Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إجماع خارجي حول تحديد سقف زمني لإجراءات قيس سعيد

"من المستبعد أن يتخلى شركاء تونس عن دعمها"

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ ف ب)

يبدو أن تأخر الرئيس التونسي قيس سعيد في تحديد سقف زمني لقرارات 25 يوليو (تموز) الاستثنائية، وعدم وضوح الرؤية السياسية للتغييرات التي اتخذها، جعل شركاء تونس من البلدان الأجنبية يظهرون القلق حول الوضع الحالي، فمخاوف البلدان الغربية الكبرى يمكنها أن تؤثر في موقف صندوق النقد الدولي الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد من أزمتها المالية الخانقة، فتوقف المفاوضات مع الصندوق أكبر دليل على تأزم الوضع السياسي وتعمق الفشل الاقتصادي. 

ويلاحظ مراقبون ظهور مؤشرات توتر العلاقة بين تونس وفرنسا، وما ذكرته كبريات الصحف الفرنسية، على غرار افتتاحية "لوموند"، حول انتقادها الشديد لقيس سعيد، قد يعكس الموقف الرسمي الفرنسي.

عوامل توتر 

وبحسب موقع "أفريكان إنتليجانس" في مقال صدر قبل يومين قال إنه "حتى اليوم لم يؤكد رئيس فرنسا، ولا رئيس وزراء كندا، ولا أي رئيس غربي مشاركته في القمة الفرنكوفونية التي ستعقد في تونس خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بجزيرة جربة جنوب تونس". 

وأيضا نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية، قررت باريس تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس رداً على "رفض" الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة غابريال أتال، الثلاثاء، على الرغم من أن الأمر لا يخص تونس لكن يزيد في عوامل التوتر بين البلدين، بحسب مهتمين بالشأن العام. 

ويعلق الناشط السياسي طارق الكحلاوي في تدوينة له على الإجراء الفرنسي قائلاً "من المفارقة أن فرنسا تشدد إجراءات التأشيرات قبيل القمة الفرنكوفونية على دول تعتبرها فرنكوفونية" مؤكداً "ظهور مؤشرات توتر العلاقة بين تونس وفرنسا".

كل هذه العوامل قد تساعد في توتر مقبل بين تونس وفرنسا والمزيد من الضغوطات الأخيرة على سعيد من أجل تحديد سقف زمني لإجراءاته الاستثنائية. 

ويذكر أن سعيد جمد بموجب قراراته البرلمان وأقال رئيس الحكومة كما منح لنفسه الأسبوع الماضي صلاحيات جديدة قد تنقل تونس نحو نظام رئاسي عبر "تعديل دستور" 2014 وسط معارضة لبعض الأحزاب ومكونات المجتمع الدولي. 

أما بخصوص الموقف الأميركي فقد عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قبل يومين عن قلق بلاده "من الإجراءات الانتقالية المستمرة دون نهاية"، داعياً خلال ندوة صحافية، الرئيس قيس سعيد إلى "تعيين رئيس وزراء لتشكيل حكومة وصياغة خطة ذات جدول زمني واضح لعملية إصلاح شاملة للجميع تضم المجتمع المدني والأصوات السياسية المتنوعة".

ورداً على هذا التململ الخارجي أكد وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي أمام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 سبتمبر (أيلول) الحالي أن "الإجرءات الاستثنائية التي أقرها قيس سعيد في يوليو الماضي تهدف إلى التأسيس لديمقراطية حقيقية وسليمة وتصحيح المسار الديمقراطي بما يستجيب لإرادة الشعب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما خفي أعظم 

من جهة أخرى يعتبر الكاتب الصحافي المتخصص في الشأن السياسي مراد علالة في حديث خاص أن "إطالة أمد الأزمة في تونس واستمرار الغموض بخصوص كيفية حلحلتها وتحديد الجدول الزمني المناسب لذلك يفتح باب التطاول على السيادة الوطنية ويوفر الفرصة للتدخل الخارجي وإعطاء الدروس وإملاء الشروط وإذكاء نعرة المواجهة بين الفرقاء التونسيين".

مواصلاً "بعض الدول الأجنبية الصديقة وحتى الشقيقة للأسف هي اليوم بصدد التمادي في التداول بشكل سافر في الشأن التونسي واتخاذ مواقف يتم التعبير عنها بواسطة الإعلام كما رصدنا ذلك في الموقف الفرنسي على سبيل المثال أو من خلال مواقف رسمية لمسؤولين في الدولة مثلما حصل مع ألمانيا أو مع سفراء الدول السبع في تونس أو التعويل على النواب والمشرعين في المؤسسات التشريعية وهو ما يفعله الأميركيون".

ويضيف علالة "صحيح أن الإجماع كان شبه حاصل في البداية حول عدم توصيف ما حصل في 25 يونيو بالانقلاب في جميع المواقف المعلنة، غير أنه بمرور الوقت وتزايد القلق تطور التعبير عن المخاوف إلى ما يشبه التوجيهات والتعليمات والضغوط، وليس أدل على ذلك من مواقف عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي الذين طالبوا الإدارة الأميركية باتخاذ خطوات دبلوماسية أقوى لضمان ما يقولون إنها عودة سريعة إلى الديمقراطية، وإن لزم الأمر التحقيق فيما حدث في تونس". 

وازداد الأمر سوءاً بعد 22 سبتمبر، بحسب علالة، "بصدور الأمر الرئاسي عدد 117 الذي يختزل من خلاله رئيس الجمهورية كافة السلطات، وهو ما جعل بعض الفرنسيين على سبيل المثال يستعملون مصطلح الانقلاب لتوصيف الوضع، ويستدركون بالقول إن الوقت لا يزال ممكناً لتفادي السقوط في ورطة لا تنفع دولة على حافة الإفلاس".

ويستخلص علالة قائلاً "بالمحصلة في ظاهرها انتصار لقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في مهدها خصوصاً من الديمقراطيات العريقة لكن ما خفي أعظم في تقديرنا لأن الأمر يتعلق بمصلحة هذه الدول بضمان الاستقرار في بلد هو في النهاية سوق خلفية للبعض وقاعدة خلفية للبعض الآخر للتموقع والعبور للجوار بغض النظر عمن يقبض على الحكم فالجميع يتذكر انقلاب المواقف هذه الدول المانحة بين 13 و14 يناير (كانون الثاني) 2011 على سبيل المثال".

كما يعتقد علالة "وهي بالتأكيد إشارة للرئيس التونسي لحزم أمره والأخذ بالنصيحة قي الإنصات إلى المجتمع المدني قبل فوات الأوان بما أن أيادي الدول المانحة بالخصوص تظل ممدوة للجميع أو بالأحرى لمن يسيطر على الأوضاع ويخدم المصالح، والثابت أيضاً أنه سيقع العمل بهذه النصيحة في أقرب الآجال".

فصل الزمن السياسي عن الزمن الاقتصادي 

على عكس الجميع، يرى وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس أنه "من المستبعد أن يتخلى شركاء تونس عنها على غرار فرنسا"، ويبرر ونيس في تصريح خاص بأن "فرنسا وغيرها من الدول الصديقة يواصلون حث رئيس الجمهورية بالمضي قدماً في مشروعه من دون أن تتدخل هذه الأطراف في الخيارات السياسية المحددة لتونس"، كما يعتقد ونيس أن "جميع هذه الأطراف تحترم السيادة التونسية لكنها تتضايق من تمديد الآجال في تحديد خريطة طريق واضحة وسقف زمني محدد"، فبحسب ونيس من المستبعد جداً أن تهدد هذه الأطراف الخارجية باتخاذ عقوبات أو إجراءات ضد تونس. 

من جهة أخرى، يدعو المتخصص في الاقتصاد معز الجودي رئيس الجمهورية إلى الفصل بين الزمن السياسي والزمن الاقتصادي، وإرسال رسالة مطمئنة للداخل والخارج بخصوص الإصلاحات الكبرى التي ستنتهجها تونس لإنقاذ اقتصادها.

في ذات الصدد يرى الجودي أن الوضع السياسي المتأزم وعدم وضوح الرؤية هما السبب في توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المانح المالي الوحيد الذي يمكنه إنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير