرنسي، أنه أبعد من مجزرة الباتاكلان سمحت المحاكمة بـ"إعادة إظهار مواقع اعتداءات 13 نوفمبر في مجملها"، بفضل شهادات ضحايا "ستاد دو فرانس" والباحات الخارجية للمقاهي، التي كان يميل الرأي العام تدريجاً إلى نسيانها.

وبعد ستة أعوام من الاعتداءات، لا يزال التهديد الإرهابي مرتفعاً في فرنسا، لكنّه يتخذ أشكالاً أخرى. وهذا ما أظهره مقتل الموظفة في الشرطة ستيفاني مونفيرميه في أبريل (نيسان) في رامبوييه قرب باريس أو قطع رأس المدرّس سامويل باتي في أكتوبر 2020.

من هنا، بات التهديد الإرهابي يأتي من جانب مهاجمين أكثر "استقلالية" ليسوا مرتبطين بشكل وثيق بجماعات جهادية. كذلك لم تعد الأخيرة تعلن بشكل تلقائي مسؤوليتها عن أفعالهم.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار