Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرئيس الجزائري يؤيد نظيره التونسي ويتجاهل "النهضة"

تبون يبدو أنه من مدرسة سياسية لا تتوافق كثيراً مع حركات الإسلام السياسي

الرئيس تبون خلال استقباله نظيره التونسي قيس سعيد (التلفزيون الجزائري)

يبدو أن السلطة الجديدة في الجزائر غيرت بوصلتها بخصوص الشقيقة الصغرى تونس، فبعد أن كان طرفا الأزمة مرحباً بهما لاعتبارات عدة، من جانب النظام السابق، باتت حركة "النهضة" ومعها زعيمها راشد الغنوشي بعيدين من الاهتمامات.

تصريحات تكشف عن تحوّلات

وأثارت تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، التي وصفتها جهات تونسية عدة بـ "الصريحة"، نقاشات واسعة كشفت عن تحوّل جزائري في التعاطي مع الوضع التونسي، بعد أن أشار خلال لقائه الدوري مع الصحافة المحلية لدى تطرقه للملف التونسي، إلى أن "الأمور دستورية في تونس على ما يبدو، ونشهد للرئيس قيس سعيد أنه إنسان مثقف وديمقراطي ووطني إلى النخاع، ولا يمكن أن نحكم عليه بشيء آخر"، قبل أن يضيف، "وأهل مكة أدرى بشعابها".

وواصل تبون في ما تعلق بطلب الغنوشي، اللجوء السياسي إلى الجزائر من عدمه، أن "الغنوشي لم يطلب اللجوء السياسي إلى الجزائر، لكن كان مقرراً أن يزور البلاد ويحظى باستقبال من قبل مسؤولي المجلس الشعبي الوطني، البرلمان"، في إشارة ضمنية إلى أن الرئاسة الجزائرية أحالت طلباً يكون قد تقدّم به الغنوشي من أجل لقاء الرئيس تبون، على مكتب البرلمان في رفض ناعم، وهو ما فهمه زعيم "النهضة" على ما يبدو، وتجنّب التنقل.

تأييد؟

وأكد الرئيس الجزائري في خطوة "تأييد" لنظيره التونسي، أنه يعتزم زيارة تونس بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة، وقال إنه سيقوم بزيارة دولة برفقة وفد وزاري مهم يتم خلالها التوقيع على الاتفاقيات المجمدة بين الدولتين، مضيفاً أن "تونس جار مثالي بالنسبة إلى الجزائر مثلما هي الجزائر بالنسبة إلى تونس"، وتابع أن "ما يمس تونس يمس الجزائر، وأن من تسوّل له نفسه المساس بأمن تونس، سيجد الجزائر بالمرصاد"، مضيفاً، "إننا نحرّم على أنفسنا التدخل في أمور تونس الداخلية، والجزائر لا تقبل الضغط على تونس من قبل أطراف خارجية". وجدد دعم بلاده لتونس من أجل الخروج من النفق.

التنافس والتدافع السياسيين

وتعليقاً على تصريحات تبون، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية علي محمد ربيج إن العلاقات الجزائرية التونسية أكبر من الأشخاص والأحزاب السياسية، وما حدث في تونس وما يحدث حالياً يُصنّف ضمن التنافس والتدافع السياسيين بين "حركة النهضة" والرئيس قيس سعيد والأحزاب الاخرى ونقابة الشغل، وأبرز أن تونس لم تستقرّ بعد منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي، وهي في حالة تقلّب، غير أن اللافت في هذه التجربة عدم سقوط ضحايا ولا وجود لصراع دموي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد ربيج على أن ما يحدث في تونس يبقى شأناً داخلياً وهو كذلك، ومن الناحية القانونية والدستورية يملك الرئيس قيس سعيد كل الصلاحيات لحل البرلمان، وجزء من التونسيين يؤيد هذه الخطوات ويوافق رئيسه، وعليه "فمقبول منا ألا نأخذ موقفاً لصالح طرف على آخر، لكن المهم أمام كل هذا، يبقى قيس سعيد رئيساً شرعياً منتخباً وقراراته نافذة"، موضحاً أن "حركة النهضة" هي حزب سياسي ليس إلا، ومؤسسة الرئاسة في الجزائر تتعامل مع مؤسسة الرئاسة في تونس. وأضاف في ما يتعلق بممارسات نظام بوتفليقة، أن الظروف كانت تختلف عن الوضع حالياً، كما أن المعطيات مختلفة، فالجزائر آنذاك كانت مضطرة لدعم "حركة النهضة" والغنوشي بسبب عدم وجود بديل، كما لم تكُن تملك إمكانات لتأييد طرف على أخر، أما اليوم فالأمور تغيّرت، "فلو تقف الجزائر ضد الرئيس قيس سعيد، ففي هذه الحالة تدفع تونس لأن ترتمي بين أحضان الطرف الآخر، ليس تونسياً".

تشكيل الحكومة ومباركة سريعة

ولم تنتظر الجزائر كثيراً لمباركة تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن، في تصرف يؤكد التمسك بعلاقات قوية مع تونس التي باتت على رأس قائمة الدول الشقيقة الموثوقة، إذ بعد الإعلان عن الطاقم الحكومي، أجرى الرئيس تبون، مكالمة هاتفية مع سعيد، هنأه فيها بمناسبة تنصيب الحكومة الجديدة برئاسة الأكاديمية بودن، متمنياً له ولحكومته التوفيق والسداد. وأوضح بيان الرئاسة أن "تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، سيشكل محور أجندة الزيارة المرتقبة للرئيس تبون إلى تونس الشقيقة".

كما تحادث الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن هاتفياً مع بودن، وقال بيان الحكومة إنه قدّم تهانيه إلى رئيسة الحكومة التونسية بمناسبة تنصيب الحكومة الجديدة، معرباً لها عن تمنياته بالنجاح والسداد في أداء مهماتها.

وجاء التجاوب من تونس على لسان رئيسة الحكومة بودن التي أشادت بجودة العلاقات الثنائية، وشكرت الوزير الأول على هذه الالتفاتة الأخوية التي تعكس عمق أواصر التعاون والتضامن التي تجمع البلدين، وأشار بيان مصالح الحكومة إلى أن المحادثات سمحت بتأكيد الإرادة المشتركة للحكومتين من أجل العمل لتعزيز وتنويع التعاون الجزائري التونسي.

تقليل الضغط الدولي

إلى ذلك، رأت الصحافية والكاتبة التونسية المهتمة بالشؤون السياسية منية العرفاوي أن الرئيس تبون لم يبدِ في الحقيقة تأييداً صريحاً لنظيره قيس سعيد، وكان حذراً في التعليق على الأزمة السياسية الداخلية في تونس، التزاماً بالموقف الجزائري الذي يرفض التدخل في شؤون دولة أخرى. وأردفت أنه على الرغم من ذلك، بدا واضحاً في دعمه سعيد، وشهد في حقه عندما قال إنه رئيس ديمقراطي ومثقف، "ربما محاولة منه لتقليل الضغط الدولي على الرئيس التونسي الذي يواجه اتهامات بأنه انحرف عن المسار الديمقراطي والدستوري".

لكن في المقابل، رفض تبون التعليق على الأزمة السياسية التونسية بشكل مباشر، تواصل العرفاوي، مضيفة أنه حتى في الإجابة عن سؤال حول طلب راشد الغنوشي اللجوء في الجزائر، حاول تبون أن يختصر الرد بالقول إنه كان طلب زيارة وليس طلب لجوء. وشددت على أنه، على الرغم من ذلك، نستشفّ من حوار تبون أنه لا يعتبر ما يحدث في تونس انحرافاً عن الديمقراطية، وأردفت أن الرئيس الجزائري يبدو أنه من مدرسة سياسية لا تتوافق كثيراً مع حركات الإسلام السياسي، بخاصة أنه صرّح في وقت سابق أن الإسلام السياسي لن يكون له وجود مرة أخرى في الجزائر، وعليه، من الطبيعي ألا يبدي أي حماسة لحركات الإسلام السياسي التي يدرك أنها مترابطة في ما بينها ترابطاً عابراً للحدود القطرية.

المزيد من متابعات