Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوى الشباب في تونس ستغير المشهد السياسي... مع اقتراب موعد الانتخابات

أكثر من مليون ناخب جديد سجلوا أنفسهم في قوائم الناخبين أكثر من نصفهم نساء

قد تشهد الانتخابات التونسية المقبلة دوراً فعالاً للمرأة (أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس وقرب انطلاق الحملات الانتخابية الخاصة بهما، تصاعد الاهتمام باستطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسات مختلفة في تونس لم تتوقف منذ سنوات عن تقديم نتائجها شهرياً في قضايا مختلفة تهم الرأي العام سواء مستوى الرضى الشعبي عن أداء الشخصيات السياسية ومواقفهم ومدى الثقة بهم.

ومع دخول سنة الانتخابات، بدأت الأحزاب بالاهتمام بكل ما يصدر عن هذه المؤسسات التي يتعامل الشارع معها بمواقف متضاربة بين مقتنع بما تقدمه من نتائج، وبين مَن يعتبرها محاولات للتأثير في الرأي العام وتوجيهه، لكن حقيقة وحيدة ثابتة لا يمكن إنكارها تتلخص بأن هذه المؤسسات قدمت في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أجريت في 2014، نتائج تطابقت أو اقتربت بشكل كبير من النتائج التي أفرزتها صناديق الانتخابات.

مفاجآت مقلقة

وبمستوى القلق ذاته الذي تسببت به استطلاعات الرأي للأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي في تونس، فاجأت نسب إقبال المواطنين على التسجيل للمشاركة في الانتخابات التي ستجرى نهاية السنة، كل المراقبين.

فبعد حصاد لا يختلف أحد في تونس بتوصيفه بالسلبي على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، اعتقد الجميع أنه سيقود إلى مقاطعة شعبية للانتخابات المقبلة، فاجأ المشاركون الجدد الجميع خلال الفترة التي فتحت فيها أبواب التسجيل للانتخابات والتي تنتهي يوم الأربعاء 22 مايو (أيار) الحالي، حيث سجل أكثر من مليون ناخب جديد أنفسهم في قوائم الناخبين أكثر من نصفهم من النساء يشاركون للمرة الأولى في أداء واجبهم الانتخابي.

خوف كبير من الوافدين الجدد عبرت عنه حركة النهضة في تصريح للناطق الرسمي باسمها عماد الحمامي الذي قال، إن للحركة ملاحظات على عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأهمها عمليات التسجيل الآلي التي لوحظت، حيث وجد مواطنون كثر أنفسهم مسجلين في الانتخابات على الرغم من عدم قيامهم بالتسجيل.

وأوضح أن شباناً وصلوا سن الانتخاب يذهبون للتسجيل فيجدون أنفسهم مسجلين، مستغرباً هذا التضخيم للسجل الانتخابي الذي قد يثير علامات استفهام حول كيفية وصول البيانات للهيئة، وما هي الضمانات بعدم استعمالها ضمن قاعدة البيانات لأهداف أخرى؟

وقال الإعلامي محمد اليوسفي "من الواضح وجود رغبة لدى شريحة كبيرة من التونسيين للتصويت بكثافة في الانتخابات المقبلة، التي تفيد المؤشرات الأولية حولها بوجود نزعة عقابية لدى الناخبين، وتجربة التحالف بين حركة النهضة ونداء تونس ومشتقاته، أثبتت فشلها في ظل معطيات ميدانية وواقع اقتصادي واجتماعي خطير غير مسبوق منذ 2011، ما قد يجعل الأطراف السياسية، سواء الحزبية أو المواطنية الموجودة خارج منظومة الحكم الحالية، أكبر مستفيد من ذلك".

جيل الانتقال الديمقراطي  

أضاف اليوسفي يجب أن نأخذ في الاعتبار التحوّل الديمغرافي الذي شهدته تونس، فهناك جيل جديد يمكن أن نسميه جيل الانتقال الديمقراطي، يمثل فئة شبابية براغماتية غير مؤدلجة، ولكنها متحمسّة لمستقبل أفضل ورافضة لسطوة شيوخ السياسة على المشهد العام و"ديكتاتورية الأحزاب الكبرى" المعتمدة على قوة المال والإعلام وانضباط قواعدها من دون أن تطوّر من خطابها أو تحقق حصيلة إيجابية في الحكم من شأنها طمأنة هذا الجيل على مستقبله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمؤشر الجديد الذي يجب الوقوف عنده، المبادرات المواطنية ونشاط بعض الجمعيات الخيرية والشبابية التي تريد تحويل نتاج عملها إلى مآرب سياسية، وقد وظفت أموالاً طائلة لدخول المعترك الانتخابي بطريقة مقنعة وعبر الإعلانات السياسية وخلايا الاتصال الهاتفي والاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد اليوسفي أن الأحزاب الحاكمة تخشى زلزالاً انتخابياً قد يقلب خريطة التوازنات السياسية على المستوى البرلماني، وهذا ما يفسر الابتزاز والضغوط التي تقوم بها أحزاب الحكم، وفي مقدمها حركة النهضة من أجل الحيلولة دون صدور قرار عن هيئة الانتخابات بالتمديد في فترة التسجيل للناخبين الجدد إلى غاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.

وشدد على أنّ العنصر الانتخابي الشبابي سيكون له دور هام وربّما مفصلي في نتائج الانتخابات المقبلة، التي قد تعمّق الأزمة السياسية في البلاد، على اعتبار طبيعة النظام السياسي وإمكان عدم التوصل لتشكيل غالبية حاكمة أو ربّما تكوين غالبية هشّة، ما يجعل البلاد مفتوحة على السيناريوات بما في ذلك إجراء انتخابات سابقة لأوانها وحلّ البرلمان المنتخب.

احتمال تكرار التجربة الأوكرانية

شكل تصدر شخصيات غير سياسية لنوايا التصويت في تونس مفاجأة لكثيرين في الطبقة السياسية. واعتبر المحلل السياسي منذر ثابت أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس لن تبتعد عن ظاهرة شملت دولاً عدة في العالم ومنها فرنسا، حيث ثبتت حدود الديمقراطية الكلاسيكية وتأكدت حاجة المجتمعات إلى تجديد رموزها من داخل المجتمع المدني، لذلك صعدت وجوه إعلامية أو شخصيات مثل الرئيس الأوكراني الجديد، ولعل هذا يفتح الأبواب لمراجعات عميقة في صلة بالتمثيلية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية قد يتيح مستقبلاً سحب الثقة شعبياً ممن تم انتخابهم. وأضاف ثابت أن الإقبال الكبير على تسجيل الناخبين الجديد يوضح أن الفكرة الديمقراطية ترسخت في الأذهان، وتحولت الانتخابات إلى الجسر الأول لأي تغيير سياسي، وهذا مؤشر إيجابي جداً في التجربة التونسية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في تونس تزداد احتمالات أن يكون المشهد السياسي المقبل مختلفاً عن المشهد الحالي، خصوصاً مع توجه حقيقي لدى الفئات التي همشت بعد الانتخابات الماضية، بأن يكون لها دور فاعل ومؤثر، وبخاصة فئات الشباب والمرأة، الذين تم تهميش قضاياهم والاستهتار المفضوح بكل الوعود التي قدمت لهم في الحملات الانتخابية، والتنكر الكامل لهم. فهل ستكون الانتخابات المقبلة تحت شعار الثواب والعقاب الانتخابي؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي