Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تبخرت قوة التعافي الاقتصادي من أزمة كورونا؟

زيادة "مرحلية" في التضخم في أوروبا وتراجع الثقة بمناخ الأعمال في بريطانيا

تواجه الصين خفض توقعات النمو الاقتصادي (أ ف ب)

تتوالى البيانات والأرقام التي تشير إلى احتمالات التراجع في النمو الاقتصادي القوي الذي أعقب نهاية فترة الإغلاقات حول العالم بسبب وباء فيروس كورونا (كوفيد-19). ويواجه أكبر اقتصادين في العالم، في الولايات المتحدة والصين، خفض توقعات النمو الاقتصادي في الربع الثالث وفي العام كله عن التقديرات السابقة.

وكان الاقتصاد في معظم الدول الكبرى قد حقق نمواً قوياً في الربع الثاني من العام، مع دفعة نشاط هائلة إثر عام الوباء، لكن تلك الفورة في النشاط أظهرت حدة مشاكل سلاسل التوريد، ليضاف إليها أخيراً ارتفاع أسعار الطاقة. وفي نهاية الربع الثالث من العام، آخر سبتمبر (أيلول) الماضي، بدت قوة التعافي تلك وكأنها تتبخر.

ويحذر بعض الاقتصاديين من الدخول في مرحلة "ركود تضخمي" بدرجة أو بأخرى. ويعني ذلك استمرار ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد مع تباطؤ النمو. وتبدو ملامح هذا الاحتمال أكثر وضوحاً في بريطانيا ودول منطقة اليورو.

التضخم في أوروبا

تسارع التضخم في منطقة اليورو بأكثر من المتوقع وصولاً إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاماً، ما زاد من التحليلات والتعليقات حول مدى استمرار الارتفاع الذي أعقب الوباء. وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، ارتفعت أسعار المستهلكين في منطقة اليورو بنسبة 3.4 في المئة في سبتمبر، مقارنة مع توقعات بزيادة بنسبة 3.3 في المئة. وارتفع مؤشر لا يشمل أسعار المكونات المتقلبة مثل الغذاء والوقود إلى 1.9 في المئة، وهو مستوى لم يشهده الاقتصاد الأوروبي منذ عام 2008.

ووفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، يأتي ارتفاع  في دول الاتحاد الأوروبي نتيجة مؤثرات تتعلق بالوباء وإعادة فتح الاقتصادات بعد فترات إغلاق طويلة. ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن تبلغ تلك المؤثرات الذروة في وقت لاحق من العام قبل أن تتباطأ في 2022.

وإذا كانت معدلات التضخم الأوروبية قد وصلت في سبتمبر الماضي إلى أعلى مستوى لها في 13 عاماً، فإن بعض الاقتصاديين والمحللين يتوقع ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في نوفمبر (تسرين الثاني) المقبل. وحسب تقرير "بلومبيرغ"، امتدت اختناقات سلاسل الإمداد لأطول من توقعات كثيرين. وتظهر الاستبيانات أن الشركات تحاول بدرجة أكبر أن تحمل الزبائن الزيادة في التكاليف لتحمي هوامش الأرباح، وتضيف أزمة الطاقة المستحكمة إلى هذه الضغوط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تفاصيل الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي، ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 1.3 في المئة في سبتمبر الماضي، وهي أعلى بأكثر من 17 في المئة من العام السابق. وارتفعت أسعار البضائع الصناعية من غير منتجات الطاقة بنحو 2.3 في المئة مقارنة مع مستوى أغسطس (آب).

وكتبت مايفا كزين، كبيرة اقتصاديي منطقة اليورو لدى "بلومبيرغ إيكونوميكس"، "المزيد سيأتي. معدل التضخم الرئيس قد يوازي في نوفمبر مستواه الأعلى تاريخياً، مدفوعاً بارتفاع تكاليف الطاقة وأسعار الخدمات المتعلقة بالسفر. لكن، على الرغم من ارتفاع التضخم الرئيس نرى في قراءة الأرقام مؤشراً أولياً على أن بعض الضغط الصعودي أخذ في التراجع".

لكن، بالاتساق مع مواقف البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة، لا يبدو أن السياسة النقدية لدول منطقة اليورو ستشهد أي تشديد قريباً. فقد أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد هذا الأسبوع أنها تعتبر الزيادة في معدلات التضخم "مرحلية إلى حد كبير"، محذرة من الإفراط في رد الفعل وتشديد السياسة النقدية بشكل سابق للأوان. وأعرب بعض زملائها في البنك المركزي الأوروبي عن قلقهم من أنه سيثبت أن التوقعات الرسمية منخفضة للغاية على الرغم من أن الغالبية تتوقع تباطؤ نمو الأسعار لاحقاً.

وفي أكبر اقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، أظهرت الأرقام الألمانية أن التضخم بلغ نسبة 4.1 في المئة، وهو الأعلى منذ نحو ثلاثة عقود. بينما يرجع الارتفاع أساساً إلى مؤثرات إحصائية، يرى البنك المركزي الألماني أن النسبة ستبقى أعلى من هدف الاتحاد الأوروبي البالغ نسبة 2 في المئة حتى منتصف العام المقبل.

وقال غابرييل مخلوف، رئيس البنك المركزي الإيرلندي، في مقابلة مع  تلفزيون "بلومبيرغ" هذا الأسبوع، إنه ينبغي على البنك المركزي الأوروبي أن "يدرك هذا جيداً، وأن يكون جاهزاً لما قد يحدث".

تراجع الثقة

وفي بريطانيا، ذكر معهد المديرين، الجمعة الأول من سبتمبر، أن ثقة الأعمال في المستقبل المالي لبريطانيا تراجعت إلى أدنى مستوى منذ بدء التعافي من أزمة وباء كورونا. وقال المعهد إن المؤشر الخاص به، في شأن تقدير مديري الشركات للوضع المالي في بريطانيا، "هوى إلى مستوياته في فبراير (شباط)"، أي في قمة فترة الاغلاق نتيجة الوباء.

وتوقع ثلاثة أرباع المديرين الذين شملهم استطلاع المؤشر، وعددهم 635 مديراً، أن ترتفع تكلفة أعمالهم في الأشهر الاثنى عشر المقبلة عما كانت عليه العام الماضي. وأرجع المعهد هذا التراجع الهائل في ثقة الأعمال إلى ما يعتبره "إخلال الحكومة بتعهداتها بعدم زيادة الضرائب". وتلك إشارة إلى ما أعلنه وزير الخزانة ريشي سوناك من زيادة في أقساط التأمين الاجتماعي التي تخصم من رواتب العاملين ويدفع أصحاب الأعمال مقابلها أيضاً.

وبغض النظر عن السياسات الداخلية للحكومة البريطانية، تواجه بريطانيا مثلها مثل بقية الدول مشاكل اختناقات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة.