Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في المساحات الطبيعية الأفريقية حل لأزمتنا المناخية

يفغيني ليبيديف يستخلص الدروس من جدّه بشأن ضرورة حماية بالوعات الكربون في أفريقيا قبل الفعالية التي يغطّيها في "كوب26" اليوم

“إن هذا النظام البيئي المذهل في حوض نهر الكونغو من أقوى دفاعاتنا المتبقية في مواجهة تغيّر المناخ” (غيتي)

بعد مرور ثلاث سنوات فقط على الانفجار النووي في تشيرنوبيل، اصطحبني جدي البروفيسور سوكولوف إلى موقع الحادثة ليثقّفني عن [ليطلعني على] آثارها على الحياة البرية المحلية. كنت أبلغ التاسعة من عمري وتلك كانت عطلتي الأولى. ولا أبالغ البتّة بالتالي إن قلت إنّه هو من غرس فيّ الاهتمام الذي لازمني طيلة حياتي بآثار الإنسان على العالم الطبيعي.   

خلال السنوات اللاحقة، أخذني معه في عدة رحلات بحثية- فهو كان عالماً وخبيراً بيئياً سوفياتياً أوصله عمله إلى أقاصي الأرض. ورافقته في عمله، فيما كان يحافظ على النظم البيئية العالمية ويروّج للتنمية المستدامة بيئياً. في بعض الأحيان، قادتنا هذه الرحلات الاستكشافية لعالم الحيوان إلى أفريقيا. ما من مشهد يضاهي روعة كل تلك الحيوانات المذهلة التي تتحرك في المناطق الطبيعية الخلّابة بالنسبة لفتى صغير السن.

في ذلك الوقت، كان مفهوم "الاحترار العالمي" محصوراً في شبكة من العلماء القلقين وعدد قليل من واضعي سياسات كانوا مستعدّين للإصغاء إليهم. أما اليوم، فقد أصبحت نتائج جرائم البشرية ضدّ البيئة واضحة للعيان. شاهدتُ هذا العام احتراق الغابات وذوبان التربة الصقيعية في سيبيريا كما احتراق مساحات شاسعة من النظم البيئية في أفريقيا على أيدي الرعاة.

في تشيرسكي في سيبيريا، هناك مشروع علمي طموح للغاية هدفه تجديد الحياة البرية في التندرا [أرض شاسعة شبه قاحلة تغلفها طبقة جليدية] الروسية، عبر استقدام حيوانات البيسون والأحصنة والماعز وغيرها التي قد تشمل الماموث الصوفي حتى- من أجل الحفاظ على بالوعة الكربون العظيمة المتمثّلة بالتربة الصقيعية الروسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما زرت المشروع، شاهدت اشتعال السهول الفيضانية الشاسعة هناك، واحتراقها على ضفة النهر المقابلة للمحطة العلمية. فقد خلقت موجات الحرّ القياسية الظروف المثالية لاشتعال الغطاء النباتي. وهكذا ظهرت آثار تغيّر المناخ حرفياً أمام أعين الأشخاص الذين يبذلون أقصى جهدهم من أجل كبحه. وأثناء حديثنا مع العلماء، تبيّن أنّ مشروعهم وافق عليه جدّي منذ أكثر من 30 عاماً، عندما شغل منصب رئيس قسم الأحياء في الأكاديمية السوفياتية للعلوم. وقد وقّع على المقال الذي يتضمن النظرية التأسيسية التي يستند إليها المشروع بالكلمات التالية "للنشر الفوري والعاجل".

كان جدّي يرى العلم من منظور عالمي. وقد نشط في عدة مجالات عالمية للحفاظ على الطبيعة، ابتداءً من برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع لليونسكو ووصولاً إلى لجنة برونتلند العالمية المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة.

وهو أول من كان ليدعم التعاون الدولي من أجل حماية بالوعات الكربون [خزان حيوي يُجمّع ثاني أكسيد الكربون لفترة غير محددة] من روسيا إلى أفريقيا.

يسعدني أنني أمشي على خطاه، مهما كانت طريقتي بسيطة. وباعتباري راعٍ لمنظمة الحفاظ على البيئة والطبيعة "سبايس فور جيانتس" (فضاء للعمالقة Space for Giants)، عملت في سبيل المحافظة على النظم البيئية الأفريقية، حيث ساعدت على حمايتها من الصيادين غير الشرعيين والاستحواذ على الأراضي والنزاعات بين البشر والحياة البرية.

كان لي الشرف أن نمت مرة في الغابة المطيرة في حوض نهر الكونغو. إن هذا النظام البيئي المذهل هو أحد أكبر الأحواض في العالم، ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأمازون. وهو أيضاً من أقوى دفاعاتنا المتبقية ضدّ تغيّر المناخ. ما زالت الكونغو، خلافاً لغيرها من الغابات الاستوائية المطيرة الكبرى، بالوعة قوية للكربون الصافي. وهي تزيل حالياً 4 في المئة من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية سنوياً. تعمل هذه المساحات الخضراء المترامية الأطراف كما لو أنها أجهزة الطبيعة لمسح الكربون إذ تمتصّه وتعزله. 

ينعقد هذا الأسبوع مؤتمر كوب 26، الذي يمكن اعتباره أهم مؤتمر بيئي في تاريخ البشرية. واليوم أستضيف إلى جانب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا نقاشاً حول الدور الحيوي الذي تلعبه النظم البيئية في أفريقيا في الحؤول دون وقوع الكارثة المناخية. من المعروف منذ زمن بعيد أنّ أثمن المساحات الطبيعية الأفريقية معرّضة للخطر ولكن الوقت حان لكي نصل بين الواجبين الأخلاقي والبيئي في مسألة المحافظة على الطبيعة.

نحن نجمع قادة من القطاعين العام والخاص لمناقشة الحلول التي تستند إلى السوق بهدف الحفاظ على هذه الموائل الطبيعية. فمن المهم جداً المحافظة على هذه المساحات الطبيعية البارزة وعزل مخزون كبير من الكربون في هذه الأثناء.

من دواعي سروري الشديد أنّ 100 بلد تعهّد يوم الإثنين بإنهاء اجتثاث الغابات بحلول العام 2030. ويبدو أنّ واضعي السياسات يدركون في نهاية المطاف أهمية المحافظة باعتبارها أداة تساعد على مكافحة أسوأ مظاهر تغيّر المناخ. ولا شك في أنّ الاتفاق يبدو هائلاً: سوف يُخصص 14 مليار جنيه استرليني من الأموال العامة والخاصة الضرورية لدعم جهود الحفاظ على أكبر غابات العالم؛ وسوف يتأسس صندوق بقيمة 1.1 مليار جنيه لحماية حوض نهر الكونغو نفسه. ومن مسؤوليتنا الآن إلزام هذه البلدان باحترام التزاماتها.  وعلينا جميعاً أن نقرّ بالموقع المركزي الذي يجب أن تحتلّه أفريقيا في حماية الأجيال المقبلة من أزمة المناخ.

اللورد ليبيديف مساهم في اندبندنت وإيفنينغ ستاندرد.

يمكن متابعة الفعالية التي تحمل عنوان “مكافحة تغيّر المناخ عبر الاستثمار في بالوعات الكربون الطبيعية في أفريقيا” عن طريق الرابط التالي independent.co.uk/tv

© The Independent

المزيد من آراء