Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما مستقبل التعليم في ظل الأزمات السياسية في السودان؟ 

العام الدراسي يتأثر مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وأزمة الخبز كانت الشرارة

أسهمت الأزمات المتلاحقة في السودان في تعقيد العملية التعليمية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ظل التعليم في السودان يعاني الأزمات السياسية المتواصلة، إذ كان يتأثر بشكل مباشر بمجريات الأحداث في البلاد. وعندما يتعلق الأمر بانعدام الأمن، نجد الأمهات أكثر حرصاً على إثناء أولادهن عن الذهاب إلى المدرسة. ولأن السودان بلد يتفوق فيه عدد الشباب وطلاب المدارس والجامعات على الآخرين، يمكن القول إن الثورات التي حدثت في السودان كان وقودها الطلاب الذين يحتجون على الأوضاع التي غالباً ما تكون متردية اقتصادياً، وكانت الثورات معروفة بأنها حراك طلابي ضخم.

والجدير بالذكر أن أغلب قتلى الاحتجاجات السودانية هم من طلاب الجامعات والمدارس، مع الإشارة إلى أن أكبر تظاهرة احتجاجية كانت في ثورة ديسمبر (كانون الأول) في مدينة الأبيض بغرب السودان لطلاب المدارس الذين خرجوا يطالبون بسقوط النظام بسبب أزمة الخبز.

عامل مشترك 

أسهمت الأزمات المتلاحقة في السودان ومنها أزمة الخبز وانعدام المواصلات في تعقيد العملية التعليمية، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة التي جعلت آلاف الأساتذة يهاجرون خارج البلاد، حيث شهدت مكاتب العمل في الخارج في فترة من الفترات موجة كبيرة لهجرة آلاف الأساتذة للعمل بمرتبات مغرية.

في هذا الصدد قال الأستاذ عثمان محمد إن "العملية التعليمية في السودان تفتقر إلى التمويل الحكومي، لأن الحكومة لا تصرف على التعليم بصورة جيدة، فإننا بالتالي نجد بيئة تعليمية سيئة تفتقر إلى أبسط المقومات. مع تدني مستوى الطلاب بسبب الفقر والجوع وانعدام الخبز".

وعن هجرة الأساتذة للعمل في الخارج أضاف محمد "المعلم السوداني يعاني قلة الرواتب في بلاده، إذ نجد ملايين المعلمين لا يملكون أحياناً النقود الكافية لتحضير صحن من الفول، على سبيل المثال، قلة الرواتب جعلت الأستاذ لا يملك أدنى مقومات الحياة، وهذا الأمر يؤثر في أدائه داخل المدرسة، ويجعله يهرب عندما يجد أول فرصة تحسن من وضعه".

"انعدام الرغيف" كان سبباً من أسباب اشتعال ثورة ديسمبر، لذلك تم تقليل ساعات الدوام بسبب عدم توافر الخبز والأزمات السياسية الأخرى في البلاد، وأثر القرار في سير الخطط المدرسية وإكمال العام الدراسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا الصدد قال المدير العام لمدارس القبس، حيدر القاضي، إن "وضع التعليم حساس ويتأثر بالأحداث الأمنية والسياسية، إذ ألقت الأزمات بظلالها على عامين دراسيين، العام الأول كان خلال ثورة ديسمبر 2019، والعام الدراسي الثاني بسبب جائحة كورونا، خلال هذين العامين كان هناك عدم استقرار تعليمي. وستؤثر أحداث هذا العام تأثيراً كبيراً في العملية التعليمية مع أننا كنا نطمح لتكثيف الجهود وعمل مراجعات للطلاب لتعويض الخلل في السنوات الماضية، خصوصاً المواد الأساسية كالرياضيات واللغة العربية والإنجليزية وغيرها من المواد التراكمية. تقليل ساعات الدراسة أثر سلباً في الطلاب. والأسر أيضاً غير مطمئنة وشهدنا خلال هذا العام هجرة كبيرة للأسر إلى مصر، وسبب الهجرة الأساسي هو العملية التعليمية، لذلك يجب التعامل مع المسألة التعليمية بحيادية كبيرة جداً وعدم إدخالها في العملية السياسية". 

وأضاف القاضي "نحن كتربويين لاحظنا أن السياسة تؤثر في التعليم بصورة سلبية جداً، لذلك لا بد من النظر إلى الأمر بجدية، وتهيئة بيئة تعليمية نظيفة حتى في ظل وجود خلافات سياسية، التعليم يجب أن يكون بعيداً عن كل تلك الأمور". 

عصيان مدني

وبمجرد أن أعلن القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد، أعلنت لجنة المعلمين عبر حسابها على "فيسبوك" رفضها تلك الإجراءات، وأعلنت في بيان نشرته العصيان المدني.

أثرت العملية السياسية في السودان على العملية التعليمية، وقال المحاضر الجامعي مصطفى حسين إن "البيئة التعليمية الجيدة دائماً ما تكون بعيدة كل البعد عن الخلافات السياسية، إذ تعتبر الجامعات والمدارس السودانية منبراً سياسياً يؤثر دائماً في الاستقرار التعليمي ويؤدي للفشل الدراسي وتدني المستوى الأكاديمي، حين ينشغل الطالب بالعمل السياسي مع إهمال الأكاديميات".

ورأى حسين أنه "يجب أن يكون العمل السياسي بعد المرحلة الجامعية أو خارج سور الجامعة والمدرسة".

أمر مهم 

في الوقت الذي يرفض فيه المعلمون إشراك الطلاب في العمل السياسي وتأثرهم به، يرى الطالب أسامة محمد، الذي يعمل ناشطاً سياسياً في أحد الأحزاب السودانية أن "الطالب يجب أن يكون مشاركاً وحاضراً في العملية السياسية، وحارساً للثورات السودانية، ومصوتاً في الانتخابات، لأن الثورات هي ثورات قامت على أكتاف الشباب الذين يحملون رؤى خاصة ومختلفة لحكم بلادهم". ويضيف "لا بد من إشراك الطلاب في العملية السياسية لأنهم أكثر الفئات تضرراً من سوء الحكم. تعطل سنة واحدة أو حتى خمس سنوات لتصب في صالح الوطن ليس بالأمر الخطير. استمرار الدراسة وسط مجموعة غير مؤهلة للحكم سيؤثر كثيراً، خصوصاً أننا نعاني بيئة تعليمية سيئة ومنهجاً يحتاج إلى المراجعة والتطوير لمواكبة العالم". 

وعلى الرغم من الأصوات الكثيفة المنددة بإشراك الطلاب في العملية السياسية التي تنادي بسير العام الدراسي بصورة طبيعية، فإن أهالي الطلاب وفي استطلاع رأي أجرته "اندبندنت عربية"، أكدوا حرصهم على ضرورة خلق بيئة جيدة لأبنائهم وعدم التضحية بهم، وطالبوا بإلغاء العام الدراسي مقابل الحفاظ على أولادهم وعدم إرسالهم إلى المدارس في بلد يعاني انفلاتاً أمنياً، ويستخدم الطلاب دروعاً بشرية يتم المساومة بها بين الحين والآخر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير