Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التسهيلات لغزة: تطبيق لـ"الاقتصاد مقابل الأمن" أم تنفيذ للتفاهمات؟

"حماس" ملتزمة بالهدوء ما دامت تل أبيب هادئة من دون تحديد سقف زمني لذلك

دفعت المحادثات التي يجريها وفد قيادة حركة "حماس" مع مسؤولي المخابرات المصرية، في اتجاه تقديم إسرائيل تسهيلات جديدة لسكان قطاع غزة، خصوصاً بعدما أفزرت اللقاءات التي جرت في القاهرة، موافقة الجهات التي تسيطر على القطاع على تثبيت التهدئة الحالية بين الفصائل الفلسطينية وتل أبيب، والتي دخلت حيز التنفيذ عقب جولة القتال العسكري في مايو (أيار) الماضي.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل توصل مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هينة، إلى اتفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل، وفق خريطة الطريق التي وضعتها القاهرة عقب الهدنة الأخيرة.

تثبيت الهدوء أم هدنة طويلة

لكن "حماس" تقول إنها عملت على تثبيت الهدنة القائمة حالياً مع إسرائيل وفق الشروط الموجودة مسبقاً (كسر الحصار، وإعادة الإعمار، ووقف الانتهاكات في القدس الشرقية وحي الشيخ جراح). وأكد المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، أنهم لم يناقشوا هدوءاً طويل الأمد مع تل أبيب في اللقاءات التي جرت، أخيراً، في القاهرة. كما يؤكد مسؤولون في "حماس" أنهم توصلوا إلى تفاهمات لإحياء التهدئة مع إسرائيل، مقابل تسهيلات واسعة، ولم يتم تحديد المدة، التي تبقى بلا سقف زمني معين، ومرهونة بالتطورات. وبغض النظر عما إذا كان تثبيتاً للهدوء أو هدنة طويلة الأمد، فإن الطرفين توصلا إلى تفاهمات من شأنها أن توقف كل أشكال وأنواع الهجمات من غزة ضد أهداف إسرائيلية. وأبلغت مصر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بأنها جددت مع "حماس" التهدئة مقابل تسهيلات واسعة في القطاع.
 


في المقابل، وفور التوصل إلى الاتفاق، باشرت تل أبيب استكمال تنفيذ رزمة تسهيلات كانت قد أقرتها لسكان غزة، وتشمل (استئناف دخول التجار والعمال إلى الأراضي الإسرائيلية، والسماح بالاستيراد والتصدير، وتحسينات أخرى).
وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، إن "المستوى السياسي في تل أبيب وبعد تقييمات أمنية أفادت بالتزام الهدوء، وافق على إدخال تحسينات جديدة لسكان غزة، وتشمل زيادة عدد التجار والعمال الراغبين بالعمل في الأراضي الإسرائيلية، وتوسيع العمل في معبر كرم أبو سالم التجاري، وإدخال تحسينات على قطاع المواصلات والاتصالات والكهرباء وتطوير البنية التحتية الإنسانية".

تنفيذ خطة لبيد من جانب واحد

من جهة أخرى، يرى مراقبون سياسيون واقتصاديون، أن هذه التسهيلات هي الخطوة الأولى من استراتيجية "الاقتصاد مقابل الأمن"، التي عرضها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، وشرعت إسرائيل في تطبيقها من جانب واحد، وبدأت فعلياً بحشد الدعم والتمويل والتأييد الدولي لهذه الخطة، سواء وافقت عليها "حماس" أو عارضت.
وفي استراتيجية "الاقتصاد مقابل الأمن"، عرض لبيد فكرة السماح لسكان غزة بالعمل داخل إسرائيل، إضافة إلى إمكانية وصولهم إلى أراضي الضفة الغربية للعمل أو الزيارة، مع دارسة فكرة إعادة إقامة ممر آمن يربط القطاع بمدينة رام الله.
وبما يقارب خطة لبيد، التي عرض خلالها توسيع عمل معبر رفح المحاذي بين مصر وغزة، فإن السلطات في القاهرة أبلغت وفد "حماس" الذي يزورها حالياً، أنها ستطور آليات العمل في المنفذ، وستوفر كل إمكانيات إعادة تأهيل وإعمار القطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المؤشرات الميدانية ليست كذلك بالتحديد، إنما تشير إلى التزام "حماس" بهدوء أمني (تثبيت التهدئة الأخيرة) تجاه إسرائيل، مقابل كسر الحصار عن غزة، بما يشمل إدخال تحسينات اقتصادية ومعيشية للسكان وإعادة الإعمار.

تطوير معبر كرم أبو سالم

على أي حال، جاء ضمن تسهيلات تل أبيب الأخيرة التي بدأت في تنفيذها فعلياً، من ضمن خطة "الاقتصاد مقابل الأمن"، السماح لعمال غزة وتجارها بالعمل في الأراضي الإسرائيلية، إلى جانب توسيع وتنفيذ إصلاحات في معبر كرم أبو سالم (المنفذ التجاري الوحيد الذي يربط غزة بإسرائيل ويقع جنوباً في مدينة رفح).
وقدم الاتحاد الأوروبي لأول مرة بهدف الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة ومعالجة مشاكل السكان، دعماً بقرابة سبعة ملايين دولار لتطوير المعبر، بما يشمل توسيع ممر الشاحنات وتجديد البنية التحتية، والتجهيز بأنظمة مسح إلكترونية متطورة.
وقال مسؤول الإعلام والاتصال في بعثة الاتحاد الأوروبي شادي عثمان، إن "فكرة تطوير معبر كرم أبو سالم لتلبية احتياجات الحركة التجارية في غزة، من ضمن نقاشاتنا مع الجانب الفلسطيني، ومن المقرر تنفيذ حزمة مشاريع في القطاع ستقر قبل نهاية العام الحالي".


عمال غزة في إسرائيل

وفي ملف العمال، تفيد المعلومات الواردة، بأن إسرائيل وافقت على رفع عدد العمال من قطاع غزة للعمل في أراضيها والضفة الغربية، إلى ما يزيد على سبعة آلاف عامل، بدل خمسة آلاف كانت قد منحتهم الإذن بذلك في أغسطس (آب) الماضي، في حين كانت تسمح لنحو 120 ألفاً قبل سيطرة "حماس" على القطاع في عام 2007.
وأجرت إسرائيل تعديلات على آلية تقديم طلبات تصاريح العمال من غزة للتوجه إلى الضفة الغربية أو إلى أراضيها، إذ ستكون الموافقة تحت مسمى "تصريح عامل" بدلاً من "تصريح تاجر" (الآلية التي كانت متبعة بعد وقف إطلاق النار الأخير). وجاءت هذه الخطوة بعدما أدخلت تل أبيب تسهيلات على معابر غزة تشمل خروج نحو 1800 تاجر، فضلاً عن إدخال أصناف جديدة من السلع والبضائع والمواد الخام الخاصة بالبناء للقطاع الخاص ومشاريع الإعمار.
وعلى ضوء ذلك، تقدم آلاف العمال بأوراقهم الثبوتية للتسجيل لدى الغرف التجارية التي تتعامل مع دائرة الشؤون المدنية (مؤسسة حكومية)، من أجل تسجيل أسمائهم للحصول على إذن عمل في إسرائيل أو الضفة الغربية.
وقال رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة غزة وائل العاوور، إن مئات الآلاف من المواطنين تقدموا للحصول على تصريح عمل في إسرائيل، في حين أبلغتهم هيئة الشؤون المدنية موافقة تل أبيب على منح 2500 تصريح عمل جديد فقط، مقسَمين حسب المحافظات الجغرافية.
ورأى الباحث الاقتصادي عمر شعبان من خلال هذه الخطوة، أن زيادة أذونات العمل في إسرائيل تدلل على نجاح المفاوضات مع "حماس" في القاهرة، وأن هذه الخطوة ستؤدي إلى حل جزئي لأزمة البطالة والفقر التي يعاني منها سكان غزة.

وعلى الرغم من استقبال غرف التجار طلبات السكان، فإن رئيس اتحاد نقابات العمال سامي العمصي نفى أن تقدم تسهيلات للمواطنين بدخول إسرائيل كعمال، مؤكداً أن هذه الخطوة خاصة بالتجار الذين يملكون سجلات تجارية معتمدة.

المزيد من الشرق الأوسط