Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية الخضراء ترسم خريطة طريق إلى "صفر انبعاثات" بحلول 2060

إطلاق حزمة مبادرات باستثمارات تفوق 186.6 مليار دولار

ترسم مبادرة "السعودية الخضراء" خريطة طريق واضحة المعالم والأهداف بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، فيما تسرع من الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ما يدل على عمق التحول في النظرة إلى مستقبل قطاع الطاقة وبما يتوافق مع خطط البلاد التنموية، وتنويع اقتصادها الأكبر في المنطقة العربية. 

وفي خطوة وصفت بـ"التاريخية"، تعهدت السعودية، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بوقف الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2060، لكنها أوضحت أن الخطة الجديدة لن تنجح في تحقيق الهدف، إذا توقفت عن مواصلة ضخ الملايين من براميل النفط يومياً، وذلك عبر عقود عدة. 

وفي النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء، أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن البلاد تسعى للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني. 

وكشف ولي العهد في كلمة له، عن خطط لخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030، كجزء من مبادرة السعودية الخضراء، بما يمثل تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات السعودية المعلنة سابقاً فيما يخص تخفيض الانبعاثات، التي كانت تُقدر بـ130 مليون طن سنوياً. 

واستهل كلمته بإعلانه إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات في السعودية لتكون خريطة طريق لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، التي من شأنها المساهمة في تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء. وتمثل هذه الحزمة الأولى من المبادرات استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال (نحو 190 مليار دولار) ما يسهم في خلق فرص عمل نوعية وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص. 

 ويعتبر هذا الإعلان دفعة لقمة المناخ "كوب 26" التي تعقد في غلاسكو، باسكتلندا بين 31 أكتوبر (تشرين الأول) و12 نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى في ظل الأسئلة التي يطرحها الخبراء حول مصداقية الأهداف التي حددتها السعودية، عملاق الوقود الأحفوري. وينظر إلى القمة العالمية على أنها خطوة حاسمة في تحديد أهداف الانبعاثات العالمية لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. 

ويأتي الإعلان السعودي غداة تحذير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن الوضع المناخي الحالي ينذر "بكارثة"، مشددًا على ضرورة "تجنب الفشل" في مؤتمر المناخ في غلاسكو. 

 

 

من جهته، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، "إن هدف بلاده المعلن حديثاً بشأن الوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول 2060 يمكن تحقيقه قبل ذلك، وإنه لن يكون له تأثير مالي أو اقتصادي معاكس على السعودية". وأضاف، خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء، "إن معظم التقنيات اللازمة لخفض الانبعاثات ستصل إلى مرحلة النضوج بحلول 2040، وإن السعودية تحتاج إلى وقت للقيام بالتصرف المناسب، كما أن العالم يحتاج إلى كل مصادر الطاقة". 

وأوضح، "العالم لا يمكن أن يعمل من دون الوقود الأحفوري والهيدروكربون، ومن دون مصادر الطاقة المتجددة. لن يكون ذلك هو المنقذ، ويجب أن يكون الحل شاملاً"، محذراً "أنه من دون الاستمرار في تصدير النفط، قد لا يكون لدى البلاد القدرة على تحقيق تلك الأهداف".

 حتى بين الدول المنتجة للنفط، فقد حددت الإمارات في وقت سابق من أكتوبر الحالي، هدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربون في عام 2050. 

وفي المحادثات العالمية، مثل اجتماعات مجموعة العشرين، أو قمم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، دفعت السعودية في كثير من الأحيان لضمان أن يكون للوقود الأحفوري دور طويل الأمد، لإحداث التحول في قطاع الطاقة. وفي إطار اتفاقية باريس للمناخ، التي وقعت عليها السعودية، يجب على الدول تقديم خطط تحدد أهدافاً لخفض الانبعاثات للعقد المقبل. وفي مارس (أذار) الماضي، أطلقت السعودية حزمة مبادرات واسعة لمواجهة تغير المناخ وتقليل انبعاثات الكربون، بما في ذلك خطة لزراعة نحو عشرة مليارات من الأشجار في العقود المقبلة. 

ووصف متخصصون في إفادات متفرقة لـ"اندبندنت عربية" الإعلان السعودي بـ"الهدف الطموح" الأكثر واقعية في العالم على المدى الطويل مع مجموعة من الأهداف والأرقام الواضحة والمحددة بوقت معين للتنفيذ، بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني في عام 2060.

 

 

مبادرات عديدة

وقال الباحث في استراتيجيات الطاقة، نايف الدندني، "إن السعودية حددت أولوياتها ورسمت استراتيجيتها فيما يتعلق بالاقتصاد الأخضر، وقدمت للعالم مبادرات عدة بهذا الشأن للمساهمة منها في تخفيض الانبعاثات الكربونية والتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري". 

وذكر الدندني أن "السعودية قدمت المبادرة الخضراء إلى جانب مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، مع وضع موعد زمني محدد للوصول إلى الأهداف الموضوعة لصفر انبعاثات كربونية بحلول 2060، بينما حددت (أرامكو) موعداً أقرب بمقدار عشر سنوات بحلول عام 2050".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول إمكانية تحقيق الرياض التوازن بين الاستثمار في الاقتصاد الأخضر وزيادة طاقتها الإنتاجية من النفط إلى 13 مليون برميل بحلول 2027، أفاد الدندني بأنه "ستكون هناك مرحلة انتقالية من طاقة الوقود الأحفوري إلى نظيرتها المتجددة، لذلك خطط السعودية تريد ضمان إمدادات الطاقة للعالم بما يحافظ على الاقتصادين الوطني والعالمي على حد سواء، وهذا ما يجعلها تقدم مبادرات خضراء وفي الوقت نفسه تستثمر في قطاع النفط والغاز بحيث يكون أقل انبعاثات ضارة".

التخطيط الشامل 

ويرى أحمد الشهري، المتخصص في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال، "أن السعودية تخطط بشكل شمولي وواسع والانتقال إلى الاقتصاد المستدام أو الأخضر، وكلها أسس تخفض من تكاليف الفرص الاستثمارية مستقبلاً، لا سيما أن اقتصادات السلع والخدمات البيئية في تنامٍ عالمياً". 

وأشار إلى "أن عمق التحول في السعودية لا يغفل عن أي قضية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ونجد لكل منها سياسة اقتصادية واضحة أو خطة استراتيجية أو اتجاهاً محدداً وبمستهدفات واضحة كمياً وزمنياً، وهذا مؤشر على شمولية العمل". 

وتابع، "التدابير التي نراها من الدول متباينة ما بين دولة متشددة بطريقة مربكة مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي حجمت صناعة النفط مع إلغاء بعض المشاريع والحد من الرخص، وبالتالي أثر ذلك في احتياجاتها الاقتصادية ورفع الأسعار على المستهلكين، ثم تلقي باللوم على منتجي النفط من (أوبك)، وهو مؤشر على أن قراراتها قد لا تكون واقعية في مسائل الموازنة بين البيئة واحتياجاتها من الطاقة". 

ولفت الشهري إلى "أن هناك دولاً تتجاهل مسائل التلوث بهدف تحقيق نمو اقتصادي بأي طريقة، أما السعودية فتتعامل مع الموقف الاقتصادي والبيئة بتوازن، في الوقت الذي تعد من أفضل المنتجين للنفط احتراماً للبيئة وحماية الكوكب من التلوث، كما أنها عملت على تحويل النيتروجين إلى مدخلات في إنتاج طاقة نظيفة"، لافتاً إلى "أن مبادرة السعودية الخضراء تهدف إلى تحقيق زراعة عشرة مليارات شجرة ومشاريع تقدر بـ700 مليار ريال (287 مليار دولار) وغيرها من برامج الاستدامة". 

 وأفاد الشهري، "السعودية لديها سياسات متسقة وثابتة ومتوازنة في الجمع بين النمو الاقتصادي العالمي كمزود رئيس للطاقة والمسائل المتعلقة بالتلوث والبيئة، وكما ذكر وزير الطاقة السعودي أن هناك 700 مليون شخص يعانون نقص مصادر الطاقة، لذا تواصل البلاد دورها في إنتاج الطاقة في أفضل الظروف الفنية التي تحمي الكوكب من التلوث، وأيضاً تقديم مبادرات وتبني مفاهيم الاقتصاد الدائري والأخضر من أجل التوازن بين المنافع والآثار المتوقعة التي يمكن السيطرة عليها من خلال الالتزام البيئي إلى أقصى حد تسمح به المعرفة والأطر الفنية الممكنة". 

صدى دولي 

من جهته أكد المتخصص في شؤون الاقتصاد والطاقة، عايض آل سويدان، "أن جهود ومبادرات السعودية لمكافحة التغير المناخي تبقى هي الأقدر والأقرب إلى الواقع مقارنة بغيرها من المبادرات العالمية"، مضيفاً "أن إطلاقها المبادرة الخضراء يأتي من أكبر دول العالم إنتاجاً وتصديراً للنفط، مما سيكون له صدى دولي واسع وحافز كبير لكثير من الدول الأخرى، إذ أعلنت الكثير من الدول والمنظمات الدولية ترحيبها بهذه المبادرات، وطالبت بالاحتذاء بما تقدمه في مجال التغير المناخي، علاوة على أنه يحفظ دورها في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية". 

وقال آل سويدان، "إن السعودية قدمت الكثير في ملف التغير المناخي من خلال التحول للطاقات المتجددة والغاز في توليد الكهرباء والعمل على الحد من حرق سوائل الوقود، إضافة إلى الاستثمار في الهيدروجين بجميع أنواعه الأزرق والأخضر". 

 

 

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة