Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخلافات "تسمم" حزب الاتحاد الوطني الكردستاني

يرجح مراقبون انشقاق جنكي وتوجهه لتأسيس حزب جديد

يخوض الرئيسان المشاركان صراعاً حامياً على زعامة الحزب منذ أحداث الثامن من يوليو الماضي (أ ف ب)

تتجه الأزمة بين أجنحة حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" في إقليم كردستان العراق نحو مزيد من التصعيد، مع الإعلان عن استبعاد الرئيس المشارك للحزب لاهور شيخ جنكي وقادة آخرين، في خضم صراعه الدائر مع نظيره بافل طالباني على الزعامة، فيما دعا جنكي إلى إنقاذ الحزب من السقوط في "الهاوية".
ويخوض الرئيسان المشاركان صراعاً حامياً على الزعامة منذ أحداث الثامن من يوليو (تموز) 2021، عندما أقدم بافل على إبعاد ابن عمه شيخ جنكي، وإعلان نفسه رئيساً وحيداً للحزب، متهماً الأخير بزرع "جاسوس" في منزله ومحاولة اغتياله بواسطة "السم"، إلا أن جنكي نفى تلك التهم معتبراً أنها "محاولة لتشويه" سمعته بغية إزاحته.
وكشف "الاتحاد الوطني الكردستاني" في الأيام القليلة الماضية عن تعرض ثلاثة من قيادييه لمحاولة اغتيال بـ"السم"، أبرزهم القيادي البارز ملا بختيار الذي يخضع حالياً لعلاج في إحدى المستشفيات بألمانيا.

عقوبة جماعية

وأفادت وسائل إعلام مقربة من الحزب بأن "قراراً صدر عن المكتب السياسي يقضي بإقالة الرئيس المشارك لاهور شيخ جنكي، وكل من أعضاء المجلس القيادي آراس شيخ جنكي وشادمان ملا حسن وآلا طالباني، النائب البارزة في البرلمان الاتحادي، وزينو محمد"، معللة الأسباب بـ "خرقهم النظام الداخلي للحزب، فضلاً عن مقاطعتهم لحملة دعم مرشحي الحزب في الانتخابات البرلمانية الاتحادية الأخيرة، في مقابل دعمهم السري لقوائم منافسة"، إضافة إلى ما جرى من مواقف على وقع أحداث الثامن من يوليو.
وفي أول رد على القرار، ذكر موقع تابع للاهور شيخ جنكي أن "قرار إبعاد قياديين من المشاركة في المؤتمر الحزبي العام، وما أعلن عنه غير شرعي، كونه صدر عن أشخاص".
كما أفادت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقربة من شيخ جنكي، بأن الأخير أكد أن "هناك أقلية تتحكم بالحزب من دون الاستناد إلى النظام الداخلي، ومن دون أي اعتبار لشرعية المؤتمر العام، إذ تصدر قرارات غريبة عجيبة"، مبيناً أن "سحب الثقة من الرئيس المشارك للحزب يتطلب تصويت ثلثي أعضاء القيادة، والقيادة لم تجتمع منذ خمسة أشهر، وأي قرار يصدر عن الانقلابيين فإن لاهور شيخ جنكي لن يلتزم به".

وحذر من أن "أي أحداث تجري في المرحلة المقبلة يتحمل مسؤوليتها الانقلابيون". 

تغييرات واسعة

وضمن التسريبات المتداولة، فإن الحزب يتجه نحو إجراء تغييرات واسعة في المناصب على صعيد تنظيماته وممثليه في الحكومة، والتي يتوقع أن تطال مسؤولي التنظيمات في مركز السليمانية ومناطق شارزور وجمجمال، كما ستجري تبديلات على مستوى مسؤولي المكاتب وأعضائها ومسؤولي اللجان، وعلى مستوى وكيل وزير ومديرين في الحكومة.
وسبق أن قال بافل طالباني، وهو الابن البكر لمؤسس الحزب الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، إن جنكي "استغل سلطات الحزب ومؤسساته للتضييق على المواطنين فضلاً عن تنفيذ عمليات تهريب وتشكيل عصابات وترهيب السكان ونشر الفوضى بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي".
وقبل وقت قصير من قرار الاستبعاد، ألقى شيخ جنكي خطاباً متلفزاً وجه خلاله انتقادات لسياسة الحزب ومساوماته مع الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني على إدارة الإقليم. وقال إن "الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة كشفت عن شرخ عميق بين المواطنين والنظام السياسي نتيجة استمرار الفساد وغياب الرغبة في الإصلاح الحقيقي وتدهور الاقتصاد والخدمات، والتدخل في شؤون القضاء وانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة الرأي عبر اعتقال النشطاء والصحافيين". وزاد أن "سلطة الإقليم لا تعير اهتماماً للخطر المحدق نتيجة الغلاء المتزايد وتأخير دفع الرواتب".

أخطار محدقة

ولفت جنكي إلى "التدني الكبير في أصوات الحزب الانتخابية"، وقال إن "ما منعني من المشاركة في الحملة الدعائية هو وضع بعض الأشخاص العراقيل أمامنا من دون اعتبار مطلب عشرات الآلاف من الأعضاء لحل المشكلات القائمة". وحذر من أنه "مع استمرار المكائد والعناد السياسي فإننا لن نرى حتى في الأحلام حكومة سليمة في انتخابات برلمان الإقليم المقبلة، خصوصاً أن هناك طرفاً يعرقل مسيرة الإصلاح ويحتكر الثروات، ويدعي أنه صاحب الأكثرية، لكن الكل يعلم كيف يتم تزوير الأصوات بدعم من أجندات إقليمية"، في إشارة إلى حزب بارزاني.
وانقسمت المواقف على مستوى القيادة حول قرار استبعاد جنكي إلى ثلاث اتجاهات، إذ أبدى قسم دعماً مطلقاً للقرار، فيما أبدى آخرون اعتراضاً لعدم خضوع القرار إلى الإجماع وفق ما ينص النظام الداخلي للحزب، بينما قرر قسم ثالث التحفظ لعدم إطلاعهم على الآلية التي تم خلالها اتخاذ القرار.
وأوضح جنكي أن "كل مشاريع الحزب على مستوى الخطاب والاستراتيجيات ومسألة كتابة دستور الإقليم ومطلب اللامركزية والتمثيل في البرلمان والحكومة تم المساومة عليها"، متسائلاً "أين وجود الحزب؟". ودعا "مجلس قيادة الاتحاد إلى أن يقوم بواجبه وفق السياقات النظامية، والاجتماع بأسرع وقت لإيجاد حل شاف لتخطي الخلافات وتجاوز هذه المرحلة، وإعادة الحزب إلى مساره الصحيح وتجنيب مستقبله المخاطر"، مشيراً إلى أن "حل المشكلات يتم عبر سياقات النظام الداخلي والقضائي". وختم بالدعوة إلى "إنقاذ الحزب من السقوط في الهاوية عبر روح التسامح وسواعد المخلصين لنهج مام جلال" (الراحل جلال طالباني).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مخاوف من اندلاع نزاع مسلح

وتسود الشارع الكردي العراقي، خصوصاً على مستوى محافظة السليمانية التي تعرف بـ "النطاق الأخضر" نسبة إلى لون حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" والتي تُعتبر معقله من حيث النفوذ، مخاوف من نشوب نزاع مسلح بين أجنحة الحزب.

في المقابل، تستبعد أوساط سياسية تحقق تلك المخاوف مرجحة خروج جنكي بطريقة سلمية، مع خيار توجهه إلى الانشقاق وتشكيل حزب جديد.
وجاء خطاب جنكي في أعقاب بيان أصدره القيادي في الحزب ملا بختيار اتهم فيه من وصفهم بـ "الرفاق" بمحاولة اغتياله بواسطة السم.

وأكد أنه اختار "الصمت خلال مؤتمر الحزب بغية حماية وحدته، لكن تمت خلاله محاولة كبحي، ولم يكتفوا لاحقاً بل حاولوا تصفيتي جسدياً، والأسوأ قادم".

ووجه بختيار عبارة عتب إلى النائب الأول لسكرتير "الاتحاد الوطني الكردستاني" كوسرت رسول علي، قائلاً "أعتقد أننا لم نتفق على ذلك". كما ألقى باللوم على عقيلة طالباني القيادية هيرو إبراهيم أحمد، قائلاً "لقد كان خيارك أن نمضي ونغض النظر من أجل المصلحة العليا للحزب، وهو ما استغله البعض ضمن الحلقة المحيطة بك، وهم الذين دبروا لك المكائد".
وأشار بختيار إلى أن "وحدة الحزب تبخرت وبعض أصحاب القوات الخاصة أصبحوا أقوى من قبل، وقد فسد العمل الحزبي وأصبحت مسألة فرض الضرائب غير الشرعية وتقاسمها حديث الشارع"، مشيراً إلى أن "الحزب خسر مزيداً من المقاعد في الانتخابات البرلمانية الاتحادية الأخيرة، لا بل أنه خسر أكثر من 300 ألف صوت مقارنة مع الانتخابات السابقة".
وأفاد القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" غازي كركوكي أن "قرار إبعاد جنكي والآخرين كان ضرورياً ولم يأت من فراغ، وكان يفترض أن يصدر في وقت مبكر"، مبيناً أن "القرار لم يصدر بصيغة فردية بل بموافقة القيادة ورئيس الحزب، وبات واضحاً للجميع لماذا وصل الحزب إلى هذا القرار".
وقال كركوكي "عندما كان الحزب في حملته الانتخابية لم يؤازروه هؤلاء وحسب، بل وقفوا ضده بكل إمكاناتهم كي يفشل، لكنهم فشلوا".
وبرز اسم لاهور شيخ جنكي منذ توليه رئاسة جهاز "زانياري" وهو بمثابة جهاز المخابرات ضمن نطاق نفوذ الحزب المعروفة بـ "الخضراء" في محافظة السليمانية وتوابعها، وعُرف بانتقاداته الحادة لحزب بارزاني وتأييده الضمني لحزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، ثم فاز مع بافل طالباني كرئيسين متشاركين في زعامة الحزب في فبراير (شباط) 2020.

المزيد من الشرق الأوسط