Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا توجه رسالة إلى خلف تيريزا ماي... "لا شيء سيتغير" بشأن "بريكست"

تشاؤم في بروكسل وتخوّف في دبلن... وشبه ارتياح في الكرملين

أثار قرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاستقالة من منصبها اليوم الجمعة 24 مايو (أيار) سلسلة ردود أوروبية مزجت بين الاعراب عن التقدير لجهود و دور  ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ بريطانيا بعد "المرأة الحديدية" الراحلة مارغريت ثاتشر، والتأكيد على الحزم في التفاوض مع لندن، كائناً مَن كان شخص رئيس الوزراء المقبل لقيادة البلاد من 10 داونينغ ستريت.

وتخوّف رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فرادكار من أن استقالة ماي، التي رفض مجلس العموم البريطاني ثلاث مرات اتفاقاً توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي بشأن "بريكست"، تنذر "بمرحلة خطرة جداً" لبلاده. في حين أعلنت المفوضية الأوروبية أن تلك الاستقالة، "لا تغير شيئاً" في موقف الدول الـ 27 الأعضاء بشأن الاتفاق المبرم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما بات يُعرف بـ "بريكست".

يونكر ليس سعيداً

وقالت مينا أندريفا المتحدثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة، "سنحترم رئيس الوزراء الجديد لكن ذلك لا يغير شيئاً في الموقف الذي اعتمده المجلس الأوروبي حول اتفاق خروج" بريطانيا من الاتحاد.

وأضافت أن "رئيس المفوضية جان كلود يونكر علم باستقالة ماي ولم يُبدِ أي سرور. لقد قدّر العمل معها وهو يحترمها ويعتبرها امرأة شجاعة".

وأكدت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية أن "الرئيس يونكر جاهز لنسج علاقات عمل مع رئيس الوزراء الجديد، أياً يكن، من دون أن يوقف محادثاته المستمرة مع تيريزا ماي".

ميركل تحترم القرار

من جهة أخرى، أعلنت مارتينا فيتز المتحدثة باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة، أن الأخيرة "تحترم" قرار رئيسة الوزراء البريطانية بالاستقالة. وأضافت فيتز "في شكل عام، تحرص (المستشارة) على أن تحافظ الحكومة الألمانية على تعاونها الوثيق مع الحكومة البريطانية... وهذا الأمر سيبقى على هذا النحو"، رافضةً التطرق إلى نتائج هذه الاستقالة على ملف بريكست، معتبرةً أنها تبقى "رهناً بتطورات السياسة الداخلية البريطانية".

ماكرون يشيد

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فأشاد الجمعة بـ"العمل الشجاع" الذي قامت به تيريزا ماي، لكنه دعا إلى "توضيح سريع" لملف "بريكست" إثر إعلانها الاستقالة. واعتبر ماكرون أن هذا القرار (استقالة ماي) "ينبغي أيضاً أن يذكّر، في لحظة خيار مهمة، بأن التصويت بالرفض من دون مشروع بديل يؤدي إلى مأزق"، في إشارة إلى الانتخابات الأوروبية وإلى ملف "بريكست".

وأضاف أن ماي "قامت بعمل شجاع لتنفيذ بريكست لما فيه مصلحة بلادها واحترام شركائها الأوروبيين"، موجهاً إليها "رسالة دعم وشكر شخصية".

وذكرت الرئاسة الفرنسية أنه "يعود إلى المملكة المتحدة، وفق آلياتها، أن تسمي رئيساً جديداً للوزراء. وفرنسا مستعدة للعمل مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد حول كل المواضيع الأوروبية والثنائية. إن علاقتنا مع المملكة المتحدة أساسية في كل المجالات".

وتابع ماكرون "من المبكر جداً التكهن بنتائج هذا القرار. وسيستمر تنفيذ مبادئ الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أولوية الحفاظ على حسن سير عمل الاتحاد، الأمر الذي يتطلب توضيحاً سريعاً".

روسيا: "فترة صعبة"

في المقابل، أعلن الكرملين الجمعة أن رئاسة ماي للحكومة البريطانية "كانت فترة صعبة جداً" في العلاقات الثنائية بين موسكو ولندن.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصحافيين إن "رئاسة ماي للحكومة جاءت خلال فترة صعبة جداً في علاقاتنا الثنائية". وأضاف "للأسف لا يمكنني أن أتذكر أي شيء أسهم في تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا وبريطانيا".

ورفض بيسكوف التعليق على الاستقالة بحد ذاتها قائلاً إن روسيا "تتابع بانتباه شديد كل العمليات المرتبطة ببريكست والتي لا تؤثر فقط على بريطانيا وإنما أيضاً على الاوضاع في الاتحاد الأوروبي".

وقال بيسكوف "لدينا مصلحة في أن يكون لدينا شريك مستقر"، مذكراً بأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لروسيا.

إسبانيا متشائمة

في السياق ذاته، اعتبرت إيزابيل سيلا المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية الجمعة، أن "انفصالاً قاسياً (أي خروج من الاتحاد الاوروبي من دون اتفاق) يبدو الآن حقيقةً يستحيل تجنبها بعد قرار رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الاستقالة".

وأضافت سيلا بعد الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسبانية أن مدريد "وضعت خططاً طارئة لمواجهة كل النتائج المحتملة لخروج بريطانيا المخطط له من أوروبا".
 

ليس أمراً سهلاً

واعتبر الباحث في "جامعة سوري Surry " سيمون آشروود إن "مهمة تفكيك روابط مع الاتحاد الأوروبي عمرها أكثر من 40 سنة ليس بالأمر السهل". وأضاف أن "أي شخص في مكانها كان سيواجه صعوبات كبرى"، موضحاً أن ماي من جهتها "لم تقدّم المقاربة الأفضل" باختيارها الاعتماد فقط على حزبها، خصوصاً الجناح الأكثر تشدداً فيه الذي يريد قطع كل الروابط مع الاتحاد الأوروبي.

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "كوين ماري" في لندن تيم بايل أن خطأ ماي هو "رفضها الواقعية"، بعدم قبولها أي "مقاربة عابرة لحزبها"، خصوصاً بعد إخفاقها في انتخابات العام 2017 التشريعية التي قررت تنفيذها مدفوعةً باستطلاعات رأي إيجابية، وكلّفتها غالبيتها المطلقة.

أجبرت بعد ذلك على التحالف مع الحزب الوحدوي المحافظ الصغير في شمال إيرلندا "دي يو بي" DUP الذي أملى عليها مطالبه بشأن "بريكست". ومنذ ذلك الحين، وجدت نفسها تتنقل من أزمة إلى أخرى، وشهدت التفكك التدريجي لحكومتها مع تتالي أكثر من 30 استقالةً، وتصويتين على سحب الثقة، ورفض النواب ثلاث مرات اتفاق "بريكست" الذي توصلت إليه مع بروكسل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

واعتبر تيم بايل أن ماي "هي التي صعّبت على نفسها مهمتها"، مردفاً أنه "من المستحيل تخيل أداء أسوأ من ذلك".

ولم يكن الصحافيون من جهتهم لطفاء مع ماي، فقد لقبّوها بـ"مايبوت" أي "ماي الروبوت"، بسبب الفتور الذي تبديه في تصريحاتها التي تكرر فيها مراراً وبشكل آلي الخطاب ذاته.

لكن ماي مدّت أخيراً في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، اليد إلى حزب المعارضة الأساسي "العمال" من أجل التوصل إلى توافق، لكن زعيمه جيرمي كوربن قطع المحادثات الأسبوع الماضي، مشيراً خصوصاً إلى سلطة ماي الضعيفة، إضافة إلى اختلافاتهما. وللمفارقة، أُجبرت ماي على تنظيم الانتخابات الأوروبية.

امرأة طموحة

و على الرغم من إخفاقها في تنفيذ  "بريكست"، تبقى خلف الصورة الخجولة لتيريزا ماي، امرأة طموحة، أرادت منذ شبابها العمل في مجال السياسة، وأن تكون المرأة الأولى التي تتسلم رئاسة الوزراء في البلاد. وفيما سبقتها مارغريت ثاتشر على هذا اللقب، إلا أن ماي أصبحت أول امرأة تتسلم الأمانة العامة لحزب المحافظين بين العامين 2002 و2003. وقالت حينها في خطاب لأعضاء الحزب إن عليهم تغيير صورتهم كـ "حزب الأشرار"، في حين كان المحافظون حينها أكثر يمينية.

تيريزا ماي ساندت في العام 2005، ديفيد كاميرون في حملته لتسلم زعامة الحزب. وعندما أصبح رئيساً للحكومة عام 2010 كافأها بتسليمها وزارة الداخلية، حيث انتهجت لستّ سنوات سياسة شديدة الحزم تجاه المهاجرين غير الشرعيين.

وفي العام 2016، خلفت ماي كاميرون. وبعدما كانت أبدت دعمها للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، قبلت بسرعة نتيجة الاستفتاء وأكدت "نحن الآن كلنا مؤيدون للخروج من الاتحاد الأوروبي".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات