Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اقتصاد بريطانيا ينتعش لكن تعافيه متأخر عن سائر العالم الناطق بالإنجليزية

إننا نستعيد ما خسرناه والأرقام تخبرنا بقصة أصدق من كلمات ريشي سوناك

غالبية تخفيضات ريشي سوناك الضريبية ستحصل في 2023 وما بعدها (غيتي)

في قفزة واحدة، تحرر وزير المالية، أو ربما هكذا بدا الأمر لدى الاستماع إلى ريشي سوناك يقدم الميزانية، لكن على غرار ما تكونه الحال دائماً، فإن الأرقام أصدق إنباءً من الكلمات. ومع رفع التوقعات في شأن التعافي البريطاني، تفيد الأرقام بأن ذلك يعود إلى أن التوقعات فقط جاءت سلبية من دون مبرر في السابق، وسيحصل تشديد ضخم للسياسة المالية العامة في العام المقبل.

الاقتصاد أولاً. إذاً، فلنبدأ بمقياس بسيط، متى سيستعيد اقتصاد المملكة المتحدة حجمه السابق للجائحة؟ حاضراً، يعتقد "مكتب مسؤولية الميزانية" أن ذلك سيحصل عند نهاية العام الحالي، بدلاً من مرحلة متقدمة من سنة 2022. ويدعو ذلك الأمر إلى الشعور بالراحة، ويجب أن نحقق الهدف في الوقت نفسه مع ألمانيا وفرنسا. في المقابل، استعادت الولايات المتحدة حجمها السابق للجائحة في منتصف الصيف. وكذلك فعلت كندا وأستراليا. وهكذا يكون أداء المملكة المتحدة مناسباً وفق المعايير الأوروبية، لكنه ليس مثيراً لكثير من الإعجاب إذا قورن بسائر العالم الناطق بالإنجليزية. وبالطبع، حققت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نمواً أكبر من ذلك السابق للجائحة قبل فترة لا بأس بها من نهاية العام الماضي.

لقد تغيرت التوقعات في شأن عجز الميزانية. وبات من المرجح الآن أن يسجل 7.9 في المئة (من الناتج المحلي الإجمالي) خلال السنة المالية العامة الحالية، ويتراجع إلى 3.3 في المئة خلال السنة المقبلة. وهذا أيضاً أفضل بكثير من توقعات "مكتب مسؤولية الميزانية" التي صدرت في الربيع، وكذلك فإنه مماثل تقريباً لأحدث الأرقام الألمانية والفرنسية، إذ تعتقد وزارة المالية الألمانية الآن أن العجز سيسجل نحو 7.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة، قبل أن يتراجع إلى 3.25 في المئة السنة المقبلة، في حين أن الرقمين الفرنسيين المماثلين يبلغان 8.1 في المئة، وخمسة في المئة على التوالي. وفي الولايات المتحدة، في ظل النزاع في الكونغرس، إن الأرقام غير واضحة، لكن المهم أن أحدث التوقعات الرسمية تتناول عجزاً بنحو 10.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (هذه السنة) و4.6 في المئة في 2022.

وهكذا، تتبلور صورة مفادها بأن أداء اقتصاد المملكة المتحدة الآن سيكون على الأرجح مماثلاً كثيراً لأداء الاقتصادات المتقدمة الكبرى الأخرى بدلاً من أن يتأخر عنها، بحسب ما جرى توقعه في الربيع. ولقد عانينا تراجعاً أعمق بالمقارنة مع معظم تلك الاقتصادات، لكننا الآن نستعيد ما خسرناه وعدنا إلى موقع وسط ضمن تلك الاقتصادات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا بعد؟ يتمثل الجانب الأهم الذي يجب ملاحظته في نطاق الضرر البعيد الأجل، إذ يعتقد "مكتب مسؤولية الميزانية" أن الندوب الاقتصادية الدائمة ستساوي اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وليس ثلاثة في المئة، وفق ما اعتقد سابقاً، بالتالي يبدو ذلك أفضل، لكنه ليس رائعاً. في المقابل، إذا وضعنا الأمر في منظوره الصحيح، بلغت خسارة الناتج الاقتصادي بسبب الانهيار المصرفي خلال عامي 2008 و2009، نحو 10 في المئة على الأرجح. وهكذا سنخسر ما يساوي النمو الذي يحدث في سنة واحدة، وليس النمو الذي يأتي في خمسة أعوام. وسيكون إصلاح الضرر هذه المرة أقل إيلاماً بكثير بالمقارنة مع ما جرى بين عامي 2010 و2020.

في ذلك الصدد، سيكون ثمة ألم. فوفق ما أقر به وزير المالية، ترتفع الضرائب باتجاه تسجيل أعلى مستوى لها خلال 60 سنة على الأقل. وإذا نظر المرء في تفاصيل مقترحاته، ستأتي غالبية التخفيضات التي ذكرها خلال سنة 2023 وما بعدها، بالتالي ثمة سؤال عملي يتعلق بالسنة المقبلة، ويتناول إمكانية أن يستمر الناس في الإنفاق والسحب من المدخرات التي راكموها خلال الإغلاقات (المتعلقة بكورونا)، في مواجهة معدل مرتفع من التضخم. وإذا ترنح نمو الاستهلاك، سيترنح نمو الاقتصاد أيضاً.

واستطراداً، فإذا سجل معدل التضخم مستويات أعلى من المتوقع، سترتفع معدلات الفائدة أيضاً، ما سيزيد تكاليف خدمة الدين الوطني.

باختصار، تبدو الأرقام أفضل من السابق حقاً. في المقابل، لم يتجاوز وزير المالية الأزمة بعد بأي شكل من الأشكال، وكذلك نحن، إذ لا تزال أمامنا أشهر صعبة كثيرة.

© The Independent

المزيد من آراء