Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خفض صندوق النقد الدولي ديون السودان في مهب الريح

دخل الاقتصاد في منعطف مظلم جديد مع وقوع البلاد في مطب سياسي

وصل التضخم في السودان إلى مستويات غير مسبوقة (أ ف ب)

دخل الاقتصاد السوداني في منعطف مظلم جديد، مع وقوع البلاد في مطب سياسي مع بزوغ فجر الاثنين 25 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ حُل مجلسا السيادة الانتقالي والوزراء مع فرض حالة الطوارئ في البلاد لوقت غير معلوم.

التوتر السياسي جاء بعد أقل من أربعة أشهر من المبادرة التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي بدعم أميركي في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، التي نصت على شطب نحو 1.4 مليار دولار أميركي من الديون المستحقة على الدولة السودانية مع اتفاق على خفض الديون من 56 إلى 28 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، مع تقديم تسهيل ائتماني ممتد بـ2.47 مليار دولار يتم تنفيذه على مدى 39 شهراً ابتداءً من توقيع الاتفاق.

أوضاع مالية خانقة مع إغلاق ميناء بورتسودان

ويلفت مستشار مركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، هاني رسلان، إلى أن السودان يعيش ضائقة اقتصادية ومعيشية خانقة منذ عامين ونصف العام تقريباً مع اندلاع ثورة الغلاء، مضيفاً أن الأمور المالية والاقتصادية تعقدت أكثر بشكل تدريجي بداية من العام الحالي.

ويعتقد رسلان أن الأزمة دخلت في نفق مظلم آخر منذ نحو شهر، في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أعلنت قبيلة البجا إحدى أكبر القبائل في منطقة شرق السودان إغلاق الميناء الرئيس للبلاد، إذ توقفت حركة الصادرات والواردات السودانية، مشيراً إلى أن محاولات تمرير السلع والبضائع عبر ميناء العين السخنة في مصر لم تكن كافية لسد عجز السلع في السودان. ويؤكد أن مخزون البلاد من السلع الرئيسة قارب على النفاد، مستدركاً أن المخزون الاستراتيجي من القمح أصبح صفراً وكذلك المنتجات النفطية والمحروقات علاوة على تراجع معدل النمو إلى السالب.

ويضيف أن الشعب السوداني يعاني ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم التي قاربت الـ400 في المئة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بصورة غير مسبوقة، لافتاً إلى أنه بعدما أعطى المجتمع الدولي، خصوصاً صندوق النقد والبنك الدوليين بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، قبلة الحياة إلى الاقتصاد السوداني، عندما أعلنت نية خفض 28 مليار دولار أميركي من الديون والمستحقات على الدولة من إجمالي الديون التي تصل إلى 58 مليار دولار، باتت الأمور غامضة. ويلفت إلى أن تلك الاتفاقية لم تستكمل بشكل كامل نظراً إلى ارتباطها ببعض الخطوات الإصلاحية في المالية العامة وتقليل معدلات الفقر.

بناء عليه، يرى رسلان أن اتفاقية المبادرة العالمية بقيادة الولايات المتحدة أصبحت في مهب الريح مع التوتر السياسي في الوقت الحالي، إذ كانت تتطلب تلك المبادرة تحركات إصلاحية من السلطات السودانية، خصوصاً مع ردود الأفعال الأولية التي خرجت من البيت الأبيض الاثنين، تعليقاً على الأوضاع السودانية مع التلويح بتعليق المساعدات الاقتصادية ومن بينها اتفاق تخفيف الديون مع منح السودان مليار دولار لدفع التنمية الاقتصادية.

النقد الدولي يخفض ديوناً بـ28 مليار دولار

في يونيو الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي عن شطب 1.4 مليار دولار من الديون المتأخرة على السودان، في خطوة لتخفيف ديون مستحقة بقيمة 28 مليار دولار من إجمالي 56 مليار دولار على مدى سنوات، ومنحه تسهيلاً ائتمانياً ممتداً للسودان مدته 39 شهراً بقيمة 2.47 مليار دولار.

وعقب توقيع الاتفاق، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد المسؤولة عن السودان، كارول بيكر، خلال مؤتمر عقد عبر الفيديو في نهاية يونيو 2021، إن الصندوق قرر بعد موافقته على أهلية السودان للحصول على تخفيف لأعباء الديون من خلال المبادرة المعززة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.

وأضافت، في بيان آنذاك، أنه في مقابل حزمة المساعدات هذه، سيتعين على السلطات السودانية أن تركز إصلاحاتها على التعزيز المستمر للمالية العامة وشبكة الأمان الاجتماعي، بالإضافة إلى تحسين نظم الحوكمة لتعزيز نمو يقوده القطاع الخاص.

وأكدت بيكر أن عملية تخفيف الدين التي من المتوقع أن تستغرق نحو ثلاث سنوات ستخفض في نهاية المطاف عبء ديون السودان الخارجية إلى نحو ستة مليارات دولار من المستوى الحالي البالغ نحو 56.6 مليار دولار، والتي تعادل 163 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

التضخم 365 في المئة

وعقب إعلان صندوق النقد الدولي القرار، قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، في بيان في يونيو أيضاً، إن هذه لحظة تاريخية للسودان وشعبه. وأضافت أن الولايات المتحدة كانت من أوائل الدول التي دعمت تطبيع علاقات السودان مع المؤسسات المالية الدولية لمساعدته في الحصول على إعفاءات من ديونه. وأوضحت أن الولايات المتحدة أسهمت بنحو 120 مليون دولار لتمويل شطب المتأخرات السودانية المستحقة لصندوق النقد الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصل التضخم في السودان إلى مستويات غير مسبوقة. وعلى الرغم من انخفاض مستويات التضخم في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 365.82 في المئة نزولاً من 387.56 في المئة في أغسطس (آب) الماضي، فإنها تظل مستويات مرتفعة، بعد أن تصدرت مجموعة الأغذية والمشروبات التضخم المرتفع عندما سجلت 226.93 في المئة في الشهر الماضي مقارنة بـ260.76 في المئة في أغسطس 2021، وفقاً لوكالة الأنباء السودانية (سونا).

وقالت "سونا" إن نشرة الجهاز المركزي للإحصاء الصادرة في منتصف أكتوبر الحالي، أكدت انخفاض معدل التضخم الأساسي (من دون مجموعة الأغذية والمشروبات)، مسجلاً 515.46 في المئة في سبتمبر 2021 مقارنة بمعدل 541 في المئة في الشهر السابق له، بينما انخفض معدل التضخم للسلع المستوردة، إذ بلغ 203.44 في المئة في سبتمبر 2021، مقارنة بمعدل 222 في المئة في أغسطس.

عجز الموازنة يصل إلى 1.4 في المئة

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، اعتمدت الحكومة السودانية موازنة عام 2021، بإيرادات عامة بلغت 938.2 مليار جنيه سوداني (نحو 17 مليار دولار أميركي) و908 مليارات جنيه سوداني (نحو 16.5 مليار دولار) كمصروفات الموازنة. وبلغت مصروفات التنمية نحو 115.5 مليار جنيه (مليارا دولار) بعجز بلغ 83.5 مليار جنيه (1.5 مليار دولار)، ما يعادل 1.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تقديرات وزارة المالية السودانية.

واستهدفت الموازنة خفض معدل التضخم إلى حدود 95 في المئة مع نهاية العام الحالي، نزولاً من معدل تضخم مستهدف العام الماضي 2020 عند 250 في المئة، مع تحقيق معدل نمو يصل إلى 1.7 في المئة، بينما أبقت الموازنة على سعر الصرف الرسمي للدولار في حدود 55 جنيهاً سودانياً من دون أي تعديل.